عاشت الممثلة والمطربة السودانية إيمان يوسف مفارقة نادرة، ففي حين كانت تشهد تحقيق حلمها وحلم أي ممثل في العالم بعرض "وداعا جوليا" على شاشة مهرجان "كان" في فرنسا، تم الهجوم على منزلها في السودان ونهب محتوياته، ورغم عمق الألم، لم تتوقف الفنانة السودانية عن الحلم بالسودان الذي كان.

واختارت بطلة فيلم "وداعا جوليا"، أن تقدم شكلا فنيا مختلفا بعد الفيلم الذي حقق نجاحا كبيرا، إذ قدمت لجمهورها أغنية "وين الحلم"، التي عبرت خلالها عن أوجاع الشعب السوداني الذي يعاني من ويلات الحرب.

اقرأ أيضا list of 4 itemslist 1 of 4قضايا الهامش والصراع السياسي تشغل الفيلم العربي في مهرجان كانlist 2 of 4فيلم "وداعا جوليا" يمثل السودان في أوسكار 2024list 3 of 4أفضل الأفلام العربية في 2023.. "وداعا جوليا" و"كذب أبيض" في المقدمةlist 4 of 4"وداعا جوليا".. تصفيق وبكاء أثناء عرض أول فيلم سوداني في مهرجان "كان"end of list

لكن إيمان يوسف تعترف في حوار لـ"الجزيرة نت" بأنها لم تتأثر بالأحداث في السودان فقط أثناء الإعداد لأغنيتها "وين الحلم"، وإنما أيضا بالحرب التي يشنها الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة.

ما الذي دفعكِ لتقديم أغنية في هذه الأجواء وكيف تم تنفيذها؟

بدأت الفكرة بسبب الأحوال السيئة في السودان، وخروج السودانيين من الخرطوم إلى المدن القريبة للاستقرار بها واستمرار الهجوم والاستيلاء على تلك المدن، وبالتالي زاد الوضع سوءا، بالإضافة إلى ما يحدث في فلسطين.

قبل كتابة الأغنية، كنت أشاهد صور أطفال غزة وأتابع الوضع، وأشعر بالألم الشديد حيالهم، والعنف الذي يتعرضون له، فأطفال غزة وأطفال السودان توقفوا عن التعليم، وتوقفت حياتهم، لكن السؤال كان دائما يلحّ عليّ، وهو كيف يتعرض أطفال في هذا العمر لكل هذا الهول!

ومن هنا بدأ السؤال "حدها وين"، أي متى ينتهي ما يحدث ويعيشون في منازل آمنة وحياة آمنة، فالأغنية بالنسبة لي انعكاس لمشاعري تجاه أزمة السودان لكنها، أيضا، رسالة موجهة للساسة في العالم كله حيال ما يحدث في غزة والوطن العربي.

بدأت كتابة الكلمات التي تشعرني بالراحة النفسية والتعافي مما يحدث، وبدأت بتلحين الأغنية، التي قام الفنان مازن حامد بتوزيعها. ووقتها شعرت بأنه بقدر ما أردت أن أوصل رسالة عن حجم المعاناة التي نعيشها، لكن أيضا لا بد وأن يكون هناك أمل، حتى لو كنا محبطين. وتطرح الأغنية تساؤلا بشأن الوضع الراهن ومتى نعود إلى الوطن ونعمره من جديد؟!

غنيتِ في "وداعا جوليا"، فهل تقدمين نفسك باعتبارك مطربة، بالإضافة إلى التمثيل؟

قدمت قبل الفيلم أغنية سودانية، لكن تركيزي على الغناء الشرقي القديم لأم كلثوم وفيروز وعبد الحليم حافظ ووردة، مع حفظ الألقاب فكنت أغني في السفارات والأيام الثقافية في السودان.

ورغم أن دراستي بعيدة عن الغناء، حيث تخرجت من إدارة أعمال في جامعة الخرطوم وبعدها ماجستير في إدارة المشاريع، فقد تعلمت آلة القانون في بيت العود في الخرطوم على يد أستاذ القانون ضياء حافظ.

ودرست أيضا في قسم الصوت مع الأستاذة المصرية أمل إبراهيم، وكنت منذ الطفولة أغني في المدرسة وأسست كورال الجامعة لكني كنت أتعامل مع الغناء كوسيلة للترفيه عن نفسي.

في السينما -على عكس الأغنية- هناك صحوة قوية وواضحة من الجيل الجديد، ما سبب هذه الانتعاشة السينمائية؟

الوضع السينمائي أصبح مشجعا، خاصة بعد نجاح "وداعا جوليا"، أما في السابق، فقد كانت هناك حالة عدم ثقة بسبب ضعف الإنتاج وهو ما يحدث في الإنتاج الغنائي حاليا.

لكن فيلم "وداعا جوليا" أعطى دفعة قوية للشباب من الصناع لمواصلة العمل في أفلامهم، خاصة أنها فترة مناسبة للتعبير عن أنفسنا بكل الحرية وبعيدا عن القهر والظلم الذي نعيشه، وهو أقل ما يجب للشعب السوداني.

وإذا رأينا "وداعا جوليا" مثالا لما يمكن أن يحققه العمل الفني من نجاح للصناعة كلها، فقد كنا مؤمنين بنجاحه، لكن لم نتوقع هذا النجاح الكبير والاستمرار في حصد الجوائز، وهو بالتأكيد أسعدنا، لكن بالنسبة للسودان هو فخر كبير في وقت الناس بحاجة إلى الأمل.

ودائما أقول للمخرج الرائع محمد كردفاني أن الفيلم تم تقديمه بمستوى عال من الجدية والمسؤولية، كنا حريصين على الالتزام، رغم أنه تم تصويره في فترة المظاهرات اليومية، فكنا نضطر لأن نرتب جدول مواعيد التصوير على المظاهرات، لنتفادى أي نوع من التأخير في التصوير، لنسير وفق الخطة المحددة.

تردد أن منزلكِ في الخرطوم تعرض للهجوم أثناء عرض فيلمك في "كان"، فما حقيقة الأمر؟ وكيف شكلت هذه الأحداث وأثرت على حياتكِ؟

كل المنازل في الخرطوم تعرضت للهجوم والاستيلاء عليها، وتم الاستيلاء بالفعل على المنزل وآلاتي الموسيقية، كما هو الحال في معظم البيوت، فنحن نتعامل مع قوى لا تفهم الجمال الموجود في الشعب السوداني، ووقتها انتقلنا إلى القاهرة.

وحين قدمت للسفر إلى مهرجان كان، كنت وقتها بالفعل في مصر، ولكن والدي الوحيد الذي أصر على البقاء في الخرطوم وهو لا يزال في السودان ومؤخرا انتقل إلى مدينة شندي شمال الخرطوم ولا يمكننا التواصل معه بشكل دائم لانقطاع الإنترنت في السودان، ونأمل أن تستقر الأوضاع في السودان.

وعلى الرغم من حسن استقبالنا في مصر والمعاملة الطيبة وعدم شعورنا بالغربة وسط المصريين والحفاوة الكبيرة، يظل الشعور بفقد الوطن هو التحدي.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات وداعا جولیا فی السودان فی الخرطوم ما یحدث

إقرأ أيضاً:

كتابات ما بعد الحرب: هل تصلح الخرطوم أن تكون عاصمة للدولة السودانية الجديدة؟

هذه رؤية حاولنا أن تكون متكاملة وعميقة قدر الإمكان لمستقبل الخرطوم الحالية، أو لفكرة عاصمة بديلة لها في سودان ما بعد الحرب. وقد اجتهدنا في تعديلها وتحسينها من حيث الأسلوب والتسلسل المنطقي، آملين أن تكون أكثر جذبًا للمهتمين وللقارئ العادي على حد سواء.
الخرطوم، هذه المدينة التي ظلّت لعقود قلب السودان النابض، تحمل اليوم آثار الحروب والتهميش والانهيار، وكأنها صارت مرآةً لكل جراح البلاد. ومع بزوغ أمل في سودان جديد ينهض من رماد الحرب، تتجدد الأسئلة: هل تستطيع الخرطوم أن تواصل دورها كعاصمة؟ أم أن إعادة البناء تتطلب البدء من نقطة الصفر، بتصميم مدينة جديدة تعبّر عن طموحات السودانيين وتطلعاتهم إلى دولة حديثة، تنعم بالحرية والسلام والكرامة؟
هل الخرطوم مؤهلة لقيادة المرحلة القادمة؟
رغم ما تحمله من رمزية وتاريخ، تبدو الخرطوم اليوم مدينة مرهقة، تفتقد إلى بنية تحتية صالحة، ويصعب فصلها عن مشهد الدمار والدم الذي خيم عليها خلال الحرب. فهل يكفي التاريخ وحده ليضمن لها البقاء كعاصمة؟ أم أن المستقبل يحتاج إلى تصور جديد لعاصمة تُجسد انطلاقة الدولة السودانية الحديثة؟
تصور لمدينة الخرطوم الجديدة: عاصمة المستقبل
الموقع والتخطيط العمراني:
o اختيار موقع قريب من الخرطوم الحالية لتسهيل الانتقال، مع مراعاة الأمان البيئي (كالابتعاد عن مخاطر الفيضانات والزحف الصحراوي).
o تصميم حضري حديث يُراعي الهوية السودانية المتنوعة ويضمن حياة منظمة ومستدامة.
o التعليم والبحث العلمي:
o بناء جامعات بمعايير عالمية ومراكز بحثية حديثة تكون منارة للإبداع.
o إنشاء مدارس حديثة تركز على التعليم المهني والتقني لتلبية احتياجات سوق العمل.
2.
3. الصحة والرعاية:

o إنشاء مستشفيات متطورة ومراكز صحية شاملة.
o دعم البحث الطبي المحلي لتطوير قطاع الرعاية الصحية.
4.
5. الرياضة والترفيه:

o بناء مدينة رياضية متكاملة ومرافق ترفيهية ومساحات خضراء لتحسين جودة الحياة.
6.
7. الاقتصاد والتجارة:

o إنشاء مولات حديثة وأسواق تدعم الاقتصاد المحلي وتوفر فرص عمل.
o تسويق المنتجات المحلية والتراث الثقافي السوداني في فضاءات تجارية منظمة.
8.
9. البنية التحتية:

o مطار دولي بمواصفات عالمية يربط السودان بالعالم.
o شبكة مواصلات ذكية تشمل قطارات كهربائية وطرق حديثة.
o نظام نقل عام متكامل يسهّل التنقل داخل العاصمة ويخفف الازدحام.
10. الثقافة والإعلام:
o مسارح، دور سينما، مراكز ثقافية، وإذاعات وتلفزيونات وطنية تعبّر عن روح السودان الجديد.
التمويل: من أين نبدأ؟
نجاح هذا المشروع الطموح يعتمد على تنوع مصادر التمويل وشفافية الإدارة. وتقترح الرؤية أربع قنوات رئيسية:
الدعم الحكومي:
o تخصيص جزء من ميزانية الدولة لإعادة الإعمار.
o استثمار الموارد الطبيعية مثل الذهب، البترول، والصمغ العربي.
2. الشراكات الدولية:
o جذب الاستثمارات الأجنبية والتعاون مع الدول والمنظمات الداعمة.
o توفير بيئة استثمارية مشجعة للشركات العالمية.
3. الدعم الشعبي والقطاع الخاص:
o إطلاق صناديق وطنية بمساهمات شعبية ومؤسساتية
o تشجيع الشركات السودانية على الاستثمار في بناء العاصمة.
4. آليات التمويل المبتكر:
5. إصدار سندات تنمية طويلة الأجل.
o تفعيل الشراكة بين القطاعين العام والخاص (PPP).
خاتمة:
الحديث عن عاصمة جديدة ليس ترفًا فكريًا، بل ضرورة استراتيجية تُواكب التحولات الكبرى التي يشهدها السودان. فالمدينة التي ستقود الدولة السودانية المقبلة يجب أن تكون عنوانًا لعصر جديد، تُبنى فيه المؤسسات على أسس العدالة والشفافية والمعرفة والتخطيط السليم.
الخرطوم قد تظل حاضرة في الذاكرة والرمزية الوطنية، لكن عاصمة السودان المستقبلية يجب أن تُولد من رحم الحلم والتخطيط، لا من رماد الحرب.

عثمان يوسف خليل
المملكة المتحدة

osmanyousif1@icloud.com  

مقالات مشابهة

  • الحرب في عامها الثالث.. ما الثمن الذي دفعه السودان وما سيناريوهات المستقبل؟
  • القيادي بحركة جيش تحرير السودان: هذا تعليقي على وجود مناوي خارج دارفور
  • مناوي: الخرطوم كانت محاصرة والآن هي حرة .. الجزيرة كانت محاصرة والآن هي حرة
  • دولة محطمة.. الحرب في السودان تدخل عامها الثالث
  • عثمان ميرغني: خالد عمر يوسف
  • خلال 6 أشهر.. الأمم المتحدة تتوقع عودة 2,1 مليون نازح إلى الخرطوم
  • يقولون في المثل: (تحدث حتى أراك).. وقد تحدث خالد عمر يوسف (سلك)
  • مأساة آثار السودان.. حين عجز الملك تهارقا عن حماية منزله بملتقى النيلين
  • عام ثالث من حرب السودان والجبهات تشتعل غربا
  • كتابات ما بعد الحرب: هل تصلح الخرطوم أن تكون عاصمة للدولة السودانية الجديدة؟