عبارتان قد تستغلهما إسرائيل ضدّ لبنان.. هل ستوقف الإغتيالات؟
تاريخ النشر: 6th, March 2024 GMT
رغم أجواء التوتر والحديث الإسرائيلي عن إمكانية تدهور وضع جبهة جنوب لبنان إلى حرب ضدّ "حزب الله"، يمكن اعتبارُ زيارة الوسيط الأميركي آموس هوكشتاين إلى لبنان قبل يومين دلالة واضحة على أن المسار الديبلوماسي للحل لم ينتهِ والدليل على ذلك هو إستمرار المشاورات التي يمكن أن توصل الأمور إلى نتيجة جيدة.. ولكن، هل يمكن التسليم بأن الأوضاع باتت ذاهبة حقاً نحو الإستقرار السريع؟ وما هي السيناريوهات التي لا يمكن إغفالها أبداً رغم المساعي الديبلوماسية القائمة أميركياً وعربياً على صعيد لبنان وغزة؟
في كلام هوكشاتين، برزت رسالتان: الأولى عبر قوله إن التصعيد بين "حزب الله" وإسرائيل عند الحدود بين لبنان وفلسطين المحتلة لا يخدم لبنان، فيما الرسالة الثانية تقول إنّ أيّ هُدنة في غزة لن تمتد بالضرورة تلقائياً إلى لبنان.
كما هو معلوم، فإن كلام هوكشتاين يتقاطعُ مع جهود عربية ودولية لإحتواء حرب غزة بغية الخروج منها بـ"هدنة جديدة". إلا أنه في المقابل، لا يمكن لهذا الكلام أن ينفي فرضية تقول إن ما يجري في لبنان قد لا ينتهي بـ"سلاسة"، وأن إسرائيل قد تواصل اعتداءاتها ضدّ لبنان.
يوم أمس، كان رئيس الحكومة نجيب ميقاتي واضحاً في قوله إن هوكشتاين لم يقدم طرحاً مكتوباً بشأن جبهة الجنوب، وهذا الأمر يُعتبر مطلباً ضرورياً. بالنسبة للدولة اللبنانية، المطلوب اليوم هو تثبيت شروط مكتوبة توضح مسار المفاوضات والوصول إلى صيغة واضحة للحل، أما إبقاء الأمور قيد الكلام العام والشفهي، فإن ذلك يعني عدم وجود أي ضمانات واضحة للإستقرار المنشود والمطلوب. هنا، وأمام عدم وجود أي "خطوط مكتوبة" لمفاوضات واضحة، لا يمكن أبداً إسقاط فرضية توسع الجبهة رغم أن كل الآمال معقودة على مفاوضات قد يشهدها شهر رمضان عقب إعلان "هدنة غزة".
إستغلالٌ إسرائيلي
بشكلٍ أو بآخر، يمكن لإسرائيل أن تستغل مضمون رسائل هوكشتاين لتكون حافزاً لها باتجاه مواصلة استهدافاتها في لبنان تحت ذريعة عدم وجود أي مفاوضات واضحة أو شروط مكتوبة يمكن مناقشتها أو الإلتزام بها، وبالتالي تثبيتُ فصل جبهة غزة عن جبهة لبنان. لذلك، قد تلجأ إسرائيل لمنح نفسها هامش حرية أكبر في اتخاذ القرارات العسكرية وبالتالي قد يُترجم ذلك في إمكانية تعقيد الأمور بغية الضغط للوصول إلى تسوية.
حينما يقول هوكشتاين إن التصعيد لا يخدم لبنان، فقد ترى إسرائيل ذلك محفزاً لضرب "حزب الله" أكثر. هنا، يبرزُ عامل "الردع" الممزوج بالتهديد المرتبط بتصعيد الجبهة، في حين أن ما قيلَ قد يجعل تل أبيب واثقة في إستكمال الإغتيالات والضربات ضد "حزب الله" بغية دفع الأخير لتقديم أوراق تنازلاتٍ تقود إلى التسوية والمفاوضات.
في الواقع، يُمكن أن تأخذ عملية الضغط هذا المسار، وما يظهر هو أن ثمن الوصول إلى تلك التسوية المرتقبة قد يكون مسنوداً بخيارات عسكرية صعبة.
بشكل أو بآخر، يمكن أن ترى إسرائيل في "مساندة أميركا" الهدف المطلوب اليوم وسط عملية الضغط الهادفة لـ"تحجيم حزب الله" ودفعه أكثر نحو التسوية على قاعدة تصعيد النار.
لهذا السبب، بات مطلوباً تماماً وجود ورقة مكتوبة لطروحات المفاوضات المرتبطة بجبهة لبنان كي يكون البحث فيها مقدمة لتهدئة الجبهة، علماً أن هذا الأمر لا يمنع إستمرار المناوشات ولكن في إطار محدود. وعليه، فإن المسارات التفاوضية يجب أن تكون ملزمة لإسرائيل، والضمانة الأساس في هذا الأمر يجب أن تكون عبر الأميركيين.
حينما يتحدث الرئيس ميقاتي يوم أمس عن "تغطية دولية" لطرح هوكشتاين، فإنه يعني في ذلك "تدويل الحل" وجعله على شاكلة قرارٍ معلن وذات ضمانات عربية ودولية. الأمر هذا يقوّي أوراق لبنان، لكن العبرة تكمنُ في مدى إلتزام إسرائيل بأي شروط ستُفرض عليها، وأبرزها وقف إنتهاكاتها للبنان والتي قال ميقاتي إن عددها تجاوز الـ35 ألف انتهاكٍ منذ العام 2006 وحتى الـ2024.
في خلاصة القول، قد تكونُ تجربة مفاوضات ترسيم الحدود البحرية بمثابة عاملٍ أساسي يمكن البناء عليه في مفاوضات جبهة الجنوب، لكن الشروط هنا معقدة أكثر وترتبطُ بإلتزامات.. فهل سيقبل "حزب الله" بالتزامات ستخالف وجوده وامتداده؟ وهل سيعني الإستقرار طويل الأمد، إنكفاء لدور الحزب مستقبلاً؟ هذه الأسئلة مطروحة بشكل كبير بشأن المرحلة المقبلة، وحتماً فلننتظر...
المصدر: لبنان 24
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: حزب الله
إقرأ أيضاً:
الجنوب ملف متفجّر بوجه الحكومة...
كتب ابراهيم بيرم في" النهار": تفيد المعلومات نقلاً عن مصادر ديبلوماسية أن إسرائيل لا تزال تبعث برسائل إلى لبنان أنها ستستمر بحرية الحركة وضرب أهداف لـ"حزب الله" تعتبرها تهديداً أمنياً لها، وأنها ستبقى في النقاط الخمس بذريعة عدم التزام الحزب واستمراره في نقل السلاح، مستندة إلى الضمانات التي انتزعتها من الأميركيين، وهو ما يؤمن لها التغطية في خروقاتها وعملياتها.تعكس هذه التطورات في الجنوب مناخات توتر وتصاعد للتهديدات الإسرائيلية، في وقت يشدد لبنان الرسمي على تطبيق القرار 1701 وأيضاً العمل ديبلوماسياً للضغط على إسرائيل ودفعها للانسحاب من النقاط المحتلة وتسليم الجيش اللبناني المواقع الحدودية. وهذا الأمر يواجهه "حزب الله" بالتشكيك أقله في ممارساته على الأرض فضلاً عن مواقف يطلقها بعض مسؤوليه. ويشير مصدر سياسي إلى أن الحزب الذي منح الحكومة الثقة وفقاً لبيانها الوزاري، لم يحسم مسألة الانسحاب من جنوب الليطاني وهو يؤكد استعداده للقتال على ما أكد عضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب حسن عزالدين.
لكن ما غاب عن "حزب الله" أن الالتزام بما نص عليه البيان الوزاري لا يحتمل التفسير الأحادي، ذلك أن الدولة حسمت بحصرية السلاح بيدها، وهو ما يعني بحسب المصدر السياسي أنها هي التي تحدد الوسائل وتقرر ما هو مناسب لتحرير الأرض، علماً أن تحميل الحكومة المسؤولية اليوم عن عدم الانسحاب الإسرائيلي يطرح تساؤلات حول موقف الحزب الحقيقي من ترك الأمور لها، وهو الذي قرر حرب الإسناد غير آبه بالنداءات والدعوات التي حذرته من جرّ لبنان إلى حالة استنزاف والتفرد بقرار الحرب، إلى أن شنت إسرائيل حرباً عدوانية على لبنان استمرت 66 يوماً وأدت إلى تدمير عظيم وسقوط آلاف الشهداء.
لا يمكن اليوم وفق المصدر السياسي محاسبة الحكومة على أي تقصير في العمل على التحرير بعد أيام من نيلها الثقة، ولا يمكن أيضاً اتهامها بأنها ترضخ للإملاءات الأميركية لنزع سلاح "حزب الله". فاتفاق وقف النار ينص صراحة على سحب سلاح الحزب وفق مندرحات القرار 1701، وهو ما وافق عليه، لكنه يشكك بقدرة الجيش على الامساك بالحافة الامامية. وعلى هذا ليس متاحاً اليوم شنّ عمليات مقاومة متسرّعة في ظل الواقع الراهن خصوصاً بعد الحرب، ليس فقط بسبب اختلال الموازين، بل لأن أي مقاومة تستلزم السؤال عن وظيفتها وقدرتها على تحقيق الأهداف، علماً أن إسرائيل لا تزال تستعد للحرب وتواصل خروقاتها، وهو ما يعكس ما أصاب "حزب الله" من وهن بعد الضربات التي وجهت له والخسائر التي دفعها نتيجة رهاناته الخاطئة.
الضغط الإسرائيلي يحظى بغطاء أميركي يتعلق وفق المصدر الديبلوماسي بـ"حزب الله" تحديداً، فيما الهدف الأميركي الاستراتيجي في لبنان كما في سوريا هو التوصل إلى التطبيع والتوقيع على اتفاق سلام، وهو ما جرى التداول فيه أخيراً مع لبنان، لكنه مرتبط بما ستؤول إليه التطورات في المنطقة. لكن هذا المسار متعلق أيضاً بإيران التي تصر في خطاب مسؤوليها بما يتناقض مع البيان الوزاري للحكومة.
المرحلة المقبلة تحمل أخطاراً كثيرة على لبنان، خصوصاً أن المساعدات لإعادة الإعمار مشروطة دولياً وحتى عربياً، ولذا فإن تعزيز الجيش ومده بالدعم هو مهمة أساسية، ولا يمكن لـ"حزب الله" أن يعارض ذلك وفق المصدر السياسي، إذ أن تقوية الجيش لا تعني مواجهته، وعليه الاعتراف أن هناك مساراً جديداً فرضته نتائج الحرب الإسرائيلية، ولا يمكن للبنان النجاة إلا بتأمين غطاء عربي وإجراء اصلاحات جوهرية تعزز وضع الدولة في مواجهة الأخطار.