القدس المحتلة- حمل الإنزال الجوي لمساعدات الإغاثة في قطاع غزة في طياته مؤشرات كثيرة تُجمع على أن حركة المقاومة الإسلامية (حماس) ما زالت تسيطر على كافة مناطق القطاع، مما يعكس التخبط الإسرائيلي عسكريا وسياسيا بشأن ما يطلق عليه اليوم التالي للحرب.

وتتفق تقديرات محللين على أن سماح الحكومة الإسرائيلية، لأميركا ودول عربية وأوروبية، بإلقاء شحنات المساعدات الإنسانية من الجو، ومنع إدخالها من المعابر البرية، مؤشر على عدم إحكام سيطرة الاحتلال في الشمال ووسط القطاع، وأن حماس ما زالت تتمتع بنفوذ وسيطرة، وهو ما تخشاه إسرائيل.

ويعكس هذا الإنزال الجوي -كما يُجمع المحللون- عمق الخلافات بين الحكومة الإسرائيلية والبيت الأبيض بشأن التوصل إلى صفقة تبادل، ووقف إطلاق النار، وهدنة حتى وإن كانت مؤقتة قبل حلول شهر رمضان.

إعفاء ومماطلة

أما التقديرات الإسرائيلية، فترى أن الإنزال الجوي للمساعدات يعكس إحباط وغضب الرئيس الأميركي، جو بادين، من رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، الأمر الذي من شأنه أن يصعد من حدة التوتر بينهما والذي قد ينزلق إلى صدام محتدم.

ويعتقد المحلل السياسي، أمير بار شالوم، أن سماح القيادة العسكرية والأمنية في تل أبيب بإنزال شحنات الإغاثة الإنسانية من الجو، وربما مستقبلا من البحر، يشير إلى أن الجيش الإسرائيلي يتوق إلى إيجاد حل لمحنة سكان غزة، والإعفاء من هذه المسؤولية المدنية قبالة أي مساءلة دولية، بينما يماطل نتنياهو.

وكتب بار شالوم مقالا في الموقع الإلكتروني "زمان يسرائيل" وصف من خلاله الوضع في أجزاء مختلفة من القطاع، حيث تتدهور الأوضاع الميدانية إلى درجة الفوضى رغم وجود قوات الجيش الإسرائيلي في بعض المناطق، وهو  ما يجعل الأمر أكثر صعوبة بالنسبة لأي جهة مدنية قد تتولى مستقبلا إدارة شؤون القطاع.

وأمام هذا الواقع ومظاهر وجود عناصر حماس عند قوافل شاحنات الإغاثة في كافة مناطق غزة، يقول بار شالوم "ما زال نتنياهو يعتمد سياسة المماطلة، والتمسك بموقفه الرافض لأي حلول، والحل الدولي غير قابل للتطبيق حاليا، وقد بدأ هذا ينزلق إلى منطقة خطيرة بالنسبة لإسرائيل عسكريا وسياسيا".

وستوضح الأيام المقبلة مدى رغبة حماس في التوصل إلى وقف لإطلاق النار وتنفيذ الخطوة الأولى في صفقة إطلاق المحتجزين قبل شهر رمضان، ويضيف المقال "لكن، هناك شبه إجماع في المؤسسة الأمنية الإسرائيلية على أن مصلحة قائد الحركة يحيى السنوار هي مواصلة القتال لتعزيز سيطرة حماس والمصلحة الفلسطينية وتركيز أنظار العالم على قطاع غزة".

سلطة وسيطرة

في مؤشر على هواجس المؤسسة العسكرية الإسرائيلية من قضية إدارة الشؤون المدنية بالقطاع وعلى التوجه نحو الإعفاء من تحمل مسؤولية إدخال وتوزيع المساعدات على الغزيين، قال مراسل الشؤون العسكرية بصحيفة "هآرتس" ينيف كوفوفيتش إن "أحداث شارع الرشيد ستتكرر بحال لم تتوفر جهة مسؤولة عن توزيع المساعدات".

وبحسب كوفوفيتش، يوجد إجماع لدى قيادة الجيش الإسرائيلي بضرورة إيجاد هيئة سلطوية -في إشارة إلى أن حماس ما زال لديها سلطة وسيطرة بالقطاع- تكون بديلا للحركة في الشؤون المدنية، ومسؤولة عن إدخال المساعدات الإنسانية وتوزيعها على المدنيين.

وخلال الأسابيع الأخيرة -كما يقول كوفوفيتش- حذر الجيش الإسرائيلي من أنه إذا لم يتم اتخاذ قرارات بشأن كيفية إدخال المساعدات إلى شمال القطاع، فإن الشرعية التي تمنحها الولايات المتحدة والمجتمع الدولي لاستمرار الحرب "ستتراجع".

وعليه، يرجح المراسل العسكري أن إسرائيل وافقت على عمليات الإنزال الجوي للمساعدات. ولفت إلى أن قضية المساعدات الإغاثية الإنسانية إلى قطاع غزة ستكون ورقة ضغط على الحكومة الإسرائيلية من قبل الإدارة الأميركية والدول الغربية.

وأشار إلى أن كيفية إدخال المساعدات الإنسانية إلى غزة، وخاصة الشمال والوسط حيث يدعي الجيش الإسرائيلي السيطرة، طُرحت ونوقشت عدة مرات في مجلس الحرب والمجلس الوزاري الإسرائيلي للشؤون السياسية والأمنية "الكابينت".

تباين

وأوضح المراسل العسكري أن المؤسسة الإسرائيلية تُجري مناقشات حول قضية إدخال المساعدات وآليات توزيعها مع الولايات المتحدة ومصر والأردن، حيث تعمل هذه الدول على زيادة المساعدات الإنسانية للقطاع عبر عمليات إنزال من الجو، مع التركيز على الشمال، حيث سيتم إسقاط شحنات إضافية الأيام المقبلة.

ويبدي الجيش الإسرائيلي -والكلام لكوفوفيتش- معارضة شديدة لطرح وزير المالية بتسلئيل سموتريتش الداعي لتمكين الجيش من إدخال المساعدات إلى القطاع "وسوغ معارضته" بأن ذلك سيؤدي إلى احتكاك وصدام ما بين القوات الإسرائيلية ومئات آلاف الغزيين مما سيعرض حياة الجنود للخطر.

وفي قراءة للتباين بين المستويين العسكري والسياسي بإسرائيل بشأن آليات إدخال المساعدات الإنسانية للقطاع، يقول المحلل العسكري بصحيفة "يديعوت أحرونوت" رون بن يشاي "إن من يسيطر على المساعدات لغزة سيكون هو من سيطيح بسلطة وسيطرة حماس المدنية، وعليه يعارض نتنياهو إدخالها لأنها تصل إليها".

ورغم تفكيك جزء من البنية التحتية العسكرية والحكومية لحماس في قطاع غزة -حسب تصور المحلل العسكري الإسرائيلي- فإنه يتضح أن قضية المساعدات الإنسانية وتزويد السكان بالحد الأدنى من احتياجاتهم تُعتبر أكثر أهمية لحسم الحرب وتحقيق الانتصار فيها.

ويعتقد بن يشاي أن تَحكّم إسرائيل بإدخال المساعدات يعني فرض السيطرة ومنع حماس من استعادة قدراتها السلطوية للحكم المدني، لكن المعارضة التي يبديها نتنياهو تشير إلى أنه لا يوجد سيطرة تامة للجيش الإسرائيلي على المناطق التي توغل إليها.

ولفت المحلل العسكري إلى أنه في حال حدثت كارثة إنسانية طويلة -والتي أصبحت بدايتها واضحة- فإن البيت الأبيض والرأي العام الدولي لن يسمح لإسرائيل بمواصلة القتال، ولن يتمكن ضباط جيش إسرائيل من السفر إلى الخارج لأن المحكمة الجنائية الدولية ستتهمهم بارتكاب جرائم حرب.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات المساعدات الإنسانیة الجیش الإسرائیلی إدخال المساعدات الإنزال الجوی قطاع غزة إلى أن

إقرأ أيضاً:

غوغل تزود الجيش الإسرائيلي بالذكاء الاصطناعي بعد هجوم حماس

أظهرت وثائق حصلت عليها صحيفة "واشنطن بوست" أن الشركة سمحت للجيش الإسرائيلي بالوصول إلى أدواتها للذكاء الاصطناعي، خلال الحرب على غزة.

ووفق الوثائق، عمل موظفو غوغل على تزويد الجيش الإسرائيلي بأحدث تقنيات الذكاء الاصطناعي للشركة منذ الأسابيع الأولى للحرب على غزة.

⚡️????????BREAKING: Google provided Israel with AI technology which was used in Gaza and the West Bank.

According to a report published by The Washington Post, based on internal documents, it was revealed that Google provided the Israeli military with cutting-edge artificial… pic.twitter.com/zecBd9DYwU

— Suppressed News. (@SuppressedNws) January 22, 2025 تعاون

تُظهر الوثائق الداخلية أن غوغل تساعد وزارة الدفاع وقوات الجيش الإسرائيلي بشكل مباشر، رغم محاولتها إبعاد نفسها علناً عن ذلك، بعد احتجاجات الموظفين ضد عقد الحوسبة السحابية مع حكومة إسرائيل.

وأطردت غوغل أكثر من 50 موظفاً في العام الماضي بعد احتجاجهم على العقد المعروف  بنيمبوس، بسبب مخاوف من مساعدة تكنولوجيا غوغل البرامج العسكرية والاستخباراتية التي أضرت بالفلسطينيين.

وفي الأسابيع التي أعقبت هجوم 7 أكتوبر(تشرين الأول) 2023 على إسرائيل، رفع موظف في قسم الحوسبة السحابية بغوغل طلبات زيادة الوصول إلى تقنية الذكاء الاصطناعي للشركة من وزارة الدفاع الإسرائيلية، كما تظهر الوثائق التي توضح بالتفصيل أن وزارة الدفاع الإسرائيلية أرادت بشكل عاجل توسيع استخدام خدمة غوغل "فيرتكس"، والتي يمكن للعملاء استخدامها لتطبيق خوارزميات الذكاء الاصطناعي على بياناتهم.

وحذر موظف من غوغل في إحدى الوثائق، قائلاً إنه إذا لم توفر الشركة بسرعة المزيد من الوصول، فإن الجيش سيلجأ  إلى المنافسة  أمازون، والتي يعمل أيضاً مع حكومة إسرائيل بموجب عقد "نيمبوس".

وقالت وثيقة أخرى، من منتصف نوفمبر(تشرين الثاني) 2023  إن ذلك لا يشير بالضبط إلى كيف تخطط وزارة الدفاع لاستخدام تقنية الذكاء الاصطناعي من غوغل أو كيف قد تساهم في العمليات العسكرية.

4. Project Astra

Google's universal AI assistant prototype. Speak or show video.

Shipping starts in 2025.

Join waitlist: https://t.co/CzQRU5cnbX pic.twitter.com/hqa56XSzgJ

— Poonam Soni (@CodeByPoonam) January 21, 2025 الذكاء الاصطناعي

وتُظهِر وثائق أخرى في ربيع وصيف 2024 أن موظفي غوغل يطلبون الوصول الإضافي إلى تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي لصالح الجيش  الإسرائيلي.

وفي نوفمبر(تشرين الثاني) 2024، وهو الوقت الذي حولت فيه الغارات الجوية الإسرائيلية جزءاً كبيراً من غزة إلى أنقاض، تُظهر الوثائق أن الجيش الإسرائيلي كان يستعين بغوغل للحصول على أحدث تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي. وفي أواخر ذلك الشهر، طلب أحد الموظفين الوصول إلى تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي "جيميني" لصالح الجيش الإسرائيلي، الذي أراد تطوير مساعد للذكاء الاصطناعي لمعالجة المستندات والصوت، وفق الوثائق.

وقالت غوغل في وقت سابق إن عقد "نيمبوس" مع حكومة إسرائيل "ليس موجهاً إلى أعمال شديدة الحساسية أو سرية أو عسكرية ذات الصلة بالأسلحة أو أجهزة الاستخبارات".

ولا تشير وثائق "واشنطن بوست" إلى كيفية استخدام الجيش الإسرائيلي لقدرات الذكاء الاصطناعي التي توفرها غوغل، والتي يمكن استخدامها لمهام مثل أتمتة الوظائف الإدارية بعيداً عن الخطوط الأمامية.

وفي مؤتمر في وقت سابق من العام الماضي، قال المدير العام للمديرية الوطنية السيبرانية في إسرائيل غابي بورتنوي، إن عقد نيمبوس ساعد بشكل مباشر في تطبيقات القتال، وفق تقرير في "الناس وأجهزة الكمبيوتر"، وهي وسيلة الإعلام الإسرائيلية التي استضافت المؤتمر.

وعمل الجيش الإسرائيلي منذ سنوات على توسيع قدراته في الذكاء الاصطناعي لتسريع معالجة صور المراقبة واختيار الأهداف العسكرية المحتملة.

وبعد هجومه على غزة لجأ إلى أداة الذكاء الاصطناعي "هبسورا" التي طورها داخلياً لتزويد القادة بآلاف الأهداف البشرية والبنية التحتية لقصفها، ما ساهم في تأجيج العنف في غزة، وفق تحقيق سابق لصحيفة "ذا بوست".

What’s in place to stop bad actors from using tech and AI to design harmful pathogens?

Google DeepMind’s co-founder and CEO Demis Hassabis speaks to the FT’s Roula Khalaf, detailing all the precautions DeepMind is taking to ensure its biotech is more beneficial than not. pic.twitter.com/l5nDeTB3hX

— Financial Times (@FT) January 22, 2025 هبسورا

ويقوم "هبسورا" على مئات الخوارزميات التي تحلل البيانات مثل الاتصالات المعترضة، وصور الأقمار الصناعية لتوليد إحداثيات الأهداف العسكرية المحتملة مثل الصواريخ، أو الأنفاق. ولكن بعض القادة الإسرائيليين أبدوا مخاوفهم من دقة التكنولوجيا، حسبما ذكرت صحيفة "ذا بوست" وأعرب آخرون عن قلقهم من الثقة المفرطة في توصيات التكنولوجيا، ماقد يؤدي  إلى تآكل جودة تحليل الاستخبارات الإسرائيلية.

وكانت غوغل متعاقداً رئيسياً مع إسرائيل منذ 2021، عند اختيارها، إلى جانب أمازون، لعقد الحوسبة السحابية "نيمبوس" بمليارات الدولارات من أجل ترقية شاملة لتكنولوجيا الحكومة الإسرائيلية.

وشهدت الصفقة بناء الشركات المتنافسة مراكز بيانات في إسرائيل والموافقة على توفير برامج التخزين السحابي للإدارات الحكومية. في ذلك الوقت، أخبر المسؤولون الإسرائيليون وسائل الإعلام المحلية بأن الصفقة ستشمل العمل مع الجيش الإسرائيلي.

BREAKING—@Google workers & Bay Area activists holding die-in NOW at Google SF to demand the company stop powering Israel’s genocide of Palestinians in Gaza

Google fuels the first ever AI-powered genocide via its $1B cloud contract w Israel

Take action: https://t.co/7pKYAvy6Rm pic.twitter.com/Al8TMEIZKj

— No Tech For Apartheid (@NoTechApartheid) December 15, 2023 معارضة واحتجاجات

وواجه "نيمبوس" احتجاجات من بعض موظفي غوغل وأمازون، الذين قالوا إن على الشركتين ألا تتعاملا مع حكومة إسرائيل بسبب معاملتها للفلسطينيين.

وكانتت أقوى الاحتجاجات من العاملين في غوغل الذين يخشون أن يسمح العقد بتجنيد تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي لصالح الجيش الإسرائيلي ووكالات الاستخبارات التي يعتقدون أنها تنتهك حقوق الإنسان بانتظام في غزة والضفة الغربية.

عندما استحوذت غوغل على شركة الذكاء الاصطناعي البريطانية الناشئة "ديب مايند" في 2014، نصت شروط الاستحواذ على أن التكنولوجيا لن تستخدم أبداً لأغراض عسكرية أو للمراقبة، كما قال مؤسس المختبر ديميس هاسابيس في مقابلة معه في 2015.

ويعد هاسابيس أحد أقوى المسؤولين التنفيذيين في الشركة، ويقود جميع أعمال تطوير الذكاء الاصطناعي تحت العلامة التجارية "غوغل ديب مايند" وهي محفظة تتضمن تقنيات الصور والفيديو والصوت، ومساعد الذكاء الاصطناعي التوليدي "جيميني".

وفي الصيف الماضي، أرسلت مجموعة تضم أكثر من 100 موظف رسائل إلكترونية إلى مديري غوغل وأعضاء فريق حقوق الإنسان بالشركة تطالبهم بمراجعة عمل الشركة مع الجيش الإسرائيلي، ووفق موظف في غوغل تحدث شرط حجب هويته لحماية فإن "الطلبات قوبلت بالتجاهل".

مقالات مشابهة

  • غوغل تزود الجيش الإسرائيلي بالذكاء الاصطناعي بعد هجوم حماس
  • دور المساعدات الإنسانية في تخفيف معاناة قطاع غزة |تفاصيل
  • باحثة سياسية: إدخال المساعدات الإنسانية لغزة يخفف وطأة المجاعة
  • “أطباء بلا حدود” تدعو إلى زيادة المساعدات الإنسانية لغزة
  • لليوم الثاني على التوالي.. إدخال شاحنات المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة
  • بالفيديو.. محلل سياسي: إدخال المساعدات بمثابة عملية كسر لسلاح التجويع الإسرائيلي
  • محلل سياسي: إدخال المساعدات تكسير لسلاح التجويع الإسرائيلي
  • محلل سياسي: إدخال المساعدات إلى غزة كسر سلاح التجويع الإسرائيلي
  • باحث سياسي: سيطرة حماس على غزة تفرض ضرورة الوحدة الفلسطينية وتشكيل حكومة إنقاذ وطني
  • مباشر. المساعدات الإنسانية تتدفق إلى قطاع غزة والإعلام الإسرائيلي يرجّح أن حماس ستحكم عن جديد