جريدة الرؤية العمانية:
2024-07-10@03:59:05 GMT

أين يختبئ النجاح؟

تاريخ النشر: 5th, March 2024 GMT

أين يختبئ النجاح؟

 

مدرين المكتومية

الحياة مليئة بالمواقف والأحداث، والمتغيرات والظروف، وعادة ما يمر جميع البشر بمواقف مُتعددة، صعودًا وهبوطًا، بناءً على طريقة حياته واختياراته، التي تتماشى مع شخصيته وميوله ومشاعره، لكن ذلك لا يمنع من أن تجد بعض الأشخاص يتشابهون في الصفات والاختيارات، لكن المؤكد أنَّ الطريق نحو النجاح يعتمد على القدرات الشخصية للفرد، لأنَّ النجاح تجسيد للنزعة الفردانية في ذات كل إنسان.

نحن في الحياة نعيش المواقف والأحداث التي نريدها وفق ما يمليه علينا تفكيرنا، نتأثر بالظروف المحيطة بنا، نتعايش مع الكثير من ردات الفعل ومع العديد من الصدمات، لكننا لا يُمكن للحظة أن نغفل أن هناك رغبة داخلية هي التي تحمينا من اليأس ومن السير في دروب المعاناة، إنها الرغبة نحو تحقيق السعادة، فمهما كان الإنسان بائسًا يسعى بكل جهده لأن يجد سبيله نحو الفرحة، حتى تحولت هذه الرغبة إلى ما يمكن أن أسمّيها "صناعة"، نعم! صناعة الفرح، صناعة السعادة، صناعة النجاح، صناعة الأمل، والخروج من المألوف، والبُعد عن التفكير السطحي، والتمعّن في المواقف ودراستها بحكمة ورَوِيّة، خاصة وأن كل شخص بمقدوره أن يكون كما يريد هو، لو آمن لمرة واحدة أنه قادر على ذلك!

الإنسان الناجح إنسان قادر على أن يتكيف مع الحياة بكل ما تقدمه وتسلبه منه، قادر على تقبل فكرة أن الأشياء التي يمتلكها اليوم قد تغادره في لحظة وتنتقل ليد أخرى، يجب عليه أن يتقبل فكرة أن الخسارة لا تعني الفشل وأن الأعذار والظروف ماهي إلا خدعة يمارسها العقل لنخفف بها على أنفسنا عبء الفشل أو الخسارة.

إننا في كثير من الأحيان نقع في فخ التفكير السلبي الذي يسلب منَّا اللحظة الجميلة التي لا تتكرر، والذي يمكنه أن يأخذ منَّا أبدية الأشياء التي أعتقدنا أنها لن تكون إلا لنا مدى العمر دون أن ندرك للحظة أن لكل شيء تاريخ انتهاء كما هو مع الأطعمة المعلبة، الإنسان دائما بحاجة لأن يحدد لنفسه دائماً خط عودة إذا ما كان المسار مغلقاً، وخط للبدء من جديد إذا تطلب الأمر البدء.

نحن بحاجة دائمًا إلى جهاز إنعاش لأنفسنا، حتى لا يُسيطر علينا التفكير السلبي ونعتقد ألا مجال لتجاوز أفكارنا الضيقة ومعتقداتنا التي ربما تكون خاطئة، نحتاج إلى جهاز يدق جرس الإنذار دائمًا إذا ما سرنا دون بوصلة، ومن هنا يتعين علينا تحديد أهدافنا بطريقة صحيحة تضمن نجاحنا في كل خطوة نخطوها.

إنَّ النجاح هو الثمن الذي يدفعه المجتهد، ولا يمكن أن يشعر به أحد سوى صاحبه مهما قدم شروحًا لكل ما قام به، ومهما شارك في محاضرات لإلهام الآخرين طريق النجاح، لن يحقق أي فرد منَّا النجاح سوى بإرادته الشخصية؛ لأن فكرة النجاح في الأساس تبدأ من البيئة التي ينشأ فيها المرء، وتتبلور بالظروف التي صنعت ذلك الشخص بجانب التحديات التي واجهها وصاغت شخصيته، والتي غالبًا ما تظهر في صورة خسائر أو لحظات السقوط التي واجهها، من الأقنعة التي سقطت أمامه، من كل الأشياء التي طبعت الألم في صدره واعتصرته، من كل شيء كان سببًا في أن يخلق شخصًا فاشلًا، إلّا أنه رفض الاستسلام لشبح الفشل، وظل يتمسك بآخر قشة نجاة ليصل..

وأخيرًا.. النجاح نزرع بذوره بأيدينا وجهدنا، وينمو بأفكارنا وصمودنا في مواجهة التحديات، لذا لا مجال للفشل إن استطاع الإنسان أن لا يتذرع بالأعذار ويطلق المبررات لكل ما قد يلاقيه من متاعب الدنيا، لأنها ببساطة... سنة الحياة!

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

الهبوت بين الوظيفة الاجتماعية والصناعة الثقافية

تمثّل الأحداث والوقائع في المجتمع مادة خصبة للباحث في الدراسات الثقافية، من خلال رصد بعض التحولات الاجتماعية وتطورها من الحالة العابرة إلى الظاهرة التي تصبح عُرفا اجتماعيا لا يمكن التنازل عنه إلا باتباع ظاهرة أخرى تحل محل الأولى أو تتطور عنها، فخلال الأيام الماضية أقيمت مسابقة لشاعر الهبوت بتنظيم من مجلس ظفار الثقافي للتراث والإبداع (قيد الإشهار)، وقد حظيت المسابقة بمتابعة جماهيرية على نطاق واسع في محافظة ظفار، وامتد صيتها إلى محافظة المهرة في الجمهورية اليمنية الشقيقة نظرا لمشاركة متسابقين يمنيين في الفعالية. وقبل البحث في مفهوم صناعة الثقافة، لا بد من التعريف بفن الهبوت، وهو فن حماسي ينتشر في محافظة ظفار وفي بعض المناطق اليمنية، و(الهبوت) لفظة من الدارجة الظفارية مشتقة من كلمة (هِبُوت) في اللغة الشحرية وتعني القصيدة، وهب الرجل بمعنى أنشد أو نظم القصيد. يُؤدى فن الهبوت باللغة العربية إذ ينظم الشاعر قصيدته المكونة من أربعة أبيات ثم يلقنها للمرددين الذي ينتظمون في صفوف متتابعة أثناء دخولهم لميدان الاحتفال، ثم يتحلقون في صف نصف دائري في مقابلة الفريق الآخر الذي يرحب بقدوم الشاعر والمرددين معه.

يمثل فن الهبوت إعلان القبيلة لمشاركتها في المناسبات الاجتماعية كالأعراس وحفلات شفاء المرضى وعودة المسافرين، وفي السابق تقام لمناسبات الختان. تتضمن قصائد الهبوت الاعتزاز بالقبيلة ومنافسة القبائل الأخرى بذكر المناقب التي تميزها عن غيرها واجترار الأحداث التاريخية في المنطقة، بمعنى أن فن الهبوت فن قبلي بامتياز، ومناسبة لظهور شعراء ارتبط ظهورهم وشهرتهم بهذا الفن. أسهم فن الهبوت في الماضي في عقد المصالحات القبلية وتكوين الأحلاف وإشاعة التفاهم بين المكونات القبلية في المحافظة، وربما تضاف هذه القيمة إلى سجل الهبوت.

وقبل العودة إلى المسابقة المذكورة، أريد أن أستبق القارئ لأبيّن أنني لست بصدد تقييم المسابقة بقدر ما هي محاولة لدراسة الحالة وكيفية تطوير المفردات الثقافية وتحويلها إلى صناعة ثقافية، فقد جرت التحضيرات للمسابقة منذ شهر مايو الماضي، ووضعت اللجنة المنظمة شروط المسابقة، واختارت المحكمين من الشعراء في التصفيات الأولية، قبل أن تمنح الجمهور حق التصويت للمتسابقين عبر الرسائل النصية، إذ وفرت شركات الاتصالات العاملة في سلطنة عمان فرصة لمشتركيها في التصويت. هنا بالتحديد خرج التقييم من إطاره الفني في اكتشاف المواهب الشابة والاهتمام بفن الهبوت، إلى ساحات التواصل الاجتماعي، حيث ذهبت كل قبيلة تدعو إلى التصويت لأبنائها المشاركين في المسابقة، فتم التحشيد وإثارة الرأي العام عبر شراء الأصوات وتحميل المصوتين أعباء مالية استجابة لنداء (الفزعة) لمساندة أبناء قبائلهم.

كان بالإمكان إقامة المسابقة دون ضجيج أو ردود أفعال غير مرغوبة كما حدث لاحقا، لو أن لجنة التحكيم اتّبعت آلية ممنهجة ومُحكّمة بعيدا عن التصويت الجماهيري الذي يقلل عادة من موهبة الشاعر وإبداعه، نقول لو لم يشترك الجمهور في التصويت لما حدث الضجيج وردود الأفعال التي لا أجد داعيا لسردها هنا.

إذن ما العلاقة بين مسابقة فن الهبوت وبين صناعة الثقافة؟ تحضر الإجابة في كتاب «النظرية الثقافية والثقافة الشعبية» للكاتب البريطاني جون ستوري (74 عاما) بترجمة صالح أبو أصبع وفاروق منصور، وصدرت الترجمة العربية للكتاب سنة 2014 عن هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة، حيث يخبرنا ستوري بأن مصطلح صناعة الثقافة قد وُلِد في مدرسة فرانكفورت سنة 1944 على يدي ثيودور أدورنو (1903-1969) وماكس هوركهايمر (1895-1973) «للتعبير عن منتجات الثقافة الجماهيرية وعملياتها»، وبما أنها كذلك فإنها «لا تشجع الجماهير على التفكير فيما وراء حدود الحاضر»، بل إن صناعة الثقافة تحاول تسطيح الأدب والفن والذوق عبر التقليل من قيمة الثقافة الرفيعة لأنها تشكّل بُعدا آخر للواقع، وتسعى إلى تحقيق القيمة المالية على حساب الثقافة الأصلية وتحرمها من وظيفتها النقدية، إذ يطغى تسليع الثقافة والمتاجرة بها، كما يقول مؤلف كتاب النظرية الثقافية، وهذا ما يمكن إسقاطه على المسابقات التي تعتمد على العناصر الثقافية في صناعة محتواها ثم يتم تسويق المنتج بواسطة شركات الاتصالات التي يمثل لها التصويت والمنافسة سواء على مستوى المكونات الاجتماعية القبلية، أو عن طريق التنافس بين الدول، كما شاهدنا ذلك في الكثير من المسابقات التي تربح أكثر من الجوائز التي تمنحها للفائز.

إن مسابقة شاعر الهبوت تُعلمنا أن الثقافة منجم لكل صناعة محتوى، ويمكن الاعتماد عليها في ابتكار أساليب حديثة بغية الاهتمام بالعناصر الثقافية ونقلها إلى الأجيال القادمة.

مقالات مشابهة

  • برلماني: ليس أمام الحكومة الجديدة سوى النجاح لتنفيذ برنامجها
  • الإحترام والمحبة هما أساس النجاح فى الحياة الزوجية... أبرز تصريحات عماد زيادة ببرنامج واحد من الناس
  • أولى جلسات “مجالس الإمارات” تستعرض قصص النجاح الملهمة لسبعة من رواد الأعمال
  • التطور المستمر.. سر النجاح والتقدم
  • الهبوت بين الوظيفة الاجتماعية والصناعة الثقافية
  • بين استثمار النجاح والدوافع الخفية «بيت السعد» يفتح ملفات «ورطة الممثل المذيع»!
  • نتائج البكالوريا السورية لعام 2024 فرحة النجاح وتحديات المستقبل
  • تهديد أمني سيبراني يختبئ داخل مواقع تتصفحها يوميا.. «بضغطة زر»
  • درجة النجاح في اختبارات القدرات 2024 للالتحاق بعدد من الكليات
  • 60 جريحاً يحققون النجاح والتفوق بامتحانات الشهادة الثانوية العامة