أصدَر مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء، تحليلًا معلوماتيًا تناول الاتجاهات الحديثة للإعلام الرقمي مع صعود تقنيات الذكاء الاصطناعي، أوضح خلاله أنَّ مفهوم الذكاء الاصطناعي اكتسب مؤخرًا اهتمامًا واسعًا من قبل مختلف المؤسسات، مما دفع الكثير منها للاعتماد عليه بشكل أساسي لتعزيز الأداء فيها وضمان تطورها، وفي ضوء ذلك فقد تطور مشهد الإعلام الرقمي باستمرار، مدفوعًا بالتقدم في التكنولوجيات الحديثة والاعتماد المتزايد على الذكاء الاصطناعي، فضلًا عن قيام المؤسسات الإعلامية بدراسة أفضل السُبل الممكنة للاستفادة من التقنيات الحديثة والتحولات الرقمية في صناعة المحتوى الإعلامي.

الذكاء الاصطناعي

وأوضح التحليل أنَّ الذكاء الاصطناعي يشير إلى قدرة الآلة على محاكاة كفاءات العقل البشري، وقد سجل حجم سوق تقنيات الذكاء الاصطناعي حوالي 200 مليار دولار أمريكي في عام 2023، ومن المتوقع أن ينمو إلى أكثر من 1.8 تريليون دولار أمريكي بحلول عام 2030.

وتجدر الإشارة إلى ظهور اتجاه جديد في مجال الذكاء الاصطناعي مع نهاية عام 2022 تم تسميته بـ الذكاء الاصطناعي التوليدي (Generative AI)، والذي يشير إلى البرامج التي يمكنها إنشاء نصوص وصور وموسيقى وما إلى ذلك.

وسجل حجم سوق الذكاء الاصطناعي التوليدي ما يقرب من 45 مليار دولار أمريكي في نهاية عام 2023. ومن المتوقع أن يصل حجم سوق الذكاء الاصطناعي التوليدي إلى حوالي 207 مليارات دولار أمريكي في نهاية عام 2030.

التحول الرقمي

وأشار مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار في تحليله إلى أن الوسائط الإعلامية التقليدية (غير الرقمية) تشتمل على عدة أنواع من تقنيات الاتصال، منها الصحف، والمجلات، والكتب، وغيرها من المواد المطبوعة، بالإضافة إلى الراديو، والتِلْفَاز، ومع التحول الرقمي، شملت الوسائط الإعلامية مجموعة جديدة من طرق وأجهزة نقل الوسائط. وتندرج معظم أنواع الوسائط الرقمية ضمن إحدى المجموعات الفرعية الآتية:

- الصوت: ويشمل الأشكال الصوتية للوسائط الرقمية، ومحطات الراديو الرقمية، والبودكاست، والكتب الصوتية.

- الفيديو: يتضمن العديد من منافذ الوسائط الرقمية المرئية، بدءًا من خدمات بث الأفلام والتِلْفَاز مثل Netflix، وموقع اليوتيوب YouTube، أحد أكبر اللاعبين في الوسائط الرقمية المرئية.

- وسائل التواصل الاجتماعي: وتتضمن مواقع مثل Twitter، وFacebook، وInstagram، وLinkedIn، وSnapchat، والتي تمكن مستخدميها من التفاعل مع بعضهم البعض من خلال المنشورات النصية، والصور - مقاطع الفيديو، وترك الإعجابات والتعليقات حول مختلف الموضوعات كالرياضة، والأخبار، والسياسة، والأحداث اليومية في حياة المستخدمين.

- الإعلان: دخلت شركات الإعلان إلى مشهد الوسائط الرقمية، مستفيدة من الشراكات التسويقية والمساحات الإعلانية التي يوفرها التحول الرقمي.

- الأخبار والأدب: على الرغم من انتشار الوسائط الرقمية، فإنه ما زال توجد بعض التفضيلات للقراءة من خلال الكتب والصحف المطبوعة، والمجلات. وبناء على ذلك، يُعدُّ انتشار المواقع المختلفة التي تحتوي على معلومات مكتوبة مثل ويكيبيديا، وظهور أجهزة القراءة الإلكترونية مثل كيندل (Kindle)، كلها عوامل تؤكد الأهمية المستمرة للعمل المكتوب في الوسائط الرقمية.

وأشار التحليل إلى ما شهدته وسائل الإعلام من تحولات كبيرة في ظل انتشار البيئة الرقمية، حيث ظهرت الصحافة الرقمية كمزيج من الصحافة التقليدية ووسائل الإعلام الجديدة من خلال التكيف مع الشكل الرقمي، والاستفادة من الفرص التي يوفرها الإنترنت.

كما يمكن أن ننظر للمؤسسات الإعلامية الحالية من خلال ثلاثة جوانب:

- المؤسسات الإعلامية التقليدية التي تبنت أسلوب العمل الرقمي لتتحول إلى مؤسسات هجينة.

- المؤسسات الإعلامية التقليدية التي تحولت إلى مؤسسات رقمية وتخلت عن فروعها التقليدية.

- المؤسسات الإعلامية رقمية المنشأ والتي يعتبر جزء مهم منها شركات إعلامية ناشئة تتبنى حلولا رقمية ابتكارية.

كما أعطت الوسائط الرقمية خيارات متجددة للصحافة الرقمية، من خلال فتح آفاق جديدة لها، لتشكيل حاضر الصناعة ومستقبلها، وذلك عن طريق تحليل المشهد الإعلامي الحالي ودراسة الاتجاهات الرئيسة.

جدير بالذكر أن الذكاء الاصطناعي (AI) كان له تأثير واضح في مجال الإعلام، من خلال استخدام أحدث الأدوات التكنولوجية لتوثيق الأخبار وإنتاجها وتوزيعها؛ مما أدى إلى تحول في صناعة الإعلام، وظهور تخصصات واتجاهات صحفية جديدة. وفي ضوء ذلك، بدأت غرف الأخبار التعامل مع تقنيات الذكاء الاصطناعي (AI)، والذكاء الاصطناعي التوليدي (Generative AI) على وجه الخصوص.

وفي هذا السياق، أوضحت نتائج استبيان تم إجراؤه بواسطة معهد رويترز التابع لجامعة أكسفورد حول استخدامات غرف الأخبار للذكاء الاصطناعي في عام 2024 -والذي شمل 296 مشاركًا من المسؤولين التنفيذيين في المؤسسات الإخبارية من 56 دولة ممثلة خلال الفترة من 27 نوفمبر إلى 20 ديسمبر 2023- أن حوالي (56%) من المسؤولين التنفيذيين الذين شملهم الاستبيان، يرون أن أتمتة الواجهات الخلفية (back-end automation) مثل النسخ والتحرير ستكون الاستخدام الأكثر أهمية للذكاء الاصطناعي في غرف الأخبار عام 2024، تليها أنظمة التوصية (recommender systems) بنسبة 37%، ثم صناعة المحتوى (content creation) بنسبة 28%، والاستخدامات التجارية 27% والترميز 25%، وجمع الأخبار 22%.

واستعرض التحليل نماذج تطبيق تقنيات الذكاء الاصطناعي في وسائل الإعلام وذلك على النحو التالي:

-التلخيص: بدأ عدد من الصحف، بما في ذلك صحيفة (Aftonbladet) السويدية، وصحيفة Verdens Gang (VG) النرويجية، وصحيفة Helsingin Sanomat الفنلندية، بإضافة رسائل مختصرة في أعلى مقالاتها والمعروفة باسم "Snabbversions.

- اختبار العناوين: تم إجراء تجربة على عدد من المنشورات من خلال اختبار العناوين الرئيسة المستندة إلى الذكاء الاصطناعي وخدمة تحسين محركات البحث، والتي يتم فحصها بعد ذلك بواسطة المحررين.

- الترجمة: تستخدم صحيفة (Le Monde) الفرنسية الذكاء الاصطناعي للمساعدة في ترجمة المقالات، مع إجراء العديد من المراجعات من قبل البشر بعد ذلك.

- إنشاء الصور: يستخدم عدد من الصحف مثل صحيفة (Kölner Stadt-Anzeiger) الألمانية، وصحيفة (DennikN) السلوفاكية أدوات مثل Midjourney لإنشاء رسوم توضيحية حول موضوعات مثل التكنولوجيا والطهي، ويُعد إنشاء الصور الشكل الأكثر استخدامًا لصناعة المحتوى الآلي.

- إعداد المقالات: قامت صحيفة التابلويد الألمانية Express.de بإنشاء صحفية افتراضية تدعى كلارا إندرناخ (KI)، والتي تكتب الآن أكثر من 5% من القصص المنشورة حول مجموعة واسعة من الموضوعات. ولا يزال المحررون البشريون يقررون أي القصص تتم تغطيتها ويراجعون كل جزء من المحتوى، ولكن تتم الاستعانة بمصادر خارجية للذكاء الاصطناعي في الكتابة.

- مقدمو برامج الذكاء الاصطناعي وقراء الأخبار: قامت إذاعة (Radio Expres) في سلوفاكيا باستنساخ صوت مذيعة مشهورة (Bára Hacsi). كما تستخدم محطتان إذاعيتان في غرب إنجلترا صوتًا اصطناعيًّا لتحويل النص إلى نشرة إذاعية كل ساعة.

- إنشاء قناة تليفزيونية: إتاحة خدمة تليفزيونية تجريبية تعمل على مدار 24 ساعة، حيث يتم إنشاء جميع القصص وجميع المقدمين بواسطة الذكاء الاصطناعي، دون أي تدخل بشري.

وأضاف تحليل المركز أنه وفقًا لاستبيان آخر تم بواسطة معهد رويترز التابع لجامعة أكسفورد، والذي شمل 290 من المستجيبين لاستطلاع آرائهم حول مدى خطورة استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي في وسائل الإعلام خلال الفترة 27 نوفمبر إلى 20 ديسمبر 2023، أظهرت النتائج أن صناعة المحتوى يشكل الخطر الأكبر على الإطلاق بنسبة 56%، يليه جمع الأخبار (28%). وعلى النقيض جاءت أتمتة الواجهات الخلفية (back-end automation) 11%، وأنظمة التوصية 3% كأقل المجالات خطورة.

بالإضافة إلى ذلك، تظهر العديد من التحديات أمام استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي في وسائل الإعلام، ويتمثل أهمها فيما يلي:

- خصوصية البيانات وأمنها: حيث تُعد أحد أهم التحديات المتعلقة بالذكاء الاصطناعي التوليدي هو التعامل مع البيانات الخاصة، ونظرًا لأن النماذج التوليدية تعتمد على البيانات لصناعة محتوى جديد، فهناك خطر من أن تتضمن هذه البيانات معلومات خاصة، مما يؤدي إلى انتهاكات للخصوصية.

- الاعتبارات الأخلاقية: تمتد الإمكانات الإبداعية للذكاء الاصطناعي التوليدي إلى عالم صناعة المحتوى، مما قد يفتح مجالًا للتزييف أو للمقالات الإخبارية الملفقة، والتي تؤدي إلى مخاوف، بشأن قدرتها على التضليل والخداع والتلاعب بالرأي العام. ويمكن مواجهة هذا من خلال وضع مبادئ توجيهية أخلاقية لصناعة محتوى بالاعتماد على الذكاء الاصطناعي.

- مراقبة الجودة والموثوقية: يمكن أن يتضمن المحتوى الناتج عن الذكاء الاصطناعي أخطاء ومعلومات غير دقيقة، ولمواجهة ذلك، فهناك ضرورة للمراقبة المستمرة والإشراف البشري في تحديد المشكلات وتصحيحها بشكل سريع، مما يقلل من مخاطر الأخطاء وعدم الدقة في التطبيقات المهمة.

وأوضح تحليل المركز في ختامه أن الذكاء الاصطناعي أحدث تغييرًا جذريًّا في صناعة الإعلام الرقمي، وأدى إلى ظهور اتجاهات حديثة في المجال الإعلامي، حيث تمثل أدوات الذكاء الاصطناعي إضافة نوعية للعمل الإعلامي مع دخول الحواسيب والبرمجيات والويب للمجال الإعلامي، وبناءً على ذلك، ينبغي فهم هذه التغييرات، والاستعداد للتكيف معها، مع ضرورة مواجهة التحديات المحتملة الناتجة عن استخدام الذكاء الاصطناعي في المجال الإعلامي.

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: معلومات مجلس الوزراء مجلس الوزراء الإعلام الرقمي الاتجاهات الحديثة للإعلام الرقمي الذكاء الاصطناعي الذکاء الاصطناعی التولیدی تقنیات الذکاء الاصطناعی الذکاء الاصطناعی فی المؤسسات الإعلامیة للذکاء الاصطناعی وسائل الإعلام صناعة المحتوى دولار أمریکی تحلیل ا من خلال

إقرأ أيضاً:

جامعة الملك عبدالعزيز تستشرف مستقبل الإعلام بـ"مؤتمر الاتصال الرقمي"

تنظم جامعة الملك عبدالعزيز، ممثلةً بكلية الاتصال والإعلام، “مؤتمر الاتصال الرقمي" خلال الفترة من 29 أبريل إلى 1 مايو 2025 في مركز الملك فيصل للمؤتمرات بمدينة جدة، وبمشاركة نخبة من الأكاديميين والخبراء والممارسين في مجالات الإعلام والاتصال الرقمي.
ويهدف المؤتمر إلى تعزيز التكامل بين البحث الأكاديمي والتطبيق المهني، واستشراف مستقبل الإعلام في عصر الاتصال الرقمي، بمشاركة 140 باحثًا من 56 جامعة في 12 دولة، إلى جانب متخصصين في الاتصال المؤسسي والتسويق الرقمي من كبرى الشركات، إضافةً إلى مسؤولي التواصل المؤسسي من مختلف الجهات الحكومية.
أخبار متعلقة "التعليم": انطلاق الاختبارات الشفهية والعملية منتصف الأسبوع المقبلتربويون لـ"اليوم": الزي الوطني بالمدارس يعزز الهوية والانضباطويضم المؤتمر في نسخة هذا العام 10 جلسات حوارية تناقش مستقبل مؤسسات تعليم الاتصال والإعلام في العصر الرقمي، ودور التواصل الحكومي في الأزمات، إضافة إلى دور الذكاء الاصطناعي في الحقل الإعلامي، وتأثير الابتكار التقني على صناعة المحتوى، إلى جانب التحديات التي تواجه المؤسسات الإعلامية والصحفية في البيئة الرقمية.
.article-img-ratio{ display:block;padding-bottom: 67%;position:relative; overflow: hidden;height:0px; } .article-img-ratio img{ object-fit: contain; object-position: center; position: absolute; height: 100% !important;padding:0px; margin: auto; width: 100%; } جامعة الملك عبدالعزيز تستشرف مستقبل الإعلام بـ"مؤتمر الاتصال الرقمي"تبادل الخبراتويُصاحب المؤتمر 10 ورش عمل، تناقش أبرز الممارسات المهنية في الإعلام الرقمي، وأثر الذكاء الاصطناعي على المشهد الإعلامي، إضافةً إلى استراتيجيات الاتصال الفعّال عبر المنصات الرقمية،والتعرف على تقنيات صناعة الرأي العام في الإعلام الرقمي.
وأكد نائب رئيس الجامعة للدراسات العليا والبحث العلمي، الأستاذ الدكتور أمين بن يوسف نعمان، أن المؤتمر يعكس حرص الجامعة على مواكبة التحولات الرقمية في قطاع الإعلام، وتعزيز تبادل الخبرات بين الباحثين والممارسين في المجال.
ومن جهته، أوضح عميد كلية الاتصال والإعلام، الدكتور أيمن باجنيد، أن المؤتمر يهدف إلى إعادة تموضع تخصصات الاتصال الإعلامي في ظل الرقمنة، وتسليط الضوء على أهم القضايا والتحديات التي تواجه قطاع الإعلام.
ويأتي انعقاد المؤتمر في إطار الخطة الاستراتيجية لكلية الاتصال والإعلام “تأثير” التي تهدف إلى تحقيق الريادة الأكاديمية، وتعزيز الابتكار البحثي، وإعداد كوادر إعلامية مؤهلة تواكب التحولات الرقمية وتعزز الهوية الوطنية.

مقالات مشابهة

  • اتفاقية بين "عمانتل" وجامعة السلطان قابوس لدعم كرسي اليونسكو في الذكاء الاصطناعي
  • رؤية مستقبلية عن تأثير الذكاء الاصطناعي على وسائل الإعلام
  • حسام زكي: يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي في تسوية النزاعات
  • خلال زيارة سدايا.. الرئيس السوري يطلع على تقنيات البيانات والذكاء الاصطناعي في المملكة
  • أخبار التوك شو| أبو العينين يحذر من استخدام الذكاء الاصطناعي.. زكي: موقف مصر والأردن أغلق الباب أمام تهجير الفلسطينيين
  • «أبو العينين» يحذر من تحديات استخدام الذكاء الاصطناعي .. فيديو
  • جامعة الملك عبدالعزيز تستشرف مستقبل الإعلام بـ"مؤتمر الاتصال الرقمي"
  • معرض الكتاب يناقش «تطبيقات الذكاء الاصطناعي في ‏الإعلام» لـ رباب عبد الرحمن
  • معرض الكتاب.. متخصصون يحذرون من مخاطر الذكاء الاصطناعي في الإعلام
  • كيف يُساعد الذكاء الاصطناعي في حماية الحياة البرية؟