"رأس الحكمة"، منطقة تتبع إداريا لمحافظة مطروح (شمال غرب)، وتعد من الشواهد التاريخية لبوابة مصر الغربية على الساحل الشمالي الغربي للبحر المتوسط. كانت ميناءً لرسو السفن واستراحة للملوك والرؤساء، وسعت الحكومة المصرية لاستغلال موقعها المتميز لانتشال الاقتصاد المتعثر عبر "صفقة إنقاذ" تعد الأضخم في تاريخ البلاد.

في 23 فبراير/شباط 2024 وقعت مصر والإمارات عقد تطوير وتنمية مدينة "رأس الحكمة" الجديدة باستثمارات تقدر بنحو 150 مليار دولار، تتضمن 35 مليار دولار استثمارا أجنبيا مباشرا للحكومة المصرية خلال شهرين، منها 11 مليار دولار إسقاط ديون، وينص العقد على أن تحصل مصر على 35% من إجمالي أرباح المشروع.

مشروع رأس الحكمة يطل على البحر من جهة وعلى الصحراء من جهة أخرى (مواقع التواصل الاجتماعي) الموقع

تقع منطقة رأس الحكمة على الساحل الشمالي الغربي لمصر على بعد نحو 350 كيلومترا شمال غرب القاهرة، وتتبع إداريا محافظة مطروح، وتغطي مساحة 180 كيلومترا مربعا تقريبا، وهي عبارة عن رأس بحري يقع داخل البحر المتوسط بطول 50 كيلومترا مربعا من مدينة الضبعة (تقام بها محطة الضبعة النووية) شرقا، ومدينة مرسى مطروح غربا.

وتتميز جغرافيًّا بموقع إستراتيجي وسياحي جذاب، فهي تقع غرب مدينة وميناء العلمين الجوي، وميناء الحمراء للبترول، وبالقرب من مطاري مرسى مطروح وبرج العرب الدوليين، وعلى طريق بري يربط القاهرة بمدن الساحل الشمالي، إلى جانب مقومات طبيعية أخرى تتمثل في مياه البحر الصافية والشواطئ الرملية الناعمة والمتوسطة التعرج.

ومناخ المنطقة يصنف -مثل بقية مدن الساحل الشمالي- ضمن الأقاليم المناخية الهادئة، إذ يبلغ عدد ساعات سطوع الشمس الفعلي خلال فصل الصيف نحو 12 ساعة، في حين يصل في فصل الشتاء إلى 7 ساعات، وتتقارب معدلات السطوع المسجلة خلال فصلي الربيع والخريف، على الرغم من اختلاف الظروف المناخية السائدة في كل منهما.

وتبلغ درجات الحرارة في المنطقة أعلى معدلاتها في فصل الصيف، حيث يسجل المعدل الفصلي 24.6 درجة، في حين يسجل 18.8 درجة في الشتاء، وتتراوح درجة الحرارة المثلى لراحة الإنسان ونشاطه بين 18 و25 درجة مئوية.

وعادة ما تشهد المدينة سحبا ذات حجم صغير ومتفرقة في الصيف، في حين تزداد خلال الشتاء، وتتركز في الشريط الضيق الموازي للبحر المتوسط، وتقل كلما اتجهت جنوبا حتى تنعدم تماما.

والنطاق الشمالي الغربي لخليج رأس الحكمة أكثر النطاقات التي قد تواجه عقبات الخطط التنموية، بالنظر إلى طبيعة التكوينات الجيولوجية المتمثلة في الحجر الجيري الذي يسهل نحته بواسطة الأمواج، إضافة إلى ارتفاع الأمواج فيه عن النطاق الشمالي الشرقي.

مراسم توقيع صفقة رأس الحكمة بين مصر والإمارات (المصدر: صفحة رئاسة الوزراء المصرية) السكان

بلغ تعداد سكان مدينة رأس الحكمة نحو 10 آلاف نسمة، وفق تقديرات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء (حكومي) لعام 2020، مع الإشارة إلى أن إحصاء 2023 قدر تعداد سكان محافظة مطروح بحوالي 539 ألف نسمة، دون أن يوضح توزيع السكان على مدن وقرى المحافظة.

وتفيد تقارير صحفية بأن تعداد سكان المنطقة لعام 2023 -حسب تقديرات غير رسمية- حوالي 25 ألفا من السكان الأصليين، إضافة إلى بضعة آلاف من محافظات مجاورة يمارسون أعمالا دائمة أو موسمية في الزراعة والسياحة.

وتعيش في هذه المنطقة بعض قبائل "أولاد علي"، وهي من القبائل العربية التي وفدت إلى مصر زمن الفتح الإسلامي، وتنتشر في مختلف ربوع البلاد والدول المجاورة، ومن أبرز قبائلها الفرعية في "رأس الحكمة" الجميعات والصنافرة.

التاريخ

يعود تاريخ رأس الحكمة إلى العصرين اليوناني والروماني في مصر، وثمة اختلافات كبيرة بين الأصل التاريخي لتسمية المنطقة باسم رأس الحكمة، فوفقًا لتقارير منطقة آثار مطروح الرسمية، فإن المنطقة كانت تعرف باسم "آبار الكنايس"، وهو مصطلح يطلق على قمم الجبال والتلال التي يسقط عليها المطر الغزير فـ"يكنسها"، قبل أن تحتويها آبار التخزين.

وفي حين ينقل الباحث والشاعر البدوي قدورة العجني، في كتابه "مطروح.. الأرض والإنسان والتاريخ"، عن كتابات مؤرخين في العصر المملوكي أن تسمية رأس الحكمة تعود إلى قبيلة "بني حكيم"، إحدى قبائل الجزيرة العربية التي سكنت المنطقة، تشير تقارير صحفية إلى أنها كانت تعرف برأس الكنائس؛ لوجود جبل بها عليه آثار الكثير من الكنائس، وظلت محتفظة بهذا الاسم حتى أربعينيات القرن العشرين.

جزء من الأرض المخصصة لمشروع رأس الحكمة (مواقع التواصل الاجتماعي)

وتوضح موسوعة "الخطط التوفيقية" أن "رأس الكنائس" كانت في زمن حكام أسرة محمد علي ميناءً لرسو المراكب الكبيرة، وهي واحدة من القرى المستحدثة، وكانت تتبع قسم مطروح التابع لمحافظة الصحراء الغربية حتى عام 1945.

وفي عام 1941 أصدر الملك فاروق (1920-1965) قرارا بتغيير اسم المنطقة إلى "رأس الحكمة"، كما كانت له زيارات متعددة للاستراحة الملكية، وهي عبارة عن قصر ملكي وضع حجر أساسه والده الملك فؤاد الأول في زيارته الأولى لمطروح عام 1928، وتحولت إلى استراحة رئاسية بعد ثورة يوليو/تموز 1952 التي أطاحت بالنظام الملكي وأعلنت الجمهورية.

وبعد عام واحد من توليه السلطة في 1970، زار الرئيس الأسبق أنور السادات رأس الحكمة، والتقى مشايخ قبائل مطروح، وكان بينهم حينها خلاف على التمثيل النيابي، فعقد معهم جلسة عرفية حسمت الخلاف على أن يتم التمثيل النيابي بالدور، وظل صدى هذه الجلسة يتردد بين القبائل مع كل استحقاق انتخابي حتى الانتخابات البرلمانية لعام 2020.

كما كانت للرئيس الأسبق محمد حسني مبارك زيارة سنوية منتظمة كل صيف للقصر الجمهوري برأس الحكمة، ولم ينقطع عن عادته حتى الإطاحة به في ثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011.

معالم

أبرز معالم رأس الحكمة الاستراحةُ الملكية، التي بنيت أساسا لتكون مقرا لضباط الجمارك الذين يكافحون التهريب القادم من ليبيا قبل أن تتحول لاستراحة للملوك والرؤساء، وتقع فوق قمة صخرة بيضاء تتقدم شمالا حتى تنتهي ببروز داخل مياه البحر، من هذا البناء يمكن رؤية مياه البحر الصافية، ومن الخلف تمتد الصحراء القاحلة.

صفقة إنقاذ

مطلع فبراير/شباط 2024 ظهرت تسريبات إعلامية تتحدث عن صفقة محتملة لبيع مدينة رأس الحكمة بأكملها في صفقة مع الإمارات مقابل نحو 20 مليار دولار، دون تأكيد أو نفي حكومي، مما أثار انتقادات واسعة.

وفي 23 فبراير/شباط 2024، أعلن رئيس الوزراء مصطفى مدبولي تفاصيل المشروع "الاستثماري المباشر الأكبر على الإطلاق" مع الصندوق السيادي بأبو ظبي الشركة القابضة "إيه دي كيو"، وهو مشروع عقاري سياحي تحت اسم "رأس الحكمة الجديدة" تبلغ مساحته 170.8 مليون متر مربع.

وصُمم المشروع ليدر 35 مليار دولار خلال شهرين، منها 24 مليار دولار سيولة مباشرة، و11 مليار دولار ودائع إماراتية.

ويدخل المشروع ضمن مخطط التنمية العمرانية لمصر لعام 2052، ويهدف إلى جلب نحو 8 ملايين سائح إضافي إلى مصر.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات الساحل الشمالی ملیار دولار رأس الحکمة فی حین

إقرأ أيضاً:

حتى 2028.. توقعات بنمو سوق الهيدروجين الأخضر بمقدار 46.25 مليار دولار

يدفع التبني المتزايد لاستخدام الطاقة النظيفة سوق الهيدروجين الأخضر العالمي إلى النمو مع الاتجاه صوب التركيز المتزايدة على استخدام هيدروجين نظيف خاصة في مصافي التكرير.

وذكرت مجلة «وورلد فيرتيليزر» البريطانية أنه من المتوقع أن ينمو حجم سوق الهيدروجين الأخضر بمقدار 46.25 مليار دولار أمريكي خلال الفترة بين عامي 2024و2028 وبمعدل سنوي مركب بنسبة 66.83%، غير أن هناك تحديات تُعرقل ازدهار سوق الهيدروجين الأخضر الذي يُنتج من خلال التحليل الكهربائي للماء باستخدام الطاقة المتجددة من بينها متوسط تكلفة إنتاجه أعلى بنحو مرتين أو ثلاث مرات بالمقارنة بالهيروجين الرمادي المشتق من الغاز الطبيعي، كما أنه يتم تسعير خلايا الوقود المستخدمة في طاقة الهيدروجين الأخضر بمقدار 1.5 - 2 مرة أعلى من نظيراتها من الوقود الأحفوري.

وكوقود صناعي فإن تكلفة الهيدروجين الأخضر تزيد بنحو 5 - 7 مرات عن وقود الطائرات الأحفوري، ووفقًا لمعهد الطاقة والموارد الهندي فإن تكلفة إنتاج الهيدروجين الأخضر تبلغ نحو 5-6 سنتات أمريكية للكيلوجرام، وذلك المعدل يجعل من غير المجدي اقتصاديًا للصناعات مثل الصلب والأسمدة والشحن بعيد المدى اعتماد الهيدروجين الأخضر كمصدر للوقود، فضلا عن إن تكلفة إنشاء مصنع لإنتاج الهيدروجين الأخضر كبيرة.

ويعتبر الهيدروجين الأخضر مصدرًا حيويًا في الصناعة الكيميائية، حيث إنه يستخدم في المقام الأول لتصنيع الميثانول والأمونيا، وتلك المواد الكيميائية هي مكونات أساسية في تصنيع البوليمرات والأمونيا، وتساهم بشكل كبير في قطاع الأسمدة.

ويدخل الهيدروجين الأخضر أيضًا في إنتاج المركبات الكيميائية مثل الدهانات والألياف الاصطناعية والنايلون وإيلاستومرات البولي يوريثين والبلاستيك الملدن، ويعد الطلب المتزايد في الصناعة الكيميائية على المواد الخام الخضراء أو جزيئات السلائف، مثل الأمونيا والميثانول، المنتجة باستخدام الهيدروجين منخفض ثاني أكسيد الكربون والهيدروجين الأخضر، محرك نمو كبير.

ويتم تحويل هذه المواد الكيميائية الخضراء إلى منتجات نهائية عالية القيمة لمختلف القطاعات، بما في ذلك السيارات والإلكترونيات والمستحضرات الصيدلانية، بالإضافة إلى ذلك يتم استخدام الميثانول المشتق من الهيدروجين الأخضر كوقود مباشر أو وقود مخلوط، مثل البنزين، وفي غاز البترول المسال ما يزيد الطلب عليه في قطاع النقل.

وتعد الصين مستهلكًا كبيرًا للميثانول ومشتقاته، حيث تمزجه في أحواض البنزين أو الغاز النفطي المسال كبديل فعال من حيث التكلفة وبالتالي، فإن الطلب المتزايد على الأسمدة والوقود المباشر ومنتجات الوقود المحلية من شأنه أن يدفع نمو سوق الهيدروجين الأخضر العالمي خلال فترة التنبؤ.

وتبذل مصر جهودا موسعة في مجال الهيدروجين الأخضر وخلال (كوب 29) في العاصمة الأذربيجانية باكو، استعرضت الدكتورة رانيا المشاط وزيرة التخطيط والتنمية الاقتصادية والتعاون الدولي الإجراءات التي قامت بها مصر على مدار السنوات الماضية.

وأضافت أن استراتيجية مصر للهيدروجين منخفض الكربون المدعومة بشراكات دولية مثل البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية (EBRD) تجسد ذلك النهج المستقبلي من خلال بناء اقتصاد هيدروجين منخفض الكربون في مصر وفي المنطقة، موضحةً أنه من المتوقع بحلول عام 2050، أن يلبي إنتاج الطاقة المتجددة في مصر 10% من الطلب العالمي على الهيدروجين، ما يخلق أكثر من 100 ألف وظيفة، العديد منها ستكون ذات مهارات عالية، وتسهم بشكل كبير في الانتقال العالمي إلى الطاقة النظيفة، كما أنه من المتوقع أن يساعد هذا الجهد في تقليل انبعاثات الكربون العالمية بمقدار 46 مليون طن سنويًا بحلول عام 2040، ما يبرز التزام مصر بمستقبل مستدام.

اقرأ أيضاًرئيس بنك CIB يرجح انخفاض أسعار الفائدة لـ20% نهاية 2025

مسؤول بـالبنك الدولي يؤكد أهمية الاستثمار في العمل المناخي

بعد قرار البنك المركزى الأخير.. الحد الأقصي للسحب اليومي من البنوك وATM

مقالات مشابهة

  • السعودية تقر موازنة 2025 بعجز متوقع بـ27 مليار دولار
  • وزير الاقتصاد اللبناني: تكلفة الحرب تتجاوز 20 مليار دولار
  • 1.6 مليار دولار استثمارات لإنتاج الأمونيا الخضراء في مصر
  • كيف تحولت إنفيديا من شركة متواضعة لرقائق الألعاب إلى الأعلى قيمة بالعالم؟
  • 21 مليار دولار تحويلات المصريين بالخارج خلال 9 أشهر
  • بنك يوني كريديت الإيطالي يعرض شراء بنك بي بي إم..مقابل10.57 مليار دولار
  • لماذا أوقف العراق صفقة بقيمة 10 مليارات دولار مع الصين؟
  • حتى 2028.. توقعات بنمو سوق الهيدروجين الأخضر بمقدار 46.25 مليار دولار
  • اتفاق عالمي ضخم بـ300 مليار دولار لمواجهة تغير المناخ في قمة كوب 29
  • أحمد موسى: فيه دول كانت هتتاكل فى المنطقة لولا وجود الجيش المصرى