الاستنفار لا يكفي، لا بد من عودة (كيان جامع لكل السودانيين)
تاريخ النشر: 5th, March 2024 GMT
كلا النظامين أرهق نفسه في التوفيق بين الخارج والداخل، ولكن الفرق أن النظام السابق كان يضع الأجندة الوطنية الخالصة، ويشرع في التنفيذ، ويحشد لها بقوة، ويضغط الخارج بها، ثم يبدأ في التفاوض والتنازلات، أما هذا الوضع الحالي، وهو ليس (نظام)، ما يفعله الآن، أنه يبدأ من طلبات الخارج بغرض إرضاءه، ويجتهد في تفصيلها على الداخل ويحشد الداخل ليساوم الخارج به، ويخصم بعض المطالب أو يعيد تفصيل المقاسات، ولذلك هو بطيء ومتردد وأموره معقدة، رغم أن فرصه كانت أوسع.
هو يلجأ لنا ليس لوضع أجندة وطنية إنما فقط لإحداث ضغط داخلي لتعديل الأجندة الخارجية لصالح الداخل، ونحن لا نرفض، ولكن هذا المنهج لا يمثلنا البتة.
الوضع الحالي يفعل بعد ستة أشهر ما كان يجب فعله قبلها.
الإشكالية، أن هذا الوضع أشبه بمصاب الضغط والسكري والذي ينصحه الطبيب بالدخول في العلاج والريجيم فورا، لكنه يتأخر وينكر خطورة المرض، وعندما يبدأ في العلاج يكون الضغط والسكري أصاب وظائف القلب والكلى، وعليه مراجعة طبيب قلب ومسالك بولية، وسيحتاج إلى أدوية أخرى أضعاف التي ماطل فيه.
ولذلك، المعاناة والعذاب التي يحكيها المريض في فترة الضغط والسكري التي أبطأ فيها في العلاج ومارس حياته طبيعيا، وقصصه عن تفانيه في العمل وحضوره الجنائز منتصف الليل وسفره للفواتح وسقوطه من الإعياء، هي ليست بطولة تشفع له في تأخير المرحلة الأخرى من العلاج، التي دخلها بسبب مماطلته في الحل وليس تضحياته وبطولاته المتزامنه مع العناد في الحل .. في النهاية سيدخل في مرحلة غسيل الكلى.
هذا ما فعلته القيادة الحالية، كنا نتحدث عن الاستنفار الشعبي وعودة منسقيات الإحتياطي الشعبي، وشكوى الإمارات على مستوى إقليمي.
تم الٱعلان عن الاستنفار في النهاية بعد مماطلة ومراوغة، ثم عادت أجسام مشابهة للمنسقيات ولكنها لا تقوم بواجبها، وبرزت المقاومة الشعبية المسلحة المستقلة خارج تنظيم وادارة الجيش، بسبب عدم إعادة تأسيس المنسقيات، وأضطررنا لتدويل الشكوى ضد الإمارات.
الآن، هذا لا يكفي، فقد ظهر الشرخ القبلي.
أنا أقول، الاستنفار لا يكفي، لا بد من عودة (كيان جامع لكل السودانيين)، وليس مجرد وفاق وطني يبدأ في جوبا وينتهي في منتجع أركويت، ويقدم شخصيات توافقية ليرضى الخارج.
نحتاج الآن لتجمعات في كل قرية وفريق، وندوات وفعاليات وحشود تجمع كل الناس كما كان سابقا، تطلع العصيدة من بيت فوراي والملاح من بيت شايقي، والمؤذن هوساوي والإمام خليط نوبي كردافي، والقيادة والاجتماعات والمؤتمرات القاعدية تمتص الحراك في بوتقة سياسية واحدة.
مهما يقال من انتقادات للمؤتمر للوطني ونقد ذاتي وجلد ذاتي وتبشيع خارجي، أنا شخصيا لدي مذكرة ٱصلاحية في 2011 ومقالات نقدية في 2014 واستقالة في 2015، وكله منشور بتاريخه، لكنني أتمنى الآن عودة كيان مشابه له، ولو أسوأ منه، لأنه كان يقوم بهذا الدور .. وإذا قلتم لا نريد (مؤتمر وطني) ولا غيره، نريد وفاقا محدودا بين رؤوس أحزاب لتشكيل حكومة في بورتسودان، مبروك عليكم العناد والمكابرة، لكن عجلوا بعودة (منسقيات الإحتياطي الشعبي) وما تعاندوا .. لينظموا الشعب في المواجهة، ويهزموا القبيلة التي أطلت بعنقها، ويعملوا للسلاح أرقام وٱجراءات عهدة وكشوفات.
ويكون هنالك منسقين احتياطي شعبي في أي محلية بل في أي وحدة إدارية وقرية، وحذاري ثم حذاري من (الفهلوة) عليهم .. صدقتوا معاهم بصدقوا معاكم وبلموا الناس على البناء والجهاد وفعل الخير قبل ما تقعد الكارثة .. غير كدا .. ارفضوا النصائح و انتظروا غسيل الكلى وما بعده، من فشل وموت الدولة.
مكي المغربي
المصدر: موقع النيلين
إقرأ أيضاً:
نجلاء المنقوش: سقوط الأنظمة لا يكفي لتحقيق الاستقرار.. وليبيا أكبر مثال
ليبيا – المنقوش تحذر: لا يجب أن تتحول سوريا إلى “قصة تحذيرية” أخرى مثل ليبيا
تشابهات بين ليبيا وسوريا وتحذير من تكرار السيناريوحذرت نجلاء المنقوش، وزيرة الخارجية السابقة بحكومة عبد الحميد الدبيبة، في مقال نشرته صحيفة “الغارديان” البريطانية، من أن سوريا قد تواجه مصيرًا مشابهًا لما حدث في ليبيا، داعية المجتمع الدولي إلى عدم تركها تنهار تحت وطأة “اللامبالاة العالمية والزعامة المنقسمة”.
وأشارت المنقوش إلى أن مشهد انهيار نظام بشار الأسد في ديسمبر أعاد للأذهان ما حدث في ليبيا عام 2011، مؤكدة أن فراغ السلطة في سوريا لا يجب أن يتحول إلى فوضى وحرب أهلية، كما حدث في ليبيا بعد سقوط معمر القذافي.
تجربة ليبيا بعد سقوط القذافي.. من الثورة إلى الفوضىوتحدثت المنقوش عن التجربة الليبية، موضحة أن الليبيين كانوا يعتقدون أن سقوط القذافي سيجلب الحرية والاستقرار، إلا أن الفوضى سرعان ما انتشرت بعد ظهور الميليشيات وأمراء الحرب، مما أدى إلى انهيار المؤسسات، ووقوع البلاد في دوامة من العنف.
وأضافت أن الدول الغربية، مثل الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا، دعمت الثورة الليبية لكنها فشلت في وضع خطة لما بعد إسقاط النظام، مما أدى إلى تفاقم الأزمة وانتشار الإرهاب والتطرف، خاصة في مناطق مثل بنغازي.
درس من ليبيا: ضرورة وجود استراتيجية واضحة في سورياوأشارت المنقوش إلى أن المجتمع الدولي لا يملك استراتيجية واضحة لإدارة العواقب المترتبة على انهيار الأنظمة، مؤكدة أن التدخل العسكري وحده لا يكفي لاستقرار الدول، بل يجب أن يكون هناك إدارة نشطة لمرحلة ما بعد الصراع.
كما حذرت من أن تدفق الأسلحة والأيديولوجيات المتطرفة إلى سوريا قد يؤدي إلى زيادة التطرف والانقسامات، مما يجعل من الضروري العمل على إعادة بناء المؤسسات وتعزيز برامج نزع السلاح وإعادة الإدماج.
الفرصة أمام الغرب للعمل كـ”قوة استقرار” في سورياوأكدت المنقوش أن انسحاب القوات الروسية من سوريا يوفر فرصة أمام الغرب للعمل ليس كقوة احتلال، بل كقوة دعم واستقرار، داعية إلى تبني نهج جديد يقوم على الإشراف الواعي بدلاً من استخدام القوة العسكرية.
كما شددت على ضرورة الاستماع إلى الأصوات المحلية والإقليمية بدلاً من فرض أجندات غربية لا تتناسب مع الواقع السوري، مؤكدة أن أحد أسباب فشل التدخل الأمريكي في أفغانستان كان غياب الفهم العميق للثقافة والمجتمع هناك.
مستقبل سوريا وحقوق المرأةفي ختام مقالها، أشارت المنقوش إلى أن مستقبل سوريا يجب أن يتضمن تعزيز حقوق الإنسان وحقوق المرأة، مستشهدة بمؤتمر إسلام أباد الأخير حول تعليم الفتيات في المجتمعات الإسلامية، والذي شارك فيه شخصيات بارزة مثل رئيس وزراء باكستان شهباز شريف والناشطة ملالا يوسف زاي.
وأكدت أن نتائج هذا المؤتمر، بما في ذلك إطلاق حملة عالمية لتعزيز حقوق المرأة، يمكن أن تساعد في صياغة استراتيجيات لدعم الاستقرار في سوريا، بعيدًا عن التدخلات العسكرية الغربية.
ترجمة المرصد – خاص