عربي21:
2024-07-08@21:34:28 GMT

درس غزة لم يصل نخبة تونس بعد

تاريخ النشر: 5th, March 2024 GMT

عندما نكتب عن درس غزة السياسي والتاريخي فنحن نكتب عن لحظة تغيير عميقة في المنطقة والعالم، ونعتبر أن ما حدث ويحدث بعد هو أكبر من مؤشر على تحول محتمل، بل بداية تحول حقيقي ومسار حتمي لإعادة توزيع القوة ورسم السياسات في المنطقة، وصولا إلى شرق أوسط ومنطقة عربية بلا إسرائيل.

اليائسون والمحبطون وقصيرو النظر يرهبون هذا الاحتمال، لذلك نتابع فعلهم السياسي ونجد أنهم يرفضون الاحتمال ولا يبنون عليه خشية من قوته التغييرية على هشاشتهم التي تربوا عليها وحكمت على خيالهم السياسي بالقصور والعجز.

ننظر إلى اللحظة التونسية من منظور ما بعد حرب الطوفان، ونحاول فهم حركة النخبة التونسية والتي نعتبرها عيّنة للنخب العربية في أقطارها.

مبادرات ميتة

من ذلك ما نطالعه هذه الأيام في تونس من مبادرات سياسية لحلحلة الوضع الراكد تحت حكم الانقلاب، حيث انعدمت السياسة وساد جهل عقيم. لقد صدرت مبادرات عن جهات حقوقية وسياسية مختلفة؛ يجمع بينها رغم تنوع الشخصيات القائدة أنها تعارض الانقلاب مع موقع محلي بوسائل محلية ضمن اشتراطات يعرف الجميع أنها مفروضة من جهات خارجية، جوهر هذا التغيير العالمي أن العدو الصهيوني الذي هيمن على المنطقة وخطط مصيرها عبر فرض أنظمة متعاونة معه تحميه من شعوبها وتحتمي به من شعوبها، هذا العدو انهزم في معركة غزة وهو قابل بعدها للهزيمة الكبرى مع شعوب المنطقة، وبالتالي فإن الأنظمة التي تحميه وتحتمي به صارت قابلة للاندحار أمام شعوبها التائقة للحرية والتحرير والديمقراطية والتنمية وبناء السيادة على أرضها وتاريخهاوبعض هذه المبادرات نستشف منها تنسيقا مع جهة خارجية تعودت أن تملي على تونس ما ينبغي أن تفعله. (الشارع التونسي يتكلم عن رئيس تونس القادم، ويراه يتحرك في شوارع باريس محروسا بعناية).

ونعتبر أن هذه المبادرات ميتة أو هي في أفضل الحالات معوقة، لأنها لم تخرج من إطارها المحلي/القُطْري ولم تأخذ بعين الاعتبار أن هناك معركة جبارة وقعت وهزت العالم، وأن آثارها فعلية وليست في باب الأمنيات. أي أنها في الجوهر لم تنتبه إلى تغيير عميق حصل ويمكن البناء عليه في تعديل السياسات القُطرية، لجهة بناء الديمقراطية وترسيخ الحريات ولجهة إعادة بناء العلاقات السياسية والاقتصادية مع الغرب المهيمن.

جوهر هذا التغيير العالمي أن العدو الصهيوني الذي هيمن على المنطقة وخطط مصيرها عبر فرض أنظمة متعاونة معه تحميه من شعوبها وتحتمي به من شعوبها، هذا العدو انهزم في معركة غزة وهو قابل بعدها للهزيمة الكبرى مع شعوب المنطقة، وبالتالي فإن الأنظمة التي تحميه وتحتمي به صارت قابلة للاندحار أمام شعوبها التائقة للحرية والتحرير والديمقراطية والتنمية وبناء السيادة على أرضها وتاريخها، ومن ثم صناعة مستقبلها بقوة إرادتها لا بفضل الأعطيات الاستعمارية.

إن المبادرات الميتة تفسر لنا أمرين؛ أولهما الهروب من مساندة غزة بالدم والمال رغم طول مدة المعركة، والثاني الهروب من نتائج المعركة والتظاهر بأنها لم تؤثر ولم تغير، ويلتقي الأمران على أنهما خوف من تغيير حاسم يجبر النخب على إعادة بناء نفسها وأطروحاتها وحركتها في طلب السلطة ثم في الحكم من نقطة انطلاق جديدة اسمها نصر غزة.

في تونس كما في بلدان عربية كثيرة كانت السياسات ترتب مع السفارات الغربية ويتم التوصل لاتفاقات تراعي شكل الدولة وبعض البروتوكول (الذي يوهم بوجود سيادة فعلية)، لكن جوهر السياسات كان خدمة مصالح البلدان الغربية وتقديم التسهيلات الاستثمارية لها بما حوّل كل البلدان إلى هوامش اقتصادية لبلدان غربية، مقابل فرض الرئيس واختيار حاشيته ودعمه ضد كل معارضة خاصة الإسلامية منها. وكان التبرير السياسي دوما أنه لا يمكن العيش دون قوة خارجية حامية للبلد، حتى أن المعارضات السياسية كانت باستمرار تبحث عن سند خارجي ضد حكامها. وفي الحالة التونسية كانت المعارضة تعتمد الدعم الفرنسي ضد النظام الذي صنعته فرنسا ونصبته.

قوى الحماية كما تحب أن تراها الأنظمة والنخب أو قوى الهيمنة في الواقع؛ انكسرت جميعها في غزة، فقد شاركت في حرب الإبادة ولم تتراجع بعد ولكنها تغرق في هزيمتها أمام مقاومة لم يتوقع أحد حكمتها وقوتها وصبرها على إطالة المعركة واستنزاف العالم في مربع ضيق حسم اتجاه التاريخ.

التعلل بصعوبة التغيير الشامل في الموقف والاستراتيجيات الكبرى والتكتيكات اليومية أو تخيل كلفة بشرية وضحايا يسقط كل مشروعية المشاركة في الشأن العام. فما معنى أن تشارك في فعل سياسي لا يتجاوز إعادة إنتاج السائد بكل عاهاته؟ ما هي إضافاتك للسياسة وللبلد الذي تشارك في إدارته إذا كنت مجرد نسخة تعيد إنتاج الفقر والجوع والمرض
من هنا نرى أن المعارض الساعي إلى الديمقراطية إذا لم ينطق من هذه المعطيات الجديدة ويعدل مطلبه من الحرية المحدود في قُطره إلى حرية منطقة وشعب عربي، بل شعوب مفقرة كثيرة بعضها في جنوب أفريقيا، فهو تقليدي وقصير النظر وفاقد للخيال، وفي أفضل الحالات جبان أو مشبوه ينسق مع العدو لاستباق موجات تسوماني غزة.

ما أسهل الحديث من وراء حاسوب

نتوقع أن تكون هذه الجملة هي أول تفاعل مع ما سبق قوله، ونراها جملة كسولة وتبريرية، فالتعلل بصعوبة التغيير الشامل في الموقف والاستراتيجيات الكبرى والتكتيكات اليومية أو تخيل كلفة بشرية وضحايا يسقط كل مشروعية المشاركة في الشأن العام. فما معنى أن تشارك في فعل سياسي لا يتجاوز إعادة إنتاج السائد بكل عاهاته؟ ما هي إضافاتك للسياسة وللبلد الذي تشارك في إدارته إذا كنت مجرد نسخة تعيد إنتاج الفقر والجوع والمرض؟ ما معنى أن تنطلق من مسلّمة أنه لا يمكن بناء سياسات محلية دون حامي غربي مهمين وتحولها إلى قانون تاريخي؟

درس غزة يقول للعرب ولنخبهم وخاصة نخبهم المعارضة: إذا كنت جادا في طلب الحرية فادفع ثمنها من دمك. هذا الحقيقة البسيطة هي ما قالته الشعوب في الربيع العربي عندما اندفعت إلى الشوارع لا تبحث عن مكسب ولم تخش غياب السند الخارجي، لقد كانت كل المنطقة على أبواب التحرر النهائي من الهيمنة، لكن منطق الحسابات الخائفة من التغيير الذي يحكم عقل النخب وخيالها هو من كسر شوكة موجة الحرية. وهذا العقل القاصر والجبان هو من يهرب من رؤية غزة في معركتها ويتجاهل انتصارها لكي لا يبني عليه موقفا من الهيمنة الغربية والأنظمة التي نصبتها على رقاب الناس.

في قراءتنا للمبادرات التونسية المعارضة والتي من مطالبها الحرية نجد نفس الخط الخانع الذي يبحث عن قوة خارجية تسنده أكثر مما يبحث عن فرض فكرة الحرية بقوة السند الشعبي على طريقة غزة، أي أن يستعد لدفع الثمن بما يخول له قدرة لإعادة البناء على أسس جديدة وراسخة؛ ليس منها الحاجة إلى الاحتماء بقوة غربية هزمت في غزة وفقدت سمعتها الأخلاقية ومصداقيتها وكل شرعيتها.

هناك حالة خوف سقطت من نفوس كثيرة بفضل جرأة غزة وشجاعة مقاومتها، لكننا نراها لا تزال تسكن نفوس المعارضة في تونس وتصور لهم الغول الفرنسي أقوى من أن يُهزم، لذلك تواصل التنسيق معه للوصول إلى حكم تابع وذليل
لا معنى بعد حرب غزة لمعارضة انقلاب في تونس أو في مصر أو في غيرهما، على قاعدة المشاركة في الموجود بشروطه، بل الأفق الوحيد الممكن والضروري هو نسف قاعدة المعارضة على النسبي وفرض بديل بقوة الشارع. وهذا الأمر لا يعني حمل السلاح على طريقة حماس فالأمر يُحل بأقل من السلاح، فضلا على أننا لا نضع الأنظمة في محل الكيان الصهيوني. كل من لم يعارض من هذا المنطلق لن يصل إلى تحقيق تغيير حقيقي وفعال ولو غيّر شكل الأشخاص الظاهرين في الموقع القيادي، بل سيعيد إنتاج شروط الخضوع للاحتلال المتلون ويتجاهل ما فعلت به غزة، فغزة هزمت العالم.

هناك حالة خوف سقطت من نفوس كثيرة بفضل جرأة غزة وشجاعة مقاومتها، لكننا نراها لا تزال تسكن نفوس المعارضة في تونس وتصور لهم الغول الفرنسي أقوى من أن يُهزم، لذلك تواصل التنسيق معه للوصول إلى حكم تابع وذليل.

هل هذه ثورجية من وراء حاسوب؟ حتى الآن نعم، وهي خاصة فكرة فرد أعزل لن يُكتب لها الخروج إلى الضوء إلا إذا تحولت إلى قاعدة تفكير وعمل جماعي يستنير بنصر غزة؛ الذي كان يصنف في المستحيلات فصار واقعا وصل صداه إلى داخل العسكر الأمريكي.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه غزة التونسية تونس غزة المقاومة التغيير طوفان الاقصي مقالات مقالات مقالات مقالات سياسة صحافة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة مقالات سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تشارک فی فی تونس

إقرأ أيضاً:

برعاية منصور بن زايد.. البطولة السابعة لكأس الإمارات العالمي تستقطب نخبة الخيول العربية في البرازيل

 

 

 

 

برعاية سمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان نائب رئيس الدولة نائب رئيس مجلس الوزراء رئيس ديوان الرئاسة، رئيس مجلس إدارة جمعية الإمارات للخيول العربية، ومتابعة الشيخ زايد بن حمد آل نهيان نائب رئيس مجلس إدارة الجمعية، استضاف مركز هلفيتيا للخيول بمنطقة إنداياتوبا بالقرب من مدينة ساو باولو البرازيلية البطولة السابعة لكأس الإمارات العالمي لجمال الخيل العربية لموسم 2024.

ووجدت البطولة التي تعتبر أولى جولات كأس الإمارات العالمي في أمريكا الجنوبية، ترحيبا كبيرا من الملاك والمربين والمهتمين بالخيول العربية من خلال الحضور الكبير للمرابط والمزارع، حيث شاركت بها نخبة الخيول في البرازيل بشكل عام وولاية ساو باولو على وجه الخصوص التي تشتهر بوجود أعداد كبيرة من الخيول العربية.

وأحرزت اللقب الذهبي في بطولة المهرات “ريكا ريكا جوني” لمربط جوني – بويتوف، وتلتها في المركز الثاني وحصلت على الفضية “اريا داليا” لمربط سانتا مارتا – جاغوريونا، فيما نال “روبين اس تي سي” لمربط ارتينغا – اراراس، اللقب البرونزي.

وتصدر “باتريك ار اي سي” لمربط براون ريفر – ساو جوزيه دو ريو باردو، بطولة الأمهار وأحرز اللقب الذهبي، وحل وصيفا ونال الفضة “ديستني اتش اي سي” لمربط استانسيا كاليفورنيا – تاتوي، وحصل على اللقب البرونزي “آي بي اني ايميج دبليو ان” لمربط بيراكوما – كاكابافا.

وتوشحت “أرتميسا هيو” لا وليمبو (أورغواي)، باللقب الذهبي للأفراس، ونالت اللقب الفضي “كوين السا اف دبليو ام” لمربط لونا ستار – سيلفيانوبوليس، بينما حصلت على البرونز “هناء7اف” لمربط السيفلانو – أتيبايا.

وحصد “راجناري جي في” اللقب الذهبي للفحول، وجاء في المركز الثاني ونال اللقب الفضي لمربط فيانا – ارتور نوغيرا.

وقال سعادة محمد أحمد الحربي: نفخر بالنجاحات المستمرة التي تحققها بطولات كأس الإمارات العالمي لجمال الخيل العربية لموسم 2024 في نسخته الأولى، والذي يأتي تجسيداً للرؤية السديدة لسمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان نائب رئيس الدولة نائب رئيس مجلس الوزراء رئيس ديوان الرئاسة، رئيس مجلس إدارة جمعية الإمارات للخيول العربية، ومتابعة الشيخ زايد بن حمد آل نهيان نائب رئيس مجلس إدارة الجمعية.

وأضاف: نجحت أولى بطولات الكأس في قارة أمريكا الجنوبية في البرازيل بكل المقاييس، حيث أقيمت ضمن مهرجان ضخم واحتفالية كبرى بالخيل العربية، ونحن سعداء بأن تصل بطولات الكأس إلى الملاك والمربين في مختلف قارات العالم.

وأعرب الحربي، في ختام حديثه، عن ارتياحه للمستوى العالي والتنظيم الاحترافي الذي تسير عليه بطولات الكأس، مشيداً ببطولة البرازيل التي جاءت إقامتها في منطقة مهمة للخيول العربية، وقال: نفخر بدعم الملاك والمربين باعتبار ذلك أحد أهم أهداف بطولات كأس الإمارات العالمي لجمال الخيل العربي.وام


مقالات مشابهة

  • برعاية منصور بن زايد.. البطولة السابعة لكأس الإمارات العالمي تستقطب نخبة الخيول العربية في البرازيل
  • البطولة السابعة لكأس الإمارات العالمي تستقطب نخبة الخيول العربية في البرازيل
  • الكشف عن طبيعة الدور الذي تلعبه الصين في اليمن وما حقيقة تواصلها مع جماعة الحوثي؟
  • الأسد مهنئا السيسي: ثورة 30 يونيو أعادت مصر إلى مكانها الطبيعي
  • محكمة تونسية تقضي بالسجن عاما ضد محامية انتقدت قيس سعيد
  • محكمة تونسة تقضي بالسجن عاما ضد محامية انتقدت قيس سعيد
  • محكمة تونسية تقضي بسجن محامية منتقدة للرئيس
  • نخبة من الفنانين الأمازيغ يحتفون بموسيقى العالم في سهرات الدورة الـ19 لمهرجان تيميتار
  • الأسد يبحث هاتفيا مع السيسي تطورات الأوضاع في قطاع غزة
  • بشار الأسد يهنئ السيسي بذكرى ثورة 30 يونيو: أعادت مصر إلى مكانها الطبيعي