بوابة الوفد:
2024-11-26@10:14:18 GMT

حلمى بكر.. الطفل الذى يتخفى خلف حدة الملامح

تاريخ النشر: 5th, March 2024 GMT

بنك الأفكار وصانع النجوم والإعلام كشف سرقات المدعين

 

الكل كان يراه حادًا، وغاضبً، العصا التى تجلد، مهمته فى الحياة الهجوم على الأجيال الجديدة، والانقضاض عليها بكلمات ومفردات غاضبة، وحادة، كان الجميع يراه كما الحديد صلبًا لا يلين، نعم كان غاضبًا دائمًا... غاضبًا ممن ينتهكون الفن، ومن حولوه إلى سلعة تباع وتشترى، وجردوه من أسمى معانيه، جردوه من رسالته.

 
للأسف الكل أخذ هذا الانطباع عنه من خلال ملامحه الثائرة والغاضبة أثناء حديثه عن أنصاف المواهب والدخلاء على الفن، رغم أن هذا حقه كفنان كبير، يثور ويغضب، على ما وصلنا اليه. 
لكن ما لا تعرفه الأغلبية، أن خلف تلك الملامح كان يسكن إنسان وديع طيب القلب، طفل صغير تبكيه جمله موسيقية جميلة، وصوت يؤدى كلمة بإحساس كبير، ترضيه كلمة بسيطة تحمل معنى كبيرًا. هذا الفنان كان يهمه الفن المصرى، أكثر من نفسه. 
اقتربت من هذا الفنان الكبير كثيرًا وفى أكثر من موضع. 
فى البداية عرفته كملحن كبير له تجارب مهمة فى الأغنية العاطفية والوطنية والدينية، وكذلك مؤلف موسيقى لأهم المسرحيات الاستعراضية، كما أنه صاحب تاريخ فى تلحين وتأليف موسيقى فوازير رمضان، قدم الفوازير طوال ٢٢ سنة متفرقة، بدأت مع الثلاثى فيروز، عام 1960، وكانت أبيض وأسود وكان هناك ثلاثة مخرجين عائدين من أمريكا هم إبراهيم الشقنقيرى، وبلال بساده، وروبير صايغ، وقرر الدخول إلى هذه التجربة فاختاروا «بكر» ثم واصل مع ثلاثى أضواء المسرح وبعدها نيللى وسمير غانم وشريهان، مع المخرج فهمى عبدالحميد رحمة الله عليه. 
وعرفته كصحفى اتفقت معه فى أغلب آرائه، لذلك كان دائم الحديث معى، فى الشأن الغنائى، كما اقتربت منه قرابة العشر سنوات عندما انضممت إلى اللجنة التحضيرية لمهرجان الموسيقى العربية، وكان رحمة الله أقدم أعضائها، وفى بداية انضمامى كان حريصًا أن أجلس بجواره، وكان دائمًا يفتح أمامى الباب والطريق لكى أعرض وجهة نظرى، رغم أننى وقتها كنت أصغر أعضاء اللجنة سنًا، وكان أعضاؤها قامات كبيرة ليس فى مصر فقط بل فى العالم العربى كله، من الشعراء أتذكر جمال بخيت ومن كبار الموسيقيين الموسيقار الكبير محمد سلطان والموسيقار الكبير محمد على سليمان والمايسترو الكبير دكتور رضا رجب، والفنان الكبير الدكتور حسن شرارة والفنان الكبير نصير شمة والفنان الكبير ممدوح الجبالى، والاعلامى الكبير وجدى الحكيم والدكتور جمال سلامة، والمطربة عفاف راضى والمطربة نادية مصطفى، والموسيقار أمجد العطافى والمطرب محسن فاروق، ثم محمد ضياء ومحمد مصطفى، إلى جانب الفنانة جيهان مرسى مدير المهرجان، بصراحة أسماء كثيرة وكبيرة تناوبوا على هذه اللجنة، أعود إلى المقعد المجاور للموسيقار حلمى بكر، فهو حريص أن أكون بجواره لأنه كان يميل إلى آرائى ربما لأننا كنا دائمًا متفقين ضد كل ما هو هابط، وكثير ما اتحدنا لدعم الفن الهادف والجاد. 
نعم لم نكن من جيل واحد، وفارق السن بيننا كبير، لكن الأفكار أزالت فارق السن. 
وكان رحمه الله دائمًا لديه القدرة على صياغة الأفكار والطرح، حلمى بكر كان ضد الأغنية الهابطة لكنه كان مع التطور، الذى لا يخل بهويتنا، نعم كان سابقًا لعصره. 
أيضاً كان لى شرف إقناع الموسيقار الكبير مع الفنانة جيهان مرسى مخرجة بالوقوف على خشبة مسرح الأوبرا فى الجزء الثانى من أوبريت «المغنى حياة الروح» الذى قمت بكتابة «الفكرة والسيناريو والحوار» له. 
حيث ظهر حلمى بكر بشخصيته الحقيقية حيث تقاسم البطولة مع المطرب الكبير محمد الحلو، بالمناسبة، شارك «بكر» بعد اعتذار على الحجار بطل الجزء الأول مع «الحلو»، وصدفة أيضاً أن الجزء الأول من الأوبريت كان أول عمل فنى يجمع على الحجار ومحمد الحلو المهم وافق «بكر»، ووجدت خلال البروفات إنسانًا آخر، أول من يحضر للبروفة، قام بتفريغ الحوار الخاص به فى ورق منفصل، لم يبد ملاحظة واحدة على ما كتب، لأنه إنسان شديد الثقة بنفسه. 
خلال البروفات كانت تجمعنا جلسات كثيرة سواء فى منزله أثناء التحضير أو خلال البروفات باوبرا القاهرة والإسكندر، وكان يمتعنا بذكرياته مع الشعراء الذين تناولهم الأوبريت. 
حلمى بكر كان طفلًا يختفى خلف شخصية غير شخصيته الحقيقية، ربما اخترع تلك الشخصية الحادة بعد أن عم الانهيار عالم الفن، فأراد أن يكون المارد الذى يخشاه تلك الفئة الضالة التى ادعت أنها تغنى وتلحن... نعم حلمى بكر كان طفلًا تبكيه كلمة وترضيه ابتسامة وتغضبه الإساءة للفن، سواء بأغنية هابطة أو رأى متخلف يدعم الإسفاف. 
أيضاً كان حلمى بكر مقدمًا بارعًا لعدد من البرامج الإذاعية أبرزها جديد وقديم الذى فضح فيه سرقات الأجيال الجديدة من الأغانى والألحان القديمة، كان يقدم العمل الجديد ثم يقدم اللحن القديم المسروق منه، إلى جانب برامج أخرى كثيرة، لأنه كان يتمتع بثراء الفكرة، وغزارة المعلومات، كان بنكًا من الأفكار جمعها من تراكم السنين وتراكم العلاقات، خاصة أنه كان بمثابة جسر بين جيل الكبار وعدد من الأجيال التى جاءت بعدهم مثل جيل الوسط، الذى ضم هانى شاكر وعماد عبدالحليم، وعفاف راضى وعلى الحجار ومحمد الحلو ومحمد منير ومحمد ثروت وعمر فتحى ونادية مصطفى، ولحقت بهم أنغام، ثم جيل عمرو دياب ومصطفى قمر وعلى حميدة وحميد الشاعرى، عامر منيب، ثم جيل تامر حسنى وحماقى وشيرين عبدالوهاب ورامى صبرى وتامر عاشور. كل تلك الأجيال عاصرها «بكر» لذلك كان شديد الثراء الفكرى. 
وجوده بين هذه الأجيال فتح نافذة كبيرة أمامه لكى يكون آراء صادقة، وبالمناسبة حلمى بكر كما انتقد البعض دعم الكثيرين أيضاً، ونقده لم يطل أصحاب النغمة النشاذ فقط، لكنه أيضاً انتقد الأصوات الجادة، إما بسبب استسلام أصحابها أو بسبب عدم الدقة فى اختيار ما يتم تقديمه. 
ولأنه كان متعدد المواهب كانت لديه القدرة على رسم شخصية وكاركتر كل صوت، وهو ما أسهم فى تقديم عدد كبير من نجوم الغناء، ونستطيع أن نقول إنه صانع للنجوم، قدم للساحة أسماء كثيرة كبيرة، غادة رجب وصابر الرباعى ودعم كثيرًا منهم ريهام عبدالحكيم وآمال ماهر ومى فاروق كأصوات واعدة. 
البعض اتهم حلمى بكر بأن إنتاجه الفنى ضعيف من حيث الكم، لكن الأرقام تقول إنه قدم ١٨٠٠ لحن، هذا بخلاف عدد كبير من الأعمال التى تركها ولم تر النور، وهى موجودة فى مكتبته الشخصية بمنزله، عشرات الألحان منفذة على الكمبيوتر كان لى شرف الاستماع إلى بعضها فى جلسات كانت تجمعنا سويًا فى منزله بالمهندسين، وكان لى شرف ترشيح المطرب الكبير على الحجار لأداء إحدى هذه الأغانى التى طرحها المطرب الكبير منذ عام أو أكثر وتحمل عنوان فجأة، ومن يستمع إلى هذا اللحن سوف يكتشف بُعدًا آخر فى أعماله الموسيقية، وأتمنى من أسرته حصر تلك الأعمال الموجودة فى مكتبته والعمل على خروجها للنور لأنها فعلًا مواكبة للعصر. 
وهى بالتأكيد سوف تثرى مشوار أى مطرب. 
حلمى بكر هو ملحن الملحنين كما اطلق عليه موسيقار الأجيال وهو ما كان يتضح فى تراكيب الجملة اللحنية عنده. 
ولا ننسى دوره كعضو لجنة استماع ثم رئيس لها وكم أسهم فى منع المدعين من الوصول إلى ميكرفون الإذاعة.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: الفن المصرى حلمى بكر مسرح الأوبرا على الحجار حلمى بکر دائم ا

إقرأ أيضاً:

الحركات الإسلامية والصعود الكبير

عوّدتنا حوادث منطقتنا وعمليات العدوان المتكرر على شعوبها أنها ترد في كل مرة بشكل تلقائي وبطريقتها الخاصة، وذلك بالمزيد من العودة إلى الهوية المستهدفة، والتشبث بالذات الحضارية التي يُراد القضاء عليها. ولهذا، نشهد في كل مرة صعودا إسلاميا ومددا مقاوما جديدا، وهو ما أدركه المتخصصون، بل والمتربصون، الذين رأوا أن هذا الصعود قدر لا مفر منه ولا سبيل سواه.

وعلى هذا، لم يعد هناك شك أن منطقتنا بصدد صعود إسلامي جديد. فقد أكد التاريخ القريب والبعيد أن كل أزمات المنطقة والتحديات التي تواجهها تصب، بشكل أو بآخر، في صالح الإحياء واستعادة الحضور الإسلامي أو تكثيفه، لدرجة أنك لا تخطئ إن اعتبرت ذلك قانونا ثابتا يرقبه الخبراء والمهتمون بشؤون منطقتنا. وفي هذا السياق، فإن التيار الإسلامي، كأحد أهم مكونات منطقتنا والمعبر العصري المباشر عن حضارتها وثقافتها، يخضع لذات القانون، حيث تتسع دوائر تأثيره وتتعمق جذوره بعد كل أزمة حادة تتعرض لها المنطقة، وما أكثر الأزمات في العصر الحديث.

ولعل المتابع لموجبات انتشار التيار الإسلامي بعد الهزيمة المدوية للجيوش العربية في حزيران/ يونيو 1967، وتحوله إلى حالة عامة في المجتمعات العربية والإسلامية في السبعينيات والثمانينيات، بل وفي مناطق أخرى كثيرة من العالم، ثم استمرار تمدده مع تصاعد التدخلات الأجنبية والحملات العسكرية، ولا سيما مع غزو أفغانستان (2001) ثم غزو العراق (2003)، فضلا عن العدوان على غزة أعوام 2008، و2012، و2014، و2021، و2023، و2024، الحصن الأكيد لشعوبنا في مواجهة تزاحم التحديات وتعقيد الأزمات هو هويتها الحضارية. فكل المشكلات، بما فيها الاقتصادية والاجتماعية، تتحول بشكل أو بآخر إلى عودة للجذور، وتتجلى في التحصن بالهوية والاحتماء بالدين. ومن هذا المنطلق، يبدو في حكم المؤكد أننا بصدد صعود إسلامي كبير بعد "طوفان الأقصى" و"الحرب على غزة" وتداعياتهاوكذلك العدوان على لبنان في 2024، بالإضافة إلى الاعتداءات السابقة أعوام 1982، و1996، و2006، سيلاحظ أن شعوبنا لا تزال ترى الملاذ الآمن، في مواجهة هذه التحديات والمخاطر، يتمثل في الاحتماء بهويتها والعودة إلى حضارتها.

فالحصن الأكيد لشعوبنا في مواجهة تزاحم التحديات وتعقيد الأزمات هو هويتها الحضارية. فكل المشكلات، بما فيها الاقتصادية والاجتماعية، تتحول بشكل أو بآخر إلى عودة للجذور، وتتجلى في التحصن بالهوية والاحتماء بالدين. ومن هذا المنطلق، يبدو في حكم المؤكد أننا بصدد صعود إسلامي كبير بعد "طوفان الأقصى" و"الحرب على غزة" وتداعياتها.

لقد ثبت أن الحركات الإسلامية هي المدافع الرئيسي عن قضايا الأمة وكرامة شعوبها، وهو ما أعاد طرح وجودها بشكل جديد إلى جانب الشعوب وقضاياها الوطنية، وليس خصما منها، كما حاول الإعلام المعادي تصويرها على مدى العقود الماضية. ولهذا، فإن من واجبات الوقت تأكيد هذا الحضور، والاستعداد لاستقبال هذا الصعود، والتعامل معه بما يليق بمحوريته.

لا بد من إعداد رؤية استراتيجية جديدة تعمل على تنظيم هذا الصعود وتثميره، وفق قنوات عمل مبتكرة وخطط تتجنب السلبيات والأخطاء السابقة.

ومن هنا تبرز أهمية تنظيم هذا الصعود بشكل استراتيجي يحقق مصالح الشعوب، ويعيد هندسة المنطقة سياسيا واستراتيجيا، مما يستدعي:

1- تحديد الأهداف بوضوح لتقديم أهداف تحقيق العدالة، ودعم المقاومة، واحترام حقوق الإنسان، واستئناف مسيرة الحضارة الإسلامية.

2- بناء التحالفات مع القوى السياسية والاجتماعية التي تشترك مع التيار الإسلامي في الرؤية.

من الضروري أن تتخلى الحركات الإسلامية عن عقلية الخلافات واستجرار المرارات التي أعاقت قدرتها خلال العقود الماضية، كما يجب أن تركز على بناء الكوادر السياسية، وإعداد القادة المؤهلين للتعامل مع المتغيرات الإقليمية والدولية الهائلة
3- تعزيز العمل المؤسسي وتطوير الهياكل الداخلية للحركات الإسلامية وتجنب الهيمنة الشخصية.

4- بناء خطاب منفتح: يعبر عن اعتدال التيار الإسلامي ويعزز التعايش مع التنوع الذي تتميز به المنطقة.

ومن الضروري أن تتخلى الحركات الإسلامية عن عقلية الخلافات واستجرار المرارات التي أعاقت قدرتها خلال العقود الماضية، كما يجب أن تركز على بناء الكوادر السياسية، وإعداد القادة المؤهلين للتعامل مع المتغيرات الإقليمية والدولية الهائلة.

إن الصعود الإسلامي يمثل فرصة تاريخية لإعادة بناء المنطقة على أسس عادلة تخدم تطلعات الشعوب، لكن هذا الصعود لن يكون فعالا ما لم يتم التخطيط له بنظرة استراتيجية تتجنب ردود الفعل اللحظية، وتستجيب لتعقيدات الواقع بحلول شاملة ومستدامة.

يمكن للحركات الإسلامية أن تستثمر هذه الفرصة التاريخية لتكون قوة دافعة للتغيير الإيجابي، إذا ما أحسنت توجيه طاقاتها نحو أهداف تخدم مصالح الأمة، وتعزز مكانتها في الداخل والخارج.

مقالات مشابهة

  • أدهم فريد: تعاهدنا على الفوز ببطولة شمال إفريقيا وكان هدفنا إسعاد الشعب المصري
  • افتتاح نادي الأجيال للتثقيف البيئي بالعين
  • الفراج : الاندية السعودية تتنافس من يكون الكبير
  • الحركات الإسلامية والصعود الكبير
  • اللجوء.. وكرم شعب
  • سيف على رقاب الجميع
  • بن دريس: “قدمنا مباراة بطولية وكان بامكاننا الفوز بنتيجة عريضة أمام أقبو”
  • ردا على دعمه الكبير فى سباق الانتخابات الرئاسية.. مخاوف أمريكية من إهداء ترامب منصبًا كبيرًا لإيلون ماسك
  • الركين
  • محمد العدل: محمد رحيم مات من عدم التقدير وكان دايمًا بيشتكيلي