تمديد محادثات "هدنة غزة" ليوم آخر في القاهرة
تاريخ النشر: 5th, March 2024 GMT
القاهرة - رويترز
قال قيادي بحركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) اليوم الثلاثاء إن مفاوضين من الحركة سيبقون في القاهرة ليوم آخر لإجراء المزيد من المحادثات بناء على طلب الوسطاء، لتستمر محادثات وقف إطلاق النار بعد مرور يومين دون انفراجة.
وعُلقت آمال على أن تكون محادثات القاهرة المحطة الأخيرة قبل التوصل إلى أول وقف طويل الأجل لإطلاق النار في الحرب، وهو هدنة مدتها 40 يوما يتم خلالها إطلاق سراح عشرات الرهائن وضخ المساعدات إلى غزة قبل حلول شهر رمضان الذي يبدأ الأسبوع المقبل.
وقال القيادي لرويترز "الوفد سيبقى في القاهرة اليوم الثلاثاء لمزيد من المحادثات ومن المتوقع أن يتم إنهاء هذه الجولة من المحادثات في نهاية اليوم".
ونقلت قناة القاهرة الإخبارية أيضا عن مصدر القول إن "هناك مصاعب تواجه المباحثات"، لكنها ما زالت مستمرة.
وفي وقت سابق اليوم قال باسم نعيم القيادي الكبير في حماس لرويترز إن الحركة قدمت مقترحها بشأن اتفاق لوقف إطلاق النار إلى الوسطاء خلال يومين من المحادثات وتنتظر الآن ردا من الإسرائيليين الذين غابوا عن هذه الجولة.
وأضاف نعيم أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين "نتنياهو لا يريد اتفاقا، والكرة في ملعب الأمريكان" للضغط عليه من أجل التوصل إلى اتفاق.
وردا على سؤال بشأن تصريحات نعيم بأن إسرائيل تعرقل الاتفاق، قال مسؤول إسرائيلي كبير "هذا الادعاء غير صحيح. إسرائيل تبذل كل جهد للتوصل إلى اتفاق. وننتظر ردا من حماس".
وتمتنع إسرائيل عن التعليق علنا على محادثات القاهرة.
وقال مصدر لرويترز في وقت سابق إن إسرائيل قاطعت المحادثات لأن حماس رفضت طلبها بتقديم قائمة بأسماء جميع الرهائن الذين ما زالوا على قيد الحياة. وأوضح نعيم أن هذا يستحيل بدون وقف إطلاق النار أولا بالنظر إلى أن الرهائن موزعون في أنحاء منطقة الحرب ومحتجزون لدى فصائل مختلفة.
وقالت مصادر أمنية مصرية أمس الاثنين إنها كانت لا تزال على اتصال مع الإسرائيليين بما يسمح بمضي المفاوضات دون مشاركة وفد إسرائيلي.
وتقول واشنطن، الحليف الأقرب لإسرائيل وأحد رعاة محادثات وقف إطلاق النار، إن اتفاقا قبلت به إسرائيل مطروح بالفعل على الطاولة وإن الأمر متروك لحماس لقبوله. وترفض حماس هذه التصريحات وتراها محاولة لإبعاد اللائمة عن إسرائيل إذا انهارت المحادثات دون التوصل لاتفاق.
كما تطالب الولايات المتحدة إسرائيل ببذل المزيد من الجهود للتخفيف من حدة الكارثة الإنسانية في غزة، حيث قتل أكثر من 30 ألف شخص في الهجوم الإسرائيلي الذي أشعل فتيله هجوم شنته حماس عبر الحدود في السابع من أكتوبر تشرين الأول وتقول إسرائيل إنه أسفر عن مقتل 1200 شخص.
* الجوع يتربص بقطاع غزة
يسيطر الجوع حاليا على قطاع غزة المحاصر حيث تضاءلت إمدادات المساعدات بشدة خلال الشهر الماضي، بعدما تقلصت بالفعل بشكل حاد منذ بداية الحرب. وباتت مناطق كاملة من القطاع محرومة تماما من الغذاء. وتعج المستشفيات القليلة التي لا تزال تعمل في غزة، والمكتظة بالفعل بمصابي الحرب، الآن بأطفال يتضورون جوعا حتى الموت.
ويرقد الطفل أحمد كنعان وقد صارت عيناه غائرتين ووجهه شاحبا على سرير في مستشفى العودة في رفح ملتحفا سترة صفراء. وخسر الطفل نصف وزنه منذ بداية الحرب وصار يزن الآن ستة كيلوجرامات فقط.
وقالت عمته إسراء كلخ لرويترز "بتزداد حالته سوءا. الله يستر من اللي جاي".
كما قالت ممرضة إن هؤلاء الأطفال الهزيلين يتدفقون الآن على المستشفى بأعداد غير مسبوقة، وأضافت "بنواجه عدد كبير من المرضى يعانون من هذا الإشي وهو سوء التغذية".
والوضع في شمال غزة هو الأسوأ، إذ لا تستطيع وكالات الإغاثة أو كاميرات وسائل الإعلام الوصول إليه. وتقول سلطات الصحة في غزة إن 15 طفلا توفوا بسبب سوء التغذية أو الجفاف في أحد المستشفيات.
وتقول إسرائيل إنها مستعدة للسماح بدخول المزيد من المساعدات إلى غزة عبر نقطتي التفتيش على الطرف الجنوبي من القطاع اللتين سمحت بفتحهما، وتلقي باللوم على الأمم المتحدة ووكالات الإغاثة الأخرى في عدم توزيع المساعدات على نطاق أوسع.
وتقول وكالات الإغاثة إن هذا بات مستحيلا مع انهيار القانون والنظام، وإن السماح بدخول الأغذية وتأمين عمليات توزيعها يقع على عاتق إسرائيل التي اجتاحت قواتها بلدات غزة وتقوم بدوريات فيها.
وقالت أديل خضر، المديرة الإقليمية لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف) في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا "لا بد وأن الشعور بالعجز واليأس بين الآباء والأطباء، الذين يدركون أنه يتم منع المساعدات المنقذة للحياة والموجودة على بعد بضعة كيلومترات فقط، هو أمر لا يحتمل".
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
كلمات دلالية: وقف إطلاق النار من المحادثات
إقرأ أيضاً:
"محادثات مسقط" بين إيران وأمريكا ومستقبلها
د. عبدالله الأشعل **
سلطنة عُمان لها دور متميز في ترتيب المحادثات بين الفرقاء، وهذا من أوراق القوة الكبيرة لمسقط؛ إذ تربطها بالولايات المتحدة علاقات إيجابية، كما تربطها بإيران علاقات إيجابية أيضًا منذ موقفها من الحرب العراقية الإيرانية، وانطلاقًا من اقتناع مسقط بأنَّ الصراع بين إيران والولايات المتحدة هو محور الصراعات في المنطقة.
وهذه المحادثات بين الخصمين الكبيرين كانت غير مباشرة على أساس أن مسقط تلعب دور الوسيط غير المباشر، بمعنى أن تنقل آراء الطرفين في نقاط جدول الأعمال. ولم تطلب مسقط الوساطة بين الطرفين، بل إن الطرفين قدّرا أنَّ الوقت قد حان لعقد هذه المحادثات، وحيادية ونزاهة مسقط من بين عوامل إيجابية دفعت الطرفين لطلب الوساطة العُمانية.
أما جدول أعمال المحادثات فيمكن تصوره كالآتي:
الملف النووي الإيراني؛ حيث تريد واشنطن منع إيران من التوصل إلى السلاح النووي حتى تظل إسرائيل هي الطرف النووي الوحيد في المنطقة، لكن موقف إيران يتضح أنها تدرك أن الدولة غير النووية يسهل مهاجمتها، ووصول إيران إلى السلاح النووي مرهون بسلوك أمريكا وإسرائيل تجاه إيران. موقف إيران من المقاومة في لبنان وفلسطين والعراق واليمن؛ حيث تعتقد واشنطن أن أخطر مُهدِّد لوجود إسرائيل والمشروع الصهيوني هو المقاومة، وقد تمكنت أمريكا وإسرائيل من حرمان المقاومة من الدعم، وقطع الصلة المادية بين المقاومة وبين داعميها، لذلك تُريد واشنطن تعهدًا من إيران بأن تتخلى عن المقاومة في الساحات الأربعة. لكنني أشك أن إيران يُمكن أن تُقدِّم هذا التعهد، خصوصًا وأن إيران تقول إنها تدعم المسجد الأقصى والقدس من خلال المقاومة. ومعنى تعهد إيران بالتخلي عن المقاومة، هو تشجيع إسرائيل على التوحُّش وتغيير خرائط المنطقة. والمطلوب إيرانيًا أن تتخذ طهران موقفًا على سبيل التقية، بمعنى أنها لا تكشف كل أوراقها ونواياها لواشنطن. وتدرك إيران أن المطلب النووي ومطلب التخلي عن المقاومة ونزع سلاحها يخدم إسرائيل إلى الأبد، اعتمادًا على تعاون البعض في المنطقة لتحقيق هذه الغاية. واشنطن مستعدة لعدم مهاجمة إيران أو السماح لإسرائيل بمهاجمتها، كما إن واشنطن مُستعدة نظريًا إلى التخلي عن هدفها الأساسي في إيران وهو القضاء على الثورة الإسلامية وإعادة حكم الشاه، وهذا هو هدف أساسي لواشنطن مهما كانت التصريحات المُخالِفة لذلك. وتدرك واشنطن وإيران أن المحادثات في مسقط تُعارضها إسرائيل، وأن إسرائيل تريد توريط واشنطن في الصراع العسكري مع إيران، لكن واشنطن تدرك قوة إيران وقدرتها على تدمير مصالحها في المنطقة وإحراجها، ولذلك فإنَّ الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يُطبِّق نظريته الشهيرة في الحصول على ما يريد سلميًا وبأقل الأثمان. الرفع التدريجي للعقوبات الاقتصادية وهو أمر تنظر فيه أمريكا، وتتعهد لإسرائيل بالحزم في الملف النووي مقابل عدم مهاجمة إسرائيل للمصالح النووية والمصالح البترولية لإيران. ولا يُتوقع أن تكون الجولات الراهنة من المحادثات نهائية، ولكن يمكن أن تتبعها محادثات أخرى لمتابعة هذه الملفات الثلاثة، وهي الملف النووي والمقاومة والعقوبات.وإذا كانت واشنطن وإيران قد وجدتا مصلحتهما في بدء المحادثات التمهيدية في مسقط، فإن المُتصوَّر أن تبدأ هذه الجولة بإنشاء لجان فرعية لمتابعة التفاصيل. ويُحتمل أن الولايات المتحدة ذكَّرت إيران بأن الثورة الإسلامية عند قيامها في 12 فبراير 1979 قد بدأت بالعداء لأمريكا وإسرائيل في وقت واحدٍ؛ حيث احتل الحرس الثوري الإيراني مبنى السفارة الأمريكية في طهران، واحتجز كل الموجودين فيه رهائنَ لمدة 444 يومًا، وبذلت الولايات المتحدة كل جهد ممكن ابتداءً من اللجوء إلى محكمة العدل الدولية التي أصدرت أمرًا تحفظيًا بالإفراج عن الرهائن، لكن الحرس الثوري الإيراني رفض هذا الأمر. وحاولت واشنطن تحرير الرهائن بالقوة، مُستخدمةً الأراضي المجاورة، لكن هبَّت عاصفة أحبطت المخطط الأمريكي وأسقطت الطائرات التي كانت مُعدَّة للهجوم على إيران. وأخيرًا تم تحرير الرهائن في إطار صفقة خلال المحادثات غير المباشرة بين إيران وأمريكا في الجزائر في يناير 1980. تلك المحادثات غير المباشرة أنشأت محكمة خاصة بتسوية توابع الاتفاق في مقر محكمة العدل الدولية في لاهاي بهولندا، ويُحتمل أن هذا الموضوع قد شملته المفاوضات الأولية في مسقط؛ لأن واشنطن تُسرف في استخدام سلاح العقوبات وتُهدِّد إيران بأن الأساطيل الأمريكية ستهاجمها. ولم تتوقف المكائد الأمريكية ضد إيران في الداخل والخارج، وتُدرِك إيران أن الاغتيالات الإسرائيلية داخل إيران تتم لمصلحة أمريكا وإسرائيل. ولا نظن أن هذه الاغتيالات كانت على جدول أعمال المفاوضات؛ لأن إسرائيل اغتالت عددًا من علماء الذرة الإيرانيين، كما اغتالت شخصيات إيرانية مركزية، كما أحرجت إيران باغتيال إسماعيل هنية رئيس حماس السابق أثناء حضوره تنصيب الرئيس الإيراني الجديد المنتخب بعد شبهة اغتيال إسرائيل للأقطاب الثلاثة الذين كانوا في طائرة الرئيس إبراهيم رئيسي في بداية عام 2024.
الخلاصة.. أن إيران قدّرت كبح جماح الوحش الإسرائيلي والوحش الأمريكي، علمًا بأنها فقدت التواصل المادي مع المقاومة في الساحات الأربعة؛ مما بدا أن إسرائيل وأمريكا منتصرتان، ولا بُد أن إيران تصرفت خلال المحادثات على أساس تجاهل نقاط القوة في الموقف الإقليمي لصالح إسرائيل وأمريكا. لكن تحييد إيران في المنطقة انتصار حاسم لأمريكا وإسرائيل.
** أستاذ القانون الدولي ومساعد وزير الخارجية المصري سابقًا
رابط مختصر