كاس تخفضّ عقوبة هاليب من 4 أعوام الى 9 أشهر وتفتح لها طريق العودة
تاريخ النشر: 5th, March 2024 GMT
خفّضت محكمة التحكيم الرياضية (كاس) الثلاثاء عقوبة الايقاف المفروضة على نجمة كرة المضرب الرومانية سيمونا هاليب، ، بسبب مخالفتين للوائح مكافحة المنشطات، من اربع سنوات الى 9 أشهر التي قضتها بالفعل وأمست قادرة على العودة الى الملاعب.
وأوقفت ابنة الـ32 عامًا في أيلول/سبتمبر الماضي من قبل الوكالة الدولية لنزاهة التنس بعد قضيتين منفصلتين متصلتين بالمنشطات.
واستأنفت حاملة لقب بطولتين كبريتين العقوبة لدى محكمة “كاس” في شباط/فبراير معتبرة انّ الفحص الايجابي كان نتيجة “مكملات غذائية ملوّثة” وأنّ العيوب الموجودة في جواز سفرها البيولوجي تعود نتيجة جراحة خضعت لها.
وقالت محكمة التحكيم الرياضية “قررت هيئة الكاس بالإجماع أن فترة الأربع سنوات من عدم الأهلية التي فرضتها المحكمة المستقلة في الوكالة الدولية لنزاهة التنس سيتم تخفيضها إلى فترة عدم أهلية مدتها تسعة أشهر تبدأ في 7 تشرين الاول/أكتوبر 2022، وانتهت في 6 تموز/يوليو 2023”.
وتوقفت مسيرة هاليب منذ 7 تشرين الاول/اكتوبر 2022، وهو تاريخ العقوبة المبدئية الاولى التي صدرت بحقها بعد فحص ايجابي بمادة الروكادوستات خلال بطولة الولايات المتحدة المفتوحة.
وتعد روكسادوستات مادة يمكن استخدامها بشكل مشروع لعلاج فقر الدم ولكنها مدرجة ايضًا في قائمة المحظورات لدى الوكالة الدولية لمكافحة المنشطات، حيث تعتبر منشطات للدم وتعمل على زيادة الهيموغلوبين وإنتاج خلايا الدم الحمراء.
ويسمح جواز السفر البيولوجي للرياضي بمراقبة التغييرات الدموية على المدى الطويل وبتحديد انتهاكات محتملة لقواعد مكافحة المنشطات.
في المقابل، أصرّت هاليب على براءتها ورفضت قبول قرار الاتحاد الدولي للعبة الذي كان سيمنعها من ممارسة الرياضة بشكل احترافي حتى 6 تشرين الاول/أكتوبر 2026.
وِشدّدت بطلة رولان غاروس 2018 وويمبلدون 2019 انها تريد “تبرئة اسمها” ورأت أن الخبراء اكتشفوا أنها تناولت عن طريق الخطأ مكملا ملوثا.
المصدر أ ف ب الوسومسيمونا هاليب كاسالمصدر: كويت نيوز
كلمات دلالية: سيمونا هاليب كاس
إقرأ أيضاً:
السودان ضد الإمارات أمام محكمة العدل الدولية.. خطوة جريئة نحو المساءلة الدولية؟
في آذار/ مارس 2025، تقدّمت حكومة السودان بدعوى رسمية أمام محكمة العدل الدولية ضد دولة الإمارات العربية المتحدة، وبدأت جلسات النظر فيها صباح العاشر من نيسان/ أبريل الحالي. تتهم الدعوى الإمارات بالتواطؤ في ارتكاب جريمة إبادة جماعية بحق جماعة المساليت في إقليم غرب دارفور، وذلك عبر دعمها العسكري والمالي واللوجستي المزعوم لقوات الدعم السريع، التي تُتهم بارتكاب انتهاكات ممنهجة ضد المدنيين، بحسب ما ورد في تقارير أممية مستقلة.
تعتمد هذه الدعوى على اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها لعام 1948، وتطالب المحكمة باتخاذ تدابير مؤقتة تُلزم الإمارات بوقف جميع أشكال الدعم الموجهة لتلك القوات، ما يجعل هذه الخطوة لافتة ليس فقط جسامة التهم الموجهة لدولة ذات نفوذ إقليمي واسع كالإمارات، بل أيضا المنهج الذي اختاره السودان لمواجهتها.
فبدلا من الاكتفاء بالتصعيد السياسي أو الإعلامي، تبنّت الخرطوم مسارا قانونيا دوليا يعتمد على آليات المساءلة القضائية. ويرى مراقبون أن هذه الخطوة تعبّر عن تحوّل استراتيجي في أدوات المواجهة، قد يكون هدفه المعلن هو وقف الدعم، لكن هدفه الأعمق قد يتمثل في إعادة رسم ميزان القوى داخل النزاع، عبر كبح التمويل والدعم الخارجي الذي يساهم في تأجيج الصراع.
هذه الخطوة تعبّر عن تحوّل استراتيجي في أدوات المواجهة، قد يكون هدفه المعلن هو وقف الدعم، لكن هدفه الأعمق قد يتمثل في إعادة رسم ميزان القوى داخل النزاع، عبر كبح التمويل والدعم الخارجي الذي يساهم في تأجيج الصراع
في المقابل، نفت الإمارات بشكل قاطع هذه الاتهامات، مؤكدة أنها لم تقدّم أي دعم عسكري لأي طرف، وأن دورها اقتصر على المساعدات الإنسانية. كما دفعت بعدم اختصاص المحكمة، مستندة إلى تحفظها على المادة 9 من اتفاقية الإبادة الجماعية، والذي ينص على أن محكمة العدل الدولية تفصل في النزاعات بين الدول بشأن تفسير أو تطبيق الاتفاقية، وهو ما تعترض عليه أبو ظبي قانونيا.
ورغم أن المسار القانوني لا يزال في بداياته، فإن رمزية هذه الدعوى تتجاوز النتائج القضائية المباشرة، إنها رسالة سياسية حازمة بأن زمن الإفلات من المحاسبة يواجه تحديات متزايدة، وأن دور الدول الإقليمية في النزاعات لم يعد محصنا من الرقابة القانونية الدولية.
خلفية النزاع: من دارفور إلى لاهاي
منذ اندلاع الحرب الأهلية في السودان بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في نيسان/ أبريل 2023، تحوّلت مناطق واسعة من إقليم دارفور، لا سيما مدينة الجنينة، إلى بؤر لانتهاكات ممنهجة ضد المدنيين. تقارير موثقة صادرة عن منظمات دولية وإنسانية، من بينها الأمم المتحدة، وصفت ما يجري هناك بأنه عمليات تطهير عرقي ضد جماعة المساليت، شملت القتل الجماعي، والاغتصاب، والتهجير القسري، وحرق القرى بالكامل. وفي خطوة بالغة الأهمية، أعلنت الحكومة الأمريكية مطلع عام 2024 أن ما حدث في الجنينة ومحيطها يرقى إلى جريمة إبادة جماعية.
في هذا السياق، وجّهت الحكومة السودانية اتهامات مباشرة لدولة الإمارات العربية المتحدة، مدّعية أنها لعبت دورا رئيسيا في تمكين قوات الدعم السريع من تنفيذ تلك الجرائم. ووفقا للدعوى التي رفعتها الخرطوم أمام محكمة العدل الدولية، فإن الإمارات قدمت دعما واسع النطاق لقوات الدعم السريع، شمل أسلحة متطورة، طائرات مُسيّرة، وموارد مالية، بالإضافة إلى تقديم الدعم اللوجستي والفني عبر وسطاء في دول الجوار. وبحسب السودان، فإن هذا الدعم كان له أثر مباشر في تصعيد الانتهاكات، وأن الإمارات لم تكن فقط على علم بخطورة الأفعال المرتكبة، بل ساندتها بشكل ضمني أو صريح.
الموقف السوداني: مساءلة بالدليل والدعوى
استند السودان في دعواه القضائية إلى المادة التاسعة من اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية لعام 1948، التي تمنح محكمة العدل الدولية اختصاص الفصل في النزاعات بين الدول بشأن تفسير أو تطبيق الاتفاقية. وفي مرافعته أمام المحكمة، قدّم السودان مجموعة من الأدلة التي تتضمن تقارير لجان خبراء تابعة للأمم المتحدة، وشهادات ناجين من دارفور، وصورا موثقة للهجمات، وأدلة على مسارات تسليح يُزعم أنها تنطلق من أراضٍ خاضعة للنفوذ الإماراتي.
ترى الخرطوم أن نقل الأسلحة والمعدات الحربية، وتقديم الأموال، بل وحتى الإشراف الفني المحتمل من قبل عناصر إماراتية، يُمثل مساهمة فعالة ومباشرة في ارتكاب جرائم الإبادة الجماعية. وتدفع بأن ذلك يُدرج الإمارات تحت بند "التواطؤ" في الجريمة بموجب المادة الثالثة من الاتفاقية، التي تجرّم ليس فقط الفعل نفسه، بل أيضا التخطيط أو التحريض أو المساعدة عليه.
وطالب السودان المحكمة باتخاذ تدابير مؤقتة عاجلة، تشمل الوقف الفوري لأي دعم إماراتي لقوات الدعم السريع، ومنع مرور الأسلحة عبر أراضي دول الجوار، بالإضافة إلى تقديم ضمانات قانونية بعدم تكرار أي شكل من أشكال الدعم مستقبلا.
الموقف الإماراتي: إنكار وتحفظ على الاختصاص
من جانبها، رفضت دولة الإمارات بشكل قاطع جميع الاتهامات التي وجّهها السودان، مؤكدة أن مشاركتها في الملف السوداني كانت إنسانية الطابع، وتهدف لتخفيف معاناة المدنيين، لا لتأجيج الصراع. وأشارت إلى أنها قدّمت مساعدات طبية وغذائية عبر منظمات إنسانية معترف بها دوليا، ولم تنخرط في أي تعاون عسكري مع قوات الدعم السريع أو أي طرف آخر في النزاع السوداني.
كما اعتبرت أبو ظبي أن تحريك الدعوى هو محاولة سياسية من قبل الحكومة السودانية لتدويل نزاع داخلي وتحميل المسؤولية لأطراف خارجية بهدف كسب الدعم الدولي، وصرف الأنظار عن إخفاقات الجيش السوداني في إدارة الأزمة.
قانونيا، دفعت الإمارات بعدم اختصاص محكمة العدل الدولية بالنظر في الدعوى، مستندة إلى تحفظها الرسمي على المادة التاسعة من اتفاقية الإبادة الجماعية عند انضمامها لها في عام 2005. وبموجب هذا التحفظ، ترفض الإمارات إلزامية اختصاص المحكمة في أي نزاع يتعلق بتطبيق الاتفاقية، وتؤكد أن هذا التحفظ قانوني وفعّال، خاصة وأن السودان لم يعترض عليه في حينه.
الأبعاد القانونية: الإبادة والتواطؤ والاختصاص
ترتكز القضية على عدة عناصر قانونية معقدة:
- أولا، هل ترتقي الجرائم المرتكبة ضد جماعة المساليت إلى مستوى الإبادة الجماعية وفقا للمادة الثانية من الاتفاقية؟ وهذا يتطلب إثبات وجود نية لتدمير الجماعة كليا أو جزئيا.
- ثانيا، هل يمكن اعتبار الإمارات متواطئة؟ أي هل قدمت دعما فعليا وكانت على علم بأن هذا الدعم سيساهم في تنفيذ إبادة جماعية؟ وفقا لاجتهاد المحكمة في قضية البوسنة ضد صربيا، فإن مجرد تقديم الدعم مع العلم بالنية الإجرامية يمكن أن يُثبت التواطؤ.
- ثالثا، هل للمحكمة اختصاص للنظر في الدعوى رغم التحفظ الإماراتي؟ السودان يرى أن التحفظ يتنافى مع غرض الاتفاقية، بينما تعتمد الإمارات على صحة التحفظ في استبعاد اختصاص المحكمة.
قراءة سياسية: تصعيد قانوني في التعامل مع الإمارات
بعيدا عن الاعتبارات القضائية البحتة، تعكس دعوى السودان أمام محكمة العدل الدولية نقلة نوعية في طريقة تعاطيه مع النفوذ الإماراتي في الإقليم. فمنذ اندلاع الحرب في السودان، توالت التقارير والاتهامات التي تشير إلى أن أبو ظبي تدعم قوات الدعم السريع، من خلال قنوات تمويل وتسليح مباشرة أو غير مباشرة. ورغم حدة هذه الاتهامات، إلا أن الخرطوم، لفترة طويلة، اكتفت بالإشارات الإعلامية والمواقف السياسية المبطنة.
لكن الآن، ومع لجوء السودان إلى المحكمة الدولية، يبدو أن الدولة قد قررت نقل المواجهة إلى ساحة القانون الدولي، وهو تحوّل استراتيجي بكل المقاييس. هذا التحول لا يعكس فقط تغيرا في أدوات الضغط، بل يرمز إلى نضج في استخدام آليات القانون الدولي كوسيلة لإعادة تشكيل العلاقات الإقليمية، خصوصا مع دول ذات نفوذ وتأثير سياسي واقتصادي كبير مثل الإمارات.
ما يجعل هذه الخطوة أكثر أهمية هو أنها تأتي ضمن سياق إقليمي مليء بالتوترات المرتبطة بأدوار أبو ظبي في عدة دول عربية. فقد سبق أن اتُّهمت الإمارات بالتدخل في النزاع الليبي من خلال دعم اللواء المتقاعد خليفة حفتر، كما طُرحت تساؤلات جدية حول دورها في تأجيج الحرب في اليمن عبر دعم تشكيلات مسلحة محلية تعمل خارج إطار الدولة، مثل قوات المجلس الانتقالي الجنوبي.
هل تفتح هذه القضية الباب أمام دعاوى مماثلة؟
هنا يبرز سؤال مشروع: هل تشكّل هذه الدعوى سابقة قد تدفع أطرافا أخرى -في ليبيا أو اليمن مثلا- إلى تحريك ملفات مشابهة أمام القضاء الدولي؟
الإجابة الأولية: نعم، ولكن بشروط. فلنجاح أي دعوى من هذا النوع، لا بد من توفر أدلة موثقة ومتماسكة على أن الدعم الإماراتي لم يكن سياسيا فقط، بل ماديا وعسكريا أسهم بشكل مباشر في وقوع انتهاكات جسيمة ترقى إلى مستوى الجرائم الدولية، مثل جرائم الحرب أو الجرائم ضد الإنسانية أو الإبادة الجماعية. كما يجب أن يكون الطرف المتضرر منخرطا في منظومة المعاهدات الدولية ذات الصلة، وعلى استعداد لخوض معركة قانونية طويلة ومكلفة سياسيا.
ورغم أن الحكومات في ليبيا واليمن تعاني من ضعف مؤسسي وصعوبات في إثبات الوقائع الميدانية، إلا أن السودان -بتحريكه لهذه الدعوى- وضع سابقة سياسية وقانونية يمكن البناء عليها لاحقا، خاصة إذا ثبت أن القانون الدولي يوفر أرضية ممكنة لمحاصرة السلوك الخارجي لدول تتجاوز نطاق التدخل السياسي إلى العمل العسكري غير المشروع.
حتى وإن لم تؤدِ الدعوى إلى إدانة مباشرة -لأسباب تتعلق بالاختصاص أو البينة- فإن مجرد رفعها يشكّل سابقة مهمة. فوجود دولة مثل الإمارات، المتهمة بدور فعال في نزاع دموي، أمام منصة قضاء دولي، يحمل قيمة رمزية وردعية لا يُستهان بها. إنه إعلان بأن النفوذ الإقليمي لم يعد حصينا من التمحيص الدولي
من جهة أخرى، فإن المجتمع الدولي، بما فيه المنظمات الحقوقية والمحققون الأمميون، بات أكثر حساسية تجاه قضايا التواطؤ والدعم الخارجي في النزاعات الداخلية. لذا، فإن لجوء السودان إلى المحكمة قد يُحدث أثرا غير مباشر يتمثل في تشجيع أطراف أخرى على التفكير في تفعيل أدوات المحاسبة، لا سيما في ظل غياب آليات فعالة داخل العالم العربي.
خاتمة: من لاهاي إلى ساحات التأثير الإقليمي
يمثل التحرك السوداني رسالة مزدوجة ذات أبعاد استراتيجية وقانونية؛ أولا، إلى الإمارات، بأن سياساتها الإقليمية لن تمر بعد اليوم دون رقابة قانونية أو سياسية. وثانيا، إلى الدول الأخرى التي شعرت بوطأة التدخلات الخارجية، بأن التفاوض السياسي لم يعد الخيار الوحيد، وأن أدوات المساءلة الدولية -مهما بدت معقدة أو بعيدة- أصبحت متاحة وفاعلة في فرض حدود على النفوذ غير المسؤول.
قضية السودان ضد الإمارات أمام محكمة العدل الدولية تتجاوز كونها مجرد دعوى قانونية؛ إنها إعادة رسم لطريقة التعامل مع الدول التي تدير صراعات من خلف الستار. لطالما اتُّهمت الإمارات بإدارة نفوذها في النزاعات الإقليمية عبر دعم أطراف مسلحة خارج الإطار الرسمي للدول، دون أن تُواجه بأي مساءلة قانونية. الآن، هذا النمط التقليدي بدأ يتعرض لتحدٍ مباشر من خلال أدوات القانون الدولي.
حتى وإن لم تؤدِ الدعوى إلى إدانة مباشرة -لأسباب تتعلق بالاختصاص أو البينة- فإن مجرد رفعها يشكّل سابقة مهمة. فوجود دولة مثل الإمارات، المتهمة بدور فعال في نزاع دموي، أمام منصة قضاء دولي، يحمل قيمة رمزية وردعية لا يُستهان بها. إنه إعلان بأن النفوذ الإقليمي لم يعد حصينا من التمحيص الدولي، وأن الرهانات على الإفلات من العقاب لم تعد مضمونة.
وبناء على هذا المنطق، من الممكن أن نشهد في المستقبل توجها مشابها من أطراف أخرى، في ليبيا أو اليمن، خاصة من جانب المبادرات الحقوقية أو حتى عبر مسارات التقاضي الدولي غير الحكومي. فالسودان لم يفتح فقط قضية ضد الإمارات، بل فتح بوابة جديدة لفهم كيف يمكن استخدام القانون الدولي كأداة ضغط في وجه التدخلات المسلحة التي تتخفى خلف السياسة والدبلوماسية.