ماذا تريد دكتورة أماني الطويل من السودان ؟
تاريخ النشر: 5th, March 2024 GMT
الدكتورة أماني الطويل الباحثة في (مركز الأهرام للدراسات و البحوث) و المتخصصة في الشئون الأفريقية درجت في تناولها للشئون السودانية على إطلاق تعليقات سالبة لا تصب في مصلحة العلاقات الإستراتيجية بين السودان و مصر و غالب تعليقاتها غير مؤسسة على معرفة دقيقة بالواقع السوداني مما يعني أنها تتلقى معلوماتها من جهات تسعى لضرب العلاقات بين البلدين أو أنها تتعمد تناول شئون السودان بصورة سالبة وفقاً لقناعاتها و تصوراتها !!
لقد حاولت جاهدا أن أجد تفسيرا لموقفها هذا خاصة و أنها تعمل في أحد المراكز الكبيرة و المهمة ليس في مصر فحسب بل على مستوى المنطقة كلها و يؤثر بصورة كبيرة في صنع السياسات لإرتباطه بجهاز المخابرات و مؤسسات الدولة المصرية .
و حتى لا يكون كلامي جزافا فإنني سأعلق على حوار أجري معها حديثاً للتعليق على زيارة رئيس مجلس السيادة القائد العام للجيش للعاصمة الليبية طرابلس في الأيام الماضية رغم أن الإرشيف يحوي الكثير من أحاديثها السالبة و لكنني سأكتفي بما جاء في لقائها الأخير :
1/ ذكرت في تعليقها إسم الفريق عبد الفتاح البرهان دون أي صفة و عندما انتبهت لذلك و حاولت التصحيح قالت : الفريق البرهان (قائد مجلس السيادة) !!
2/ ذكرت دكتورة أماني أن البرهان زار طرابلس و التقى (الممفي و دبيبة) كأنها تستنكر هذه الزيارة ، مع العلم أن العالم كله يعترف بحكومة الممفي و الدبيبة ذات الشرعية التي قامت على تفاهمات ليبية و بتأييد من الأمم المتحدة و مجلس الأمن الدولي !! ثم ثانياً فإن ليبيا دولة جوار للسودان و شارك جنرالها المتمرد خليفة حفتر في دعم مليشيا الدعم السريع المتمردة المجرمة الإرهابية بالسلاح و العتاد و المرتزقة في معركتها ضد الدولة السودانية فما الذي يمنع البرهان من زيارتها و التواصل مع حكومتها الشرعية و تمليكها المعلومات المتعلقة بدعم حفتر للمليشيا و يبحث معها سبل تعزيز التعاون بين البلدين من أجل إستقرار و أمن المنطقة !! و ثالثاً فإن حكومة ليبيا الشرعية كانت ضمن الحاضرين لإجتماع دول جوار السودان الذي دعا له الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي و التأم بالقاهرة في شهر يوليو من العام الماضي 2023 .
3/ لم تنس دكتورة أماني أن تضيف بعض (البهارات) لتعليقها حيث ذكرت بأن البرهان إلتقى خلال زيارته هذه بأحد الشخصيات الدينية الليبية ذات الصلة بالتنظيم العالمي للإخوان المسلمين و لكنها لم تتفضل بذكر إسمه !! و هي بإشارتها هذه كأنها تريد القول بأن للبرهان علاقات بتنظيم الإخوان المسلمين !!
4/ ثم عرجت على مسألة إستئناف السودان لعلاقاته مع إيران و كأنها تستنكر هذه الخطوة مع العلم أن السعودية التي قطع السودان علاقاته مع إيران تضامنا معها قررت إستئناف علاقاتها مع إيران بوساطة صينية في العاشر من مارس 2023 !!
و لم تنس أيضاً أن تخوض في حديث الإفك بأن إيران طلبت من السودان السماح لها بإقامة قاعدة عسكرية في البحر الأحمر و هو ما نفاه وزير الخارجية السوداني و لم تكتف بذلك بل توسعت في ترسيخ فكرتها حيث ذكرت أن إيران بذلك ستكون قد ربطت بين اليمن (الحوثيين) و غزة (حماس) و السودان و اعتبرت أن ذلك يمثل تهديد أمن مصر !!
5/ ذكرت أن البرهان بزيارته لليبيا و باستئنافه للعلاقة مع إيران يعطي إشارات متناقضة مما يثير قلق مصر !!
6/ ثم أخيراً أشارت الدكتورة إلى أن فكرة المقاومة الشعبية تعني إندلاع الحرب الأهلية في السودان و ما درت الخبيرة أن المقاومة الشعبية هي فعل مشروع في مواجهة المليشيا المتمردة المجرمة الإرهابية التي إستهدفت المواطنين فقتلت و شردت و هجرت و اغتصبت و نهبت الأموال و الممتلكات الخاصة و العامة و ما درت الخبيرة أن المقاومة الشعبية هي فعل شعبي خالص إنتظم كل مدن و قرى و أرياف السودان بما فيها مناطق الحواضن الإجتماعية للمليشيا لاقتلاعها و مرتزقتها من أرض السودان نهائياً !!
هذه النقاط تمثل أهم ما خرجت به من حوار منى سلمان مع الدكتورة أماني الطويل الباحثة و الخبيرة في الشئون الأفريقية !!
بالتأكيد فإن أي عاقل في السودان و مصر يدرك أهمية و إستراتيجية و عمق العلاقة بين البلدين و الشعبين بغض النظر عن الحكومات القائمة .
يا ترى في أي إتجاه يصب حديث الدكتورة أماني و ما هي الفائدة التي تعود على علاقات البلدين منه ؟
و يا ترى ماذا تريد الدكتورة أماني الطويل من السودان ؟
#كتابات_حاج_ماجد_سوار
4 مارس 2024
المصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: الدکتورة أمانی أمانی الطویل مع إیران
إقرأ أيضاً:
ثورة يحبّها الأعداء… إلى حين!
زوايا
حمّور زيادة
في ذكراها السادسة (ديسمبر/ كانون الأول 2018 – ديسمبر 2024)، تنافس أعداء الثورة السودانية في التسابق الى نسبتها لأنفسهم. ما عدا الاسلاميين الذين أطاحتهم الثورة، وظلوا يردّدون انها انقلاب داخلي وخيانة أمنية بتنسيق دولي. أما الجيش، الذي ظلّ، منذ استقلال السودان في العام 1956، عدواً لكل الأنظمة الديمقراطية، وقامت كل الثورات السودانية ضد حكمه، فقد هنأ الشعب بالثورة المجيدة، ويؤكّد أن الجيش (قامت ضد حكمه الثورة، ثم استمرّت رافضة إدارته الفترة الانتقالية، ثم رافضة انقلابه على الشراكة مع المدنيين) سيكون حارساً لها، حتى تبلغ أهدافها!
هذا خطاب سيستمر فيه الجيش حتى يؤسّس لشرعيته الجديدة التي يكتسبها بالحرب، فالآن لم يعد هناك من يسائله عن انقلاب 25 أكتوبر (2021) الذي قطع به طريق التحوّل الديمقراطي. لذلك احتفل الجيش بوضع لافتة عليها صور أعضاء مجلس السيادة الحالي، وكُتب عليها "شرعية مية المية" (!)، من دون أن يسأل من أين أتت شرعية مجلس السيادة الحالي، بعد أن فضّ قائداه، عبد الفتاح البرهان ومحمد أحمد دقلو (حميدتي)، الشراكة مع المكوّن المدني، وانهارت عملياً الوثيقة الدستورية التي جعلت فترة رئاسة البرهان المجلس مؤقتة حتى نوفمبر/ تشرين الأول 2021. قبل أن يحولها بعد الانقلاب إلى رئاسة دائمة ونافذة، فهو يعين أعضاءً في المجلس ويقيلهم!
هذه الشرعية التي قتلتها بنادق البرهان وحميدتي في أكتوبر ،2021 وما تلاه من شهور، هي ما يتمسّك بها الجيش مؤقتاً حتى تكتمل شرعية حكمه بالحرب، فبعد النصر تصبح شرعية حرب 15 ابريل هي ما تجبّ أي شرعية، وما تسقط أي جريمة.
أما قوات الدعم السريع التي نشأت يداً باطشة للنظام، واستخدمها الجيش والحركة الإسلامية في كل مراحل جرائم إقليم دارفور ثم الخرطوم، وعرضها للايجار والارتزاق في دول الجوار، متكسبين من وحشيتها، فتعلن أنها ملتزمة بالثورة واهدافها! وأنها تقاتل لأجل الحرية والسلام والعدالة.
بعيداً عن أن لدى الحركة الاسلامية نافذين في "الدعم السريع"، كانوا ولا يزالون خصوما للثورة، ويرونها انقلاباً ومؤامرة، ظلّ قائد "الدعم السريع" (حميدتي) نفسه عدوّاً لها ويعتبرها مجرّد فوضى تسمح له بالوصول إلى حكم البلاد، فبالنسبة للرجل الطموح القادم إلى السلطة عبر رهانات متهورة بدأت في بوادي دارفور، لم تكن الثورة إلا مجرّد اضطرابات وتفكك قبضة القوى المسيطرة. وبعملية حساب سريعة، وجد أن فرصته في الصعود وسط حالة الارتباك والفوضى ستكون أكبر منها لو انحاز لقائده وسيده البشير. قفز حميدتي سريعاً من قارب البشير، فأغرقه. ثم وجد نفسه مطلب العسكريين ومقصد رجائهم، كما حكى قائد الجيش، البرهان، في فترة حلفه مع الرجل.
هكذا بدا لحميدتي ان الثورة استنفدت اغراضها، فما بال هؤلاء الناس في الميادين والشوارع؟ هكذا لجأ إلى ما يعرفه دوماً. القمع، والمزيد من القمع. لم يسامح الثورة قط أنها من نادت بدمج الجيوش. وبعد أن أجبر على التوقيع على الاتفاق الإطاري لام أحد قادة قوى الحرية والتغيير أمام الجميع: "لولاكم لما كان الجيش أو غيره يتكلم عن دمج الدعم السريع". لذلك لن يسامحها ما بقي حلمه حياً، فلولاها لأثمرت لقاءات قادة الادارات الأهلية واللافتات الفخمة التي تصفه برجل السلام وتبرّعاته للمهنيين والمجتمعات المحلية مع سعادة الجيش بالتحالف معه، وتنافس عدد من كبار الضباط على تحيته، والعمل تحت إمرته. بينما جرت إقالة ضباطٍ عديدين رفضوا تعاظم نفوذ الرجل الذي حلم في 2017 بامتلاك قوات جوية! كان ذلك كله ليثمر سلطة تأتيه طائعة فيصبح كما يلقبه اتباعه "أمير البلاد". لكن ثورة ديسمبر كان لها حلم مختلف، بدولة مدنية ديمقراطية حديثة. ولم يكن الرجل يفهم لماذا ترفض الثورة الإدارات الأهلية، بينما هناك عمدة لمدينة لندن! كانت هذه معضلة تحيّره، وتحدث عنها في مخاطبة عامة. لذلك ينتظر غالباً نصراً لا يجيء ليعلن نفسه بطلاً لثورة 15 إبريل، كما يردّد الإعلاميون التابعون له.
لكل المتضرّرين من ثورة ديسمبر حكايتهم الخاصة. لكن جميعهم يتفقون على أن الاحزاب السياسة سرقتها من الشعب، وأنهم سيردونها للشعب! حتى الزعيم القبلي الذي أغلق الميناء الرئيسي للبلاد، وكبّدها الخسائر وأذلها في تنسيق مع المكون العسكري لإسقاط حكومة عبدالله حمدوك، حتى لهذا الزعيم حكايته عن الثورة التي طالب فيها الثوار في الشوارع بالبرهان وحميدتي ليحكما، ويسأل مستنكراً: من أين جاءت الأحزاب؟
... هكذا يتنافس عليها المتنافسون. بينما تفرّقت بأبنائها السبل والمواقف. وانهار الوطن الذي حلمت به الثورة. وأصبح مستقبله بين بندقيتي البرهان وحميدتي! حرب المكوّن العسكري الذي انقلب على المدنيين ليصحّح مسار الثورة.
نقلا عن العربي الجديد