سودانايل:
2025-02-22@06:05:28 GMT
صراع المركز والهامش مقولات يجب مراجعتها
تاريخ النشر: 5th, March 2024 GMT
Capitalism is portrayed as a regime that tears down walls and expands its
dominion from the center out to the periphery
https://brill.com/display/book/9789004472693/BP000002.xml?language=en
ترجمة المقتطف ( وصفت الماركسية الرأسمالية علي أساس إنها نظام حكم يتوسع إنطلاقاً من المركز بهدف الهيمنة علي الأطراف.
تَرَكُر النشاط الصناعي في الحواضر أو قريبا منها يعود بالأساس إلي فكرة إستهداف السوق و التقليل من تكاليف الترحيل و ذلك من أجل ضمان الأسعار التي يمكن أن تحقق أعلي درجات البيع. تكدس البضائع المنتجة عبر الصناعات الحديثة يدفع الرأسمالية لعمليات توسيع و فتح الأسواق و هذه العملية ليست بسيطة بل من الممكن أحيانا أن تقود للإحتلال من أجل أخضاع شعوب بأكملها لمنطق السوق. و مترتبات الأنتاج الصناعي الكبير.
منذ الستينات بدأ حديث مطول عن صراع المركز و الهامش. الصراع بين الشمال و الجنوب الجيوسياسيين. و تنشط قوي شعوبية في أوربا ( النرويج، الدنمارك ) و كندا علي حسب ما أعرف معبرة عن نفسها عن طريق مقولات صراع المركز و الهامش.
للحديث عن هذه القوي في العالم الرأسمالي الغربي لا بد من ذكر فكرة أقتصاد الموارد الطبيعية و ما يترتب عليه من بنيات سياسية و ثقافية متزمتة. لنأخذ منطقة البراري الكندية و شمال كندا كمثال. في صناعة الأخشاب و هو استثمار غابي يتركز في شمال كندا لما توفره غابات البوريال من مصدر للأخشاب. طبيعة هذا النشاط تشترط أن يكون بعيداً عن المراكز الحضرية و نتيجة لإرتفاع تكلفة الترحيل تكون تكلفة الإنتاج منخفضة لذلك يتركز هذا النشاط في الهامش. و كذلك النفط في محافظة البرتا و انتاج القمح و زيت الكانولا و عبّاد الشمس و التبغ في بقية محافاظات البراري الكندية و في اونتاريو أيضأ. مع هذه الأنشطة يوجد نشاط تعديني و نشاط آخر للإستثمار في مجالات صناعة الألبان و اللحوم علي مستوي إنتاجي كثيف. الحال مشابه في شمال اوربا نتيجة لحالة التماثل في القطاع الغابي ( غابة البوريال) و الأنشطة الأخري المذكورة في الكندية. إستخدام الآليات الضخمة قلّل من الحوجة للعمال في كل القطاعات المذكورة آنفاً.
تركيز الخدمات ( صحة و تعليم ) في المراكز الحضرية الكبري مدفوع بالإتجاه الرأسمالي العام الهادف لبناء الأسواق. معلومة مهمة 75% من موارد الأقتصاد الكندي تأتي من القطاع الخدمي. و هذا الحال شبيه بواقع الحال في اوربا الغربية، استراليا.
يطيب لي دائما وصف إقتصاديات الدولة الغربية بإقتصاديات الريع الضريبي. يتم تمويل القطاع الخدمي مباشرة من دافع الضريبة. و هذا هو القطاع الأهم في الإقتصاد الرأسمالي.
لقد كانت هذه المقدمة ضرورية لوضع الأمور في نصابها. و للجم الهترشة النظرية التي يتكلم بها منظرو مقولات المركز و الهامش في السودان. السؤال الأول أين هو إقتصاد الموارد الطبيعية في السودان؟ أين هي المراكز الحضرية التي تتركز فيها الصناعات ؟ حتي نعتقد أن هذه المقولات صالحة لتحليل الواقع الإجتماعي، السياسي و الثقافي بمكونه العرقي و الجندري في السودان. إقتصاد دولة مثل السودان لا يمكن وصفه بغير إقتصاد التبعية و مترتبات الإدماج القسري في السوق الرأسمالي العالمي و الإدماج القسري تم بالإحتلال و تم بالإستبداد السياسي في فترات حكم المنظومة العسكرية السودانية.
لو كان الأمر متعلق بالونسة لكنت قد أسهبت في تفنيد و تقييم خطاب المركز و الهامش الخطر في اوربا الغربية و أمريكا الشمالية من حيث إرتباطه باليمين المحافظ و العنصري.
لنعد لمقولات المركز الهامش في السودان. إرتبط هذا الخطاب الراحل الدكتور جون قرنق إرتباط وثيق و لقد إتضح جليا من تجربتنا نوع القوي التي تنشط في هذا المسار السياسي. إنفصال الجنوب و حرب الجنوب تقفان كأدلة ماثلة علي فشل هذا الخطاب. إدعاء النضال الثوري المسلح من أجل المهمشين الذي ينتهي بقادته في تحالف صميم مع الديكتاتورية العسكرية. أمثل عرضية مالك عقّار و مني أركو مناوي و أردول و أشباههم.
حالة التخلف الإقتصادي ، إنعدام الخدمات، إنتشار الأمّية و إنعدام الأمن و نهب الموارد تحت حراسة السلاح ( حميدتي و موسي هلال كأمثلة ) .و نعرف جميعا عن الحيازات الذهبية و المعدنية الأخري عند قيادات بعض الحركات المسلحة التي تبحث عن حليف مناسب لمزيد من النهب للموارد المعدنية. السؤال المبدئي لماذا تتركز الحروب في أطراف الوطن؟ ببساطة لقصر الظل الإداري للدولة و لضعف القبضة الأمنية و ليس لمضاءة الأطروحات السياسية عند حَمَلة السلاح . لقد بلغ الوضع مرحلة بعيدة من الفشل لدرجة أن الحركات المسلحة صار إسمها الحركات المُصَلّحة. لقد وصف برنامج الحزب الشيوعي هذه الحالة بإنعدام التوازن في عمليات التنمية و نحن في هذا المستوي فقط تنمية غير متوازنة. انظمة عسكرية فاشلة و فاسدة حرمت أطراف السودان من التنمية و حكومات برلمانية منتخبة لم تعطي الفترة الكافية في الحكم لتقوم بمهامها في البناء. حدثت انتفاضة ابريل و سقط نظام نميري و وقفت الحركة الشعبية في خانة العداء للنظام البرلماني الجديد. حدثت ثورة ديسمبر و أختار عبد الواحد محمد نور و عبد العزيز الحلو حالة الفِرْجة و الإستمتاع بالمشاهدة.
إتساع رقعة السكن غير المخطط حول الحواضر الكبيرة في الوسط جراء النزوح من مناطق النزاعات و مناطق إنعدام الخدمات يعكس فيما يعكس كفر سكان أطراف السودان للنزاع العسكري و عدم إيمانهم به و معرفتهم لعدم جدواه.
بالمناسبة يطالب الشعوبيون في أمريكا الشمالية و اوربا الغربية بمزيد من الإستقلال الإداري و مزيدا من التمثيل النيابي. فكرة الحكم الفيدرالي لا تعجبهم او الحكم الجمهوري أيضاً، يريدون درجة من الإستقلال تمكنهم من السيطرة علي مواردهم الطبيعية و هذه الحركات الحركات يقودها منتجون كبار. بالرغم من مضاءة نظام التمثيل النيابي و الحكومات المحلية. لا يتوفر كبار المنتجين علي العدد الكافي من الأصوات للتمثيل النيابي لأن الدوائر الإنتخابية محسوبة بعدد السكان و عدد النواب يتبع ذلك. في الأطراف حيث اقتصاديات الموارد الطبيعية يقل عدد السكان و مع ذلك لا يرحبون بالمهاجرين.
ما سيحل مشاكل السودان هو حكم مدني رشيد ليس أكثر. بالإضافة لإعطاء اطراف السودان مزيدا من السند المركزي لبناء سلطاتهم المحلية ذات التركيب الديمقراطي و منحهم الإعتمادات الكافية للإضطلاع بمهام التنمية و مهمة بناء المرافق الخدمية.
إنحدرت خطابات بعض المتكلمين بمقولات صراع المركز و الهامش لدرجة وصف الشماليين و سكان الوسط بالجلابة كأنما لفظة الجلابة حاطّة للقدر و الجلّابة تجارٌ جوالون جلبوا البضائع و الثقافة و نشروها. يحيلون بوصفهم الكاذب إلي النهّاضة و هؤلاء النهّاضة هم جمع متنوع فيه من كل شعوب دارفور و كردفان و جنوب النيل الأزرق و الجنوب و مجموعات من خارج هذه الأقاليم و هم من كانوا يخطفون اليافعين و يسترقونهم و يسلمونهم لتجار الرقيق في الحواضر الكبيرة بتلك المناطق. من أراد الأستزادة فعليه مراجعة كتب التاريخ. أنتهي زمن الرق فدعونا نبني وطننا كما يجب. و هنالك نفر بأئسون يفرحون بالتنكيل الذي وقع علي سكان الجزيزة و الخرطوم و النيل الأبيض و هؤلاء مرضي و كيزان فليصمتوا أو يقولوا خيراً
أمر آخر تقع مسؤلية حسم النزاعات العرقية في هذه الأنحاء علي متعلمي تلك المناطق الذين يجب أن ينشروا ثقافة السلام و أحترام التنوع بين أهلهم بدلاً عن صب جام غضبهم علي حلفائهم من سكان بقية أقاليم السودان. ببساطة لأن هذه الحملات البغيضة لن تحل مشاكل تلك الانحاء بين الزرقة و العرب أو بين الزرقة أنفسهم و بين عرب تلك المناطق أنفسهم. و ما دور الحكومة المركزية غير توفير التمويل لمشروعات التنمية و المشروعات الخدمية و في النهاية جيد ليكم بالنظام الرأسمالي إن شاء الله يحلحل مصائبكم.
طه جعفر الخليفة
كندا – اونتاريو
4 مارس 2024م
taha.e.taha@gmail.com
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: صراع المرکز فی السودان
إقرأ أيضاً:
زيدان: المركز الوطني للتعاون القضائي الدولي باشر عمله بالقضايا الإنسانية
بغداد اليوم -