قالت وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا"، "إنها لم تتسلم بعد أدلة قاطعة على مزاعم إسرائيلية تتعلق بصلة 12 من موظفيها بحركة حماس".

وفي إجابته على أسئلة الصحفيين قال المفوض العام لأونروا فيليب لازاريني، عقب كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك، "يجب أن أؤكد أيضا أنه في الوقت ذاته لم أتلق أي معلومات أو أدلة مثبتة أو قاطعة فيما يتعلق بهذا الادعاء".



وأضاف لازاريني: "لا أستطيع التنبؤ" بأن هذه الدول ستتحرك بسرعة كبيرة لتعليق تبرعاتها في أعقاب الادعاءات المعنية.

وأكد أنه بحث الوضع الراهن مع الأشخاص المعنيين من أعضاء الجمعية العامة للأمم المتحدة.



وتابع، "كما أبلغت الجمعية العامة اليوم أن الوكالة تواجه حملة تخويف تهدف إلى تقويض مصداقيتها"، في إشارة إلى إسرائيل التي تحاول إغلاق الأونروا.

ومنذ 26 كانون الثاني/يناير الماضي، قررت عدة دول من بينهم الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي تعليق تمويلها لأونروا، بناء على مزاعم الاحتلال بمشاركة 12 من موظفي الوكالة بهجوم حماس في السابع من تشرين الأول/أكتوبر الماضي.

بدوره، أعلن المندوب السعودي في الأمم المتحدة عبد العزيز الواصل، رفض الرياض المساس بدور وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) في قطاع غزة.

وقال الواصل خلال جلسة لمجلس الأمن تناولت عمل الأونروا في ظل مزاعم الاحتلال عن انتماء بعض موظفيها لحركة حماس أن المملكة تؤكد على اهتمامها المستمر بدعم الأونروا لتنفيذ ولايتها التامة و«تحذّر من محاولات تصفيتها.

وأضاف الواصل أن السعودية تنظر في جميع سبل إنقاذ الأونروا من العجز عن تقديم خدماتها، مشيراً إلى تقديم دعم مالي إضافي سيتم الإعلان عنه قريبا.

وفي وقت سابق من الشهر الماضي، كشف الناطق الرسمي باسم وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا"، كاظم أبو خلف، أن "هناك تحركات حثيثة جارية واتصالات مكثفة على أعلى المستويات من أجل محاولة إنهاء أزمة قيام بعض الدول مؤخرا بتجميد الدعم الممنوح للوكالة الأممية".



وقال، في حديث خاص مع "عربي21": "نحن نتواصل مع عواصم الدول التي قرّرت تعليق دعمها لنا، ونحاول أن ندفعهم للعدول عن هذا القرار، كما نحاول أيضا مع الدول العربية المعروفة بسخائها وكرمها، والتي لطالما وقفت بجانب الشعب الفلسطيني، وبجانب اللاجئين الفلسطينيين، أن تقف إلى جوارنا في تلك الأزمة العاصفة".

وتابع أبو خلف: "نحن في وكالة الغوث لدينا تحركاتنا المتواصلة من خلال علاقاتنا وقنوات اتصالنا مع الدول المانحة، ولدينا علاقة طيبة مع الدول الصديقة؛ فالدبلوماسية الفلسطينية تتحرك، والدبلوماسية الأردنية تتحرك، بالإضافة إلى بعض الدبلوماسية العربية".

وأضاف: "هناك تحركات أيضا من قِبل الدول التي قررت ألا تعلق دعمها مثل: بلجيكا، وإسبانيا، والنرويج، لحث الدول الأخرى التي علّقت مساعداتها لنا على التراجع عن قرارهم هذا. ولا نزال نسعى لإقناع الدول المانحة للعدول عن هذا الأمر، ونأمل خيرا خلال الفترة المقبلة".

وأردف: "هناك بعض المؤشرات التي تشير إلى التقدم في هذا المضمار، ولكن لا يزال لدينا المزيد من الجهد لنبذله حتى تُكلل جهودنا بالنجاح، وهي نقطة غاية في الأهمية، ويجب أن تكون بأقصى درجات الوضوح والشفافية".

بينما استدرك أبو خلف، قائلا: "إذا فشلت -لا قدر الله- جهودنا وجهود الدول الصديقة والمُضيفة، وإذا أصرّت الدول المانحة على الاستمرار في تعليق الدعم المالي فقد نضطر مع بداية نيسان/ إبريل إلى أن ننظر في السيناريو المرعب والمظلم المُتمثل في وقف عملياتنا بكل أسف، ليس فقط في قطاع غزة، وإنما في كافة مناطق عملياتنا".

ولفت إلى أنه من المعروف أن "وكالة الغوث من الوكالات التي تعاني من العجز المالي؛ لأنها تقدم مباشرة كل ما يصلها من تبرعات على شكل خدمات للمستفيدين من اللاجئين الفلسطينيين في مناطق عملياتنا؛ فليس لدينا رصيد مالي نسحب منه، بل ننفق التبرعات أولا بأول، وبالتالي إذا استمر القرار على ما هو عليه الآن فقد نضطر لإيقاف جميع عملياتنا وأنشطتنا في كافة مناطق عملنا الخمس".

وتأسست "الأونروا" بقرار من الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 1949، وتم تفويضها بتقديم المساعدة والحماية للاجئين في مناطق عملياتها الخمس، الأردن، وسوريا، ولبنان، والضفة الغربية، وقطاع غزة، حتى التوصل إلى حل عادل لمشكلتهم.

وأكد الناطق الرسمي باسم "الأونروا"، أن "مكتب التحقيقات الداخلية التابع للأمم المتحدة فتح تحقيقا بشأن الادعاءات الإسرائيلية، في حين لم يثبت أي شيء إلى الآن، وبالتالي كان من الأجدر والأجدى أن ينتظر الجميع انتهاء تلك التحقيقات، ومن ثم يجري الحديث عن إعادة هيكلة الأونروا أو تصحيح مسارها أو ما إلى ذلك".

ويشن الاحتلال حرب تجويع على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة ضمن عدوانه الوحشي، وذلك عبر استهداف مصادر الحياة الأساسية، وعرقلة المساعدات الإنسانية، الأمر الذي أسفر عن وقوع حالات وفاة بين أطفال ومسنين؛ بسبب قلة الغذاء في شمال قطاع غزة.



ويواصل جيش الاحتلال الإسرائيلي منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر الماضي، عدوانه على قطاع غزة، بدعم غربي، حيث تقصف طائراته محيط المستشفيات والبنايات والأبراج ومنازل المدنيين الفلسطينيين وتدمرها فوق رؤوس ساكنيها، ويمنع دخول الماء والغذاء والدواء والوقود.

وأدى العدوان المستمر للاحتلال على غزة، إلى استشهاد 30 ألفا و534 فلسطينيا، وإصابة 71 ألفا و920 شخصا، إلى جانب نزوح نحو 85 بالمئة من سكان القطاع، بحسب وزارة الصحة في القطاع وهيئات ومنظمات أممية.

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية سياسة دولية الأمم المتحدة الأونروا مزاعم الاحتلال غزة الأمم المتحدة غزة الأونروا وقف التمويل مزاعم الاحتلال المزيد في سياسة سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة اللاجئین الفلسطینیین الجمعیة العامة للأمم المتحدة قطاع غزة

إقرأ أيضاً:

لماذا تصريحات ترامب عن تهجير الفلسطينيين من قطاع غزّة؟

بعد عملية "طوفان الأقصى" وفي مطالع الحرب الإسرائيلية على قطاع غزّة والتي اتخذت نمط الإبادة الجماعية منذ لحظاتها الأولى؛ تصاعدت التصريحات العلنية الرافضة لتهجير الفلسطينيين من قطاع غزّة.

عكست تلك التصريحات نقاشات حقيقية تدور في الخفاء حول أهداف الحرب الإسرائيلية على غزة، وسريعًا تكشّف الموقف عن وثيقة لوزارة الاستخبارات الإسرائيلية برئاسة الوزيرة جيلا غامليل تحمل تاريخ 13 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، أي بعد أقلّ من أسبوع من الحرب، أوصت باحتلال قطاع غزّة وتهجير الفلسطينيين منه إلى سيناء.

فضّلت الوثيقة خيار التهجير على بدائل أخرى، وهي إعادة السلطة الفلسطينية إلى حكم قطاع غزّة، أو تأسيس حكم محلي عربي، ورأت في تلك البدائل عيوبًا جوهرية من شأنها أن تؤول إلى تهديدات إستراتيجية، ليكون خيار التهجير، بالرغم مما فيه من مخاطر، هو الأكثر مثالية بالنسبة لـ "إسرائيل" من الناحية الإستراتيجية، بيد أنّ هذا الخيار، بحسب معدّي الوثيقة، بحاجة إلى موقف حازم من المستوى السياسيّ، وموافقة من الولايات المتحدة الأميركية، ومن دول أخرى مناصرة لـ "إسرائيل".

وضعت الوثيقة خطّة عامّة لإعادة احتلال قطاع غزّة، تبدأ بتهجير سكانه من شماليّه إلى جنوبيّه، وفي الأثناء تبدأ حملة تطهير متدرجة لحركة حماس وأنفاقها؛ لأجل نقل السكان في نهاية المطاف من قطاع غزّة إلى شماليّ سيناء.

إعلان

ويمكن بالنظر إلى الأنماط التي اتخذتها الحرب الإسرائيلية على غزّة، استكشاف أنّها بالفعل، كانت تهتدي بهذه الخطّة، والتي وإن عارضتها تصريحات علنية لوزير الخارجية الأميركي في حينه، أنتوني بلينكن، فإنّ مجرد الخروج بهذه التصريحات، هو كشفٌ عن مداولات كانت تدور بنحوٍ جدّي في كواليس إدارة الحرب على غزّة.

تصريحات بلينكن العلنية الرافضة للتهجير، كانت تأتي في غمرة التسريبات التي تتحدث عن ضغطه هو شخصيًّا على عدد من الدول العربية لاستقبال سكان قطاع غزّة بعد تهجيرهم، وهو ما انعكس بدوره في تصريحات عربية تبدي قلقًا حقيقيًّا من ضغوط جدّية على دول عربية لقبول استقبال سكّان قطاع غزّة، كان أبرزها تصريح الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي في مؤتمر صحفي جمعه مع المستشار الألماني أولاف شولتس في 18 أكتوبر/تشرين الأول 2023، قال فيه: "إذا كان هناك فكرة للتهجير، توجد صحراء النقب في إسرائيل، يمكن تهجير الفلسطينيين إليها إلى حين انتهاء إسرائيل من مهمتها المعلنة في تصفية المقاومة، أو الجماعات المسلحة: حماس والجهاد الإسلامي وغيرهما، ثم تعيدهم إذا شاءت، ولكن لا يمكن أن تتحمل مصر تبعات نقل سكان قطاع غزّة إليها في عملية عسكرية فضفاضة قد تستمر سنوات، ممّا من شأنه أن يحوّل سيناء إلى قاعدة للمقاومة، وأن يُنهي السلام بين مصر وإسرائيل".

لا يمكن أن تخرج تصريحات كهذه لولا وجود ضغوط حقيقية كانت تسعى إلى ترجمة حرب الإبادة الإسرائيلية على غزّة إلى إعادة احتلال القطاع وتهجير سكانه إلى مصر، ثمّ ضمّ أراضيه.

بعض هذه الضغوط في تعبيراتها العلنية تقنّعت بأغطية إنسانية تدعو إلى حماية المدنيين الفلسطينيين من القصف الإسرائيلي في مناطق آمنة على الحدود مع مصر.

بعد خمسة عشر شهرًا من الحرب الإسرائيلية على غزّة، وبعد إنجاز التوقيع على المرحلة الأولى من "اتفاق تبادل الأسرى بين حماس وإسرائيل، والعودة إلى الهدوء المستدام بما يحقق وقف إطلاق نار دائم بين الطرفين"، تأتي تصريحات الرئيس الأميركي الداخل للتوّ إلى البيت الأبيض، دونالد ترامب، عن مساعيه لإقناع مصر والأردن ودول عربية أخرى لاستقبال سكان قطاع غزّة، وذلك بعد تقارير إعلامية تحدثت عن بحث إدارة ترامب في إمكانية نقل سكان قطاع غزّة إلى إندونيسيا مؤقتًا إلى حين إعادة إعمار القطاع.

إعلان

تصريحات ترامب، التي تتذرع بالوضع الإنساني في غزّة، واضحة المفهوم من حيث إرادة تهجير سكان قطاع غزّة بما يتفق مع الخطّة الإسرائيلية التأسيسية لحرب الإبادة الجماعية، كما كانت بداية الحرب، وبما قد يعزّز الآراء التي تتجاوز تفسير الحرب الإسرائيلية على غزّة بكونها حربًا إسرائيلية/ أميركية، إلى القول بأنّ أهدافها محلّ اتفاق بين الإسرائيليين والأميركيين، بما في ذلك تهجير الفلسطينيين من قطاع غزّة، وبنحو عابر للإدارات، أي هو موقف المؤسسة الأميركية، بأجهزتها الثابتة والراسخة.

لا تكشف تصريحات ترامب الموقف الأميركي الحقيقي إزاء الحرب الإسرائيلية وأهدافها النهائية فحسب، ولكنها أيضًا تكشف فشل الحرب الإسرائيلية في إنجاز هذا الهدف في الوقت المحدّد لها أميركيًّا، فقد ظهر الإحباط الأميركي من طول هذه الحرب سريعًا، كما في تصريحات لأنتوني بلينكن في ديسمبر/ كانون الأول 2023، قال فيها: "لو سلمت حماس سلاحها فإنّ الحرب ستنتهي فورًا".

وإذا كانت الحرب بنمطها الإباديّ قد صارت طويلة في شهرها الثالث، فهذا يعني أنّها لم تصل إلى شهرها الخامس عشر إلا بغطاء أميركي، لإنجاز ما يمكن إنجازه من أهدافها، وأنّ صمود المقاومة، وتكبيد الإسرائيليين خسائر مستمرّة في جنودهم وعتادهم، علاوة على استنزاف جيشهم ومجتمعهم، هو الذي أفشل هدف التهجير، والذي كان من معالمه المتسارعة في الشهور الأخيرة من الحرب تدمير كامل مدن شماليّ قطاع غزّة؛ جباليا وبيت لاهيا وبيت حانون.

وقد تجلّت قراءة الموقف الحربي بعد الحرب التي بلغت هذا الطول المديد، في تصريحات أخرى لبينكن في 14 يناير/ كانون الثاني 2025 قال فيها: "هزيمة حماس بالحلول العسكرية فقط غير ممكنة، وما يجري في شماليّ غزة دليل على ذلك" مشيرًا إلى أن حماس جندت عناصر جديدة بقدر ما خسرت.

الخلاصة المكثفة من ذلك، هي أنّ طول الحرب ارتبط بأهداف إسرائيلية خطيرة على مستقبل القضية الفلسطينية، أهمّها تهجير الفلسطينيين من غزّة، وأنّ صمود المقاومة حال دون تحقيق هذا الهدف بمحض القوّة العسكرية، لينتقل الأمر إلى محاولة إنجاز تلك الأهداف باستثمار نتيجة الحرب المادية، أي الدمار الفادح الواقع بالقطاع، أو كما عبّر ترامب بقوله: "المدينة تحتاج حقًا إلى إعادة البناء.. لا بد أن يحدث شيء ما، لكنّه موقع مُدمّر. لقد جرى تدمير كل شيء تقريبًا، والناس يموتون هناك. لذا أفضّل التعاون مع بعض الدول العربية وبناء مساكن في مكان آخر، ربما هناك يستطيعون العيش بسلام".

إعلان

تفسّر هذه التصريحات أهداف التدمير الإسرائيلي الممنهج لقطاع غزّة. فالأهداف المباشرة، هي:

أولًا: الانتقام لرفع الروح المعنوية الإسرائيلية واستعادة الردع وتيئيس الفلسطينيين من جدوى مقاومتهم.

وثانيًا: تغطية تقدّم القوات البرّية بالقصف السجادي لتصفية المقاومة وحركة حماس.

بيد أنّ الهدف الإستراتيجي هو تهجير السكان مباشرة بفعل القوّة الإسرائيلية، فهو تطهير عرقيّ مدفوع هذه المرّة بالإبادة الجماعية الصريحة، فإن لم تدفع الإبادة السكان للهجرة، وكان التساوق مع الأمر عربيًّا بالغ الصعوبة، يمكن تاليًا دفع الفلسطينيين إلى الهجرة بالدمار والبؤس.

وهو ما يُذكّر بتصريحات سابقة لوزير المالية الإسرائيلي، زعيم حزب الصهيونية الدينية، بتسلئيل سموتريتش قال فيها: "إن تشجيع الهجرة الطوعية هو احتمال آخذ في الانفتاح، ومن الممكن خلق وضع يجعل غزّة على النصف من عدد سكانها الحاليين خلال عامين، مع السيطرة الكاملة من دولة إسرائيل".

ما قاله ترامب أخيرًا مطابق لما قاله سموتريتش، فترامب يتحدث عن تهجير نصف سكان قطاع غزّة، ويتذرع بالوضع الذي خلقته الحرب الإسرائيلية لتسويغ ذلك.

الذي ينبغي التأكيد عليه هو أنّ خطط التهجير لسكان قطاع غزّة مطروحة باستمرار داخل المؤسسة الإسرائيلية منذ العام 1967 على لسان موشيه ديان، وفي خطة إيغال ألون.

وهو ما تكرر في العديد من الخطط تاليًا، وذلك بالرغم من الأهمية الإستراتيجية والأيديولوجية للضفة الغربية، فقد ظلّت الرؤية الإسرائيلية قاضية باستمرار بضرورة تهجير سكان قطاع غزّة وضمّه في نهاية الأمر، وذلك بغرض التهويد الشامل لـ "أرض إسرائيل الكاملة" من جهة، ومن جهة أخرى لمعالجة معضلة الفقر في العمق الإستراتيجي الإسرائيلي، وهي معضلة تتكشف اليوم في حلول من قبيل احتلال أراضٍ جديدة في سوريا، والسعي للبقاء في نقاط إستراتيجية داخل لبنان بعد الحرب الأخيرة على لبنان.

إعلان

صمود الفلسطينيين في غزّة، وتَجدُّد المقاومة فيها، منذ احتلال القطاع، هو الذي أفشل تلك الخطط الإسرائيلية. ولم يكن لهذه الحرب، التي حاولت أن تحوّل المحنة الإسرائيلية إلى فرصة، أن تتوقف لو انكسرت المقاومة أو استسلمت، إذ ستصير الطريق سالكة لدفع الفلسطينيين نحو الهجرة.

إذن، وبينما حمل ترامب، نتنياهو على توقيع الاتفاق مع حماس، بعدما تهرّب منه الأخير كثيرًا وطويلًا، فإنّ ذلك لم يكن إلا لأنّ الحرب طالت أكثر مما ينبغي بعد صمود حركة حماس غير المتوقع من جميع الفاعلين الإقليميين والدوليين.

بيد أنّ ذلك لا يعني نهاية الأمر بخصوص محاولة إنجاز أهداف هذه الحرب، وبما لا يقتصر على قطاع غزّة، فالضفّة الغربية أكثر أهمّية بالنسبة للإسرائيليين، وخطط ضمّها معلنة، وخطة ترامب لتصفية القضية الفلسطينية المعروفة إعلاميًّا بـ "صفقة القرن" والتي طرحها في ولايته الماضية، تقضي بتثبيت المستوطنات في الضفّة الغربية وضمّها لـ "إسرائيل" مع إخضاع المجال الفلسطيني بالكامل للهيمنة الأمنية الإسرائيلية المطلقة.

وإذا كان صمود المقاومة الفلسطينية حال دون إنفاذ هدف التهجير بالدفع العسكري المباشر، فإنّ الاستثمار في الدمار هو الخطة التالية لدفع الفلسطينيين نحو الهجرة، وبالضغط المباشر على عدد من الدول العربية لاستقبالهم، ممّا يحتّم على هذه الدول المواجهة المباشرة لهذه الخطّة بالدعم الصريح لصمود الفلسطينيين في قطاع غزّة، وبما يتطلب تجاوز الإرادة الإسرائيلية، ابتداء من الدخول المباشر في عمليات الإغاثة وتشييد المساكن المؤقتة، وفي الوقت نفسه البدء بإعادة الإعمار.

يبقى على هذه الدول، إن امتلكت الرؤية الصحيحة والإرادة المستقلة، دعم المقاومة الفلسطينية بوصفها الشرط الأساس لكبح التغوّل الإسرائيلي، لا سيما أنّ النوايا الإسرائيلية لتعويض الفقر في العمق الإستراتيجي متجسدة عمليًّا وتتجاوز الحيّز الجغرافي الفلسطيني، وما لا يمكن تحصيله جغرافيًّا تعمل "إسرائيل" على تحصيله بتكريس هيمنتها على دول المنطقة.

إعلان

ما تَأكّد من الحرب الإسرائيلية على قطاع غزّة، وصمود المقاومة الفلسطينية فيها بالرغم من الظروف المستحيلة، هو أنّ "إسرائيل" تحمي نفسها بالإبادة أولًا، وبالولايات المتحدة ثانيًا، وهو أمر وبقدر ما ينبغي أن يثير مخاوف دول الإقليم كلّها، فإنّه يؤكّد إمكان تشييد توازن إقليميّ في التصدي لـ "إسرائيل" التي تعجز عن إنجاز أهدافها دون الولايات المتحدة الأميركية.

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناابق على اتصالالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2025 شبكة الجزيرة الاعلامية

مقالات مشابهة

  • الأونروا: مضطرون لنقل موظفينا الدوليين من القدس بعد قرار إسرائيل إغلاق مكاتبنا
  • الأونروا: مضطرون إلى نقل موظفينا الدوليين من القدس
  • الأونروا: الحظر الإسرائيلي لأنشطتنا يجعل مصير ملايين الفلسطينيين على المحك
  • ‏وكالة الصحافة الفرنسية نقلًا عن مصادر من حماس: إسرائيل تؤخّر إدخال المساعدات لغزة وهذا قد يؤثّر على إطلاق الرهائن
  • ‏الرئاسة الفلسطينية: قرار إسرائيل بوقف عمل "الأونروا" مرفوض ومُدان واستفزاز لشعبنا ومخالف لقرارات الأمم المتحدة
  • حق سيادي لإسرائيل وندعمه.. مسؤولة أمريكية تعلق على إغلاق مكتب الأونروا ومستقبل حماس في غزة
  • الأونروا: تقليص الاحتلال عملياتنا سيكون له آثار مدمرة في غزة
  • مصير ملايين الفلسطينيين على المحك بعد تعطيل الاحتلال لعمل أونروا
  • بعد 15 شهرا من حرب الإبادة.. آلاف الفلسطينيين يعودون إلى شمال قطاع غزة
  • لماذا تصريحات ترامب عن تهجير الفلسطينيين من قطاع غزّة؟