في مؤشّرٍ واضح على مضيّه في مهمّته "الدبلوماسية"، حطّ المبعوث الرئاسي الأميركي آموس هوكشتاين في العاصمة اللبنانية بيروت لساعات، حيث التقى عددًا من المسؤولين، مجدّدًا التأكيد أنّ التصعيد لن يفيد أيًا من الجانبين اللبناني والإسرائيلي، وأنّ الولايات المتحدة تؤمن بأن الجل الدبلوماسي هو الأفضل، وأنه يحق للجميع العيش بسلام، ومعتبرًا أنّه "لا يوجد شيء اسمه حرب محدودة"، في إشارة إلى التوتر الحدوديّ الجنوبيّ.


 
لكنّ لهجة هوكشتاين "الدبلوماسية" لم تخلُ من بعض التحذيرات المبطنة، والتي برزت خصوصًا بقول إنّ الهدنة غزة قد لا تنعكس تلقائيًا على الجبهة اللبنانية، في دلالة على وجود "فصل" بين الجبهتين، وفقًا للمقاييس الغربية، بما يناقض التوجّه القائل بـ"الترابط" بينهما، الذي يؤكد عليه "حزب الله" بقوله إنّه سيلتزم بأيّ هدنة توافق عليها الفصائل الفلسطينية ما التزمت بها إسرائيل، التي تتوعّد في المقابل، بـ"تصعيد" عملياتها ضدّ الحزب.
 
وفي حين تزامنت زيارة هوكشتاين مع حديث "حزب الله" عن إحباط محاولات تسلّل إسرائيلية جنوبًا، في ما صُنّف "تطورًا نوعيًا" على خطّ المعارك، فإنّها جاءت أيضًا بعد أيام من تسريبات نسبت لمسؤولين في الإدارة الأميركية "ترجيحهم" أن تشنّ إسرائيل "عملية برية" في جنوب لبنان قبل نهاية العام، وتحديدًا في نهاية الربيع أو بداية الصيف، فما الذي يعنيه كلّ ذلك؟ وأيّ الخيارات سيغلب في نهاية المطاف؟
 
العين على مهمّة هوكشتاين
 
يقول العارفون إنّ العين الآن تبقى مركّزة على مهمّة هوكشتاين، ولا سيما أنّ زيارته في هذا التوقيت، وبعد فترة من "انكفاء" الموفدين الإقليميين والدوليين، أعطت انطباعًا إيجابيًا ومؤشّرًا على أنّ جهود "فرملة" التصعيد تتقدّم، بمعزل عن ضرورات "الحرب النفسية" القائمة بين "حزب الله" وإسرائيل، والتي يتخلّلها الكثير من رفع الأسقف، والتهديدات بعودة عقارب الساعة إلى الوراء، واسترجاع مرحلة "حرب تموز" بشكل أو بآخر.
 
ولعلّ "رمزية" مهمّة هوكشتاين، تكمن في هويّة الرجل تحديدًا، وهو الذي يُعرَف بـ"عرّاب" اتفاق ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل، وهو ما يجعل كثيرين يعتقدون أنّ تكرار الأمر نفسه في "احتواء" التصعيد الحالي قد يكون ميسَّرًا، ولا سيما أنّ هناك أفكارًا تُطرَح حول "تنازلات متبادلة" قد تكون "مغرية" للطرفين، ويمكن أن تسهّل الوصول إلى اتفاق، خصوصًا إذا ما صحّ الحديث عن انسحاب إسرائيل من بعض الأراضي المحتلّة.
 
لكنّ هذه "الإيجابية" في مقاربة مهمّة هوكشتاين، والتي حاول التعبير عنها بشكل أو بآخر في تصريحاته الصحافية، تبقى "حذرة" وفقًا للعارفين، وهو ما يختصر كلامه عن أنّ هدنة غزة قد لا تنعكس تلقائيًا على جبهة لبنان، وهو ما يعزوه البعض إلى مواقف الطرفين، فـ"حزب الله" يرفض أيّ حديث حول تسوية قبل وقف إطلاق النار في غزة، في حين أنّ إسرائيل ترفض الإيحاء بأنّها تسير وفق "القواعد" التي يحدّدها الحزب.
 
ما قصّة "العملية البرية"؟!
 
ولعلّ هذا "الحذر" في مقاربة مهمّة هوكشتاين، يستمدّ جزءًا أساسيًا من مفاعيله، من التسريبات الصحافية الأخيرة التي نسبت لمسؤولين أميركيين حديثهم عن "عملية برية مرجّحة" في لبنان، بل ذهاب بعضهم لحدّ تحديد توقيتها، وهو ما أثار "نقزة" لدى كثيرين، وفتح باب التساؤلات على مصراعيه، حول الموقف الأميركي الحقيقي من لبنان، علمًا أنّ هناك من قرأ في محاولات التسلّل التي حُكي عنها، "جولة استطلاعية" إن جاز التعبير.
 
في هذا السياق، ثمّة من يضع الحديث الأميركي عن "عملية برية" من هذا النوع، في إطار "التحذير والتنبيه" ليس إلا، بمعنى أنّ الولايات المتحدة توجّه رسالة غير مباشرة إلى "حزب الله" بأنّ عدم التجاوب مع مهمّة هوكشتاين، وبالتالي فشل مساعيه، قد تؤدي إلى هذا السيناريو الذي تدفع إسرائيل باتجاهه، خصوصًا أنّ هناك من يحمّل الحزب مسؤولية إحباط المبادرات الدولية، حين اعتبر أنّها لا تتوخّى عمليًا سوى "حماية إسرائيل".
 
في المقابل، ثمّة من يقول إنّ التسريبات جاءت لتعكس ما يُحكى فعلاً في الغرف المغلقة، عن تحضيرات إسرائيلي لتصعيد مع لبنان، قد يصبح "تحصيلاً حاصلاً"، حتى إنّ هناك من رجّح حصول مثل هذه "العملية البرية" لتحقيق أهداف "موضعية" بمعزل عن نتائج محادثات هوكشتاين، وبما يسمح للإسرائيليين بـ"طمأنة" سكان المستوطنات الشمالية للعودة إلى المناطق التي هُجّروا منها، عبر الترويج لنظرية "إبعاد حزب الله" عن الحدود.
 
مرّة أخرى، هو "السباق على أشدّه" بين المسارين الدبلوماسيّ والعسكريّ، وفق ما يرى كثيرون، ولعلّ "التزامن" بين التسريبات التي قد تندرج في خانة "الحرب النفسية"، وعودة السخونة إلى "مهمّة هوكشتاين" ليس بريئًا بهذا المعنى، بل يرسل إشارات واضحة وبالغة الدلالات. لكن، هنا أيضًا، ثمّة من يقول إن مسار "حرب غزة" يبقى المفصل الذي سيحدّد اتجاه البوصلة، ولو أصرّ البعض على "الفصل" بين الجبهتين! المصدر: خاص "لبنان 24"

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: حزب الله وهو ما

إقرأ أيضاً:

حملة إسرائيلية – أمريكية للضغط على حزب الله… ما الهدف منها؟

الجديد برس:

أكد رئيس تحرير مركز “كارنيغي” للشرق الأوسط، مايكل يونغ، الجمعة، أنه وخلال زيارته إلى الولايات المتحدة الأمريكية سمع وفداً إسرائيلياً نقل عن مسؤولين أمريكيين أنه في حالة نشوب صراع مع حزب الله، فإن الأمريكيين سيدعمون “إسرائيل” بالكامل.

وقد دفعت هذه التصريحات أحد المعلقين إلى إخبار صحيفة لبنانية أن “الضوء الأحمر الذي أصدرته الإدارة ضد عملية إسرائيلية في لبنان تحول إلى اللون البرتقالي، وقد يتحول قريباً إلى اللون الأخضر”.

وقال يونغ إن تصريحات إدارة بايدن جزءٌ من حملة إسرائيلية أمريكية منسّقة لزيادة الضغط على حزب الله ليكون أكثر مرونةً تجاه حل تفاوضي عند المنطقة الحدودية، ولا سيما أن المسؤولين الأمريكيين صرحوا أكثر من مرة أن أي حرب ستكون كارثية على “إسرائيل” ولبنان.

كما أشار إلى أن مستوى الترهيب والتهديد الإسرائيلي بشن حرب على لبنان وصل إلى مستويات سريالية، في حين أن جيش الاحتلال عاجز عن تفكيك قدرات حركة حماس بعد 8 أشهر من حرب ضد قطاع غزة.

“إسرائيل” في عجزٍ عميق

في الحقيقة إن “إسرائيل” لا تملك أي خياراتٍ عسكرية يمكن أن تؤدي إلى نتيجة أفضل من تسوية تفاوضية، فهناك نهجان واسعان يمكن للإسرائيليين اتباعهما لطمأنة مستوطني الشمال وتشجيعهم على العودة إلى ديارهم، النهج الأول هو تطهير المنطقة الحدودية من حزب الله الذي يفرض المعادلات على “إسرائيل”، والخيار الثاني هو اجتياح الأراضي اللبنانية ومحاولة فرض توازن جديد للقوى على طول الحدود.

كل هذا يأتي وسط تقارير في الصحافة الإسرائيلية تُفيد بأن “إسرائيل” غير قادرة على شن حرب على جبهاتٍ عديدة، نتيجة العجز العميق في ميزانية رأس المال البشري، وهذا الأمر يتطلب من “إسرائيل” إعادة التفكير في عدد الحروب التي يمكنها التعامل معها.

ولهذا السبب ربما تكون النتيجة الأكثر موثوقية بالنسبة للإسرائيليين هي تلك التي يرفضونها بشدة: استئناف الوضع الراهن الذي كان قائماً قبل 7 أكتوبر 2023، والذي حافظ على الاستقرار في الجنوب لمدة ثمانية عشر عاماً. لكن قبول حكومة نتنياهو بذلك لن يكون فقط اعترافاً بفشل أهدافها المُعلنة في الحرب، بل لن يطمئن سكان الشمال أيضاً، مما يدفع الكثيرين إلى الابتعاد عن المنطقة بشكلٍ دائم.

وشدّد يونغ على أن مشكلة “إسرائيل” هي أنها تعتقد أن بإمكانها حل جميع الصعوبات التي تواجهها من خلال اللجوء إلى العنف. ولكن هذا المنطق جلب عائدات متناقصة في العقود الثلاثة الماضية.

والخميس، ذكرت صحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكية، نقلاً عن مسؤولين أمريكيين، أن سعي إدارة بايدن للحد من الاشتباكات الحدودية المتفاقمة بين “إسرائيل” وحزب الله في جنوبي لبنان، يواجه “رياحاً معاكسة كبيرة” بسبب الصعوبة التي تواجهها واشنطن في ترتيب وقف إطلاق النار في قطاع غزة.

وأشارت الصحيفة إلى أن الروابط بين الجبهتين تسلط الضوء على المعضلة الدبلوماسية التي تواجه البيت الأبيض في سعيه لمنع نشوب حرب واسعة النطاق يمكن أن تجر إيران، وتوسع نطاق القتال إلى ما هو أبعد من غزة.

مقالات مشابهة

  • تجدد القصف عبر الحدود الجنوبية للبنان، ومصر تنفي موافقتها على "نقل معبر رفح"
  • يديعوت أحرونوت.. إيران تسارع الخطى لمساعدة حزب الله لمواصلة هجماته على إسرائيل
  • The Spectator: احتمالات الحرب بين حزب الله وإسرائيل حقيقية.. ليس أمامنا سوى الانتظار
  • ليبرمان: لا خيار أمام إسرائيل سوى مواجهة إيران مباشرة
  • نصر الله يتحدّث.. وإسرائيل تصغي
  • تقرير: غالانت أيّد فتح جبهة في الشمال ضد حزب الله ثم تراجع
  • فايننشال تايمز: هل تسعى إسرائيل لإنشاء منطقة ميتة في لبنان؟
  • حملة إسرائيلية – أمريكية للضغط على حزب الله… ما الهدف منها؟
  • جمال عنايت : حزب الله لديه القدرة على ضرب الداخل الإسرائيلي
  • لبنان يوجه رسالة لدول عربية دعت رعاياها للمغادرة