في كل مرة يقام فيها مهرجان للسينما يطل السؤال الأزلي برأسه ليسأل إن كنا لا نصنع سينما ولا ننتج أفلاما سينمائية، فلماذا إذًا كل هذا البذخ في استضافة السينما بكل فروعها وتقسيماتها وكذلك السينمائيين يجتمعون للحديث عن صناعة غير موجودة وصُناع يظهرون ويختفون بسرعة البرق بمجرد الانتهاء من المحفل السينمائي؟
وقد لا تكون الفائدة المرجوة من ترسيخ هذه الثقافة موجودة وأثرها غير عميق، ولم نستطع استقطاب إلا بعض منتجي السينما الكبار للتصوير معنا.
مع كل هذه التساؤلات المشروعة من قبل المختصين أنفسهم أو المراقبين أو ممن لا يعنيهم الشأن لا من قريب ولا من بعيد إلا أن المتابع لهذا الشأن نجد أن عدد مهرجانات السينما والأفلام في ازدياد مطرد في كل أنحاء العالم سواء تلك التي تقف على ماض سينمائي عريق أو التي تتلمس طريقها نحو العالم السينمائي، في المغرب مثلا يصل عدد المهرجانات السينمائية في مختلف مناطق المغرب إلى 60 مهرجانا سنويا، وفي بريطانيا يصل عدد المهرجانات السينمائية ومهرجانات الأفلام إلى 50 مهرجانا سنويا بواقع مهرجان واحد كل أسبوعين وتشجع الدولة على إقامة المزيد من هذه المهرجانات بإصدارها دليلا استرشاديا بكيفية تنظيم المهرجانات والتسويق والإدارة. الفكرة الأساسية من إقامة مهرجانات الأفلام ومهرجانات السينما لتكون بمثابة التظاهرة الكبرى للدول لنشر الوعي بأهمية الفنون وصناعتها وإظهار الهوية والإرث الحضاري للدولة، وتشجيع الصناعات الإبداعية والثقافية والمعرفية، وخلق جيل من الشباب المنتج للفنون في كافة المجالات إضافة إلى الترويج الدعائي والإعلامي كأداة من الأدوات الناعمة في الترويج التاريخي والطبيعي والتجاري للدول.
بحكم قربي من الأفلام وإنتاجها وصناعتها وتحديدًا الوثائقي منها حين كنت في مرحلة من مراحل العمر شغوفًا بكتابة وإنتاج الفيلم الوثائقي أو التسجيلي، كما يسميه البعض، ويعتبر شديد القرب من الإنتاجات السينمائية الدرامية بحكم تقاطعه في كثير من التفاصيل مع عناصر الفيلم التي تجمع الدراما والسرد والقصص فضلًا عن استخدام التقنيات الفنية في الكتابة والتصوير والمونتاج والإخراج؛ وأعي هنا جيدًا الصعوبة البالغة في إنتاج أفلام وثائقية عالية الدقة تشابه إنتاج الفيلم السينمائي أو قد تزيد عليها من حيث إن بعض الوثائقيات يتطلب إنتاجها موازنات مالية عالية وسنوات عديدة من الإنتاج. وفي فترة من الفترات عرَّفت سلطنة عمان بنفسها إعلاميًا من خلال إنتاجاتها الوثائقية العالية الجودة التي أسهمت في التعريف بالمكنونات الحضارية والتاريخية والمعرفية للإنسان والمكان؛ وحصلت الكثير من تلك الأفلام على جوائز محلية وعربية وعالمية. ما أعنيه هنا في هذه المقارنة البسيطة في إنتاج الأفلام هي أن العائد من إقامة المهرجانات يتقاسمه الجميع فعندما ننظر اليوم إلى واقع الإنتاج في سلطنة عمان نجده في فترة سابقة محصورًا فقط في ما تقوم به الدولة ممثلة بوزاراتها المختلفة التي تمتلك الموارد اللازمة للإنتاج، أما اليوم فإن عددًا من شركات القطاع الخاص والأفراد أنفسهم يقومون بإنتاج الكثير من الأفلام الدرامية والوثائقية جنبًا إلى جنب مع الإنتاجات الحكومية، كما أن عدد مهرجانات الأفلام قد زادت وتنوعت بين مختلف المحافظات والولايات علاوة على أن جودة الإنتاج قد تطورت بفضل وجود جمعية مختصة للسينما تسهم في الارتقاء بهذا الفن، وهي القائمة على تنظيم مهرجان سينمائي وصل إلى رقمه الحادي عشر.
عبدالله الشعيلي رئيس تحرير جريدة «عمان» أوبزيرفر
المصدر: لجريدة عمان
إقرأ أيضاً:
قائمة لجان تحكيم سوق البحر الأحمر السينمائي لدورة 2024
أعلن مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي عن البرنامج الكامل لفعاليات سوق البحر الأحمر المقرر إقامته في جدة التاريخية من 7 إلى 11 ديسمبر 2024.
يتضمن هذا العام مجموعة واسعة من الأنشطة التي تجمع صناع السينما الناشئين مع خبراء القطاع من جميع أنحاء العالم، ضمن سلسلة من الفعاليات الحوارية وورش العمل وفرص التواصل، كما يشارك في فعاليات السوق هذا العام 142 عارضاً من 32 دولة، مما يجعلها واحدة من أبرز الفعاليات السينمائية في المنطقة.
في تعليقها على فعاليات سوق البحر الأحمر، قالت شيفاني بانديا مالهوترا، المديرة العامة لمؤسسة البحر الأحمر السينمائي: "يُعد سوق البحر الأحمر قلب مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي، حيث يجتمع فيه المبدعون من مختلف أنحاء العالم لتبادل الأفكار والتجارب، واكتشاف الفرص التجارية، وابتكار مشاريع سينمائية جديدة. نحن نعمل على توفير بيئة حاضنة للإبداع والتعاون، تتيح لصناع الأفلام والمنتجين والمحترفين تكوين روابط جديدة لمستقبل السينما."
ضمن أنشطة "ندوات السوق"، سيتم استضافة عدد من رواد صناعة السينما الدوليين الذين سيشاركون خبراتهم مع الجمهور. سيشمل البرنامج شخصيات بارزة مثل جلين باسنر من شركة فيلم نيشن (الولايات المتحدة الأمريكية)، وديانا ويليامز من كينيتيك إنيرجي إنترتينمنت (الولايات المتحدة الأمريكية)، وسيب شور من فريمانتل (المملكة المتحدة)، وتوني كاماو من شركة وي آر نَت ذا ماشين (كينيا)، وريتيش سيدواني من إكسيل إنترتينمنت (الهند)، وفينسنت مارافال من وايلد بنش إنترناشيونال (فرنسا)، وتيما الشوملي (الأردن)، وجيونغين هونغ من بلاس إم إنترتينمنت (كوريا الجنوبية).
ستتناول الحوارات مواضيع متنوعة تتعلق بصناعة السينما في العالم العربي، وأفريقيا، وآسيا، وكذلك تأثيراتها على المشهد السينمائي العالمي.
برنامج مواهب السوقإلى جانب ذلك، سيتم تنظيم برنامج "مواهب السوق" الذي يهدف إلى دعم المواهب الناشئة من السعودية والدول العربية من خلال سلسلة من الورش التفاعلية التي تركز على التمثيل، النقد السينمائي، تصوير الأفلام بالجوّال، وتحليل الأفلام.
سيتاح للمشاركين فرصة عرض مشاريعهم السينمائية على مجموعة من الخبراء للحصول على إرشادات قيمة وتحرير سيناريوهاتهم. من بين الضيوف المميزين الذين سيشاركون في البرنامج تييري فريمو، بولين سيجلاند، أحمد شوقي، ماتياس نوشيس، وبسام الأسعد.
سيقدم مهرجان البحر الأحمر أيضاً برنامج "إنسباير" الذي يشمل سلسلة من الفعاليات التفاعلية التي تمنح المشاركين فرصاً لاكتساب رؤىً جديدة في مجالات السينما، القصص المتسلسلة، الرسوم المتحركة، وألعاب الفيديو، مع التركيز على الإبداع وتبادل الخبرات مع أبرز الخبراء في هذه المجالات.
عمرو سعد يبدأ تصوير مسلسله الجديد «سيد الناس»