قد تكون الإجابة على مثل هذا السؤال للوهلة الأولى مستحيلة، إلا أن بعض الدراسات وضعت بالفعل تقديرات للبشر الذين عاشوا ويعيشون على الأرض حتى الآن.
إقرأ المزيد هنا توقف الزمن..مشروع على الإنترنت متخصص تحت اسم "Our World in Data"، قدّر مؤخرا أعداد البشر الذين عاشوا على الأرض على مدى التاريخ بما لا يقل عن 117 مليار نسمة.
من جهة أخرى، توصل في وقت سابق الخبير بيتر جرونوالد من المركز الهولندي لعلوم الكمبيوتر والرياضيات إلى أن عدد البشر في غضون 162 ألف عام من الوجود البشري على الأرض بلغ عددهم التقديري حوالي 107 مليار إنسان، وقدرت دراسة ثالثة العدد بحوالي 120 مليار نسمة.
الخبراء الذين قدروا عدد البشر على الأرض طيلة التاريخ بحوالي 117 مليار نسمة، قاموا بهذا العمل بالارتكاز إلى مراعاة جميع المتغيرات التي تسمح بإجراء تقييم دقيق للتغيرات الكمية، وانطلقوا في عملهم على افتراض أن الوجود الإنساني بدأ منذ 190 ألف عام.
يعتقد الخبراء أن تغير عدد سكان الأرض في آلاف السنين القليلة الأولى كان بطيئا بسبب انخفاض متوسط العمر المفترض لأسلافنا، فقد أدت الأمراض ونقص الغذاء وهجمات الحيوانات في العصور الأولى إلى ارتفاع معدل الوفيات.
هذا الأمر تغير بعد عدة مئات الآلاف من السنين، وفي عام 8000 قبل الميلاد عاش بشكل تقريبي ما لا يقل عن 5 ملايين إنسان بشكل دائم على الأرض، فيما بلغ عدد سكان الأرض في القرن الميلادي الأول حوالي 300 مليون شخص، وارتفع العدد مع بداية القرن 19 إلى أكثر من مليار نسمة.
الخبراء يقولون إن جنسنا البشري "هومو سابينس" على الرغم من أن عمره يزيد عن 200 ألف عام، إلا أن عدد البشر بقي صغيرا لآلاف السنين، وقد أدت ثورة بركان "توبا" في سومطرة بإندونيسيا الحالية قبل 74 ألف عام، بحسب عدد من الباحثين، إلى انخفاض عدد البشر في ذلك الوقت إلى بضعة آلاف.
الجدير بالذكر أيضا أن عدد سكان الأرض في الفترة ما بين عامي "1200 – 1650"، لم يرتفع عمليا بسبب وباء الطاعون الذي أودى بحياة الملايين من البشر وأبطأ بشكل كبير تطور البشرية.
بدأ عدد سكان الأرض في الارتفاع بوتيرة متسارعة مع بداية القرن العشرين، أي منذ عام 1900، وارتبط ذلك بالثورة الصناعية، كما زاد متوسط العمر الافتراضي للبشر بسرعة بفضل الإنجازات الطبية الكبرى وتطوير الأدوية واللقاحات، وفيما كان متوسط العمر في العصور الوسطى حوالي 30 عاما، ارتفع بحلول منتصف القرن العشرين إلى 70 عاما وأكثر.
اعتمادا على هذه الأسس توصلت الدراسة الأخيرة إلى أن ما يقارب من 117 مليار إنسان عاشوا على الأرض طيلة التاريخ البشري.
وبالنظر إلى أن عدد البشر على الأرض حتى مارس 2024 بلغ 09 مليار نسمة، فإن هذا العدد يمثل حوالي 7 بالمئة من إجمالي عدد الأشخاص الذين عاشوا على الأرض بشكل مطلق.
هذه الخلاصة ربما تجعلنا نعي بطريقة أفضل ما يعنيه الشاعر والفيلسوف أبو العلاء المعري الذي عاش بين عامي "973 – 1057" بالبيتين الشهيرين:
صَاحِ هَذِهْ قُبُورُنَا تَمْلَأُ الرُّحْـ ـبَ فَأَيْنَ الْقُبُورُ مِنْ عَهْدِ عَادِ؟
خَفِّفِ الْوَطْءَ مَا أَظُنُّ أَدِيمَ الْـ أَرْضِ إِلَّا مِنْ هَذِهِ الْأَجْسَادِ
المصدر: RT
المصدر: RT Arabic
كلمات دلالية: أرشيف ملیار نسمة على الأرض عدد البشر ألف عام أن عدد
إقرأ أيضاً:
مستشفى واحد لخمسة ملايين نسمة.. هكذا يعاني المرضى النفسيون في موريتانيا
تظهر على الجدار فوق سرير سيدي عبارة "التوتّر يقتل الخلايا العصبية"... هذا الشاب البالغ 22 عاما الذي شُخّص باضطراب الذهان، يشغل الغرفة 13 في مستشفى الطب النفسي الوحيد في موريتانيا، والذي لا يضم سوى عشرين غرفة للمرضى النفسيين في البلد برمّته.يقول والده محمد الأمين "أوقعه أصدقاؤه في مشاكل، وأقنعوه بفكرة الهجرة إلى الولايات المتحدة، لكنّ المصرف رفض منحه قرضا، فحزن كثيرا وبدأ في تعاطي المخدرات".
واصطحب الوالد الذي لم يكن يعرف ما ينبغي فعله في ظل نوبات العنف الذهاني، نجله إلى مركز متخصص في نواكشوط، حيث يضم أحد المستشفيات القسم الوحيد للطب النفسي في البلاد.
سيبقى سيدي في المركز بضعة أيام، إذ ان العلاج في المستشفى لا يدوم طويلا لأنّ مساحة المركز صغيرة وعدد الموظفين محدود.
ويقول الطبيب محمد الأمين العبيدي "نحتاج إلى رفع عدد الأسرّة، إذ يحضر عدد كبير من المرضى من أماكن بعيدة ولا مراكز أخرى متخصصة في الصحة النفسية".
عائلات
في ممر واسع حيث الغرف العشرون، طُليت الجدران باللونين الأزرق السماوي والأبيض الكريمي.
ويشهد هذا الممر حركة مستمرة إن من أمّ تُحضر أطباقا لنجلها، أو شاب يأتي لزيارة أخيه، أو عمّ قلق يأتي لتهدئة ابن أخيه المصاب بجنون العظمة.
يسير في الرواق أيضا مرضى غير عنيفين، يكونون دائما برفقة أحد الوالدين. يلقون التحية على الممرضة ويمازحون مسؤول الأمن، ويروون لمن يطيب له السمع قصصا شتى عن مؤامرات سياسية مفترضة أو كوابيس مزعجة لديهم.
ويقول البروفيسور العبيدي "ترافق العائلات جميع المرضى تقريبا خلال المعاينات الطبية، وحتى في فترة العلاج داخل المستشفى".
أمام مدخل القسم، ينتظر نحو عشرة أشخاص متّكئين على الجدران. على غرار الممارسين الطبيين الموريتانيين، تلقّى الطبيب النفسي دراسته خارج البلاد، بسبب نقص البرامج المتخصصة في البلاد، وعاد حديثا من السنغال.يقول باسما وهو يغادر مكتبه "حتى لو كانت قدرتنا الاستيعابية محدودة بعض الشيء، تحسّن الوضع" مقارنة بسبعينات القرن العشرين.
وخلال تلك المرحلة، بدأ الطب النفسي يُمارس في موريتانيا، الدولة التي تضم خمسة ملايين نسمة وتتمتع بثقافة وجغرافيا صحراوية إلى حد كبير.
يعود الفضل في ذلك إلى الدكتور ضياء الحسينو الذي يبلغ راهنا 83 عاما، ويمضي أيامه مع عائلته في منزله وسط نواكشوط.
استشارات طبية في الخيام
في العام 1975، بعد أن درس في دكار وتلقى تدريبات في دول أوروبية كثيرة وأنجز أطروحة عن العلاج الأسري، عاد إلى بلده وأقنع السلطات بأهمية هذا الطب الذي لم يكن معروفا آنذاك، نصب خياما تقليدية في باحة المستشفى الوطني، مما أتاح للعائلات إحضار مرضاها إلى المركز الطبي لإجراء استشارات.
وبعد ثلاث سنوات، بدأ المستشفى يتيح خدمة متخصصة، قبل افتتاح مركز للصحة الذهنية سنة 1990.وبعد أربعة وثلاثين عاما، يأسف المتقاعد للتخلي عن الخيام الكبيرة لصالح الغرف المغلقة.
ويقول "للهندسة المعمارية أهمية كبيرة في رعاية المرضى، فعندما ننشئ أقساما مغلقة، يكون لكل شخص غرفته الخاصة المغلقة، وتصبح بمثابة سجون". ويشدد على عدم الحاجة إلى "طب نفسي على النمط الغربي".
يتم تقييد عدد كبير من المرضى الذين يُعتبرون عنيفين لأسرتهم.
ويقول رمضان محمد المسؤول عن الأمن إنّ "سياسة المستشفى تحظر ذلك، لكن قرار تقييد المريض متروك لأسرته". أما سيدي، فكان مقيدا بقدمه اليسرى.
في كثير من الأحيان، يكون العلاج في المستشفى هو الخيار الأخير للعائلات، على ما يوضح العبيدي. ويقول "يخضع غالبية المرضى للعلاجات التقليدية قبل التحوّل إلى الطب النفسي. يذهب المريض لمقابلة مرابط، وإذا رأت الأسرة والمرابط أن الأمور لا تتقدم، يحوّلونه إلى المستشفى".