تحت رعاية سمو الشيخ أحمد سعيد آل مكتوم الرئيس الفخري للجنة الوطنية للشحن والإمداد بدولة الإمارات العربية المتحدة (نافل)، افتتح اليوم في دبي فعاليات مؤتمر منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا للاتحاد الدولي لجمعيات وكلاء الشحن (فياتا)، بحضور سعادة حميد محمد بن سالم، رئيس مجلس إدارة غرفة التجارة الدولية- الإمارات، من أجل ضمان سلاسة منظومة الخدمات اللوجيستية في مواجهة الاضطرابات الجيوسياسية.


شهد اليوم الأول للمؤتمر، الذي تنظمه اللجنة الوطنية للشحن والإمداد بدولة الإمارات العربية المتحدة (نافل) تحت شعار “التواصل والمرونة والاستدامة في سلاسل التوريد والتجارة العالمية”ويستمر حتى يوم غد الأربعاء 6 مارس 2024، مناقشات واسعة ومعمقة حول التحديات التي تواجه التجارة الدولية في ظل الظروف الجيوسياسية، وبناء استراتيجيات لسوق الخدمات اللوجيستية المزدهرة في منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا، التي تبلغ قيمتها حاليا 163.57 مليار دولار أمريكي (602 مليار درهم)، ويتوقع نموها إلى 222.63 مليار دولار أمريكي (820 مليار درهم) بحلول العام 2029.
ضمن فعاليات المؤتمر تم عقد الاجتماع الرسمي لمنطقة الشرق الأوسط وإفريقيا للاتحاد الدولي لجمعيات وكلاء الشحن (فياتا)، بمشاركة الدكتورة خوانيتا ماري، رئيسة منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا للاتحاد الدولي لجمعيات وكلاء الشحن (فياتا)، والدكتور ستيفان جرابر، المدير العام للاتحاد الدولي لجمعيات وكلاء الشحن (فياتا)، والسيد/تورغوت إركسكين، رئيس (فياتا).
وفي الكلمة الافتتاحية للمؤتمر، أكد حميد محمد بن سالم، رئيس مجلس إدارة غرفة التجارة الدولية- الإمارات، على التزام دولة الإمارات بتسهيل وتعزيز التجارة العالمية من خلال الربط السلس متعدد الوسائط، وقال: “تماشياً مع أهداف دولة الإمارات للتنويع الاقتصادي ، تشارك غرفة التجارة الدولية رؤية (فياتا) لتسهيل التجارة العالمية. وإزاء تحديات سلسلة التوريد العالمية، سواء بسبب الكوارث الطبيعية أو الأحداث الجيوسياسية، فمن الضروري أن نفكر بصورة شاملة ونعمل كفريق واحد متماسك”.
وأضاف سعادته: “يسهم دور دولة الإمارات كحلقة وصل عالمية، سواء عن طريق الجو أو البر أو البحر، بدور حيوي في التجارة العالمية. كذلك، فإن بقية دول مجلس التعاون الخليجي، خاصةً قطر والمملكة العربية السعودية، نشطة للغاية في هذا المجال حيث تقوم بتعزيز التجارة وتوفير فرص استثمارية. ونحن حريصون على التعلم من تجارب زملائنا والعمل معاً لدعم وتحسين نشاطات القطاع الخاص، وأحث الجميع على المشاركة بفعالية في مناقشات المؤتمر والاستفادة من الفرص التي تتيحها غرفة التجارة الدولية في كل الدول، حيث نعمل على دعم متطلبات القطاع الخاص”.
ورحب السيد/تورغوت إركسكين، رئيس الاتحاد الدولي لجمعيات وكلاء الشحن (فياتا) بالمشاركين في المؤتمر، واستعرض التحديات العالمية والاتجاهات المتطورة في قطاع الخدمات اللوجيستية. وأشار إلى أهمية الموقع الاستراتيجي لمنطقة الشرق الأوسط وإفريقيا، قائلاً: “في ظل الوضع الحالي في العالم، فإن مؤتمر منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا للاتحاد الدولي لجمعيات وكلاء الشحن (فياتا) يعتبر منصة استراتيجية لتقديم رؤى عملية، حيث نلتقى في ظل الاضطرابات غير المسبوقة في البحر الأحمر والتوترات الجيوسياسية والمخاوف البيئية. ومع تغير ديناميكيات العولمة، تتأثر التجارة العالمية بالتطورات الجيوسياسية في أي مكان. مع ذلك، ففي خضم هذه التحديات تكمن فرص لتعزيز المرونة والتكيف، ولا تقتصر مهمتنا على مجرد حل المشاكل، بل تركز على ترسيخ نهج متطور يعتمد على المرونة والإبداع والتخطيط الاستراتيجي”.
وأوضح رئيس (فياتا) أن “الأولوية خلال المؤتمر الحالي تكمن في استكشاف حلول جماعية للتحديات الإقليمية، إذ يتميز عالم اليوم بترابطه وتأثره بأي حدث، خاصةً في مجال الخدمات اللوجستية. ونتطلع للمستقبل بأمل، حيث تتمتع منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا بإمكانيات هائلة تشمل الموانئ والمطارات الأكثر تطوراً وقوى عاملة شابة وحيوية قادرة على تعزيز قطاع الأعمال”، وقال: “في العام الماضي (2023) حصل أكثر من 400 خريح على دبلوم (فياتا) المتخصص من منطقة الشرق الأوسط، الأمر الذي يؤكد قدرتنا على مواجهة مختلف التحديات نظراً لتوفر هذه القوى العاملة والخبرات المؤهلة في المنطقة”.
واختتم السيد/تورغوت إركسكين حديثه بالقول إن “التجارة واللوجستيات العالمية تزدهر في ظل السلام والاستدامة والقدرة على استشراف المستقبل”، مضيفاً :” نأمل أن تنتهي حالة الضبابية الحالية، وسيسهم تعزيز طرق التجارة الحالية مع بناء ممرات إقليمية في توفير اتصال وربط عالمي بطريقة سلسة. ومع التركيز على الحلول العملية والرؤى القابلة للتنفيذ، نسعى لمواجهة التحديات وصياغة مسار أفضل نحو مستقبل أكثر مرونة واستدامة وترابطاً لجميع أصحاب المصلحة والمعنيين في مجال الخدمات اللوجيستية العالمية”.
ورحبت السيدة/ ناديا عبد العزيز، رئيسة اللجنة الوطنية للشحن والإمداد (نافل)، التي تستضيف المؤتمر، بأكثر من 600 مشارك يمثلون 16 جمعية من أعضاء (فياتا)، و11 من الشرق الأوسط وإفريقيا من أكثر من 29 دولة. وتأكيداً على أهمية استضافة دولة الإمارات للمؤتمر، قالت: “تمثل دولة الإمارات مركزاً عالمياً للخدمات اللوجيستية والتجارة، حيث تتميز بسياسات داعمة للمستثمرين وتتوافق مع متطلبات الأسواق الدولية. وتسهم مبادرات متنوعة مثل الإقامة طويلة الأمد لمدة تصل إلى 10 سنوات، والسياسات المحفزة للاستثمار، واستراتيجية الحياد المناخي 2050 على تعزيز بيئة ملائمة لتحقيق النمو. وينعكس التزامنا بالتميز في تصنيفنا كأفضل وجهة للاستثمارات الأجنبية المباشرة، والمركز السابع في مؤشر الخدمات اللوجستية العالمية”.

وسلط المؤتمر الضوء على أحدث المبادرات في مجال الخدمات اللوجيستية، بما في ذلك التطورات في التحول الرقمي وتنفيذ برنامج المشغل الاقتصادي المعتمد الذي تنفذه جمارك دبي. واستعرضت (غرفة تجارة دبي) خدماتها الدولية المصممة خصيصاً للشركات والمستثمرين مع التركيز بشكل خاص على تعزيز الأبحاث والدراسات في قطاع الأعمال ومبادارت الاستدامة. وقدمت (دبي الجنوب) عروضها التي تشمل التجارة الإلكترونية، والنمو اللوجيستي، والمنطقة الحرة البحرية والجوية.
شهد اليوم الأول حلقات نقاش عن تطور قطاع الخدمات اللوجستية في المنطقة تحت شعار “نظرة عامة على سوق دول مجلس التعاون الخليجي والفرص ومجالات النمو”، التي شارك فيها السيد جوبال آر، نائب الرئيس الأول لسلسلة التوريد والممارسات اللوجستية في فروست آند سوليفان. واستعرض سعادة المهندس علي بن عبد اللطيف المسند، عضو مجلس إدارة غرفة قطر ورئيس اللجنة القطرية للشحن والإمداد، الفرص في قطر وآفاق النمو الاقتصادي، وقدم لمحة عامة عن أحدث التطورات في أنظمة الشحن والتجارة.
وقدم السيد ماجد السعدي والسيدة ريم عبد العزيز حسنين من وزارة الاستثمار في المملكة العربية السعودية والسيدة أمل بالغنيم والسيد عبدالله داود من وزارة النقل والخدمات اللوجيستية، عروضاً عن الفرص المتاحة في قطاع الخدمات اللوجستية والتجارة في المملكة العربية السعودية، والبرنامج الوطني للتنمية الصناعية والخدمات اللوجيستية.
ويوفر المؤتمر، الذي يختتم فعالياته يوم غد 6 مارس 2024، منصة مثالية للجمع بين أصحاب المصلحة الرئيسيين وقادة القطاع والرأي والمبتكرين لتشكيل مستقبل الخدمات اللوجيستية في منطقة الشرق الأوسط وإفريقيا.


المصدر: جريدة الوطن

كلمات دلالية: غرفة التجارة الدولیة الخدمات اللوجیستیة الخدمات اللوجستیة التجارة العالمیة دولة الإمارات

إقرأ أيضاً:

الصراع بين الكنيسة المصرية ومخطط الشرق الأوسط الجديد

منذ العصور القديمة، كان الشرق الأوسط مركزًا دينيًا وثقافيًا شكّل هويته الفريدة.

ومع بداية الألفية الجديدة، بدأت القوى الغربية، التي تحركها الصهيونية العالمية، في تبني سياسات تهدف إلى إعادة رسم حدود المنطقة من خلال مخطط يسعى إلى طمس الهويات التاريخية العميقة التي تشكل نسيجها الثقافي والديني.

ومن بين هذه الهويات، تبرز الهوية المسيحية الشرقية، وفي قلب هذا الصراع، تقف الكنيسة المصرية كحجر عثرة أمام محاولات إعادة تشكيل مكونات الهوية الدينية والثقافية للمنطقة.

تبنت القوى الغربية المتحالفة مع الصهيونية سياسة "الفوضى الخلاقة" كوسيلة لإعادة تشكيل الشرق الأوسط، بهدف تفكيك الأنظمة السياسية وزرع الفوضى، مما أدى إلى تصاعد الجماعات الإرهابية، وانتشار النزاعات الطائفية، وتهجير المسيحيين من العديد من دول المنطقة. وكان لهذا التدمير الممنهج أثر بعيد المدى على هوية المنطقة، حيث سعت تلك القوى إلى فرض مشروع "مسار إبراهيم" كرمز ديني ثقافي يربط بين اليهودية والمسيحية والإسلام. وتجسد ذلك في "بيت العائلة الإبراهيمي"، الذي رفضت الكنيسة المصرية الانضمام إليه، باعتباره محاولة لتكريس واقع جديد يخدم أهدافهم.

محاولة الترويج لمسار إبراهيم كمرجعية دينية وثقافية تجمع الديانات الثلاث ليست سوى وسيلة لتحقيق مشروع "إسرائيل الكبرى"، الممتد - وفقًا لتصورهم - من النيل إلى الفرات، مستندين إلى رحلة النبي إبراهيم التي شملت عدة دول في المنطقة وصولًا إلى مصر.

يهدف هذا المشروع إلى تحقيق حلم إقامة "مملكة داوود"، استنادًا إلى الإيمان اليهودي بقدوم "المسيح الملك الأرضي"، الذي سيقيم ملكوته على الأرض ويقود "مملكة داوود".

ويتماشى هذا التصور مع الفكر المسيحي المتصهين للكنيسة البروتستانتية، التي تؤمن بمفهوم "حكم الألفية"، أي نزول المسيح في آخر الزمان لحكم العالم لمدة ألف عام. وكليهما يتفقان على أن كرسي حكم هذا الملك هو هيكل سليمان، وهو ما يتناقض تمامًا مع العقيدة المسيحية الشرقية، خاصة الكنيسة القبطية المصرية، التي ترفض هذا الفكر.

المواجهة الحقيقية بين الكنيسة المصرية والمشروع المتفق عليه بين المسيحية المتصهينة والمعتقد اليهودي تتجلى في صراع المسارات، بين "مسار إبراهيم" و"مسار العائلة المقدسة".

فوفقًا للتاريخ المسيحي، هرب السيد المسيح وأمه العذراء إلى مصر هربًا من بطش هيرودس، وتوقفت العائلة المقدسة في عدة مناطق مصرية، مما يجعل مصر نقطة محورية في تاريخ المسيحية.

هذا الأمر يتناقض مع الفكر المسيحي المتصهين والمعتقد اليهودي، اللذين يسعيان إلى ترسيخ الاعتقاد بأن القدس وحدها هي المركز الديني الأوحد وكرسي حكم "مملكة داوود" من داخل هيكل سليمان، وتهيئة الأجواء لقدوم "المسيح الملك" عبر مسار إبراهيم.

وهنا يطرح السؤال نفسه: لماذا لم يتم حتى الآن تفعيل "مسار العائلة المقدسة" كحج مسيحي عالمي رغم أهميته في تاريخ المسيحية وذكره في الإنجيل المقدس؟ الإجابة تكمن في أن أصحاب مشروع "مملكة داوود" يسيطرون على شركات السياحة العالمية ويوجهونها بما يخدم مخططاتهم، كما أنهم نجحوا في اختراق عدد من المؤسسات الدينية في الغرب، مما جعل بعض الكنائس الغربية أداةً في خدمة هذا المشروع، متجاهلين الدور التاريخي لمصر في المسيحية.

الكنيسة القبطية لا تعترف بمفهوم "الملك الألفي" الذي تروج له المسيحية الصهيونية، حيث يتناقض مع الإيمان الأرثوذكسي بالمجيء الثاني للمسيح، وهو ما تم تأكيده في مجمع نيقية عام 325م ومجمع القسطنطينية عام 381م. حيث جاء في العقيدة المسيحية أن المسيح سيأتي في مجده ليدين الأحياء والأموات، وليس كملك أرضي يحكم العالم. كما أن الكنيسة القبطية تدحض المعتقد اليهودي الذي لا يعترف بالمسيح الذي جاء بالفعل، إذ لا يزال اليهود في انتظار "المسيح الملك الأرضي" القادم لإقامة مملكتهم.

كان للبابا شنودة الثالث بُعد نظر استراتيجي ورؤية واضحة حول المخطط الصهيوني، فاتخذ موقفًا حازمًا ضد أي تطبيع مع إسرائيل، وأصدر قرارًا تاريخيًا بمنع الأقباط من زيارة القدس تحت الاحتلال الإسرائيلي، مؤكدًا أن "القدس لن يدخلها الأقباط إلا مع إخوانهم المسلمين". وقد جعل هذا الموقف الكنيسة القبطية في مواجهة مباشرة مع المشروع الصهيوني الذي يسعى إلى تحقيق "مملكة داوود".

ومع تولي البابا تواضروس الثاني قيادة الكنيسة المصرية، استمرت هذه السياسة الوطنية، وبرز ذلك في مقولته الشهيرة: "وطن بلا كنائس خير من كنائس بلا وطن"، وهي رسالة قوية تؤكد أن الكنيسة المصرية لا يمكن أن تكون جزءًا من مشروع يهدف إلى طمس الهوية الوطنية المصرية.

كما لعب البابا تواضروس دورًا مهمًا في تعزيز علاقات الكنيسة بالأقباط في الخارج، ودعم دورهم كصوت وطني مدافع عن مصر في مواجهة محاولات التشويه والتأثير الخارجي. لم تقتصر مواقف البابا تواضروس على الجاليات القبطية في الخارج فقط، بل عمل على تصحيح المفاهيم المغلوطة حول أوضاع الأقباط في مصر، مؤكدًا أن ما يتم الترويج له بشأن "اضطهاد الأقباط" هو مجرد افتراءات تهدف إلى زعزعة استقرار الوطن.

وقد أظهر الرئيس عبد الفتاح السيسي تقديره الكبير للكنيسة المصرية وللبابا تواضروس في عدة مناسبات، أبرزها حضوره احتفالات عيد الميلاد المجيد في الكاتدرائية، مما يعكس العلاقة القوية بين الكنيسة والدولة في مواجهة المخططات الخارجية التي تستهدف مصر وهويتها الوطنية.

مقالات مشابهة

  • الصراع بين الكنيسة المصرية ومخطط الشرق الأوسط الجديد
  • معهد التخطيط القومي ودراسات الشرق الأوسط يوقعان مذكرة تفاهم لتعزيز الشراكة في البحث العلمي
  • معهد التخطيط والقومي لدراسات الشرق الأوسط يوقعان مذكرة تفاهم لتعزيز الشراكة
  • بمشاركة أعضاء من “الصحة العالمية” ‏و”اليونيسيف” … وزارة الصحة تقيم ورشة عمل لتعزيز وتقوية النظام الصحي
  • رئيس الوزراء يستقبل رئيسة الاتحاد الدولي لجمعيات الهلال والصليب الأحمر
  • العراق في صدارة الدول الأكثر تلوثاً في الشرق الأوسط
  • مدبولي يستقبل رئيسة الاتحاد الدولي لجمعيات الهلال والصليب الأحمر
  • 1.2 مليار درهم إيرادات في 2024.. مجموعة «يلا» تعلن عن النتائج المالية السنوية
  • معادلات جديدة تعتري الشرق الأوسط
  • وزيرة التضامن تلتقي رئيسة الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب والهلال الأحمر