نقل الغاز التركماني عبر أفغانستان.. ما الأهمية الجيو اقتصادية؟
تاريخ النشر: 6th, March 2024 GMT
يعد مشروع نقل الغاز التركماني عبر الأراضي الأفغانية إلى باكستان والهند "تي إيه بي آي" (TAPI) أحد أهم المشاريع التي طال انتظارها في آسيا الوسطى.
وتحاول تركمانستان منذ سنوات تحقيق حلمها ولكن الأسباب الأمنية في المنطقة والخلافات بين الدول المشاركة حالت دون ذلك.
وبعد الانسحاب الأميركي من أفغانستان، طالبت حركة طالبان تركمانستان باستئناف العمل على مد الأنابيب وبدء العمل داخل الأراضي الأفغانية.
وشكلت الداخلية الأفغانية قوة خاصة لحماية وحراسة المشروع، وستكون الحكومة الأفغانية التي تتزعمها حركة طالبان من الفائزين الرئيسيين إذا تحقق، لأن المشروع يدر أموالا طائلة لخزينتها.
وحسب مصادر حكومية أفغانية، فإن روسيا وإيران لا ترغبان في نقل الغاز التركماني إلى دول جنوب آسيا.
ويقول وزير الخارجية الأفغاني أمير خان متقي للجزيرة نت: "طلبت في الزيارة الأخيرة إلى تركمانستان من المسؤولين بدء العمل على مشروع نقل الغاز، لأن الظروف مواتية الآن".
وأضاف متقي "سنوفر الحماية الكاملة للمشروع ونسعى لإنجاحه، وهو مشروع إقليمي يربط هذه الدول ويوفر الأمن والاستقرار إضافة إلى العائد المالي".
تنافس على المشروعوطرح إنشاء خط أنابيب الغاز في تسعينيات القرن الماضي، وتنافست شركتا يونيكال الأميركية وبريداس الأرجنتينية فيما بينهما على إدارة خط أنابيب الغاز الذي يبلغ طوله 1814 كيلومترا.
وتمكنت يونيكال -بدعم من واشنطن- من توقيع عقد مع حركة طالبان للاستثمار بمشروع نقل الغاز من تركمانستان عام 1998، ولكنها أجلت بدء العمل بحجة أن طالبان بحاجة لتشكيل حكومة معترف بها دوليا، إضافة للتنافس الإقليمي.
شركة يونيكال تمكنت بدعم من واشنطن من توقيع عقد مع طالبان للاستثمار في مشروع نقل الغاز من تركمانستان عام 1998 (الجزيرة)ويقول وزير الخارجية الأفغاني الأسبق وكيل أحمد متوكل للجزيرة نت: "إن حكومة تركمانستان آنذاك كانت تحت التأثير الروسي، وفضلت شركة بريداس الأرجنتينية، وكانت إيران ترغب في مد الأنابيب عبر أراضيها، وروسيا لم تكن تريد أن تتولى شركة أميركية أعمال المشروع، والتنافس الإقليمي حال دون تنفيذ المشروع".
وكانت إدارة الرئيس الأميركي الأسبق بيل كلينتون تولي اهتماما بالمشروع، وحاولت إقناع طالبان بتشكيل حكومة وطنية لبدء العمل وتلقي المساعدات المالية من البنك الدولي.
وسافر وزير المناجم في حكومة طالبان الأولى أحمد جان إلى الولايات المتحدة لمناقشة المشروع مع شركة يونيكال ومسؤولين أميركيين، لكن المفاوضات انهارت في يوليو/تموز 2001، قبل هجمات 11 سبتمبر/أيلول وقبل الإطاحة بالحركة.
وبعد أحداث 11 سبتمبر/أيلول، تم استئناف التخطيط لهذا المشروع، في مايو/أيار 2002، واتفق رؤساء أفغانستان وتركمانستان وباكستان على مد أنابيب الغاز، وانضمت الهند 2008 إلى المشروع.
وكانت اتفاقية خط أنابيب الغاز التي وقعها ممثلو الدول المشاركة في إسلام آباد في 25 أبريل/نيسان 2008، قد نصت على أن يبدأ أعمال البناء في 2010 وينتهي منه بعد 5 سنوات لكن الخطة لم تكتمل بسبب الوضع الأمني في أفغانستان.
وبدأت أفغانستان في 23 فبراير/شباط 2018 بأعمال الحفر وبناء الأنابيب ولكن الانسحاب الأميركي وسقوط الحكومة الأفغانية السابقة تسبب بوقف العمل في ولاية هرات المجاورة لتركمانستان.
وأدى صعود حركة طالبان إلى السلطة لمناقشة مستقبل مشروع أنابيب الغاز من جديد لأن المشروع اقترن باسم طالبان منذ 27 سنة.
يقول رئيس المكتب السياسي لحركة طالبان سهيل شاهين للجزيرة نت:" إن مشروع نقل الغاز، هو مشروع ذو أولوية طويلة المدى، وتدعمه الحكومة الحالية بالكامل".
وأضاف رئيس المكتب السياسي لطالبان "منذ وصولنا إلى السلطة زار مسؤولون من تركمانستان أكثر من مرة لمناقشة بدء العمل وقدمنا تأكيدات لتأمين المشروع داخل الأراضي الأفغانية".
مشروع نقل الغاز التركماني واحد من أهم المشاريع التي طال انتظارها في آسيا الوسطى (الجزيرة)وسيمتد خط الأنابيب الذي يبلغ طوله 1814 كيلو مترا من تركمانستان عبر الأراضي الأفغانية والباكستانية إلى الهند. ووفقا للعقد الذي مدته 30 عاما، ستقوم تركمانستان بتصدير ما يصل إلى 33 مليار متر مكعب من الغاز "90 مليون متر مكعب يوميا" سنويا.
وسيتم توزيع هذه الكمية بين أفغانستان والهند وباكستان، حيث ستحصل كل من الهند وباكستان على 38 مليون متر مكعب، وأفغانستان على 14 مليون متر مكعب من الغاز، وحسب التقديرات فإن تكلفة تنفيذ هذه الخطة ستبلغ نحو 12 مليار دولار.
ويبلغ طول خط أنابيب الغاز في تركمانستان 147 كيلومترا و735 كيلومترا في أفغانستان ويمر عبر 4 ولايات -هرات، فراه، هلمند وقندهار- وسيصل إلى الهند بعد 800 كيلومتر في باكستان.
ويقول المتحدث السابق باسم وزارة المناجم الأفغانية محيي الدين نوري للجزيرة نت: "سيتم تركيب 12 مضخة ضغط على مسار خط الأنابيب، و5 منها تقع داخل الأراضي الأفغانية، وتبلغ قيمتها مليار دولار أميركي، وتساعد هذه الكمية من الغاز في لعب دور مهم في قطاع الغاز في أفغانستان".
وبموجب الاتفاق بين الدول الأربع ستحصل أفغانستان سنويا على 500 مليون دولار أميركي لعبور الأنابيب من أراضيها إضافة إلى توفير فرص عمل لأكثر من 12 ألف شخص.
ويؤكد وكيل وزارة المناجم السابق أكبر باركزاي للجزيرة نت: "المشروع سيوفر لأفغانستان ولمدة 30 سنة كمية كبيرة من الغاز وستحصل عليها في 3 مراحل: في العقد الأول ستكون حصة أفغانستان 500 مليون متر مكعب سنويا، وفي الثاني مليار متر مكعب، وبالعقد الثالث 1.5 مليار متر مكعب".
التحديات الجيوسياسيةووفقا لخبراء، فإن مشروع نقل الغاز التركماني عبر الأراضي الأفغانية له هدفان اقتصادي وسياسي، هدفه الاقتصادي هو تلبية احتياجات الطاقة المتزايدة لحوالي 2.3 مليار شخص يعيشون في جنوب آسيا والصين، وهدفها السياسي هو الحد من التوتر والمساعدة في تطبيع العلاقات في المنطقة.
ويقول الخبير في العلاقات الدولية عبد الخبير كاكر للجزيرة نت: "في الواقع يعتبر مشروع نقل الغاز أو ما يعرف محليا بـ(TAPI) أكثر من مجرد خطة، والخطوة الأولى هي توحيد المنطقة، لكنه في الوقت الحالي يواجه تنفيذه تحديين الأول: موقف المجتمع الدولي من الاعتراف بحكومة طالبان، والثاني العلاقات الثنائية بين الهند وباكستان".
ودائما ما كان تمويل هذا المشروع موضع تساؤل دائما، لأنه يحتاج إلى 12 مليار دولار، وقد وافق بنك التنمية الآسيوي أن يمول المشروع ولكن عدم الاعتراف بحكومة طالبان تسبب في وقف تمويله.
ويقول مصدر -فضل عدم ذكر اسمه- للجزيرة نت "قضية عدم الاعتراف بالحكومة الأفغانية الحالية أمر مقلق، وأن البنك أوقف تمويله ولكن المشروع مهم بالنسبة لتركمانستان وتتطلع إلى تمويله على الأقل في أفغانستان".
من جهة أخرى، يرى مراقبون أن موقف روسيا وإيران قد يعقّد المشهد، لأن كلا منهما تعتبران أن هذه الخطة تنافس خططهما المنشودة وتقومان بتصدير الطاقة إلى دول جنوب آسيا، وترغب إيران في بيع غازها إلى باكستان والهند كجزء من خطة أنابيب السلام، وأن روسيا وإيران دولتان لهما تأثيرهما على التطورات الإقليمية وخاصة أفغانستان.
ويقول الكاتب والباحث السياسي عبد الله كاموال للجزيرة نت: "تدعم الولايات المتحدة مشروع نقل الغاز التركماني عبر الأراضي الأفغانية لتقليل اعتماد دول جنوب آسيا على الغاز الروسي والإيراني، وباكستان لا تستطيع تجاهل موقف واشنطن بشأن مشاريع الطاقة في المنطقة، وأن إيران وروسيا تخضعان حاليا للعقوبات الدولية".
الأهمية الاقتصادية والجيوسياسيةمشروع نقل الغاز التركماني بلا شك واحد من أهم المشاريع التي طال انتظارها في آسيا الوسطى، ولا يمكن تجاهل تأثيراته الجغرافية والاقتصادية والجيوسياسية في المنطقة، وترى طهران أن المشروع ينافس أنابيب السلام الإيراني.
من جهة أخرى، يمكن أن يؤدي المشروع لصراع على السلطة بين الهند والصين، في حين ستكون الحكومة الأفغانية بزعامة طالبان أحد الفائزين الرئيسيين بفوائده العديدة، من تعويض عجز الطاقة لديها وتعزيز الموقف الدولي.
ويقول الباحث والكاتب السياسي هارون نوري للجزيرة نت: "مشروع نقل الغاز، تستفيد منه الدول المشاركة فيه، تركمانستان تستفيد منه في زيادة الدخل وتنويع التصدير".
كما أن باكستان والهند -كما يضيف نوري- "تعوضان العجز في الطاقة، وستكون أفغانستان بمثابة جسر بري يربط طاقة آسيا الوسطى بجنوبها، إضافة إلى أنه (المشروع) يلعب دورا مهما في التنمية الاقتصادية بأفغانستان".
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات الحکومة الأفغانیة خط أنابیب الغاز ملیون متر مکعب من ترکمانستان فی أفغانستان آسیا الوسطى حرکة طالبان للجزیرة نت فی المنطقة جنوب آسیا من الغاز الغاز فی
إقرأ أيضاً:
تفاصيل أول مشروع طاقة شمسية عائم في مصر
تسعى الحكومة المصرية لإقامة أول مشروع طاقة شمسية عائم في مصر وذلك لتحقيق استفادة مزودجة تتمثل في توليد الكهرباء النظيفة وفي نفس الوقت الحفاظ على المياه وتقليل نسب البخر منها.
أول مشروع طاقة شمسية عائم في مصروقعت الحكومة المصرية اتفاقية المشروع الذي ينفذ في مصر لأول مرة.
ويعد هذا النظام من أحدث نظم توليد الطاقة الشمسية عالميًا.
ومن المستهدف تنفيذ المشروع في بحيرة ناصر، حيث سيتم إنشاء وحدات طاقة شمسية عائمة على الماء.
ويسهم المشروع في تقليل التبخير والحفاظ على المياه.
محطات الطاقة الشمسية العائمةأصبحت محطات الطاقة الشمسية العائمة من أبرز الحلول التي تساعد الدول في مواجهة تحديات توفير طاقة نظيفة، وتحقيق التزاماتها المناخية، وتقليل الانبعاثات الناجمة عن محطات توليد الكهرباء التقليدية.
وتُعدّ قلة الأراضي المتاحة واحدة من العقبات الرئيسية أمام تنفيذ مشاريع الطاقة الشمسية، التي تتطلب مساحات شاسعة، مما يجعل محطات الطاقة الشمسية العائمة خيارًا مثاليًا لتوفير الطاقة النظيفة، إضافةً إلى ذلك، يمكن دمج هذه المحطات بسهولة مع محطات الطاقة الكهرومائية.
ووفقًا لدراسة أجراها المختبر الوطني للطاقة المتجددة بوزارة الطاقة الأميركية عام 2020، فإن الاستفادة من الخزانات الكهرومائية لربط المحطات الشمسية العائمة يمكن أن يُحدث تحولًا جذريًا في نظام الطاقة العالمي، حيث يُمكن لهذه التقنية أن تلبي ما يصل إلى 50% من الطلب العالمي على الكهرباء.