جريدة الرؤية العمانية:
2025-02-02@17:20:26 GMT

سادية الغرب.. وتخاذل العرب!

تاريخ النشر: 5th, March 2024 GMT

سادية الغرب.. وتخاذل العرب!

 

حمد بن سالم العلوي

ظل الغرب يصور للناس أنه يمثل قيم الديمقراطية والحرية، وأنه الراعي الوحيد للعدالة وحقوق الإنسان حول العالم، لكن ذلك ليس سوى كذبة كبرى ظل يصدقها السذج من الناس، فبإطلالة سريعة على تاريخ الغرب، يتضح أنَّ الغرب لا يحيا إلّا بالدم وألم الآخرين، وعلى الدم وعذابات البشر ينتشي وينتعش، فإذا زرت أوروبا ومررت أمام معالمها الشهيرة، ستجد نصبًا تذكارية لبشر يمثلون قادة الغرب، فيخلدون لهم ذكراهم بتماثيل تظهر قادتهم، وهم يعلقون بأيديهم رؤوساً بشرية بيد، وبأخرى يمسكون السيف الذي قطعت به تلك الرؤوس، والفخر يظهر على ملامحهم.

والحقيقة أن تلك المجسمات الإرهابية والمتوحشة، لا يزينون بها فقط المعالم الرئيسية في بلدانهم، وإنما تجدها مُعلقة كذلك في دور العبادة، فتجدهم يزينون كنائسهم برؤوس مقطوعة، ولا غرو في الحديث عن الرحمة والتسامح والإنسانية، وذلك أمام شواهد يخلدها تاريخهم وينم عن قسوة وفكر إرهابي ذميم، وهذا ما يوضح سادية هذا الغرب الذي يحمل الإجرام في جيناته الوراثية.

كما نجد أن إعلامهم الكاذب والمنافق، يشير إلى أن المسلمين هم الإرهابيون، ويجسدون في زعمهم هذا، بما يأتي بها من أفعال أدواتهم المخلصين لهم، وذلك ممن صنعوهم بأيديهم كداعش وأخواتها، وأمهاتها من قبل، والتي انبثق عنها مجموعة الدواعش بمسميات مختلفة ولكن المنشأ واحد وهو الغرب عينه، وذلك بتبني فكرها من جزِّ الرؤوس، وبقر الصدور ومضغ الكبود، وقد كان لأولئك السلف الذين ينهجون نهجهم، أن قتلوا المسلمين عند صلاة الفجر، وصلاة الفجر لا يذهب إليها ليصليها في المساجد، إلّا الورع ومن كان قلبه عامرًا بالإيمان؛ فتجدهم يتبجحون بأنهم قتلوا الكفار، والمشركين في المساجد عند صلاة الفجر، فهؤلاء هم من صناعة المخابرات البريطانية.

أما العقيدة الإسلامية الحقة، فإنها تحرم في الحروب قتل الطفل والمرأة وكبار السن، وكذلك يمنع على المسلم التمثيل بجثث قتلى الحروب؛ بل يوصي الدين الإسلامي بعدم الإجهاز على جريح، فيكتفى بتعطيل قدرته على القتال. وهنا أورد مختصرًا من وصية الإمام الصلط بن مالك الخروصي إمام عُمان لقادة الأسطول العُماني الذي وجهه لإعادة سقطرى استجابة إلى نداء فاطمة السقطرية في قصيدة طويلة، ترجو فيها الإمام نجدتهم، وتخليصهم من أيدي النصارى الناكثين بالعهد فيقول: "فإن أقدمكم الله الجزيرة فتناظروا وتشاوروا وأرجو أن لا يجمعكم الله على ضلال، فإن رأيتم أن يكون صمدكم ومنزلكم قريباً من القرية الناكثة، فتحاصروهم ويكون رسلكم إليهم من هناك، وترسلون إلى أهل العهد الذين لم ينقضوا عهدهم حتى يصل إليكم وجوههم ورؤسائهم فإن رأيتم أن يكون منزلكم في القرية، فافعلوا من ذلك ما اجتمع عليه رأيكم من بعد مشورة أهل الخبرة ممن ترجون بركة رأيهم وفضل معرفتهم، فإذا أرسلتم إلى أهل السلم والعهد فاعلموهم مع رسلكم أنهم آمنون على أنفسهم ودمائهم وحريمهم وذراريهم وأموالهم وأنكم وافون لهم بالعهد والذمة والجزية على الصلح الذي يقوم بينهم وبين المسلمين فيما مضى ولا ينقض ذلك ولا يبدله، وأمروهم بإحضار جزيتهم إليكم واختاروا إليهم رجالا من خيارهم من يثبت إلى الصلاح منهم، فوجهوهم إلى هؤلاء الناقضين لعهدهم الناكثين على المسلمين ببغيهم، واجعلوا ممن توجهون رجلين صالحين ممن يوثق بهم من أهل الصلاة، فإن لم يمكنكم بعث اثنين فواحد، فتأمروهم أن يصلوا إلى الذين نقضوا العهد، فتدعوهم على لساني وألسنتكم إلى الدخول للإسلام، وإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة مع حقوق الله والانتهاء من معصيته، فإن قبلوا ذلك فهي أفضل المنزلتين لهم وذلك يمحو ما كان من حدثهم، لأن الله يقول في المحكم من كتابه: (فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلوا سبيلهم إن الله غفور رحيم)" إذن؛ هكذا يكون الإسلام الحقيقي، وليس الغدر بالمسلمين عند صلاة الفجر.

وعلى نفس النسق تم احتلال دولة فلسطين، وذلك بتخطيط وتنفيذ بريطاني ورعاية منها لليهود، وكان المشروع يتضمن الإحلال وليس الإحتلال، بدليل مجازر دير ياسين وغيرها من البلدات الفلسطينية، ولكن التقادير الربانية أوجدت زعامات عربية قوية بقيادة الزعيم جمال عبدالناصر، والزعيم حافظ الأسد، والزعيم هواري بومدين، ولحق بهم الزعيم معمر القذافي، والزعيم صدام حسين، فلم يجرؤ الصهاينة على الإبادة الجماعية في ذلك الوقت، لذلك تأخر المشروع، حتى تتم تهيئة قادة عرب جدد للتماهي التام مع مشروع الكيان الصهيوني، ولكن ما عكر على مشروعهم اليوم، هو وجود وسائل للتواصل الاجتماعي، أصبحت سيدة الساحة العالمية، فتخطت هذه الوسائل الإعلام المنافق المتصهينين التابع للأنظمة الرسمية، فصار الخطاب يذهب مباشرة إلى الشعوب، فلذلك خرجت شعوب الغرب للتظاهر بالملايين لصالح الشعب الفلسطيني، أما الشعوب العربية، فقد دجنت وأصبحت منزوعة الدسم، عدا قلة قليلة.

لا نقول إلّا صبرًا أهل غزة العزة أن النصر آتٍ، وأن طوفان الأقصى بداية النهاية للصهاينة، وأنَّ لا أحد سيموت بغير تقدير من الله، وهم مكرمون بالشهادة والحياة الأبدية.. وإنه لجهاد نصر أو استشهاد.

رابط مختصر

المصدر: جريدة الرؤية العمانية

إقرأ أيضاً:

أجمل كلمة في القاموس.. تعريفة ترامب وتجارة الكلمات بين لغات الغرب والشرق

تخيل أن الكلمة مثل تاجر جوال، يتنقل بين الأسواق، يحمل بضاعته من لغة إلى أخرى.

وليس خيالك بعيدا عن الواقع، فكلمة "تعريفة" مثلا، التي تسري في المعاملات الجمركية اليوم، تحمل في طياتها سيرة لغوية ممتدة من العربية إلى الفارسية، ومن التركية إلى اللاتينية، ومن هناك إلى اللغات الأوروبية الحديثة، وكأنها وثيقة دليل على مكر التاريخ وتأثير القوة الاقتصادية في تشكيل المفردات.

وحتى في السياسة، تمتلك الكلمات سطوة تتجاوز معناها اللغوي، ففي خطابه يوم التنصيب الذي أقيم في ساحة كابيتال قبل أيام، قال الرئيس الأميركي دونالد ترامب "دائما ما أقول إن "تعريفة" (الرسوم الجمركية) هي أجمل الكلمات بالنسبة لي في القاموس اللغوي"، واستدرك قائلا إن الإله والدين والحب هي في الواقع الكلمات الثلاث الأولى في هذا الترتيب ثم الرسوم الجمركية.

وفي مرة أخرى قال ترامب إن التعريفة "أجمل كلمة في اللغة الإنجليزية، أجمل من الحب، أجمل من أي شيء آخر".

وللمفارقة فإن أجمل كلمات القاموس بالنسبة لترامب، تعود لتاريخ طويل من الاقتراض أو "القرصنة" بين اللغات كما يليق بكلمة تستخدم بكثرة في المعاملات التجارية الدولية التي تتمتع بتاريخ وافر من المغامرات والاكتشافات وممارسات التبادل المشروعة وغير المشروعة.

بينما تقسم "تعريفات" ترامب الجمركية العلاقات التجارية بين الدول تجمع الكلمة بين لغات الشرق والغرب (شترستوك) تاريخ الكلمة "تعريفة"

من العربية إلى الفارسية، ومن التركية إلى اللاتينية، ثم إلى الفرنسية فالإنجليزية، شقت كلمة "تعريفة" طريقها عبر الزمن كأنها تذكرة سفر لغوية تحمل بصمات الإمبراطوريات والتجار والبحارة، وإليك -أيها القارئ الكريم- القصة موجزة.

إعلان

يعود أصل المصطلح الإنجليزي tariff إلى الكلمة الفرنسية tarif، التي تعني "السعر المحدد"، والتي اشتقت بدورها من الإيطالية tariffa، بمعنى "السعر المفروض" أي جدول الضرائب والجمارك". أما الجذر الأقدم، فهو اللاتينية الوسطى tariffe، والتي دخلت العالم اللاتيني من خلال الاتصال مع شعوب الأتراك، حيث تعود الكلمة إلى "تعرفه" (taʿrife) في اللغة العثمانية التركية، والتي تعني "قائمة الأسعار، جدول معدلات الجمارك".

ويعود أصل هذا المصطلح التركي بدوره إلى الفارسية "تعرفه" (taʿrefe) التي تعني "السعر المحدد، الإيصال"، والتي اشتقت بدورها من العربية "تعريف" (taʿrīf)، والتي تحمل معاني متعددة مثل "الإشعار، الوصف، التعريف، الإعلان، التأكيد، قائمة الرسوم المستحقة". وهذه الكلمة العربية هي المصدر المشتق من الفعل أو الجذر الثلاثي "عرف"، الذي يعني "أن يعرف، أن يكون قادرا على التعرف، أن يدرك، أن يكتشف".

هذا ما تفيد به أغلب المصادر العلمية في مجالات اللسانيات التاريخية، فقه اللغة، الدراسات المقارنة بين اللغات الهندو-أوروبية واللغات السامية (العاربة)، لكن بعض الباحثين لهم رأي آخر، ففي كتابه "مهربون وبحارة.. تاريخ الجمارك في أستراليا" يشير المؤلف ديفيد داي إلى أن كلمة "تعرفة" (Tariff) نشأت من الفديات التي كان يطالب بها القراصنة في منطقة جزيرة طريف (بالإسبانية: Tarifa تاريفا)‏، وهي إحدى بلديات مقاطعة قادس، التي تقع في منطقة الأندلس جنوب إسبانيا.

وتقول مصادر تاريخية إن جزيرة طريف ومنطقة طريفة كانت أول ميناء يفرض رسوما على التجار لاستخدام أرصفته، مما أدى إلى انتشار استخدام المصطلح، وتعود تسمية الجزيرة إلى الفاتح المسلم طريف بن مالك عام 710م الذي يوصف بأنه أول مسلم دخل شبه الجزيرة الإيبيرية في مهمة عسكرية.

المصطلحات التجارية كانت من أكثر الكلمات التي انتقلت بين اللغات، فهي تعكس الاحتكاك المباشر بين الشعوب في الأسواق (الجزيرة – مصممة بالذكاء الاصطناعي) الكلمات كسلع لغوية

وتماما كما تخضع البضائع للرسوم الجمركية عند دخولها سوقا جديدا، تخضع الكلمات لتعديلات صوتية ونحوية عند دخولها لغة أخرى، فتتكيف وتتحور لتلائم سياقها الجديد، كما تلاحظ من تحولات "تعريفة".

إعلان

وترك التوسع الإسلامي في العصور الوسطى، والهيمنة على طرق التجارة بصماته على مصطلحات التجارة، كما تركت موانئ البحر الأبيض المتوسط نقوشها على قواعد التجارة الحديثة كلها، وكأن اللغة ليست محض وسيلة للتواصل، بل خريطة خفية ترسم ملامح النفوذ والسلطة، وتحفظ تاريخا ليس مسطرا على صفحات الورق فحسب، بل منقوشا في صلب الكلمات ذاتها.

وكأن الكلمات نوع من السلع اللغوية تحمل معانيها من ثقافة إلى أخرى، وتخضع لعمليات "استيراد وتصدير" مشابهة لما يحدث في الأسواق التجارية. وكما أن لكل سلعة مصدرا، فإن لكل كلمة أصلا لغويا يعكس ظروف نشأتها. فإذا كانت الدول تفرض تعريفات جمركية على المنتجات الواردة، فإن اللغات بدورها تفرض سياقاتها الخاصة على المصطلحات الدخيلة، فتعدلها أو تطوعها بما يناسب نظامها الصوتي والنحوي، فتولد كلمات هجينة تجمع بين اللغات المختلفة.

وليس من قبيل المصادفة أن المصطلحات التجارية كانت من أكثر الكلمات التي انتقلت بين اللغات، فهي تعكس الاحتكاك المباشر بين الشعوب في الأسواق، حيث يلتقي التاجر الفارسي بالمراكب العثمانية، ويتفاوض الرحالة المغربي مع البحارة الإيطالي، ويتعامل التاجر اليمني مع الوسطاء الأوروبيين، وفي كل صفقة تجارية عملية تفاعل لغوي مستمرة تختبر فيه الكلمات قدرتها على التعميم والانتشار.

وبالنسبة لترامب، فإن التعريفات الجمركية هي السلاح الأمثل لوقف ما يصفه بسرقة الثروة الأميركية، غير أن فهمه لآلية عمل هذه التعريفات يبدو خاطئًا، إذ يعتقد أنها تفرض تكلفة مباشرة على الشركات الأجنبية، بينما في الواقع، يدفعها المستوردون الأميركيون، مما يرفع الأسعار ويجعل المستهلكين والشركات المحلية، المتضررين الحقيقيين، كما قال محللون اقتصاديون في ولايته الأولى الذين أشاروا للأسباب الحقيقية بالنسبة لترامب وهي أن التعريفات مصدر للإيرادات الضريبية وأداة ضغط جيوسياسية فعالة.

إعلان

وهكذا -كما ترى أيها القارئ- لا يعد البحث في أصول المصطلحات التجارية درسا لغويا مجردا، فكلمة مثل "تعريفة"، التي تبدو اليوم مصطلحا بيروقراطيا باردا، تخفي وراءها قرونا من السياسات التجارية، وأياما من هيمنة الإمبراطوريات، وساعات من المفاوضات في أسواق إسطنبول وبغداد والبندقية، وأسطولا من السفن المحملة بالحرير والتوابل القادمة من الشرق.

مقالات مشابهة

  • "دولة الأغنياء على أنقاض الفقراء"
  • «ديب سيك» دليل على أنّ الغرب يخسر سباق الذكاء الاصطناعي
  • منظمة بريكس.. عنوان صراع جديد بين الغرب والجنوب العالمي
  • الوجه الحقيقي لجيش الإخوان المسلمين
  • أجمل كلمة في القاموس.. تعريفة ترامب وتجارة الكلمات بين لغات الغرب والشرق
  • سوريا بين الشرق والغرب
  • أمين عام علماء المسلمين: اختيار الشرع رئيسا لسوريا خطوة في الطريق الصحيح
  • 8 مقاعد تشعل صراع «جولات الحسم» في «أبطال آسيا للنخبة»
  • لافروف: الغرب لم يحترم أبدا مبدأ المساواة السيادية بين الدول
  • الغرب وكأس الشرق الأوسط المقدسة