مفتي الجمهورية: التنمية المستدامة تنظر لإشكالات الواقع وتستشرف المستقبل
تاريخ النشر: 6th, March 2024 GMT
قال الدكتور شوقي علام، مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدُور وهيئات الإفتاء في العالم إن التنمية المستدامة هي التنمية التي لا تنظر إلى إشكالات الواقع فقط وتكتفي بحل مشكلاته، لكنها أيضًا تستشرف آفاق المستقبل بوضع الخطط الدقيقة واتِّباع الأساليب العلمية وتعمل على التحديث والتطوير الدائم وتقدم أفضل الأفكار وأحدثها للاستفادة من مواردنا الاقتصادية، سواء أكانت بشرية أم ثروات اقتصادية؛ فالتنمية المستدامة تحقق أعلى درجات المصلحة للدول والشعوب.
وأضاف أن علماءنا الأجلاء حرصوا دائمًا على أن تكون اجتهاداتهم محققة لمصالح العباد والبلاد في العاجل والآجل، وتوظيف الاجتهاد في تحقيق مصالح البلاد والعباد، وهو عمل جميع علماء الأمة سلفًا وخلفًا، وليس ذلك قاصرًا على مذهب بعينه كما قد يتوهَّم بعضهم.
جاء ذلك في كلمته التي ألقاها خلال فعاليات المؤتمر الدولي «الاجتهادُ الفقهي المعاصرُ وأثرهُ في خدمةِ التَّنميةِ المستدامةِ»، والذي تُنظِّمه كلية الشريعة والدراسات الإسلامية بجامعة الشارقة، بمشاركة نخبة من الباحثين والعلماء من الجامعة وعدد من المؤسسات العلمية من الدول الإسلامية.
وأضاف أنه لا شك أن المسائل التي تتعلق بالتنمية المستدامة بالغة الأهمية وتحتاج إلى إعمال آلة النظر والاجتهاد فيها ضرورة أنَّ لله تعالى حكمًا شرعيًّا في كل نازلة من النوازل ولا يخلو فعل من أفعال المكلف عن حكم لله تعالى فيه، لكن قضية هذا المؤتمر أهم من هذا وأعم من هذا وأخطر من هذا؛ فهذا المؤتمر يتناول قضية تتعلق بتحقيق المقاصد العليا للشريعة الإسلامية وتتعلق كذلك بتحقيق المصلحة العُليا للدول والشعوب؛ ألا وهي قضية (الاجتهاد الفقهي المعاصر وأثره في خدمة التنمية المستدامة).
وأوضح مفتي الجمهورية أن التنمية المستدامة تتطلب منا الانفتاح على الثقافات والدول والشعوب والاستفادة من العلوم الحديثة وتوظيفها بشكل نافع في خدمة الشعوب والمجتمعات، وتتطلب أيضًا تعظيم المشتركات الإنسانية، ودعم قيم الانفتاح والتعايش، ونبذ الأفكار المتشددة التي تكرس للانعزال والانغلاق والعدائية والعنف، وتتطلب منَّا كأمة إسلامية أن نعمل فيما بيننا على ترسيخ روح الوحدة الإسلامية ودعم وسائل وعوامل الاجتماع التي دعانا إليها ديننا الحنيف في قوله تعالى: {إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ} [الأنبياء: 92].
الإرهاب يهلك ثروات البلاد ويستنزف مواردهاوأكد فضيلة المفتي أن العالم اليوم يشهد ظروفًا عصيبة وأزمات طاحنة وتحديات غير مسبوقة، ولا شك أن هذه الظروف قد تكون بيئة خصبة لبث الأفكار المتطرفة والإرهابية ونشر روح العداء.
وتابع أنه لا شك أن السادة العلماء وكذلك مؤسسات الاجتهاد العلمي المعاصر تدرك إدراكًا تامًّا، تلك الآثار السلبية والنتائج الوخيمة لتلك الأفكار المتطرفة على التنمية المستدامة للدول والشعوب، فالإرهاب والتطرف يهلك ثروات البلاد ويستنزف مواردها ويضعف اقتصادها ويعطل مسيرتها، ويؤثر بالسلب على مستقبلها، وهذا كله يتطلب منا أن ندرك أن مواجهة تلك الأفكار المتطرفة ركن ركين من دعم التنمية المستدامة التي تحقق مصالح العباد والبلاد وهي من المقاصد العليا للشريعة الإسلامية الغراء.
وتقدم المفتي في كلمته بوافر الشكر والتقدير لجامعة الشارقة وللسادة القائمين عليها وعلى عقد هذا المؤتمر، مثمنًا اختيارهم لموضوع المؤتمر الذي يمثل قضية من أهم قضايا الاجتهاد في وقتنا الحالي، مشيرًا إلى أنها قضية تسمو بالاجتهاد المعاصر عن حصره في البحث في مسائل جزئية تتعلق بالمستجدات، سواء أكان ذلك في المستجدات الطبية أم في باب المعاملات المالية المعاصرة أو غير ذلك من المستجدات.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: مفتي الجمهورية المفتي الإرهاب التنمیة المستدامة
إقرأ أيضاً:
مفتي الجمهورية يدعو لتأسيس رابطة عالمية للتقريب بين المذاهب
قال الدكتور نظير عياد، مفتي الديار المصرية، إن الحوار بين طوائف المسلمين لم يكن يومًا نافلة من القول، بل فريضة إيمانية منذ أن أشرق النور الأول لهذا الشرع الحنيف، والسعي للإصلاح بين الإخوة وصيةٌ تُذكِّر بأن المؤمنين كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو، تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى، لافتًا إلى أن الحوار هو جسر الأمة الأمين لجمع كلمتها، واليوم آمال الأمة معقودة على علماء الأمة ومرجعياتها الإسلامية، وعلينا أن نداوي جرح الماضي، وأن نصنع لأبنائنا جسرا يعبرون به إلى بر آمن؛ تُشرقُ فيه شمسُ السلام فوق كل خلاف.
وأكد مفتي الديار المصرية، خلال كلمته التي ألقاها بمؤتمر الحوار الإسلامي- الإسلامي، المنعقد بالعاصمة البحرينية المنامة تحت عنوان "أمة واحدة ومصير مشترك"، أن غياب مفهوم المواطنة العادلة كان البذرة الأولى التي نبتت منها شجرة التعصب الطائفي الخبيثة، وبسبب التعصبات الطائفية تنقلب الأوطان إلى ساحات من الكراهية والتناحر والقتال ولقمة سائغة للتدخل الأجنبي لتحقيق مآربه؛ داعيا إلى تأسيس رابطة عالمية مستقلة تُعنى بتوحيد جهود المؤسسات العاملة في مجال التقريب بين المذاهب الإسلامية، تهدف إلى تعزيز التفاهم المشترك، ودعم قيم المواطنة، وتطوير آليات التواصل المستدام بين العلماء والمؤسسات.
من جانبه أوضح علي الأمين، عضو مجلس حكماء المسلمين، أن الحوار الإسلامي يجمع بين المتحاورين ولا يفرق بينهم، مؤكدًا أنه لن يصلح أمر هذه الأمة اليوم إلا بما صلح عليه أولها، فقد اعتصم أبناؤها الماضون بحبل الله جميعا ولم يتفرقوا وأصبحوا بنعمة الله إخوانا، وانتهوا عن الخلاف والنزاع فقويت ريحهم وارتفعت رايتهم، وجعلوا لأمتهم المكانة اللائقة بين الأمم حتّى غدوا بحق خير أمّة أخرجت للناس، فالمطلوب منا جميعا أن نبتعد عن كل عوامل الفرقة والانقسام، وأن ندرك أن وحدة الأمة هي من مقاصد شريعتنا السمحاء.
وبيّن عضو مجلس حكماء المسلمين أن التعددية في الرأي نشأت من الدّعوة الصّريحة للتمسّك بالكتاب الكريم والسنّة النّبويّة الشريفة، مشددا أن الاختلاف بين العلماء في الرأي لم يصنع الخلاف، بل الذي صنع الخلاف هو استغلال هذه التعددية الفقهية أسوء استغلال للفرقة والشقاق، بعد أن كانت تلك التعددية مصدراً للثراء الفقهي من خلال مدارسها المتنافسة على العلم والمعرفة تحت راية الإسلام الذي يجمعها كلها بعيدا عن الصراعات، مطالبا بضرورة مواجهة الطائفية الطارئة على مجتمعاتنا وبلادنا.
جدير بالذكر أن المؤتمر يأتي استجابة لدعوة فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، رئيس مجلس حكماء المسلمين، خلال ملتقى البحرين للحوار في نوفمبر عام 2022، وبرعاية كريمة من الملك حمد بن عيسى آل خليفة، ملك مملكة البحرين، وبمشاركة أكثر من ٤٠٠ شخصية من العلماء والقيادات والمرجعيَّات الإسلامية والمفكرين والمثقفين من مختلف أنحاء العالم، حيث يهدف إلى تعزيز الشأن الإسلامي ووحدة المسلمين، والتأسيس لآلية حوار علمي دائمة على مستوى علماء ومرجعيات العالم الإسلامي.