بوابة الوفد:
2025-03-16@17:30:04 GMT

فارس الغناء الجاد

تاريخ النشر: 5th, March 2024 GMT

ودعت ساحة الغناء العربى الموسيقار الكبير حلمى بكر، وهو المبدع الذى يعد من أهم فرسان الأغنية المصرية والعربية على مدار «تاريخها»، وواحدًا ممن شكلوا هوية مصر الغنائية وريادتها على مستوى المنطقة العربية. 
لم يكن الموسيقار حلمى بكر يومًا ما مجرد مبدع يعمل ويقدم أعماله على ساحة الغناء المصرى والعربى فقط، ولكنه كان بمثابة صانع النجوم الذى خرج من أعماله العديد والكثير من أهم نجوم الطرب، وبالرغم من نجاحاته الكبيرة مع عدد من عمالقة الغناء وعلى رأسهم الفنانة نجاة الصغيرة والفنانة وردة الجزائرية، إلا أنه أسهم فى بناء جيل جديد، وقتها استطاع أن يحافظ على مستقبل الأغنية المصرية وريادتها، فهو من صاحب كل من «سميرة سعيد ووليد توفيق»، فضلًا عن أوبريت «الحلم العربى» فى بداية الألفية الجديدة والذى شارك فيه أهم نجوم الغناء على مستوى الوطن العربى، وأصبح أيقونة «الأوبريتات» الوطنية فى الألفية الجديدة.

 
حتى اللحظات الأخيرة من حياته ظل الراحل الكبير ينتمى للجنة التحضيرية لمهرجان الموسيقى العربية، وهو أهم المحافل الفنية على صعيد الوطن العربى الذى يمثل ريادة مصر الغنائية، وكانت إبداعاته ملموسة من عام لآخر فى كل دورة من دورات المهرجان. 
حالة كبيرة من الحزن والبكاء انتابت الوسط الفنى فور إعلان خبر رحيله، وما دار فى أزهان الجميع عبارة عن جملة واحدة نطقتها جميع الألسنة فور سماع الخبر «رحل فارس الأغنية المصرية»، فى هذا التقرير نرصد أهم ما قاله نجوم الغناء العربى عن الراحل الكبير. 
النجمة السورية أصالة كانت تربطها علاقة وطيدة بالموسيقار الكبير حلمى بكر، وأعربت عن حزنها الشديد على رحيله، قائلة: رحم الله الموسيقار الكبير حلمى بكر، فكان الراحل مبدعًا بمعنى الكلمة، وبمثابة الأب لنا جميعًا، حينما كان يقسو علينا كان يريد لنا دائما الصالح والأفضل، وأن نظل فى إبداعنا وتوهجنا للحفاظ على هوية الأغنية العربية، تعلمت منه الكثير، واليوم أودعه إلى مثواه الأخير، رحم الله الموسيقار الكبير وألهمنا جميعًا الصبر والسلوان. 
نقيب المهن الموسيقية المطرب مصطفى كامل دخل فى حالة من البكاء بمجرد سماعه خبر رحيل الموسيقار الكبير حلمى بكر، خاصة أن الخبر وصله بشكل مفاجئ، حيث قال، كنت فى مناسبة حفل كتب كتاب نجل صديقى المطرب محمد فؤاد ووصلنى الخبر، لم أتمالك نفسى ودخلت فى نوبة بكاء شديدة، جعلتنى أغادر الحفل على الفور متوجهًا إلى منزلى لمقابلة أعضاء مجلس إدارة النقابة ومن ثم التوجه إلى محافظة الشرقية، لإلقاء نظرة الوداع على أبى ومعلمى الموسيقار الكبير حلمى بكر، وأيضاً للانتهاء من كافة الإجراءات وتكريمه فى لحظاته الأخيرة على الدنيا. 
وأضاف نقيب المهن الموسيقية: أقل ما يمكننى تقديمه هو تكفل النقابة بنفقات جنازته والعزاء، فهذا حقه علينا كنقابة مهن موسيقية وأعضاء الجمعية العمومية، فكان الراحل الكبير يتفانى فى خدمة النقابة والأعضاء بدون طلب للحصول على منصب، وكان مدافعًا وفارسًا نبيلًا للفن الجاد والحقيقى والحفاظ على هوية بلاده الموسيقية والغنائية. 
وتابع حديثه قائلًا: الدوام لله.. وألهمنا الله جميعا الصبر والسلوان. 
النجم الكبير محمد فؤاد أعرب عن حزنه الشديد على وفاة الموسيقار الكبير حلمى بكر، قائلًا: الموسيقار الراحل كان صديق عمر ومشوارًا كبيرًا، فهو من أهم المبدعين المصريين الذى كنا نفتخر بانتمائهم لوطننا الحبيب مصر، فهو كان وسيزال من أهم رموز الأغنية المصرية على مدار تاريخها، وبالرغم من رحيله سيظل حاضرًا بإبداعاته وأعماله التى ستظل فى وجدان تاريخ الأغنية على مر العصور. 
وحرص النجم الكبير إيهاب توفيق على تقديم واجب العزاء فى الموسيقار الراحل، قائلًا: المبدع الكبير حلمى بكر كان بمثابة الأب الروحى، وكانت تجمعنا علاقة وطيدة منذ بداية مشوارى الفنى، ودائمًا ما كنت أهتم برأيه ونصائحه فى جميع أعمالى. 
وأضاف إيهاب: بالطبع رحيل الموسيقار الكبير حلمى بكر خسارة كبيرة لنا جميعا ولكل ساحة الغناء فى العالم العربى ولكنها إرادة الله، رحم الله الموسيقار الكبير وألهمنا جميعًا الصبر والسلوان. 
ومن جانبها أعربت الفنانة الكبيرة نادية مصطفى عن حزنها الشديد على رحيل الموسيقار الكبير حلمى بكر، وقالت: حاولنا بكل جهدنا الوقوف بجانبه فى محنة مرضه ولكن أمر الله نفذ، حزن كبير يسيطر على الجميع لأن الراحل كان من أهم المبدعين الذين مثلوا هوية مصر وحافظوا على ريادتها الفنية، رحم الله الموسيقار الكبير حلمى بكر وألهمنا جميعًا الصبر والسلوان. 
 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: الموسيقار الكبير حلمي بكر الأغنية المصرية الفنانة نجاة الصغيرة مهرجان الموسيقى العربية ا الصبر والسلوان الأغنیة المصریة جمیع ا من أهم

إقرأ أيضاً:

المفكر الكبير نصار عبد الله لـ«البوابة نيوز»: تطور الأمم مرهون بتقدمها في مجالات الدراسات الإنسانية والاجتماعية وليست التكنولوجية فقط.. والموقف المصري من قضية غزة شجاع وبطولي

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

موضوعات عدة، ما بين الظروف السياسية والشئون الخارجية وما يحيط بمنطقة الشرق الأوسط، وشبح الحروب المخيمة على المنطقة، وأثر دخولنا لمرحلة الذكاء الاصطناعي الفائق، والعقبات والمشاكل التى تعرقل تطلعات وطموحات العقل العربى الفعال، تحدث الدكتور نصار عبدالله، أستاذ الفلسفة السياسية إلى جريدة «البوابة نيوز»، محللًا الكثير من القضايا برؤية فلسفية متأنية.. وكان لا بد أن يتناول فى حديثه أبعاد الذكريات الرمضانية التى ترتبط بأيام الشهر الفضيل.

يُعد د. نصار عبدالله، نموذجًا فريدًا للمفكر الذي يجمع بين عمق التحليل الفلسفي وجمالية التعبير الأدبي. وتجلى هذا فى مسيرته الأكاديمية والشعرية، تناول فى مؤلفاته الفلسفية قضايا جوهرية تتقاطع مع الفلسفة السياسية، مثل: مسألة الحرب العادلة، وطبيعة العدل الاجتماعي، والعلاقة الجدلية بين القانون الوضعى والأخلاقي، بالإضافة إلى استكشاف العلاقة المعقدة بين الفلسفة والأدب، من خلال هذه القضايا، كما حاول تفكيك المفاهيم التقليدية وإعادة بنائها فى ضوء رؤية فلسفية متكاملة. وفى الموازاة عبَّر عن رؤاه وتأملاته من خلال دواوين شعرية مثل "قلبى طفل ضال"، و"أحزان الأزمنة الأولى"، و"سألت وجهه الجميل"، و"ما زلت أقول"، وغيرها، ما يعكس قدرته على تجسيد الأفكار الفلسفية فى قالب أدبى مؤثر.

ولد "عبدالله" فى البداري بأسيوط، وشهدت مسيرته الأكاديمية مزيجًا فريدًا بين العلوم السياسية والفلسفية والقانونية. تخرج فى كلية الاقتصاد والعلوم السياسية عام ١٩٦٦، فى فترة تاريخية اتسمت بتحولات سياسية وفكرية عميقة، وصراعات تحيط بمصر من دول استعمارية كبرى، فى هذا السياق التاريخي، اتخذ "عبدالله" قرارًا جوهريًا بالتوجه نحو دراسة الفلسفة فى كلية الآداب، حيث تخرج فيها عام ١٩٧١. ومن ثمَّ وسع آفاقه المعرفية بدراسة الحقوق، قبل أن يعود إلى رحاب الفلسفة ليكمل دراسته العليا ويحصل على درجتى الماجستير والدكتوراه، ويستقر أستاذًا للفلسفة السياسية فى كلية الآداب جامعة سوهاج، تعكس هذه المسيرة الأكاديمية المتميزة رؤية فلسفية متكاملة، خاصة وأنه سعى إلى فهم العلاقة الجدلية بين التاريخ والفكر، وبين النظرية والتطبيق. فهو لم يكتفِ بدراسة العلوم السياسية فى سياقها التاريخي، كما حاول تعميق فهمه للواقع السياسى من خلال العدسات الفلسفية والقانونية.

نصار عبدالله: للصيام حكمة تتمثل فى تحمل الإنسان الشدة والضيق بإرادته قبل أن تُفرض عليهالذكريات الرمضانية

حدثنا د. نصار حول بعض الذكريات الرمضانية، وخاصة بعض سلوكيات الأهالي قديمًا فى رمضان، أو سلوكيات الأطفال فى الشهر الكريم.. قائلًا: فى طفولتي كان الإفطار والسحور جماعيًا، العائلة الكبيرة تجتمع فى المندرة، وتخرج صوانى للمندرة من البيت وتحتشد حولها الجموع والمفطرين، وليس أصحاب الصينية فقط، وإنما دعوة عامة لكل عابر سبيل يتصادف وجوده، وهو منظر بهيج افتقدناه، منظر الصوانى وهى تخرج من البيت فى المغربية منظر بهيج وجميل.

ومن ذكريات الطفولة أيضًا: لحظة انتظار آذان المغرب ونحن أطفال، لم يكن هناك صوت مدفع، وننتظر صوت المؤذن، وساعتها تنطلق الأغانى الطفولية "افطر يا صايم على الكشك العايم". 

وأضاف أن للصوم حكمة يجب أن يشعر بها الإنسان، وهى فى رأيه "أن الحياة لا تقدم لك ما تريده وعليك أن تمتنع عما هو متاح لك حتى تتعرض لظرف به من الضيق والشدة رغمًا عنك، وعليك أن تعيش الضيق والشدة بقرار منك قبل أن تأتى لحظة ويُفرض عليك هذا الضيق وهذه الشدة".

نصار عبدالله: الحروب تقدم عقلى وتكنولوجى أكثر منه حروب عتاد وأفرادحروب عصر الذكاء الاصطناعى الفائق

تناول الحديث مع الدكتور نصار عبدالله التحديات الجديدة التى فرضها عصر التقنية وعصر الذكاء الاصطناعى الفائق، وبدوره رأى أنه "من الممكن أن نطلق عليها حروب من الجيل الخامس أو السادس، بمعنى أنها حروب جيل ما بعد الأجيال التقليدية للحروب، فهى تعتمد بشكل أساسى ورئيسى على التكنولوجيا المتقدمة جدا".

وبحسب "عبدالله" فإن النظرة للجيوش والأسلحة التقليدية سوف تتغير بالضرورة، و"لن يكون للأفراد نفس الدور الذى كان لهم فيما مضى، لأن دور الأعداد يتقلص لحساب مستوى التقدم العقلي، فالحروب تقدم عقلى وتكنولوجى أكثر منه حروب عتاد وأفراد، فأى كان عدد الأفراد من الممكن أن يطيح بهم سلاح يحركه فرد واحد، بدون مجهود".

رأى أستاذ الفلسفة السياسية أن تطور أدوات الحروب يصب فى دمار البشرية، قائلًا: "لو ألقينا نظرة على وسائل الحرب من بداية ظاهرة الحرب، سنلاحظ استخدام الحجارة والعصي، وقدرتها على الفتك محدودة جدًا، فمهما تكاثرت الأعداد كم من القتلى سوف يسقط؟ فالأسلحة تتمثل فى الحجارة المدببة وقدرتها على الفتك محدودة، لكن اختراع البارود والأعيرة النارية يُعد ثورة، لأن أعداد القتلى تزيد، وقدرتها على الفتك كبيرة جدًا. ومع ظهور القنبلة النووية، لم يكن أحد يتصور أن قنبلة واحدة تستطيع أن تقضى على ١٠٠ ألف إنسان، ومبانٍ ومنشآت مدينة بالكامل، وتعتبر قنبلة هيروشيما قزمة بالنسبة للأجيال المتطورة من الأسلحة النووية، وعند مقارنة الأسلحة النووية نجد الفارق يشبه الفارق بين السهم والمدفع، والنتيجة إن أسلحة التدمير أصبحت مروعة وباتت تهدد بفناء الإنسانية فناءً حقيقيًا.

أسلحة التدمير مروعة وتهدد بفناء الإنسانية.. وقوة الردع تعطل نشاط أسلحة الدمار نتيجة الخوف المتبادل بين الدولخطر فناء البشرية

وفى تنبيه عام، حذَّر المفكر الكبير من اتجاه البشرية للفناء الحقيقى نتيجة تطور أسلحة الدمار، وتوسع الدول فى امتلاكها دون تعقل أو مسئولية أخلاقية، وبسؤاله: هل هذا يؤكد وجهة نظر الفريق القائل بأن تطور وتقدم البشرية يؤكد أننا نتجه ناحية دمار وهلاك البشرية؟.
أجاب "عبدالله" بأن التطور يُلقى مسئولية أكثر على الدول التى تمتلك هذه الأسلحة، وتتوسع فى تطويرها، ويجعلها أكثر حذرًا من استخدامها للأسلحة التقليدية، هناك خوف متبادل من الردع المتبادل بين الدول.
وشرح المسألة بقوله: إن هذا الردع المتبادل لم يكن موجودًا زمن الأسلحة التقليدية.. الآن باتت الدول تمتلك أسلحة مخيفة ورادعة، ويجب أن تكون مسئولة وحذرة قبل استخدامها، لأن مفهوم الحرب تغير، ولن تكون النتيجة إيذاء فى مقابل إيذاء، بل ستكون هلاك وإزالة فى مقابل هلاك وإزالة، حاليًا فإن الغواصات النووية قادرة على إبادة دول العالم، عندما تتعرض دولها لضربة معينة ستقوم هى بضربة مضادة، وهذا يجعلها قوة رادعة، ويجعلها أسلحة موقوفة الاستخدام، نتيجة للخوف المتبادل.

نصار عبدالله: عدم سماح مصر بتهجير الفلسطينيين موقف شجاع تنتصر فيه بلادنا.. لأنه لا أحد يملك أن يجبرها على غير ذلكردع إسرائيل وترسانة إيران

أكد "عبدالله" فى حديثه أن دولة الاحتلال الإسرائيلى تحتاج لأن تبنى الدول العربية قوة ردع، لأن الردع هو الذى يحفظ السلام ويفرض الشروط، مشيدًا بالموقف المصرى الشجاع فى عرقلتها لخطط دولة الاحتلال الرامية لتهجير الفلسطينيين بمساعدة دول كبرى مثل الولايات المتحدة الأمريكية.

وقال: يؤسفني أن أقول إن الفارق التكنولوجي بين الدول العربية وبين إسرائيل اتسع جدًا لدرجة أنه لا يوجد رادع حقيقى لأى طرف من الدول التى يعنيها الحق والعدل، ولو وجدت دولة تملك رادع حقيقي ضد إسرائيل لتغيرت المعادلة مع إسرائيل تمامًا.

وتساءل بدوره: ماذا لو كانت إيران مثلًا تمتلك سلاحًا نوويًا مثلما فعلتها باكستان فى غفلة من الزمن، حين باغتت العالم ذات يوم بتفجير نووي، ولم يكن العالم يتوقع أنها ستنجح فى ذلك، فماذا لو نجحت إيران فى ذلك؟ ربما تغيرت نقاط عدة فى المعادلة مع إسرائيل.

وهنا، عند الحديث عن تطور قدرات إيران النووية، كان سؤالنا: أليس امتلاك إيران لسلاح نووى يُعد تهديدًا للعرب ولمنطقة الشرق الأوسط؟. أجاب "عبدالله" بالإيجاب: بالطبع هى تهديد للمنطقة، ولكن أنظر لها بوصفها عدوًا لإسرائيل، والمعنى أنه من المفروض أن يكون هناك طرف يلزم إسرائيل بأن تستجيب للاتفاقيات والمطالب.

شجاعة الموقف المصري

وصف المفكر الكبير نصار عبدالله الموقف المصري بالشجاع والحكيم، قائلًا: لا أحد يشك فى الموقف المصري، والمصريون جميعًا من أعلى مستوى لأدنى مستوى يتألمون لما يحدث فى فلسطين، ويدركون عواقب ما يمكن أن يحدث لو أقدموا على المغامرة، لأنها ستكون خسارة كبيرة للفلسطينيين أنفسهم، لذلك أنا أثنى على الموقف المصرى وأراه حكيمًا جدًا، وأكثر البدائل حكمة فى ظل المعادلة الصعبة التى نعيشها الآن. وأكد أن عدم سماح مصر بتهجير الفلسطينيين، هو موقف شجاع امتلكته مصر، وفيه تنتصر مصر، لأنه لا أحد يملك أن يجبرها على غير ذلك.

تطور الأمم مرهون بتقدمها فى مجالات الدراسات الإنسانية والاجتماعية وليست التكنولوجية فقطضرورة الفلسفة فى عصر القوة

شدد نصار عبدالله على ضرورة الفلسفة فى عصر القوة، وعصر تطور الذكاء الاصطناعي، وأين يكمن دورها، مؤكدًا أنه من الخطأ الكبير تجاهل دور الفلسفة فى النهضة والتقدم. 

وبحسب حديثه، فإن الاهتمام العام فى التعليم ينطلق من مفهوم خطأ وهو قلة الاهتمام بالدراسات الإنسانية عمومًا، بما فيها الفلسفة، حتى كانت هناك دعوة لإلغاء أقسام الفلسفة، وترتب عليه انخفاض شديد فى عدد الدارسين لها، ولاحظ عدد الطلبة الذين يدرسون فى قسم الفلسفة ستجدهم قرابة ١٠ طلبة فى الدفعة، وهى ظاهرة على مستوى الجامعات، وهو شكل من أشكال الانبهار الأعمى بالنموذج الغربي، وتجاهل مخيف لإيجابيات النموذج، ومن الكارثة تصور أن العالم الغربى تطور بالتكنولوجيا فقط، وأغفل الدراسات الاجتماعية، هذا تصور خاطئ، فالدراسات الإنسانية لها دور أساسى جدا، والولايات المتحدة من الدول المتطورة تكنولوجيًا وبها العديد من مراكز الدراسات الاستراتيجية، التى تضم عددًا من الأساتذة المتخصصين فى الفلسفة السياسية، يساهمون فى رسم خطوط السياسية الأمريكية، ويضعون بدائل القرار الممكنة أمام رئيس الدولة، أى أن صاحب القرار لا يمكنه أن يستغنى عن مراكز الدراسات الاستراتيجية.

ولفت "عبدالله" إلى أن هناك فرعين من فروع الفلسفة على الأقل، وثيقى الصلة بنبض الحياة، أولهما فلسفة العلم، ومناهج البحث العلمي، لا يمكن الاستغناء عنه لأنه ضرورى لتطور العلم، وثانيهما علم الفلسفة السياسية، الذى يضع القيم والمحددات النهائية لأى دولة تسعى لتحقيقها، ويضعها أساتذة الفلسفة السياسية، وبهذا تظل الفلسفة تمارس دورها، وهذه الحقيقة غائبة عن واضع السياسية التعليمية وصانع القرار التعليمي، ويظن أن العالم يتقدم بالتكنولوجيا وبالتالى نلغى العلوم الإنسانية.

جزء ما من حياة الإنسان داخلي يريد أن يشبعه وجدانيًامعضلة الدين والفلسفة.. ما الحل؟

لا يرى د. نصار عبدالله أن ما يثار من مشاكل بشأن الفلسفة والدين هى أزمات معقدة، ويعتقد أنها حدثت فى الماضى لأنها أحيطت بملابسات تاريخية وسياسية أسهمت فى خلق المشكلة.

وفى رأيه، أنها معضلة تحل نفسها مع الزمن، وهى مشكلة لها جوانب سياسية، ومع التطور السياسى ومع ظهور قيادات سياسية لها رؤية شاملة تدرك أبعاد كل فروع المعرفة، سوف تستعيد الفلسفة دورها وهى جديرة به فى ضوء وظيفتها المعاصرة، بوصفها خادمًا للعلم والسياسة، فالتقدم السياسى العام يحل المشكلة بشكل تلقائي.

وقال: أعتقد أن مشكل الدين مع الفلسفة أو مع الإلحاد مثلًا كان مرهونًا بشروط وظروف تاريخية معينة، ومنها أن مكونًا ما حاول أن يكون صاحب السلطة السياسية العليا، وأعتقد أنه مع التقدم السياسى لم تعد هذه المناطحة من جانب المشتغلين بالدين واردة، وهل تعلم أن العالم به نحو ٥٠ أو ٦٠ ديانة مختلفة، ومن الممكن أن تسميها ديانات كبرى، وكل دين يؤمن بأنه الدين الصحيح، وتتفاوت الديانات فى أعداد تابعيها، ولا يمكن أن نقول أن ديانة تمتلك نصف مليون مؤمن هى أقل قيمة من ديانة يتبعها نحو أكثر من مليار إنسان مثل الديانة الهندوكية.

وأوضح أنه فى النهاية يظل جزء ما من حياة الإنسان داخلي، يريد أن يشبعه وجدانيًا، أيًا كان شكله أو بصمته فى الحياة، وأيًا كان نفوذه فى مجرى الأحداث اليومية، نسميه بالعقيدة، أيًا كانت هذه العقيدة.

نصار عبدالله: المشاريع الفلسفية غير قابلة للاستنساخ لأن المشاريع الفكرية تتطور وتتخلق تبعًا للمرحلة الزمنيةاستعادة مشاريع قديمة أم انتاج جديد

بسؤاله حول أهمية الدعوات الخاصة بشأن استعادة المشاريع الفلسفية القديمة مثل مشروع ابن رشد التنويري، هل مثل هذه الدعوات مفيدة وفاعلة؟، أجاب قائلًا: فى ظنى لا شيء قابل للاستنساخ، المشاريع الفلسفية غير قابلة للاستنساخ لأن المشاريع الفكرية تتطور وتتخلق تبعًا للمرحلة الزمنية، وتنمو كما ينمو الجسد بشكل مرحلي، خلية وراء خلية إلى أن يتكامل، إنما لا يكفى إعادة إنتاج مشروع فكرى ماضوي.

وقال "عبدالله": أظن أن الابتعاد عن الأسلوب العلمى فى التفكير سبب وجيه لتخلف العقل العربي، وإن غياب التفكير العلمى مؤسف حتى أنه وصل لفئة وظيفتها العلم والتعليم، فتجد إنسانًا يمارس العلم فى معمله بينما لا يترجم هذا لسلوك فى أرض الواقع، ومن المفروض أنه لا انفصام بين ما نؤمن به كعلم وبين ما نمارسه فى الواقع، وعلى الجيل المؤمن بالتفكير العلمى أن يغرس ذلك فى الجيل اللاحق.

الصفحة الأولىحوار المفكر الكبير د. نصار عبدالله

مقالات مشابهة

  • رئيس الوطنية للإعلام: تكريم سامح حسين جزء من رسالتنا في دعم القيم وتعزيز المحتوى الجاد
  • الله يرحمك ياحبيبي.. إسلام جمال يعلق على صورته مع المنتج الراحل
  • أرملة الموسيقار حلمي بكر: أرادوا التمثيل بجثته
  • المفكر الكبير نصار عبد الله لـ«البوابة نيوز»: تطور الأمم مرهون بتقدمها في مجالات الدراسات الإنسانية والاجتماعية وليست التكنولوجية فقط.. والموقف المصري من قضية غزة شجاع وبطولي
  • إبنة الموسيقار الراحل حلمي بكر: مبسوطة وفخورة اني بنته
  • أرملة الموسيقار الراحل حلمى بكر تعلق علي صورة تامر حسني | فيديو
  • رابطة علماء اليمن تنظم فعالية بالجامع الكبير بصنعاء بمناسبة ذكرى غزوة بدر وفتح مكة
  • أرملة حلمي بكر: معاشه من النقابة لا يتجاوز ألف جنيه.. وكاتب الشقة باسم بنته
  • افتتاح المسجد الكبير في التوفيقية بدمياط
  • أرملة حلمي بكر: وصاني أنا اللي ادفنه.. وهجموا عليا لخطف الجثمان