محور الشرف.. ومحور الشر
تاريخ النشر: 5th, March 2024 GMT
صادق بن محمد سعيد اللواتي
حرب غزة الدائرة بين حماس وفصائل المقاومة الأخرى وبين إسرائيل وأمريكا والغرب منذ 7 أكتوبر 2023، هي حرب يمكن أن نطلق عليها عبارة "الشرف كله يقف أمام الشر في غزة". لقد توحدت قوى الشر التي تحتل أرض فلسطين أمام قوى الشرف التي تضحي بالضحايا الأبرياء منذ صدور وعد بلفور بمنح فلسطين لليهود عام 1917.
لم يتوقف تدفق دماء الأبرياء منذ ذلك الحين ولن يتوقف وحتى ساعة تحرير فلسطين من النهر إلى البحر من الصهاينة ومن كل من يدعمهم ويتضامن معهم. وفي نظر محور الشر، أصبح أصحاب الأرض وسكانها "إرهابيين"، وأصبح محتلو فلسطين، شعباً يُحب السلام!
استخدمت الولايات المتحدة حق النقض (الفيتو) ضد قرار وقف إطلاق النَّار في غزة الذي اقترحته الجزائر، وذلك للمرة الثالثة الذي تعترض فيه الولايات المُتحدة على مثل هذا القرار.
هذا التصرف المُتكرر من قبل أمريكا يُشير إلى مؤامرة خفية مدبرة بينها وبين إسرائيل ومجموعة من الدول العربية التي تربطها علاقات طبيعية مع إسرائيل؛ فمضمون المؤامرة هو القضاء على حركات المقاومة. وضمنيًا أرادت أمريكا بهذا الفيتو إيصال الرسالة إلى إيران بالقول إننا أقوياء وقادرون على إنهاء الحركات الإرهابية في فلسطين والعراق وسوريا ولبنان واليمن التي دعمتموها بالمال والسلاح منذ عقود، نستطيع تدميرها خلال أشهر قليلة.
نعلم أنَّ الولايات المُتحدة ستبذل كل ما في وسعها لمنع محور المقاومة من النصر. فإذا انتصر محور المقاومة على إسرائيل وخاب أمل المُطبعين في القضاء على المقاومة الشريفة، فإن ذلك يعني نهاية الوجود الأمريكي والسيطرة على المنطقة. وفي الوقت نفسه ستكون هناك هجرة عكسية للمستوطنين الصهاينة؛ حيث يفقدون الأمل في جيشهم لحمايتهم ويعودون إلى بلدهم الأصلي. وهنا لا شك أنَّ ثقة حلفاء أمريكا ستهتز وسيتخلون عن إسرائيل وأمريكا معًا. وهذا أمر مستحيل على أمريكا أن تقبله في الظرف الحالي. ولذلك، سنراها تستخدم كل قوتها لمساعدة إسرائيل ماليًا وعسكريًا لهزيمة حماس في غزة، وسوف تستخدم حق النقض ضد جميع قرارات مجلس الأمن ومحكمة العدل الدولية. وفي هذه الحالة فإنَّ أهل غزة سيدفعون المزيد من الضحايا الأبرياء ويعانون من الجوع والعطش، ولذلك فإنَّ الحرب لن تتوقف، فهي حرب بين الحق والباطل، والباطل في يومنا هذا لديه قوة أكبر للانتصار في كل الجولات. وقد يقول قائل إن السلاح الوحيد الذي يملكه العرب هو قطع النفط والغاز عن أمريكا والغرب. ولا أعتقد أن سلاح النفط سينفذ اليوم أو في المستقبل، فهو غير وارد على الإطلاق.
وفي اللحظة التي خرجت فيها مصر من ساحة الصراع بعد رحيل الرئيس المصري جمال عبدالناصر وتوقيع اتفاقية السلام التي أعقبت حرب أكتوبر 1973، دخلت إيران ساحة المواجهة لتشعل نورًا كان قد انطفأ. وتحيي أملًا كان قد مات. ولا تستغرب أيها القارئ لماذا تعادي أمريكا والغرب إيران لأنها سارت على خطى الرئيس الراحل عبدالناصر في استعادة حقوق المسلمين في فلسطين.
إذن هناك مشروعان في المنطقة، مشروع تبنته بريطانيا العظمى بوعد بلفور، ومن خلفها الولايات المتحدة وروسيا القيصرية، وكل الدول الغربية، والذي ساهم في إقامة دولة لليهود على أرض المسلمين في فلسطين وحمايتها بكل قوة من أهلها القريب والبعيد. والمشروع الآخر الذي تبنته الجمهورية الإسلامية الإيرانية منذ الثورة الإسلامية عام 1979 هو إزالة هذا الكيان المصطنع على أرض فلسطين.
ولم تأت إيران بمشروع جديد، بل بدأت بمواصلة ما تركه جمال عبدالناصر وراءه. ولا تستغرب عزيزي القارئ إذا رأيت أن من يدعم المقاومة في غزة بالسلاح والأرواح هم من يسمون عملاء أو إرهابيين إيرانيين يخوضون حرب إيران بالوكالة. ومن لا يتحمل الذل ويأتي لمساعدة أصحاب الحقوق في فلسطين هم حسب قانون الولايات المتحدة والغرب إرهابيون وكيان الاحتلال يحب السلام ويدافع عن نفسه بقتل عشرات الآلاف من المدنيين في غزة والضفة الغربية.
هل هناك إذلال أعظم من قتل 30 ألف فلسطيني في غزة، معظمهم من الأطفال والنساء، وجرح 70 ألفًا، وأمام أعين العرب؟ الأنظمة العربية اليوم لم يعد لها مشروع قومي، وقدموا مشروعهم عام 2001 وهو "الأرض مُقابل السلام"، لكن اليهود رفضوا ذلك المشروع، ومنذ ذلك الحين لم يتخذ العرب أي خطوة ملموسة للضغط على إسرائيل لقبول السلام.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
فلسطين: تحركات على المستويات كافة لإجبار الاحتلال ومستوطنيه على وقف جرائمه
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
قالت وزارة الخارجية والمغتربين الفلسطينية، إنها تواصل وسفارات دولة فلسطين وبعثاتها بتوجيهات الرئيس محمود عباس وتعليمات رئيس الوزراء محمد مصطفى، تحركاتها على المستويات كافة في مختلف الدول، لإجبار الاحتلال على وقف جرائمه ولجم اعتداءات المستوطنين بحق الشعب الفلسطيني.
وأدانت "الخارجية الفلسطينية" في بيان لها، اليوم الأربعاء، أوردته وكالة الأنباء الفلسطينية "وفا"، عدوان الاحتلال المتواصل على محافظة جنين ومخيمها، وتهجير العائلات من المخيم، وجرائم العقوبات الجماعية وتدمير البنى التحتية والإعدامات الميدانية وتخريب ممتلكات المواطنين المرافقة لها.
وأضافـت، أن عدوان الاحتلال يأتي في إطار مخطط إسرائيلي رسمي يهدف إلى تكريس الاحتلال وفرض القانون الإسرائيلي والضم التدريجي للضفة الغربية بما فيها القدس، كما أنه الوجه الآخر للمشروع الاستعماري التوسعي.
وحذرت، من المخاطر المترتبة على اعتماد اليمين الإسرائيلي الحاكم لدوامة الحلول العسكرية والأمنية كسياسة لإطالة أمد بقائه في الحكم، واستنجاده أيضًا بالفوضى الأمنية لتحقيق خارطة مصالحه الاستعمارية في الضفة، هروبًا من دفع استحقاقات السلام والحلول السياسية التفاوضية للصراع، إذ بات واضحًا أن الحكومة الإسرائيلية تختلق المبررات والذرائع لاستمرار العنف وإفشال أية فرصة لتطبيق الإجماع الدولي الحاصل على حل الدولتين.
وأكدت الخارجية مجددا، أن الاحتلال يستغل الفشل الدولي في تطبيق قرارات الشرعية الدولية الخاصة بالقضية الفلسطينية لتعميق الاستعمار وتغيير الواقع السياسي والتاريخي والقانوني القائم بالضفة لأغراض استعمارية عنصرية.
وطالبت، مجلس الأمن الدولي بتحمل مسؤولياته القانونية والأخلاقية تجاه معاناة الشعب الفلسطيني، والخروج الفوري من النمطية التقليدية في تعامله مع حقوق شعبنا، واتخاذ إجراءات ملزمة لدولة الاحتلال تجبره على الانصياع لإرادة السلام الدولية، بما في ذلك البدء الفوري بفتح مسار سياسي حقيقي وجدي يفضي إلى إنهاء الاحتلال الإسرائيلي لأرض دولة فلسطين كمدخل وحيد لتحقيق أمن المنطقة والعالم واستقرارهما وازدهارهما.