حكم صلاة النوافل جماعة.. هل تصح شرعا؟
تاريخ النشر: 6th, March 2024 GMT
قالت دار الإفتاء المصرية، إن الجماعة سُنَّة اتفاقًا في صلاة النوافل المتعلقة بسبب أو وقت؛ كالكسوف والاستسقاء والتراويح.
وأضافت جار الإفتاء، في إجابتها على سؤال: ما حكم صلاة النوافل جماعة؟ أن مَّا ما عدا ذلك فهو محل خلاف بين العلماء، والقَدْر المتفق عليه بين الفقهاء أنَّ صلاة النوافل جماعةً صحيحةٌ، وغاية الأمر هو الخلاف في كراهة ذلك أو لا، والأمر في ذلك على السَّعَة، فإن وَجَد الشخص قَلبَه في صلاة النَّفْل في جماعةٍ؛ فله فِعْل ذلك ولا حرج عليه، وإلَّا صلَّاها منفردًا مراعاةً لخلاف الفقهاء وخروجًا منه.
وأوضحت، أنه من المقرر أنَّ الصلاة المفروضة خمس صلوات في اليوم والليلة، وما زاد على ذلك فهو نَافِلَة، والنَّفْل -بسكون الفاء- معناه: الزيادة والتطوع؛ وهو ما يفعله الإنسان مما لا يجب عليه "لسان العرب" لابن منظور (1/ 672، ط. دار صادر)، وهو بهذا المعنى اللغوي في عُرْف الفقهاء.
ونوافل الصلاة قسمان: الأول: نوافل معينة، وهي التي تتعلق بسببٍ؛ كصلاة الكسوف والخسوف والاستسقاء وغيرها، أو تتعلق بوقتٍ؛ كصلاة السنن الرواتب والضحى وصلاة التهجد وغير ذلك، والثاني: نوافل مطلقة، وهي التي لا تتعلق بسببٍ ولا وقتٍ.
حكم صلاة النوافلوقد اتفق جمهور الفقهاء على سُنِّيَّة الجماعة في صلاة العيد والكسوف والاستسقاء والتراويح، واختَلَفوا فِيمَا عدا ذلك من النَّوافل.
فذهب فقهاء الحنفية والمالكية إلى أَنَّ الأصل فيها الانفراد والإخفاء، وأنَّه تُكْرَه الجماعة في النوافل إذا كانت على سبيل النداء إليها وكان عدد المصلين كبيرًا؛ قال السرخسي في "المبسوط" (2/ 144، ط. دار المعرفة): [ولنا أَنَّ الأصل في النوافل الإخفاء، فيجب صيانتها عن الاشتهار ما أمكن ... بخلاف الفرائض؛ لأنَّ مبناها على الإعلان والإشهار] اهـ.
وذَهَب فقهاء الشافعية والحنابلة إلى جواز صلاة النافلة في جماعةٍ بلا كراهةٍ؛ قال الإمام النووي في "روضة الطالبين" (1/ 340، ط. المكتب الإسلامي): [وأَمَّا النوافل، فقد سَبَق في باب صلاة التطوع ما يُشْرَع فيه الجماعة منها، وما لا يُشْرَع، ومعنى قولهم: لا يُشْرَع، لا تستحب فلو صُلِّيَ هذا النوع جماعة جاز، ولا يقال مكروه، فقد تظاهرت الأحاديث الصحيحة على ذلك] اهـ.
واستُدِلَّ على جواز صلاة النوافل في جماعة بأَنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم فَعَل الأمرين كِلَيهِما -أي: صلاة التطوع جماعة ومنفردًا-، وكان أكثَر تطوعه منفردًا، وصلَّى بأنس وجدَّتِه واليتيم؛ فقد روى الشيخان عن أنس بن مالك رضي الله عنه أنَّ جدَّته مليكة رضي الله عنها دعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لطعام صنعته، فأكل منه، ثم قال: «قُومُوا فَأُصَلِّيَ لَكُمْ». قال أنس بن مالك: فقمت إلى حصير لنا قد اسْوَدَّ من طول ما لبِس فنَضَحتُه بماءٍ، فقام عليه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وصففت أنا واليتيم وراءه، والعجوز من ورائنا، فصلى لنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ركعتين، ثم انصرف.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: صلاة النوافل دار الإفتاء صلى الله علیه وآله وسلم
إقرأ أيضاً:
متى يجوز الصلاة بالحذاء.. المفتي السابق يحسم الجدل
أوضح الدكتور شوقي علام، المفتي السابق ، أن الصلاة بالحذاء تُعد صحيحة شرعًا بشرط خلوّ الحذاء من النجاسة والخبث، ولا تتعارض مع طهارة المسلم وصحة صلاته، بل هي من الرخص التي أُبيحت تيسيرًا على الناس.
فإذا شكّ المُكلف في وجود نجاسة على نعليه ثم نظر فيهما ولم يجد أثرًا لها، فله أن يصلي بهما دون حرج.
وأشار المفتي السابق إلى ما ورد عن الصحابي الجليل أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يصلي بأصحابه، فخلع نعليه ووضعهما عن يساره، فخلع الصحابة نعالهم كذلك.
وبعد الصلاة، سألهم النبي صلى الله عليه وآله وسلم عن سبب خلعهم النعال، فقالوا إنهم رأوه فعل ذلك ففعلوا مثله، فأوضح لهم أن جبريل عليه السلام أخبره أن في نعليه قذرًا، ثم قال: «إِذَا جَاءَ أَحَدُكُمْ إِلَى الْمَسْجِدِ فَلْيَنْظُرْ: فَإِنْ رَأَى فِي نَعْلَيْهِ قَذَرًا أَوْ أَذًى فَلْيَمْسَحْهُ وَلْيُصَلِّ فِيهِمَا»، والحديث أخرجه الإمام أحمد، وأبو يعلى، والدرامي، وأبو داود، والبيهقي، وصححه الحاكم في "المستدرك".
وأضاف المفتي أن الإمام البخاري أفرد في "صحيحه" بابًا خاصًا بمشروعية الصلاة في النعال، وذكر فيه حديثًا عن سعيد بن يزيد الأزدي الذي سأل أنس بن مالك رضي الله عنه: "أكان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يصلي في نعليه؟" فأجابه: "نعم".
وبيَّن الدكتور علام أن جواز الصلاة بالنعال يقتصر على الأماكن غير المفروشة كما كان الحال في زمن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، إذ كانت الأرض من الرمال والحصى، وكان من المشقة خلع النعال.
أما في الوقت الحاضر، فقد فرشت المساجد بالسجاد أو الحصير، مما يجعل الصلاة بالنعال مضرّة بنظافة المكان وقدسيته، خاصة مع ما قد يعلق بالنعال من أوساخ، فيؤذي المصلين ويُعد ذلك محرمًا.
وأكد المفتي أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم لم يفرض على من أراد الصلاة في نعليه إلا أن ينظر إلى أسفلهما قبل الصلاة، فإن وجد عليهما خبثًا مسحهما بالتراب وصلّى فيهما، وذلك لأن ما يُصيب النعال من نجاسة أثناء المشي تطهره الأرض بالتراب، ومثلما أن القدم الحافية قد تُصيبها القاذورات، إلا أن الشرع لم يُوجب على المصلي حافي القدمين غسل قدميه قبل الصلاة.
وقد ورد عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قوله: «إِذَا وَطِئَ أَحَدُكُمْ بِنَعْلِهِ الْأَذَى فَإِنَّ التُّرَابَ لَهُ طَهُورٌ»، رواه الإمام أبو داود، وصححه كل من ابن خزيمة وابن حبان والحاكم.