زنقة 20 ا الرباط

أكد راشيد الطالبي العلمي، رئيس مجلس النواب، اليوم الثلاثاء، أن دستور 2011 مكن المجلس من تقييم القوانين أبرزها قانون محاربة العنف ضد النساء.

وأوضح العلمي في ندوة حول تقييم القوانين من قبل المؤسسة البرلمانية، ينظمها البرلمان المغربي والجمعية البرلمانية لمجلس أوروبا واللجنة الأوروبية من أجل “الديمقراطية عبر القانون” (لجنة البندقية) يومي 05 و06 مارس 2024 بمقر البرلمان بالرباط، أن “دستور 2011، الذي تضمن إصلاحات كبرى، وأطلق ديناميات إصلاح في مختلف المجالات، وأطر صيانة الحقوق، ووسع من مجال القانون، ومن صلاحيات البرلمان، نَصَّ على إضافة تقييم السياسات العمومية لاختصاصات البرلمان”.

وأضاف العلمي أن “الأمر يتعلق بإصلاح مركزي لترسيخ الممارسة الديمقراطية ودولة القانون والمؤسسات والحكامة الجيدة. وتفعيلا لذلك، حَرَصَ مجلس النواب على إعداد ونشر إطار مرجعي لتقييم السياسات العمومية، وهو ما يعتبر من المبادرات الرائدة على المستوى العالمي ودليلا مرجعيا لإنجاز التقييم وفق معايير وقواعد دقيقة”. مشيرا إلى أنه “بعد أربع عمليات تقييم لسياسات عمومية، ما بين 2015 و2021، أطلقنا برسم الولاية التشريعية الحالية، ست عمليات تقييم منها تقييم شروط وظروف تنفيذ القانون 13-103 المتعلق بمحاربة العنف ضد النساء، الذي لا تخفى أهميته ورهاناته المجتمعية والحقوقية والديمقراطية”.

وحول رهاناتِ تقييم تطبيق القوانين وأهدافه، أكد رئيس مجلس النواب، أن “الأمر يتعلق بممارسة تلتقي فيها الاختصاصات الثلاثة المعروفة الموكولة للبرلمانات : التشريع ومراقبة العمل الحكومي، وتقييم السياسات العمومية. فعندما نُخضع تطبيق قانون ما للتقييم، فإننا نقوم بذلك من أجل تجويده أو تعديله جزئيا أو كليا. وقبل ذلك، فإن مساءلة الحكومة بشأن التنفيذ وظروفه ونجاعته ومردوديته، تبقى من السلطات التي على البرلمانات ممارستها في إطار التفاعل مع السلطة التنفيذية”.

وعندما نخضع أي قانون للتقييم، يضيف العلمي “فإننا نقوم بذلك، بغاية تبين أثر تطبيقه على المجتمع وقياس مدى فعاليته، ومدى رضى المعنيين بتنفيذه وما الذي يعيق تحقيقه للأهداف المتوخاة منه. وعلى أساس ذلك، يمكن للبرلمانات والحكومات التصرف بناء على الإدراك والمعرفة بحجم وَقْع التشريع، والتوجه إلى الإصلاح أو التغيير، أي التدخل بواسطة القانون وتجاوز الثغرات، أو توفير الموارد المادية أو البشرية لإعمال القانون والتصدي لما يكبح تنفيذه”.

ولكي يكون التقييم البعدي للقوانين ناجعا، يشير رئيس المجلس “ينبغي أن يكون القانون الخاضع للتقييم ساريا لما لا يقل عن ثلاث سنوات كمعيار دولي. وينبغي، من حيث منهجيةُ التقييم، إشراك المعنيين بالقانون، وممثلين للمجتمع المدني. ويبقى الاعتماد على جلسات الاستماع كمصدر لجمع أكبر قدرٍ من المعلومات والمعطيات بشأن إعمال القانون، عملا أساسيا لحكامة التقييم. ومن شأن ذلك أن يثير اهتمام الرأي العام بالعمل البر لماني وحشد الدعم للإصلاحات.

واسترسل أنه “في سياق سعيها إلى رفع التحديات التي تواجهها الديموقراطية في القرن الواحد والعشرين، ومنها تحدي نَزَعات مناهضة المؤسسات، وتراجع الالتزام السياسي والعزوف الانتخابي، تعزز العديد من البرلمانات، ومنها برلمان المملكة المغربية، اختصاصاتها ووظائفها، خاصة من خلال تقييم ومراقبة السياسات والبرامج العمومية. مؤكدا أن “ذلك يعطي نَفَسًا جديدا للممارسة الديمقراطية والمشاركة والثقة في المؤسسات”.

وأشار إلى أن “تقييمُ القوانين يقع في صُلب هذا التوجه التجديدي للممارسة البرلمانية، وهو من سماتِ الديموقراطية الجديدة. ومن حسناته أنه يُيَسِّر إطلاقَ دينامياتٍ جديدة في الحياة البرلمانية في علاقتها بقضايا المجتمع، وينبهنا إلى أشكال القصور التي قد تعتري التشريعات الوطنية، ويجعلنا نشركُ فاعلين آخرين في التقييم، وبالتالي في استشراف المستقبل، مما يزيد من مردودية القوانين، والديموقراطية بشكل عام”.

في هذا الأفق، يؤكد رئيس مجلس النواب قائلا:”كان اختيار مجلس النواب للقانون رقم 13-103 المتعلق بمحاربة العنف ضد النساء ليكون موضوع تقييم من جانب المجلس. ويتعلق الأمر بنص مركزي في التشريعات الوطنية بامتدادات حقوقية ومجتمعية واقتصادية وبيداغوجية وثقافية.. ولئن كان العنف الممارس ضد النساء، الذي يظل ممارسةً مدانةً وغير مقبولة واعتداءً على الحقوق الإنسانية للنساء والأطفال، فإنه ظاهرة عالمية مع كامل الأسف، تُرْصَد في مختلف المجتمعات والحضارات والثقافات، وتقتضي التصدي لجذورها وأسبابها ومنها الهشاشة والتمثلات الاجتماعية”.

واعتبر العلمي أنه إذا “كان اعتماد هذا القانون يندرج في إطار الإصلاحات الحقوقية التي يعتمدها المغرب منذ حوالي ربع قرن، خاصة الإصلاحات لفائدة النساء وللأسر التي يرعاها صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله ، فإن اخضاعه للتقييم بعد حوالي خمس سنوات من سريانه، يعكس الإرادة الجماعية لتحسينه وتجويده وجعله أكثر نجاعة، ويجسد، أساسا، الإرادة السياسية في اجتثاث هذه الظاهرة المنافية لمبادئ حقوق الإنسان والقيم الإنسانية من خلال توفير الأساس القانوني للزجر والوقاية والتربية والتكفل بالضحايا”.

وتابع المتحدث ذاته “يتزامن تقييم هذا القانون من جانب مجلس النواب، كما تعرفون، مع إطلاق صاحب الجلالة، أمير المؤمنين لورش مراجعة مدونة الأسرة بعد حوالي عشرين عاما من التطبيق، وتعيين جلالته لهيأة كلفها بإعداد تصورات ومداخل للمراجعة بهدف تجاوز الاختلالات المرصودة من خلال التطبيق، وجعل مقتضيات المدونة ملائمة للدستور الذي نعتز بكونه دستورا متقدما وتحرريا وضامنا للحقوق والواجبات، ومستوعبا لروح العصر وللقيم المغربية الأصيلة”.

وعبر العلمي عن اعتزازه “بكون هذا الورش، وإصلاح قضايا الأسرة وتأطيرها، تحظى بالإشراف والعناية والرعاية السامية لصاحب الجلالة بصفته أميرا للمؤمنين، كما نعتز بمنهجية الحوار والإشراك التي اتبعتها الهيأة المكلفة بمراجعة المدونة في بلورة الاقتراحات التي سترفع إلى نظر صاحب الجلالة”.

وشدد على أ، “تجسد هذه المنهجية، اختيار الإشراك والتوافق الذي يميز النموذج المغربي في اعتماد الإصلاحات المجتمعية الكبرى، ساهم -بفعل مراكمة الإصلاحات- في قيام نموذجٍ مؤسساتي ديموقراطي مغربي متفرد، يجعل من بلادنا قوة ديموقراطية واقتصادية صاعدة، تبدع في الجمع بين عمقها الحضاري العريق والغني وتقاليدها المؤسساتية المتأصلة، وقيم العصر الإيجابية”.

واعتبر العلمي “ندرك في المغرب أن كفالةَ حقوق النساء والأسرة لا يمكن اختزالها في التشريعات، والتنظيم والمؤسسات. فهي تتطلب سياسات وتدخلات عمومية تعطي للقوانين معنًى ملموسا يتمثل في التمكين وامتلاك الوسائل الضامنة للمداخيل المستدامة التي تكفل الاستقلالية للنساء وتبعدهن عن الهشاشة والاقصاء”.

في هذا الصدد، يقول العلمي ” ينبغي التذكيرُ ببرامجِ الحماية الاجتماعية والدعم المباشر للمحتاجين وفي مقدمتهم النساء، باعتبارها جزء من الأوراش التي تحظى بعناية ملكية خاصة”.

المصدر: زنقة 20

كلمات دلالية: رئیس مجلس النواب ضد النساء

إقرأ أيضاً:

تأملات مطلع العام الجديد

يخبرني صديقي «الغزي» أن اللحظات الأولى بعد نهاية العدوان الإسرائيلي على غزة فـي 2014 كانت قاسية للغاية، ربما تعادل قسوة الحرب نفسها، فبعد لحظات الانفراجة الأولى بتوقف الحرب التي استمرت لشهرين، تداعى الناس فـي الطرقات وفـي منازلهم، إذ حان الوقت لإحصاء الخسائر الفادحة، بداية من الأشخاص الذين فقدوهم للأبد، وصولًا للمنازل المنكوبة، هذا وإن أجّلنا التعامل مع الصدمة، وانعدام الأمان والثقة، والإحساس بأنك متروك ومخذول.

يذكرني صديقي بهذا السؤال عندما يحاول أن يشرح لي ما الذي سيحدث فـي الساعات القادمة بعيد اتفاقية وقف إطلاق النار، ووقف الإبادة الجماعية على قطاع غزة وأهله. لم تكن شهرين هذه المرة بل ما يزيد على العام، وأكثر من ٦٠ ألف شهيد مسجل عدا أولئك الذين تبخرت جثثهم أو ما زالوا تحت الأنقاض، ولا تقف البيوت على «عظمها» كما يقول أهل غزة عن هياكل بيوتهم التي بنوها فـي الحصار أي دون توفر الكثير من الأساسيات التي تستخدم فـي البناء، عدا أنهم يشاركون فـي البناء، فالعمال هم إخوتهم وأبناء أعمامهم فـيشارك الجميع فـي ترقيع ما يمكن ترقيعه لأجل «البيت» المنتظر الذي لم تترك منه إسرائيل شيئًا، فغالبية البيوت سويت بالأرض.

...

بدأت العام بقراءة كتاب «الدر المنثور فـي طبقات ربات الخدور» كتابة تاريخ نسوي من خلال التراجم فـي مصر القرن التاسع عشر«لمارليين بوث»، التي نعرفها جيدًا فـي عُمان عبر ترجمتها لكتب جوخة الحارثي وفوزهما برواية «سيدات القمر» بالبوكر العالمية، وإن كانت بوث مترجمة رائعة فهي كاتبة عظيمة.

تعتبر دراستها هذه، دراسة ثقافـية بينية، تتقاطع فـيها حقول علمية عديدة، تتبع من خلالها اللحظة التاريخية التي نشأت فـيها زينب فواز فـي القرن التاسع عشر، المرأة التي ستجمع تراجم لأكثر من أربعمائة امرأة من الشرق والغرب، تقرأ بوث من خلال خيارات فواز فـي التراجم وفـي التعبيرات التي استخدمتها والإنجازات التي أولتها اهتمامًا فـي سِيرِ تلك النساء، هواجس زينب فواز وطبقتها وسياسة زمنها، وتفحص موقع هذا الاشتغال الذي قدّمته زينب فـي مسيرة الفترة التي سميت بـ«النهضة العربية» واشتباك النساء معها.

وتستخدم بوث منظورًا ما بعد استعماري فـي قراءة التاريخ النسوي ومقاومة النساء للسلطات الأبوية، وتقدم لنا قراءة متبصرة فـي كل المفاهيم التي درجنا على تلقيها فـي كونها «تقليدية» و«رجعية» مثل «التدبير المنزلي» الذي يقصي المرأة عن الحياة خارج المنزل، فتقول لنا كيف أنه مفهوم سياسي، وأن الحيزين الخاص والعام متداخلان للغاية حتى وإن عبّر «التدبير المنزلي»، فالبيوت تصبح طريقًا للسياسات العامة.

...

بعد لحظات قليلة من وصولي إلى مصر، طلبت سيارة أجرة لتأخذني إلى منزلي فـي القاهرة الجديدة، كان السائق يُشغل أغاني المهرجانات المصرية، وهي أغان شعبية لمن لا يعرفها لها طبيعة خاصة وعندما أقول «شعبي» فإنني أقاربه على نحو خاطئ فهو يتمايز من الناحية التقنية عن الأغنية الشعبية، فهنالك عنف فـي اللوبات ونغمات الآلات، عنف يُطرب، عمومًا ربما أكتب عن المهرجانات وتلقيها من خارج مصر، خصوصًا معنا فـي الخليج فـي وقت آخر، ليس هذا ما يهمني الآن، لكن أردت أن أشير لكون «المهرجان» هو فـي أسفل سلم طبقات الفن لا من ناحية القيمة بل لأنه يأتي من أسفل المجتمع أيضًا، وهو تعبير «مقاومة» صارخ من الطبقات المهمشة. عمومًا لاحظت فـي ذلك المهرجان -الذي اسمعه للمرة الأولى- كلمات يستحيل أن تكون مصرية بل هي خليجية جداً، فسألت السائق هل هذا المؤدي عاش فـي مصر طيلة حياته؟ هل عاش فترة فـي الخليج؟ بسبب الكلمات، فقال لي إن الكلمات الوافدة من اللهجات العربية تستخدم على نحو واسع شعبيًا ومن كل الطبقات فـي مصر اليوم، أدهشني ذلك جدًا، ودفعني للتفكير حتى فـي موقع الطبقات المهمشة فـي عالمنا هذا اليوم وطبيعة اتصالها بما يحدث، فنحن نعيش لحظة تاريخية معولمة بامتياز مع وجود الإنترنت، فكيف تبدو هذه الطبقات اليوم من الناحية السيسولوجية، وأي مقاربات أثنوغرافـية وأنثروبولوجية ينبغي استخدامها اليوم لدراستها والتعرف عليها؟

مقالات مشابهة

  • مجلس النواب يمرر قانون المفوضين القضائيين
  • مجلس النواب يواصل مناقشة قانون الإجراءات الجنائية الجديد لتعزيز العدالة وضمان المحاكمة العادلة
  • «النواب» يواصل مناقشة مشروع قانون الإجراءات الجنائية الجديد.. حذف مادة
  • مجلس النواب يوافق على 276 مادة من مشروع قانون الإجراءات الجنائية
  • مجلس النواب يقر 276 مادة من مشروع قانون الإجراءات الجنائية الجديد
  • تأملات مطلع العام الجديد
  • مجلس النواب يبحث الصعوبات التي تواجه جهاز «مشروع النهر الصناعي»
  • نائب:إقرار القوانين في سلة واحدة يمثل انتهاكاً للديمقراطية
  • وكيل النواب يستأنف مناقشة قانون الإجراءات الجنائية
  • مجلس النواب يبحث المشكلات التي تواجه «نقابة موظّفي النفط» في بنغازي