???? مشاهدات ومعايشة قطع الإتصالات في السودان : الحقيقة والفجيعة
تاريخ النشر: 5th, March 2024 GMT
(1) قطع الإتصالات فى السودان ولمدة طويلة كشف وقائع جديدة وأكد أفتراضات كانت مجرد أحاديث ونظرية ، وحاولت هنا رصد بعض تلك المظاهر ، وسأختم بإذن الله بنقطة ذات طابع أكاديمي عن مناهج (البحث الكيفي والكمي)..
وأول تلك الملاحظات هو هذا الإرتباط عميق لحياة الناس بالإتصالات ، فهى لم تعد وسيلة إتصال ، بل وسيلة تبادل منافع ودخلت فى كل مظاهر الحياة ، وخاصة التطبيقات ، فهى ليست تحويلات مالية وإنما منصات للدراسة وللتطبيب وللتجارب.
عندما صدر كتاب :
The Internet in every day life
بمشاركة كارولين هايثورن وهاري ويلمان عام 2002م ، كنا نظن ذلك نوعا من الخيال ، وفجأت ظهرت كتب :
The Internet of things
وتعددت صور تأثير الانترنت حتى اضحت جزءا من حياة الناس وتفاصيلهم اليومية..
اما الملاحظة الثانية ، فقد جلبت الانترنت وايقاع الحياة المتسارعة (اللهفة) ، وعايشت ذلك ، و مع أن الإتصالات لم تنعدم كليا ، فقد عادت شبكة سوداني بعد خمسة أيام للخدمة واصبح متاحا معرفة الأخبار ، فإن هناك حالة كبيرة من الإشفاق وخاصة لدي المغتربين ، وضجت منابرهم بالشكوى والضجر ، والمجتمع الذي كان ينتظر الخطاب لأكثر من شهر والبريد العاجل لإسبوع ، هو اليوم مشفق وقلق من إنعدام التواصل لأيام.. ولهذا تفسير مقلق ، وهو إنعدام الطمأنينة والأمن على البلد .. وشعور المغتربين بعدم الامان ، ولئن كان ذلك كذلك لأبناء الوطن ، فكيف هو شعور الآخرين (دول وشركات ومنظمات ومجتمعات ورجال اعمال) ، بالتأكيد أشد قتامة..
(2)
ثلاث نقاط جديرة بالتوقف عندها فى تفاصيل النت والشركات ، وأولها: هو مركزية الخدمات فى الخرطوم ، مع أن لبعض الشركات أكثر من (مقسم) ، ولكنها محصورة بين الخرطوم وبحري وحتى أمدرمان لم تحظ بواحد ، ولا نستطيع لوم الشركات ، فهذه تدابير عقل استراتيجي ، عندما كان الحديث عن شمول الإتصال ، لم نهتم بالقرب أو بالكيفية..
ثم كيف توسع الشركات إنتشار مقسماتها مع ظروف خدمات وطيران وكهرباء غير مناسبة ؟ ، علينا أن نخطط بعقل اكثر فاعلية ، كيف نؤسس وحدة ادارية فى اكثر من مكان (واقصد هنا دولة مصغرة أو عاصمة مصغرة) ..
والنقطة الثانية : هو المبادرة ، فمنذ بداية الحرب فى 15 ابريل 2023م ، كان الوقت كافيا لترتيب خيارات بديلة دون الوقوع فى المحظور ، وما تم فى 15 يوما ، كان يمكن إنجازه فى 9 شهور سابقة بطريقة أفضل
والنقطة الثالثة : هى ضعف العلاقات التبادلية بين الشركات والمؤسسات ، وسيادة مبدأ التنافس غير الحميد ، وهو نوع من إرث السياسات (الإحتكارية) و (التكويش) ، فبدلا عن المنافسة على تطوير الخدمات وتعدد الخيارات ، فإن الشركات فى بلادنا تتنافس على قدرة (تقليل فرص نجاح بعضها البعض) ، ومثلا شركة سوداتل تحتكر خدمة الألياف الضوئية بنسبة 90% ، وناضلت ضد أيلولة 10% إلى شركة زين (صفقة شركة كنار) ، وشركة زين كانت ضد الرقم الموحد ، وتبادل الخدمة فى مناطق ضعف انتشار الشبكات الاخرى لإنها أكثر انتشارا ولإنها تملك جيلا حديثا ، وهكذا ، ولذلك لا يملك المواطن سوى خيار شبكة واحدة.. وهو ما كشفته هذه الأزمة بوضوح..
(3)
صورة أخرى لا تقل بؤسا عن سابقاتها ، وهو عدم الإهتمام بحياة الناس ومصالحهم ولا بالبنيات الأساسية ، لقد كشفت هذه الحرب عن عقم التفكير وضعف الولاء للوطن أو المواطن ، وبصورة ادق فإن مجموعة من الاشخاص يحملون أسلحة وقرروا حرمان المواطنين من حقهم فى الإتصال وتبادل المنافع (فقط اوقفوا مولدات الطاقة بالمقسم الرئيسي لشركة زين بجبرة) وتوقفت حياة الناس بهذه البساطة.. و كذلك فعلوا فى سوداتل ، ثم جلسوا بالخارج يرتشفون الشاي..
لقد ظلت الأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية تناضل من أجل تقنين حق الإتصال ، بإعتباره مظهرا لحق التعبير وإبداء الرأى ، ومنذ سبعينات القرن الماضى تعالت أصوات العالم الثالث من اجل عدالة (الإتصال) ، حتى تأسس شعار (عالم واحد وأصوات متعددة) ، وحين أتسعت الفضاءات وتقارب العالم ، وفى غمرة مجادلات سياسية ، يتم بكل بساطة معاقبة جماعية للسودانيين كافة..
ومع كثرة الإنتقادات لهذه الخطوة ومع عظم تأثيرها على المواطنين وعلى إقتصاد البلاد فإنهم لا يأبهون ، فهم من عالم آخر ، جاءوا من (لا شىء ويريدون إحالة البلاد إلى لا شىء)..
(4)
وفى خاتمة ، هذه الإشارات ، اود أن أختم بقضية منهجية وإشارة عابرة ، والنقطة المنهجية هو إعتمادنا فى دراساتنا العليا على المنهج الكمي (نموذج العينة) ، وتجاهل كليا المنهج الكيفي (الذي يستند على المعايشة والمشاهدة) ، مع أن هذا الخيار الاخير أكثر مصداقية وموثوقية من العينة ومؤثراتها ، وأقرب للحس الإنساني ، ومثلا تأثير الإتصالات هذه يمكن أن يروى تفاصيلها مواطن بسيط فى اطراف البلاد ، عن انقطاع مصاريفه أو تأخير جواز سفره أو فقدان خبر مريضه..الخ.. وذلك شأن يتطلب سعة فى الطرح..
أما الإشارة العابرة فهى منصات التواصل الإجتماعي ، ورغم انقطاع الإتصال ، فإن (التايم لاين) لم يتأثر بذات الحجم ، واقصد بها الفيسبوك وتويتر ، وظلت الوتيرة عالية ، ولكن حدث غياب للمحتوي الإخبارى ، وهذا معناه أن (تطبيق واتساب) هو منصة تبادل الأخبار أو المطبخ ، بينما الفيسبوك وتويتر هى منصات نشر ، وهذا جدد قناعتى بان (الواتساب) ليس محل بناء القناعات ، وإنما تبادل المعلومات ، فلا تكثروا الجدل العقيم فيه ، هناك منتديات أوسع وجمهور اوسع بالخارج..
وأختم بالقول ، إن هذه فجيعة كبيرة وإنتهاك عظيم لحقوق الناس ، ولا يمكن إعتبارها هدفا عسكريا ، لم تغير فى ميدان المعركة أو تعطي ميزة تفضيلية ، ولابد من تقديم شكوى ضد هؤلاء الرعاع من مليشيا الدعم السريع وقادتهم ، وهى الجريمة الأكثر ألما بعد تهجير المواطنين من بيوتهم وإحتلالها وسرقتها..
حفظ الله البلاد والعباد..
د.ابراهيم الصديق على
4 مارس 2024م ..
المصدر: موقع النيلين
إقرأ أيضاً:
وزير الأوقاف: 15 أبريل اليوم الفاصل في تاريخ الســــودان
وزراء تحدثوا لـ(الكرامة) عن ملحمة الكرامة الكبرى في 15 أبريل وقالوا:
وزير الخارجية: لن يهدأ لنا بال حتى تحرير كل أجزاء الوطن..
وزير الصحة: ذكرى 15 أبريل.. تغير المشهد لانتصارات مدوية للجيش..
وزير العدل: تكسرت مؤامرة تمزيق البلاد بتصدي القوات المسلحة للمليشيا..
وزير الأوقاف: 15 أبريل اليوم الفاصل في تاريخ الســــودان..
تقرير : محمد جمال قندول
بات الخامس عشر من أبريل من التواريخ التي أُضيفت حديثًا لتاريخ السودان، وإن كان ذكرى حزينة بتمرد ميليشيات آل دقلو الإرهابية ومحاولتهم الفاشلة للانقلاب على السلطة، بعد أن تمكنت القوات المسلحة من الحفاظ على سيادة البلاد وحمايتها من أكبر مؤامرة أُحيكت ضد السودان.
واليوم يصادف الذكرى الثانية لانطلاق شرارة الحرب. وبمناسبة ذلك، استنطقت (الكرامة) عددًا من الوزراء للحديث عن هذا اليوم. لنشاهد ماذا قالوا؟
شيءٌ من القلق
قال وزير الخارجية د. علي يوسف الشريف إنّه بعد عامين من الذكرى الأليمة في الخامس عشر من أبريل، نحتفل اليوم بعودة العاصمة إلى أحضان الوطن.
وأكد يوسف لـ(الكرامة) بأنّه لن يهدأ لهم بال حتى تتحرر كل أجزاء الوطن من دنس الميليشيا المتمردة.
وتقدم الوزير بالشكر للقوات المسلحة والقوات المساندة لها بعد أن قدموا دروسًا في الشجاعة واستطاعوا تحرير ولايتي سنار والجزيرة ثم العاصمة في انتصارات تاريخية.
بالمقابل، قال وزير الصحة د. هيثم محمد إبراهيم إنّه بعد عامين من الحرب، يتوجه المشهد للتحول للسلام، مضيفًا في حديثه لـ(الكرامة) أنّه اليوم في ذكرى 15 أبريل تغير المشهد لانتصارات مدوية للقوات المسلحة وليس آخرها تحرير العاصمة الخرطوم.
واعتبر الوزير أن الذكرى الثانية تُعد سانحة لمسح الأحزان عن السودانيين في سودان ما بعد الحرب، وأفضل مما كان قبل.
ويرى وزير الصحة أنّ البلاد تجاوزت محنتها، وأضاف هيثم: إنّه لم يتوقع بأن تطول الحرب وتسرب شيء من القلق خاصة في السنة الأولى بعد أن ظهرت سطوتها في الجزيرة وسنار والخرطوم، ولكن في العام الثاني تغير كل شيء وبدأنا نثق في نصر السودان بكل ولاياته والثقة مطلقة في القوات المسلحة وفي العام المقبل في مثل هذا العام نثق بأنّ البلاد كلها ستكون محررة.
المؤامرة
وزير العدل معاوية عثمان ذكر لـ(الكرامة) قائلًا إنّ الخامس عشر من أبريل بات يمثل مرتكزًا أساسيًا في تاريخ السودان، حيث استطاعت القوات المسلحة التصدي لأكبر مؤامرة ضد البلاد قادتها ميليشيا الدعم السريع المتمردة، باستهدافها لتمزيق وتدمير البلاد ومهاجمة بيت الضيافة في الساعات الأولى. ولكن تكسرت تلك المؤامرة أمام بسالة الجيش، واستمر التآمر منذ ذلك الوقت حتى هذه اللحظة، حيث امتدت تلك المؤامرة لدول كنا نعتقد حتى الأمس أنها صديقة وقدمنا لها الكثير وتنكرت لنا.
وأكد عثمان ثقتهم في القوات المسلحة والقوات النظامية الأخرى لتحرير كل بقاع الوطن. واعتبر الوزير بأنّ المرحلة المقبلة تتطلب تضافر الجهود وإعلاء قيمة الوطن في مسيرة البناء والإعمار.
وزير الشؤون الدينية والأوقاف عمر بخيت، وصف الخامس عشر من أبريل باليوم الفاصل في تاريخ البلاد وإن كانت لم تكن البداية الفعلية، حيث تم استبطان العداء للقوات المسلحة منذ سنوات مضت من ميليشيا الدعم السريع، وهي مؤامرة أراد منها من خلفها أن يكون هذا التاريخ اليوم الأبرز للانفجار الأكبر لذلك العداء الذي زرعت بين أهل السودان، وتم استقطاب جزء كبير من أبناء السودان، ممن كانوا يعدون ويجهزون أن يكونوا دفاعًا عن الوطن ليتحولوا لأدوات للحرب والخراب ويتسببون في هذا الواقع الأليم والمعاناة الصفرية، التي أرجعت السودانيين لواقعٍ سحيقٍ جدا في كل مجالات الحياة.
وأضاف الوزير عمر في حديثه لـ(الكرامة) لافتًا أنّ هذا اليوم يمكن أن نجعله مختلفًا لسودان ما بعد الحرب، لبداية مرحلة جديدة بأفكار حديثة تنهض بالبلاد في زمن قياسي.
وتقدم الوزير بالشكر للقوات المسلحة التي استطاعت رسم الأفراح بالانتصارات الكبيرة التي حققتها.