لوموند: الاحتلال يدمر غزة كما فعلت القنبلة الذرية باليابان
تاريخ النشر: 5th, March 2024 GMT
يعد تدمير مدينة غزة خطوة أخرى في التدهور العام للمراكز الحضرية الكبرى والتاريخية في الشرق الأوسط، وفق ما ذهب إليه بيتر هارلينج المتخصص في شؤون الشرق الأوسط في حوار مع صحيفة لو موند الفرنسية.
واعتبر بيتر هارلينج أن غزة التي يبلغ عدد سكانها حوالي 2.3 مليون نسمة أكبر مدينة في فلسطين من حيث عدد الكثافة السكانية.
وذكرت صحيفة لو موند، أن صور الأقمار الصناعية تشير إلى أن 70% إلى 80% من المباني في غزة قد دمرت أو تضررت بسبب العدوان والهجوم الإسرائيلي المستمر والذي شن بعد هجمات حماس في 7 أكتوبر 2023.
وقال هارلينج أن العملية الإسرائيلية لم تنته بعد، وإنه ستكون هناك غارات وعمليات قصف مقبلة، كما ستكون هناك عمليات هدم وإعادة هيكلة للمنطقة وفقاً لمبررات أمنية وعملية إعادة إعمار يتم فيها التفاوض بمرارة على كل التفاصيل.
تاريخيًا، يعد التدمير الكامل للمدينة ظاهرة مرعبة غير عادية في أزمان الحرب رغم تكرارها.
وأضاف أنه تم نهب روما في عام 410، ونهبت القسطنطينية من قبل الصليبيين في عام 1204.
وجرى تدمير نانجينج في الصين من قبل اليابانيين بين ديسمبر 1937 وفبراير 1938.
واعتبر أن الهدف من كل ذلك هو التدمير للحضارة المعارضة.
أما من الناحية الثقافية، فيرتبط هذا المفهوم التدميري بفكرة البربرية حيث أن الغزو يهدف إلى التدمير وليس إلى الحكم.
ومن هذا، فالاحتلال الذي يقصف غزة بالقنابل يهدف إلى محو تراث غزة وتاريخها.
قصفت ألمانيا النازية المدن الإنجليزية لضرب معنويات الإنجليز خلال الهجوم الخاطف مابين 7 سبتمبر 1940 إلى 21 مايو 1941.
قضى الحلفاء على كاين وضحوا بالمدنيين من أجل أهداف عسكرية.
تعرضت المدن الألمانية مثل دريسدن في فبراير 1945 لكمية من الغارات والنيران بشكل ضخم كان الهدف منها زيادة معاناة الناس إلى أقصى حد .
في هيروشيما في 6 أغسطس 1945 كان من الممكن أن تكتفي الولايات المتحدة بالكشف عن امتلاكها قدرات نووية ولكنها فضلت برمي القنبلة لتنفجر على الارتفاع الذي من شأنه أن يحدث أكبر قدر من الضرر والدمار والموت.
ومن هذا كله وبحسب الباحث، فإن الحرب على غزة جزء من هذا الخط من الحروب حيث لم تعد المدينة ساحة معركة بل هدفا في حد ذاته.
وقال هارلينج إنه قبل غزة، كانت هناك الفلوجة في العراق، التي دمرها الجيش الأميركي في نوفمبر 2004 وحلب في سوريا التي سحقت تحت وابل القنابل بين عامي 2012 و2016.
المصدر: صدى البلد
كلمات دلالية: غزة التدهور العام فلسطين لو موند صور الأقمار الصناعية
إقرأ أيضاً:
لوموند: كيف أثر السيسي على الدور الذي كانت تلعبه مصر في القضية الفلسطينية؟
نشرت صحيفة "لوموند" الفرنسية تقريرًا سلطت خلاله الضوء عن مدى استفادة النظام المصري من إطالة أمد الصراع في غزة، العامل الذي يجعله يتراخى في البحث عن سبل حله.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن الطبيعة العسكرية العميقة للنظام المصري ظلت قائمة منذ سنة 1952، عند إطاحة جمال عبد الناصر والضباط الأحرار بالملكية البرلمانية.
وأضافت الصحيفة أن هذه الهيمنة العسكرية استمرت في عهد خلفاء ناصر، أنور السادات ثم حسني مبارك، قبل أن تهتز خلال الاضطرابات الثورية بين سنتي 2011 و2013.
وأنهى الانقلاب العسكري الذي نفذه عبد الفتاح السيسي الفترة الانتقالية وأعاد ترسيخ أسس النظام العسكري الذي تقوم خلاله الدائرة الرئاسية بتوزيع الامتيازات بين الجنرالات، سواء كانوا في الخدمة الفعلية أو "متقاعدين" يشغلون مناصب في القطاع الخاص. في المقابل، تتولى أجهزة المخابرات فرض رقابة شديدة على البلاد والشعب، مع هيمنة جهاز المخابرات العامة، الكيان العسكري المكلف بتنفيذ عمليات داخل مصر وخارجها.
"إيجار" غزة
وأوضحت الصحيفة أنه بمجرد عودته إلى البيت الأبيض؛ قرر دونالد ترامب تعليق جميع أشكال المساعدات الخارجية، باستثناء الدعم المقدم لإسرائيل وكذلك لمصر. ويعود الفضل في استثناء نظام السيسي من القرار إلى بند في معاهدة السلام الموقعة سنة 1979 بين إسرائيل ومصر تحت إشراف الولايات المتحدة يقضي بمنح دعم عسكري سنوي لإسرائيل يناهز حجمه ملياري دولار وثلثي هذا المبلغ لمصر.
وطيلة أكثر من أربعة عقود من الزمن، ظل الجنرالات المصريون يعتبرون أن هذا المبلغ حق مكتسب لهم رافضين تخصيص حتى جزء منه إلى تنمية البلاد. وغالبًا ما يُعاد استثمار هذا المبلغ في شراء المعدات الأمريكية، مما يتيح للقاهرة الحصول على دعم الصناعيين المعنيين في واشنطن الذي يشكلون "مجموعة ضغط".
وتشيد مجموعة الضغط هذه بمساهمة نظام السيسي في الحصار الذي فرضته إسرائيل على قطاع غزة منذ سيطرة حماس عليه في حزيران/ يونيو بعد فوزها في الانتخابات2007. مع استمرار تراجع نفوذ بلاده في الأزمات الإقليمية، من ليبيا والسودان إلى اليمن تزداد العائدات التي يجنيها السيسي من استمرار الحرب في غزة.
ولهذا السبب يبالغ نظام السيسي بشأن أهمية المفاوضات المفترض تنظيمها في القاهرة، سواء بين إسرائيل وحماس أو بين الفصائل الفلسطينية. إن الحوار الفلسطيني الداخلي بشأن تسليم السلطة التي تتقلدها حماس إلى غزة متوقف منذ ستة عشر شهراً، دون الوصول إلى أي صيغة قابلة للتطبيق. في المقابل، المحادثات الجادة الوحيدة بشأن الهدنة في غزة، والتي ترتب عنها إعلان الهدنة الحالية، كانت تحت إشراف قطر.
أرباح كبيرة
وذكرت الصحيفة أن عدم فاعلية أجهزة الدولة المصرية على الرغم من الكفاءات والخبرات التي تمتلكها هو نتيجة تطبيق قرارات سياسية على أعلى مستوى. في الواقع، تسمح الأزمة الفلسطينية بإحياء المشهد الدبلوماسي والإعلامي في القاهرة، التي تراجع دورها بشكل ملحوظ في السنوات الأخيرة.
بالإضافة إلى ذلك، يوفر الحصار المفروض على غزة فرصًا متعددة للمخابرات العسكرية وعميلها إبراهيم العرجاني، الزعيم البدوي الذي لم يكتفِ فقط بتجنيد ميليشيا كبيرة لدعم الجيش المصري في سيناء، بل يسيطر فعليًا على عمليات الدخول والخروج من قطاع غزة عبر معبر رفح.
وبينت الصحيفة أنه حتى حدوث الهجوم الإسرائيلي على رفح في آيار/مايو 2024، والذي نتج عنه غلق المعبر المصري؛ تمت مطالبة كل فلسطيني يرغب في الفرار من الحرب بدفع مبالغ تصل إلى آلاف الدولارات. بالإضافة إلى ذلك، فرض العرجاني ومجموعته على الشاحنات المتجهة نحو غزة، دفع ضرائب تناهز عشرات الملايين من الدولارات شهريًا. إلى جانب ذلك، تم إنشاء شركة أمنية باسم "الأقصى"، مكلفة بحماية الشاحنات داخل قطاع غزة، بتكلفة باهظة.
وأوردت الصحيفة أن الهدنة السارية في غزة منذ 19 كانون الثاني/ يناير أدت إلى إعادة الفتح الجزئي لمعبر رفح، مما أعاد تنشيط شبكات التهريب التابعة لإبراهيم العرجاني، حيث تم فرض رسوم تصل إلى عشرين ألف دولار على كل شاحنة تجارية.
وبفضل العلاقة التي تجمعه مع محمود السيسي، نجل الرئيس ونائب رئيس جهاز المخابرات العسكرية أصبح العرجاني شخصية فوق القانون. بالإضافة إلى ذلك، تتكفل شركته "الأقصى" بتوفير المرتزقة المكلّفين بمراقبة عمليات العبور بين شمال وجنوب قطاع غزة.
وتحرص المخابرات المصرية على عدم التواجد فعليًا داخل قطاع غزة خدمة لمصالحها، بحيث يستفيد نظام السيسي من استمرار تدهور الوضع في غزة، عن طريق مواصلة ابتزاز المدنيين الذين يحاولون المغادرة وفرض الرسوم على الشاحنات التي تدخل القطاع.
وفي ختام التقرير نوهت الصحيفة بأن فهم الدوافع العميقة لسياسة النظام المصري في غزة أمر ضروري لتقييم مدى قدرته على التصدي لـ"رؤية" دونالد ترامب، التي تقوم على تهجير سكان قطاع غزة وتحويله إلى "ريفييرا الشرق الأوسط".