الرئيس الأرجنتيني يزور أوكرانيا خلال يونيو المقبل
تاريخ النشر: 6th, March 2024 GMT
أعلنت الرئاسة الأرجنتينية اليوم الأربعاء أن الرئيس خافيير مايلي من المقرر أن يزور أوكرانيا خلال يونيو المقبل كجزء من جولته الأوروبية لإظهار دعمه للرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي مع تقدم القوات الروسية على الأراضي الأوكرانية.
ونقلت وكالة أنباء (يوكرينفورم) الأوكرانية عن بيان الرئاسة القول: "من المتوقع أن يصل الرئيس الأرجنتيني للعاصمة الأوكرانية قادما من إسبانيا حيث تشمل جولته أيضا ألمانيا وفرنسا".
جدير بالذكر أن مايلي سيصبح أول زعيم من أمريكا اللاتينية يزور أوكرانيا في خضم الصراع، حيث يحاول زيلينسكي احتواء الهجوم العسكري الواسع لموسكو.
وكان الرئيس الأرجنتيني خافيير مايلي قد قال في وقت سابق إنه يعتزم عقد قمة لدول أمريكا اللاتينية التي تدعم أوكرانيا في حربها ضد العدوان الروسي.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: خافيير مايلي أوكرانيا زيلينسكي القوات الروسية
إقرأ أيضاً:
عن خطأ الرهان على الرئيس الأمريكي الجديد
د. هيثم مزاحم **
ينتخب الأمريكيون اليوم رئيسهم المقبل أو رئيستهم المقبلة وسط انقسام عامودي في المجتمع الأمريكي وتحولات داخلية تهدد استقرار الولايات المتحدة وأمنها وتماسكها السياسي والاجتماعي.
وبغض النظر عن فوز أيٍ من المرشحيْن: الجمهوري دونالد ترامب أو الديمقراطية كامالا هاريس، فإن سياسات الرئيس الأمريكي المقبل لن تؤثر على حيوات المواطنين الأمريكيين ومستقبلهم فقط؛ بل ستطال تأثيراتها مختلف أرجاء العالم بمختلف قاراته وخصوصًا منطقتنا العربية والإسلامية، أو غرب آسيا المعروفة بالشرق الأوسط، فضلًا عن أوروبا وشرق وجنوب آسيا.
وقد كشفت تجربة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب في الحكم (2017- 2021) عن خطورة وحساسية موقع الرئيس أو مؤسسة الرئاسة في الولايات المتحدة، على الرغم من كلّ المتغيرات والتحوّلات الكبرى في الداخل الأمريكي وفي العالم، في المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية وغيرها.
وقد وصف أحد الكُتّاب الأمريكيين، وهو كلينتون روسيتر، الرئاسة الأمريكية بأنها "أخطر منصب على وجه الأرض"، مطلقًا عليها تسمية "الرئاسة الإمبريالية"، وهو وصف دقيق لا يجانب الحقيقة في شيء.
ووصِفت السلطات التي منحها الدستور الأمريكي لرئيس الولايات المتحدة بأنها أكبر مما تمتّع به نابليون أو قيصر؛ بل إنَّ الرئيس الأمريكي ليس رئيسًا لدولة عادية، وإنما رئيس أقوى دولة في التاريخ وفي العالم، التي تدير شؤونه منفردة بعد انهيار الاتحاد السوفييتي، القطب العالمي الآخر عام 1991.
ونتيجة الأوضاع التي مرّت بها المستعمرات البريطانية في شمال الولايات المتحدة، وكذلك المشكلات السياسية في القارّة الأوروبية، اتجه فكر القادة الأمريكيين الذين خاضوا حرب الاستقلال نحو صياغة دستور دائم للولايات المتحدة الأمريكية في العام 1787، شكّل بولادته وعاءً لمعظم الاختلافات داخل المجتمع الأمريكي الحديث التشكّل. ولعلّ أهم ميزة حملها هذا الدستور، هو الدور الواضح الذي أُعطِي لمؤسسة الرئاسة، والذي حدا بالبعض إلى طرح سؤال في غاية الأهمية على بنيامين فرنكلين (أحد أبرز المؤسّسين)، ومفاده: أي نظام نتّبع نحن، جمهوري أم ملكي؟ وقد ردّ فرنكلين: "جمهوري إن استطعنا الحفاظ عليه". وهذه الإجابة تكشف عن عِظم الدور الذي كان الآباء المؤسّسون يأملونه من مؤسسة الرئاسة، لا في الولايات المتحدة فحسب، بل في تزعّم الأخيرة للعالم الغربي في مرحلة تاريخية معيّنة، ثم تزعّمها للعالم كلّه في مرحلة تاريخية أخرى.
كما أن الصلاحيات الواسعة التي أعطاها مؤسّسو الدستور الأمريكي للرئيس لم تكن من فراغ، وإنما أعطوه إياها لاعتبار أن الرئيس هو ممثّل لكلّ الأمّة التي ستنتخبه بإرادتها الحرّة.
ولأن الدستور الأمريكي أَسند إلى السلطة التنفيذية صلاحيات واسعة، فإنها أخذت تمارس دورًا مهمًا في عملية رسم السياسة الخارجية، وكذا عملية صنع الاستراتيجية. وهو دور- وإن كان قويًا- لكنه غالبًا ما يتأثّر بنوعيّة الدور الذي تلعبه المؤسسات الرسمية الأخرى المساهمة في صنع السياسة الخارجية، وخصوصًا المؤسسة التشريعية؛ وكذلك الدور الضاغط الذي يمكن أن تمارسه القوى غير الرسمية التي تساهم في العملية، وخاصة مجموعات المصالح "اللوبيات Lobbies".
لقد أفضى تفسير مؤسسة الرئاسة لعِظم صلاحياتها الدستورية وإصرارها على ممارسة تلك الصلاحيات، إلى التنافس بينها وبين المؤسسة التشريعية، التي رأت أن مؤسسة الرئاسة تجاوزت سلطاتها، لتدخل في مواضيع هي في صلب صلاحيات السلطة التشريعية؛ فالتنافس الحاصل بين المؤسستين التنفيذية والتشريعية، تنافس تاريخي تعود جذوره إلى انطلاق الدستور الأمريكي. كما إن دور الآباء المؤسّسين لا يزال حاضرًا إلى اليوم في أذهان الشعب الأمريكي ورؤسائه.
وإذا كان تكوين الدستور خلال مؤتمر فيلادلفيا عام 1787، ونتائج الحرب الأهلية التي أعادت توحيد البلاد، والنظرة إلى دور رموز الأمّة (الآباء المؤسّسين وقادة الدولة الأمريكية)، قد أسهمت في تكوين النظام السياسي الأمريكي وتحديد شكله وتثبيت أركانه وإبراز مؤسساته، مما جعله إلى اليوم من أكثر الأنظمة استقرارًا، فإنه يمكن القول بعد كل ذلك إن النظام السياسي الأمريكي قد اتّسم بعدد من السمات ميّزته عن غيره من الأنظمة السياسية، وأبرزها الفصل بين السلطات أوّلًا، والعلاقة التبادلية بين السلطتين التنفيذية والتشريعية ثانيًا، وسمو الدستور ثالثًا (لا شرعية لأي قانون يتعارض مع مبادئه)، وأهمية دور جماعات الضغط والمصالح رابعًا، وتميّز مؤسسة الرئاسة خامسًا.
والواقع أن الدستور الأمريكي لم ينص صراحة على تميُّز مؤسسة الرئاسة، إلّا أن تفسير الرؤساء لصلاحياتهم، وعدم اعتراض المحكمة العليا بوصفها أعلى سلطة قضائية على ذلك، هو ما أفضى إلى أن تتميـّز مؤسسة الرئاسة.
وعليه، فإن مجمل تلك العوامل أضفت ميزة إضافية على مؤسسة الرئاسة، وهي ميزة التمتّع بصلاحيات غير مقيّدة، والتي رآها البعض بأنها أضفت صفة (الدكتاتورية المدنية) على الكثير من الرؤساء الأمريكيين؛ ذلك أنهم لم يكتفوا بما خوّلهم الدستور من صلاحيات عندما تبنّى نظام فصل السلطات (مع تداخل محدود ومنسّق فيما بينها)، وخوّلهم السلطة التنفيذية بأكملها، وإنما حاولوا تجاوز ذلك ليتداخلوا مع العملية التشريعية ويشاركوا الكونجرس عملية تشريع وإصدار القوانين والقرارات التي هي من اختصاصه حصريًا؛ وكلّ ذلك بعنوان أن أعمال الرؤساء هي لخدمة الأمّة.
عن طريق السلطات الممنوحة للرئيس في مدّة ولايته الانتخابية المحدّدة دستوريًا بأربعة أعوام، تنبثق الأجهزة والمؤسسات التنفيذية وسلطاتها، والتي تشكّل بمجموعها الإدارة الفيدرالية للدولة، أو ما يُصطلح عليه بمؤسسة الرئاسة التي خضعت في الحقب الزمنية المختلفة إلى عملية تطوّر وإعادة تشكّل مستمرّين. وتتفرّع السلطة التنفيذية إلى عدد من المؤسسات، ومنها الوزارات والوكالات التنفيذية والمجالس الاستشارية. وتتولّى وكالات متخصصة تنظيم بعض القطاعات التي ترتبط مباشرة بالرئيس، فيما يتولّى المكتب التنفيذي لرئيس الجمهورية إدارة شؤون المؤسسات.
كما إن المدى الواسع من الصلاحيات هو الذي يُضفي على الرئيس الدور المهم في صنع الاستراتيجية، وهو الذي يميّز بالتالي السلطة التنفيذية من باقي السلطات، باعتبار أن السلطة التنفيذية مؤسسة ذات دور فاعل في صنع الاستراتيجية الأمريكية. أما منصب نائب الرئيس فهو أُنشئ لضمان انتقال سلمي منتظم للسلطة في حالة فراغ منصب الرئيس، جرّاء الوفاة أو الإقالة أو الاستقالة.
المؤسسة التشريعية (الكونجرس) يمنحها الدستور صلاحيات واسعة، ولها صلاحيات في مجال صنع الاستراتيجية؛ أي إصدار القوانين، وإنشاء الجيوش، وإعلان الحرب، وصلاحية تنظيم التجارة مع الدول الأجنبية، وإقرار الميزانية العامة. لكن التوازن بين السلطتين التشريعية والتنفيذية يبقى توازنًا نسبيًا. ولهذا، يبدو على الأرجح، وفي مجال صنع الاستراتيجية تحديدًا، بقاء الغلبة في يد السلطة التنفيذية.
المؤسسة القضائية، المتمثّلة في المحكمة العليا لديها صلاحيات ضمن إطارين أساسيين: الأول هو مراقبة الاتحاد؛ بمعنى الاطمئنان إلى احترام توزيع الاختصاصات التي نصّ عليها الدستور بين السلطات الفدرالية وسلطات الولايات؛ والإطار الثاني هو مراقبة مدى موافقة تصرفات السلطتين التنفيذية والتشريعية للدستور، والحيلولة دون تجاوز إحداهما لاختصاصات الأخرى.
ويبقى الدور المهم للقوى غير الحكومية المؤثّرة في صنع الاستراتيجيات الأمريكية، التي تُعدّ أحد أهم مصادر الضغوط الخارجية التي تُمارَس على قرارات الكونجرس والرئيس معًا، والتي تعمل على ممارسة التأثير، إن كان عبر وسائل الإعلام التي تملكها أو تملك أسهمًا مؤثّرة فيها، أو عبر استغلال ظروف الانتخابات التشريعية أو الرئاسية، أو عبر الروابط التي تكون موجودة مع أعضاء الكونجرس، وتحديدًا في اللجان ذوات العلاقة بعمل ونشاط تلك القوى. ويأتي تأثير هذه المؤسسات عن طريق الرابطة المعقّدة من العلاقات بين السياسيين ومجموعات المصالح التي لها تأثير مهم في جموع الرأي العام الأمريكي.
وقد تراجع دور مؤسسة الرئاسة عام 1973، ولا سيما بعد إصدار الكونجرس لقانون سلطات الحرب، الذي حدّ كثيرًا من صلاحيات الرئيس الأمريكي؛ حيث أخذ دور مؤسسة الرئاسة في الانحدار لصالح صعود دور الكونجرس، وزيادة مساهمته في رسم السياسة الخارجية، بسبب ما لاح لمؤسسة الرئاسة من ضعف على إثر أحداث حرب فيتنام وفضيحة ووترغيت.
ولا شك أن حجم التباين الداخلي الذي يُطرح في الغالب في الاستراتيجيات الأمريكية مرجعه الإطار المصلحي والبراغماتي الذي يحكم السياسة الأمريكية، وهو ناجم عن إرث ثقافي يقبل حالة التعدديّة.
ويبقى الفكر الاستراتيجي السائد بين الدوائر المؤثّرة في القرار الأمريكي بتبايناتها (المحكومة في إطار التوجه الرأسمالي)، عنصرًا مؤثرًا في التوجهات الاستراتيجية ورؤى صانعي السياسة في الولايات المتحدة. لذلك، فليس من المستغرب تأثير هذه التباينات في إجمالي الاستراتيجية /الاستراتيجيات التي تنفّذها الإدارات المختلفة؛ بمعنى أنها تعكس مصالح مختلفة تشكّل بمجموعها البنية الثقافية للدولة؛ إذ بعد تفكّك الاتحاد السوفياتي عام 1991، أدركت الولايات المتحدة عِظم المسؤوليات الملقاة على عاتقها تجاه أمن واستقرار النظام الدولي، إلّا أنها أرادت توظيف عناصر هذا النظام لصالح فرض أجندة الهيمنة العالمية.
ومسألة تحديد توجهات الفكر الاستراتيجي الأمريكي تخضع لعدد كبير من العوامل، ومن الخطأ الرجوع إلى الدستور الأمريكي فقط لتفسير ذلك. كما إن القول إن صنع القرار هو من احتكار الرئيس الأمريكي فقط، وهو في الوقت ذاته مسألة قابلة للاعتراض.
وهناك اتجاهان متكاملان في الولايات المتحدة، أحدهما دستوري والآخر واقعي، يفسّران عملية صياغة التوجهات الاستراتيجية. فدستوريًا، الرئيس هو الشخص الأول المسؤول عن صياغة التوجهات الاستراتيجية. أما واقعيًا، فإن تطوّر الحياة السياسية في الولايات المتحدة، وتوسع مصالحها، جعل صنع التوجهات، وفق التفسير الدستوري، غير مكتمل؛ ويمكن تصحيحه ما دامت هناك جهات رأت مصلحتها في توجيه السياسة الأمريكية، وصياغة خياراتها الاستراتيجية، ممّن لم يذكرهم الدستور صراحة. ويمكن تعداد عدد من مجموعات المصالح هذه: اللوبي الإسرائيلي، كارتيل شركات النفط، كارتيل شركات الأسلحة، كارتيل شركات الأدوية، الخ.
من هنا، فإن الرهان على شخصية الرئيس الأمريكي فقط لتأمل تغيير ما في السياسات والاستراتيجية الأمريكية، وخاصة تجاه منطقتنا العربية والإسلامية، هو رهان خاسر وخاطئ. فقد رأينا كيف غطّت إدارة الرئيس الديمقراطي جو بايدن الإبادة الجماعية الصهيونية في قطاع غزة والعدوان الوحشي الإسرائيلي على لبنان، والمرشحة هاريس نائبة الرئيس وتشاركه في قراراته وهي موافقة على هذين العدوانين، مهما حاولت التظاهر بأنها تتعاطف مع الضحايا المدنيين الفلسطينيين أو اللبنانيين.
أما الجمهوري ترامب فهو قد بصم بأصابعه العشرة على المشروع التوسعي الصهيوني، ومنح الكيان الغاصب اعترافًا بالقدس عاصمة لإسرائيل، ونقل السفارة الأمريكية إلى القدس المحتلة، واعتراف بضم إسرائيل للجولان السوري المحتل، وهو يدعم ضم غور الأردن والمستوطنات اليهودية في الضفة الغربية إلى الكيان المحتل، بصورة تتناقض مع قرارات الشرعية الدولية بل مع السياسات الأمريكية التقليدية على مدى ستة عقود؛ بل إنه صرّح مؤخرًا أنه مع توسيع مساحة إسرائيل في إشارة إلى تأييده لعمليات الضم للأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967 والتوسع عبر احتلال أراضٍ عربية أخرى. وهو سعى لإبرام اتفاقات أبراهام للتطبيع بين الكيان الغاصب ودول عربية من دون أن تقبل إسرائيل بحل الدولتين وقيام دولة فلسطينية مستقلة والانسحاب من الأراضي المحتلة عام 1967، خلافًا لمبدأ الأرض مقابل السلام، الذي قامت عليه عملية التسوية التي أطلقتها الولايات المتحدة عام 1991 في مؤتمر مدريد.
في المقابل، قامت إدارة بايدن باستكمال خطة ترامب ودعم التطبيع الإسرائيلي مع دول عربية، من دون الضغط على إسرائيل لتقديم حتى الفتات للفلسطينيين، بل دعمت بالأسلحة والذخائر والمال والإعلام والدبلوماسية عملية الإبادة الجماعية في قطاع غزة والعدوان البربري على لبنان، وهددت بالتدخل بأسطولها ومقاتلاتها لحماية الكيان من أي هجون من دول محور المقاومة.
وينبغي أن يكون الرهان العربي والإسلامي على دعم صمود المقاومة في فلسطين ولبنان، ورفض عمليات التطبيع مع الكيان، وتفعيل عمليات المقاطعة للشركات الداعمة لإسرائيل، والضغط الدبلوماسي والاقتصادي العربي والإسلامي على الولايات المتحدة والقوى العظمى الأخرى، كي تضغط بدورها على إسرائيل تحت طائلة العقوبات، حتى توقف عدواناتها على فلسطين ولبنان وسوريا واليمن وإيران، وترضخ لقرارات الشرعية الدولية وتنسحب من الأراضي العربية المحتلة في الضفة الغربية والقدس وقطاع غزة وسوريا ولبنان.
** رئيس مركز الدراسات الآسيوية والصينية - لبنان
رابط مختصر