فرنسا وحرب أوكرانيا.. «فلينتصر صوت العقل قبل فوات الأوان»
تاريخ النشر: 5th, March 2024 GMT
الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون
بعد تصريحات الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون عن الاستعداد للتدخل عسكريًا فى أوكرانيا، وبمبادرة من جوليان أوبير ورولان لومباردى نشر موقع لو ديالوج، بيانًا جماعيًا بتوقيع العديد من الشخصيات والمتخصصين في هذه القضية، حتى يفرض «صوت العقل» نفسه في النهاية في سياسة فرنسا تجاه هذا الصراع.
بعد عامين ودخول القوات الروسية إلى أوكرانيا، أصبح فشل الاستراتيجية الغربية المتمثلة في دعم كييف ضد موسكو واضحًا، وبينما بدأت الشكوك تحوم في واشنطن، يبدو أن المسئولين الأوروبيين متمسكون بالخطأ الجيوستراتيجي، وما زالوا يستبعدون الحل الدبلوماسي للصراع وما زالوا يختارون طريق الحرب.
كل هذا، على الرغم من مئات الآلاف من الوفيات الأوكرانية التي تم تسجيلها بالفعل، وقبل كل شيء، في تحدٍ للنصيحة والمصالح الاقتصادية والأمنية الوحيدة للسكان الأوروبيين. يؤكد هذا الاندفاع المأساوي المتهور الكارثة والانتحار الجيوسياسي لأوروبا الجاري بالفعل ويعلن عن كارثة إنسانية أثقل في الأشهر المقبلة.
إن تصريحات إيمانويل ماكرون «دون استشارة البرلمان!»، يوم الإثنين ٢٦ فبراير خلال المؤتمر حول أوكرانيا، توضح بشكل كبير هذا الاتجاه المؤسف، وقبل كل شيء، اتخذت خطوة جديدة مثيرة للقلق في التصعيد، إنه موقف عدائي وغير متسق وغير مسئول وخطير للغاية. لدرجة أنه، حتى حلفائه الأوروبيين، فضلًا عن حلف شمال الأطلسي، سرعان ما ناقضوا الرئيس الفرنسي ونأوا بأنفسهم عن المقيم فى الإليزيه.
إنها جملة غريبة وسلبية تلك التي أعلنها إيمانويل ماكرون خلال المؤتمر حول أوكرانيا يوم الإثنين ٢٦ فبراير: "لم أقل على الإطلاق أن فرنسا لا تؤيد إرسال قوات".
ولم يشأ الرئيس الفرنسي أن يقول إن فرنسا تؤيد ذلك، لكنه اقترب بشكل خطير من هذا الخيار بقوله: «لا يوجد إجماع اليوم على إرسال قوات برية بشكل رسمي ومفترض ومؤيد، لكن لا ينبغي استبعاد أي شيء، سنفعل كل ما يلزم لضمان عدم فوز روسيا».
ولا بد من القول إن الإليزيه كان قد دعا نحو عشرين رئيس دولة وحكومة أوروبية وستة ممثلين وزاريين، بما في ذلك وكيل وزارة الخارجية الأمريكية، للتأكيد من جديد على صلابة الدعم «العسكري والمالي» لأوكرانيا، ويهدف المؤتمر إلى إظهار تصميم الغرب أمام بوتين.
لكن بتبنيه مثل هذا الموقف المتقدم الذي وصفه بـ«الغموض الاستراتيجي»، يكون إيمانويل ماكرون قد وقع في فخ سياسي قانوني هائل.
من الناحية القانونية، لا يحق للدول الغربية شن الحرب بالشكل الذي تراه مناسبًا، ورغم أن غزو أوكرانيا يشكل انتهاكًا واضحًا لميثاق الأمم المتحدة، فإن فرنسا لا تستطيع التذرع بالدفاع عن النفس لدخول الأراضي الأوكرانية بالمعنى المقصود في المادة ٥١ من الميثاق، لا توجد معاهدة تحالف تربطنا بهذا البلد، الأمر الذي يستبعد المفهوم الشامل لهذه القدرة «الدفاع الجماعي عن النفس».
وبالتالي، فحتى لو ظهر «إجماع» يوم الاثنين ٢٦ فبراير في باريس حول حقيقة إرسال قوات برية، فإن الطريقة الوحيدة لاحترام الشرعية تتلخص في الحصول على موافقة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة على مثل هذا الإقرار لمفهوم الأمن الجماعي «الفصل السابع من ميثاق المنظمة الدولية».. ومع ذلك، لا أحد يتخيل أن روسيا لن تستخدم، فى مجلس الأمن، حق النقض ضد هذا الخيار.
وعندما لا يستبعد إيمانويل ماكرون إمكانية إرسال قوات برية، فهو بالتالي يدفن الأمم المتحدة، بوعي أو بغير وعي، من خلال التأكيد على أن العديد من الدول الأعضاء الدائمة في مجلس الأمن يمكن أن تخوض حربًا ضد عضو دائم آخر.
فكيف لا نرى المفارقة الرهيبة في هذا؟ في صباح اليوم الذي غامر فيه إيمانويل ماكرون بالدخول إلى منطقة زلقة، أعلن أنطونيو جوتيريش، الأمين العام للأمم المتحدة، في افتتاح الدورة الخامسة والخمسين لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، أن «مجلس الأمن كان في كثير من الأحيان مشلولًا ومضطربًا، وغير قادر على التصرف بشأن أهم قضايا السلام والأمن في عصرنا».
وأوضح أن تقاعس المجلس بشأن أوكرانيا وغزة ربما يكون قد قوض سلطته بشكل قاتل وأن المجلس بحاجة إلى إصلاح شامل لتكوينه وأساليب عمله.
إن تصريح إيمانويل ماكرون يشكل خطأ جيوسياسيًا خطيرًا، إذ تلعب فرنسا دورًا رئيسيًا في النظام الدولي بسبب مقعدها الدائم، وبالتالي فإن تقويض مجلس الأمن أكثر من ذلك بقليل يعني قطع الصلة بالفرع الدبلوماسي الذي نجلس فيه.
ويقترن هذا الخطأ قبل كل شيء بخطأ عسكري.. فللقانون الدولي حدوده، لكن حق النقض هو في الواقع فتيل يساعد على تجنب التصعيد بين القوى العظمى. فهل سنكون أكثر أمنًا حقًا إذا اتصلت فرنسا، القوة النووية، غدًا، من خلال القانون، بروسيا، وهي قوة نووية أخرى؟
إن الغموض الاستراتيجي الذي يفرضه إيمانويل ماكرون "بشأن إرسال قوات برية" لن يخلف أي تأثير رادع، لأن الأسلحة النووية فقط هي التي تمتلك هذا التأثير. طالما أنك لا تجد نفسك تواجه معضلة استخدامه!.
جوليان أوبيروقع على البيان أكثر من ثلاثين شخصية فرنسية، من بينهم:
جوليان أوبير، نائب رئيس الحزب الجمهوري ورئيس الحركة الشعبية «أوزيه لافرانس»، ورولان لومباردي، مؤرخ ورئيس تحرير موقع «لو ديالوج»، وفاليري بوير، عضو مجلس الشيوخ، وإريك دينيسي، مدير المركز الفرنسي لأبحاث الاستخبارات، وآلان شويت، الرئيس السابق لجهاز الاستخبارات الأمنية التابع للمديرية العامة للأمن الخارجي، وكارولين جالاكتيروس، دكتورة في العلوم السياسية، وألكسيس ترود، عالم في الجغرافيا السياسية وأكاديمي ورئيس التجمع الفرنسي الصربي، ونيكولا ميركوفيتش، رئيس رابطة الغرب والشرق ومحلل سياسي.
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: إيمانويل ماكرون أوكرانيا جوليان أوبير رولان لومباردي
إقرأ أيضاً:
مولوي من السعودية: مصمّمون على أن نخرج إلى لبنان الذي نريده وتريدونه
شارك وزير الداخلية والبلديات القاضي بسام مولوي في أعمال "الدورة الاولى لمجلس وزراء الأمن السيبراني العرب" الذي استضافته المملكة العربية السعودية بدعوة من الأمانة العامة لجامعة الدول العربية.
وألقى مولوي كلمة في الجلسة الافتتاحية قال فيها:
"جئتُ أؤكّدُ إعلان لبنان إلتزامه بالشرعية الدولية والشرعية العربية وشرعيته اللّبنانية وبالأمن والقانون، سبيلاً وحيداً لتكريسِ قوّته وبناءِ دولته وتحقيقِ نموه.
جئتُ أوكّدُ أن لبنان قوي بكم، قوي بمحبةِ ودعمِ أشقائه العرب.
نحن أبناء لبنان، سنَبني لبنان بالوحدةِ الوطنية وتضافر الجهود، ونتشاركُ جميعاً بإيجابية، يداً واحدة، بعيداً عن المؤشرات السلبية، بعيداً عن "الممانعةِ" وعن "المعارضة"، وهما شعاران لم يؤديا بلبنان إلى أيّ نتيجة، وأمعنا فيه تراجعاً على كلّ المستويات.
نحن مصمّمون على أن نخرجَ إلى لبنان الذي نريده وتريدونه، نفخر به وتفخرون به، فيكونَ حصناً لأبنائه وقوةً وسنداً لكم، سنداً للعرب يأخذ مكانته بينهم، يمنعُ عنهم الأذى والجريمة والمخدرات ولا يكون مأوىً أو منبراً لأيّ تجمّعٍ أو إجتماعٍ يضرُّ بهم أو يتناولُ إستقرارهم بما لا يرضي الله ولا يرضيهم، ويحمي مجتمعه ومجتمعاتهم والمجتمع العربي الواحد، أمناً وأماناً وتقدّماً".
وأضاف: "نجتمعُ في الدورة الأولى لمجلس وزراء الأمن السيبراني العرب، في ظلّ عصرٍ رقميٍ غدا يعتمد على التقنيات الحديثة في الحكومةِ والحوكمةِ والمؤسسات.
نجتمع وقد أصبح الأمن السيبراني ضرورةً لتأمين أمن الدولةِ والأفرادِ وأمن الخدمات.
فتزايدت التحدّيات المتعلّقة بالمعلومات والبيانات. وقد قابلها توسّل الجريمةِ للعلم، فكانت الهجماتُ السيبرانية التي تستهدف الأنظمة والشبكات المعلوماتية في القطاعات الحيوية بدافع التجسّس والإرهاب الإلكتروني، وهو ما يهدّدُ الأمن القومي لدُوَلِنا، وأمن أفرادنا ومجتمعاتنا، وأمن العالم.
ولطالما قُلنا أن مكافحةَ الجريمةِ لا تكون إلاّ بالعلم، ولا يكون الأمن إلاّ بالعلمِ وبالإستثمارِ فيه.
ها نحن نجتمع لنتدارسَ ونتّخذ الخطوات في تعزيز حماية الأنظمةِ الإلكترونية والشبكات من التهديدات السيبرانية التي تهدّد أمن الدولة وعمل المؤسسات. ويكون مجلس وزراء الأمن السيبراني العرب فرصةً حقيقيةً لتعزيز التعاون العربي وتوحيد المساعي وشدّ عرى أمننا العربي المشترك، فنطلِقَ المبادرات لدعمِ الجهودِ العربية والوطنية ونواكبُ تطوّر التقنيات ونتبادل الخبرات ونرفع مستوى الجهوزية لتقييم المخاطرِ ومعالجة الثغرات على كافة المستويات القانونية والتقنية والبشرية والمادية".
وقال مولوي: "لقد أولَت الدولة اللّبنانية موضوع الأمن السيبراني إهتماماً بالغاً. فأقرّ لبنان قانون المعاملات الإلكترونية والبيانات ذات الطابع الشخصي رقم 81/2018. كما أطلقت الحكومة الإستراتيجية الوطنية للأمن السيبراني في العام 2019. وأكّد البيان الوزاري للحكومة على ضرورة تعزيز الإجراءات اللاّزمة لحماية الفضاء السيبراني اللّبناني والبنى التحتية المعلوماتية وحماية البيانات. ونحن نتطلّع عبر إنشاء الهيئة الوطنية إلى تعزيز الأمن السيبراني في مرافق الدولة وإتّخاذ إجراءات الأمان الأساسية وتركيب وسائل الحماية في قطاعات الدولة والإلتزام بمعايير الأمن الرقمي العالمية".
وختم: "لقد قامت وزارة الداخلية والأجهزة الأمنية التابعة لها بإجراء الإستقصاءات والتحقيقات الفنية في العديد من التهديدات والهجمات السيبرانية، وتوصّلت إلى تحديد مصدرها وإتّخاذ الإجراءات المناسبة بشأنها، بالإضافة إلى تنظيم حملات التوعية وبذل جهودٍ مستمرّة لتدريب الكوادر البشرية وتعزيز التعاون مع المنظمات الدولية المتخصّصة.
وقد ساهم ذلك في تحفيز القطاعات الحيوية وحماية البنى التحتية المعلوماتية والوقاية من المخاطر السيبرانية وتحقيق الأمان".