سادية الغرب.. وتخاذل العرب!
تاريخ النشر: 5th, March 2024 GMT
حمد بن سالم العلوي
ظل الغرب يصور للناس أنه يمثل قيم الديمقراطية والحرية، وأنه الراعي الوحيد للعدالة وحقوق الإنسان حول العالم، لكن ذلك ليس سوى كذبة كبرى ظل يصدقها السذج من الناس، فبإطلالة سريعة على تاريخ الغرب، يتضح أنَّ الغرب لا يحيا إلّا بالدم وألم الآخرين، وعلى الدم وعذابات البشر ينتشي وينتعش، فإذا زرت أوروبا ومررت أمام معالمها الشهيرة، ستجد نصبًا تذكارية لبشر يمثلون قادة الغرب، فيخلدون لهم ذكراهم بتماثيل تظهر قادتهم، وهم يعلقون بأيديهم رؤوساً بشرية بيد، وبأخرى يمسكون السيف الذي قطعت به تلك الرؤوس، والفخر يظهر على ملامحهم.
والحقيقة أن تلك المجسمات الإرهابية والمتوحشة، لا يزينون بها فقط المعالم الرئيسية في بلدانهم، وإنما تجدها مُعلقة كذلك في دور العبادة، فتجدهم يزينون كنائسهم برؤوس مقطوعة، ولا غرو في الحديث عن الرحمة والتسامح والإنسانية، وذلك أمام شواهد يخلدها تاريخهم وينم عن قسوة وفكر إرهابي ذميم، وهذا ما يوضح سادية هذا الغرب الذي يحمل الإجرام في جيناته الوراثية.
كما نجد أن إعلامهم الكاذب والمنافق، يشير إلى أن المسلمين هم الإرهابيون، ويجسدون في زعمهم هذا، بما يأتي بها من أفعال أدواتهم المخلصين لهم، وذلك ممن صنعوهم بأيديهم كداعش وأخواتها، وأمهاتها من قبل، والتي انبثق عنها مجموعة الدواعش بمسميات مختلفة ولكن المنشأ واحد وهو الغرب عينه، وذلك بتبني فكرها من جزِّ الرؤوس، وبقر الصدور ومضغ الكبود، وقد كان لأولئك السلف الذين ينهجون نهجهم، أن قتلوا المسلمين عند صلاة الفجر، وصلاة الفجر لا يذهب إليها ليصليها في المساجد، إلّا الورع ومن كان قلبه عامرًا بالإيمان؛ فتجدهم يتبجحون بأنهم قتلوا الكفار، والمشركين في المساجد عند صلاة الفجر، فهؤلاء هم من صناعة المخابرات البريطانية.
أما العقيدة الإسلامية الحقة، فإنها تحرم في الحروب قتل الطفل والمرأة وكبار السن، وكذلك يمنع على المسلم التمثيل بجثث قتلى الحروب؛ بل يوصي الدين الإسلامي بعدم الإجهاز على جريح، فيكتفى بتعطيل قدرته على القتال. وهنا أورد مختصرًا من وصية الإمام الصلط بن مالك الخروصي إمام عُمان لقادة الأسطول العُماني الذي وجهه لإعادة سقطرى استجابة إلى نداء فاطمة السقطرية في قصيدة طويلة، ترجو فيها الإمام نجدتهم، وتخليصهم من أيدي النصارى الناكثين بالعهد فيقول: "فإن أقدمكم الله الجزيرة فتناظروا وتشاوروا وأرجو أن لا يجمعكم الله على ضلال، فإن رأيتم أن يكون صمدكم ومنزلكم قريباً من القرية الناكثة، فتحاصروهم ويكون رسلكم إليهم من هناك، وترسلون إلى أهل العهد الذين لم ينقضوا عهدهم حتى يصل إليكم وجوههم ورؤسائهم فإن رأيتم أن يكون منزلكم في القرية، فافعلوا من ذلك ما اجتمع عليه رأيكم من بعد مشورة أهل الخبرة ممن ترجون بركة رأيهم وفضل معرفتهم، فإذا أرسلتم إلى أهل السلم والعهد فاعلموهم مع رسلكم أنهم آمنون على أنفسهم ودمائهم وحريمهم وذراريهم وأموالهم وأنكم وافون لهم بالعهد والذمة والجزية على الصلح الذي يقوم بينهم وبين المسلمين فيما مضى ولا ينقض ذلك ولا يبدله، وأمروهم بإحضار جزيتهم إليكم واختاروا إليهم رجالا من خيارهم من يثبت إلى الصلاح منهم، فوجهوهم إلى هؤلاء الناقضين لعهدهم الناكثين على المسلمين ببغيهم، واجعلوا ممن توجهون رجلين صالحين ممن يوثق بهم من أهل الصلاة، فإن لم يمكنكم بعث اثنين فواحد، فتأمروهم أن يصلوا إلى الذين نقضوا العهد، فتدعوهم على لساني وألسنتكم إلى الدخول للإسلام، وإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة مع حقوق الله والانتهاء من معصيته، فإن قبلوا ذلك فهي أفضل المنزلتين لهم وذلك يمحو ما كان من حدثهم، لأن الله يقول في المحكم من كتابه: (فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلوا سبيلهم إن الله غفور رحيم)" إذن؛ هكذا يكون الإسلام الحقيقي، وليس الغدر بالمسلمين عند صلاة الفجر.
وعلى نفس النسق تم احتلال دولة فلسطين، وذلك بتخطيط وتنفيذ بريطاني ورعاية منها لليهود، وكان المشروع يتضمن الإحلال وليس الإحتلال، بدليل مجازر دير ياسين وغيرها من البلدات الفلسطينية، ولكن التقادير الربانية أوجدت زعامات عربية قوية بقيادة الزعيم جمال عبدالناصر، والزعيم حافظ الأسد، والزعيم هواري بومدين، ولحق بهم الزعيم معمر القذافي، والزعيم صدام حسين، فلم يجرؤ الصهاينة على الإبادة الجماعية في ذلك الوقت، لذلك تأخر المشروع، حتى تتم تهيئة قادة عرب جدد للتماهي التام مع مشروع الكيان الصهيوني، ولكن ما عكر على مشروعهم اليوم، هو وجود وسائل للتواصل الاجتماعي، أصبحت سيدة الساحة العالمية، فتخطت هذه الوسائل الإعلام المنافق المتصهينين التابع للأنظمة الرسمية، فصار الخطاب يذهب مباشرة إلى الشعوب، فلذلك خرجت شعوب الغرب للتظاهر بالملايين لصالح الشعب الفلسطيني، أما الشعوب العربية، فقد دجنت وأصبحت منزوعة الدسم، عدا قلة قليلة.
لا نقول إلّا صبرًا أهل غزة العزة أن النصر آتٍ، وأن طوفان الأقصى بداية النهاية للصهاينة، وأنَّ لا أحد سيموت بغير تقدير من الله، وهم مكرمون بالشهادة والحياة الأبدية.. وإنه لجهاد نصر أو استشهاد.
رابط مختصرالمصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
قضايا وأسرار خلف الأسوار
د. جمالات عبد الرحيم
الدور الذي لعبته الدول الغربية في تهجير اليهود إلى فلسطين العربية وتمكين الصهاينة من القدس العربية وخلق مشاكل اجتماعية واقتصادية وأمراض ومجاعات وعنصرية، هو نفس الدور الذي قام به الغرب وأمريكا وإسرائيل لطرد الأفارقة من بلادهم ونهب ثرواته وتفقيرهم وتشريدهم من دولة إلى دولة.
ونفس قضية فلسطين تقررت من أفعال الغرب السيئة؛ حيث لا يرغبون في دخول الفلسطينيين والأفارقة النازحين إلي أراضيهم، وأن الأمم المتحدة من الواجب أن يكون لها دور كبير في حل هذه القضايا المتعلقة بنهب وسرقة البشر من بلادهم وسرقة ثرواتهم بيد الدول الاستعمارية التي شجعت علي السرقة والنهب وتشريد الدول الأفريقية، ما أدى إلي انحراف المهاجرين النازحين الذين يهربون من الفقر والفساد لإيجاد حلول سليمة في الدول الأوروبية التي نهبت خيراتهم؛ بل لا تسمح الدول الغربية بدخول هؤلاء الفارين من المجاعات والفقر ولو ذهبوا إلى بلد عربي أفريقي مثل تونس لكي تفتح لهم الأبواب ويعملون أو يعيشون معيشة كريمة آمنة.
للأسف لن يجدوا من يفتح لهم الباب للعمل أو إيجاد أي حل لقضاياهم؛ بل للأسف من العار أن بعض العرب فتحوا بلادهم وقنواتهم الشرعية وكل الممرات والطرق والمشاريع والمطارات إلىالصهاينة الذين يسرقون ويقتلون وينهبون ويشردون أهالي فلسطين علنا أمام العرب والعالم كله.
إسرائيل تقف وراء كل هذه المصائب التي تحدث في الدول الأفريقية مثل السودان ونيجيريا وإريتريا وفلسطين وبلاد أخرى حول العالم وأن التحديات التي تواجه أهل فلسطين والوطن العربي هي نفس التحديات التي تواجه الأفارقة.
وهنا نسأل: لماذا الصهاينة وأمريكا والغرب بالمرصاد للدول؟ ولماذا لا أحد يقر بأن أمريكا هي التي تحكم العالم كله وقد طرد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب العديد من المهاجرين الذين دخلوا أمريكا بطريقة غير شرعية؟ ولماذا لا يطرد العرب الصهاينة لأنهم دخلوا إلى أرض فلسطين العربية منذ وعد بلفور المشؤوم بطريقة غير شرعية وخيانة عظمي قد أثبتها التاريخ القديم والحديث؟
ومن الواجب أن تبحث الدول العربية عن إيجاد حلول لنفسها كذلك خوفا من سقوطهم في أي لحظة في يد الأقليات التابعة إلى المنظمات الغربية؛ لأنه يجب على المجتمع الدولي- بما في ذلك دول الغرب- أن يتحمل المسؤولية تجاه الأزمات الإنسانية التي يعاني منها أهل فلسطين وأفريقيا، ومن الأهمية التشجيع على الحوار والتعاون بين الدول من أجل تحقيق حلول دائمة تسهم في تحقيق الاستقرار والتنمية؛ لأن المهاجرين من القارة الأفريقية يحتاجون إلى الدعم وليس التهميش.
كما ينبغي أن تعامل قضية فلسطين بطريقة تعكس القيم الإنسانية والعدالة؛ لأن كل يوم تظهر قضية جديدة
بسبب فساد الأنظمة الغربية التي تتفق مع الحكومة الأمريكية والصهيونية، وأن نفس اللعبة الخبيثة التي فعلها الغرب في تهجير اليهود إلى أرض فلسطين العربية هو نفس الدور الخبيث الذي يفعلونه مع القارة الأفريقية.