الشابندر:نظام المحاصصة هو اُسُّ الفساد الذي ينخر استقرار البلاد
تاريخ النشر: 5th, March 2024 GMT
آخر تحديث: 5 مارس 2024 - 10:21 ص بغداد/ شبكة أخبار العراق- اكد السياسي المستقل عزت الشابندر، الثلاثاء، أن ملف الفساد ومحاربته يمثل مسألة شائكة وموروث خطير ابتُليت به حكومة محمد شياع السوداني.وقال الشابندر في حوار متلفز، إن “موضوع الفساد ومحاربته مسألة شائكة وموروث خطير ابتُليت به حكومة السوداني، التي تحرص وتسعى للقضاء عليه، او تضييق فرص السرقة كحد أدنى، عبر نظام إداري جدير ومراقبة شديدة”.
المصدر: شبكة اخبار العراق
إقرأ أيضاً:
الفساد النظامي- الرقابة وانفاذ القانون
د. عمر محجوب محمد الحسين
تشير التقارير الدولية إلى أن الإنفاق الحكومي يمثل ما نسبته 34% سنويا من الناتج المحلي الإجمالي، وهذه النسبة تمثل ثلث اقتصاد العالم. لذلك نجد أن خطر سوء إدارة الأموال العامة أو استغلال المؤسسات العامة لتحقيق مكاسب شخصية أو خاصة بفئة معينة مرتفع جدا، وهو أكثر وضوحا في البلدان التي تتسم بضعف المؤسسات العامة والهشاشة السياسية أو المعرضة للصراعات والتي تفتقر إلى المؤسسات الديمقراطية وفي ظل عدم وجود حكومة فعالـة وخاضعـة للمسـاءلة. إن الجهود الرامية إلى معالجة ومكافحة الفساد غالبا ما تكون ذات حساسة مفرطة أو مسيسة أو غير مستدامة، وكثيرا ما تتعرض "جهود مكافحة الفساد" الجادة للخطر نتيجة لفقدان الدعم السياسي والرسمي للإصلاح. للفسـاد آثـار مدمـرة علـى النسـيج الاجتماعي، ويقوّض النزاهة العامة الضرورية للارتقاء بالقيم السلوكية، ويدمـر ثقـة المجتمع فـي المؤسسـات العامـة والحكومـات، ويحدث كلفة الاقتصادية باهظة، من حيث اهدار الموارد؛ والفعالية وتفويت الفرص، دائماً ما تكون أعلى قيمة من المنافع الضيقة التي يمكن الحصول عليها من خلال الفساد. جدير بالذكر أن السودان حسب مؤشر مدركات الفساد يقبع ضمن قائمة الدول الأكثر فسادا في العالم، وكذا حاله بالنسبة لقائمة الدول الافريقية جنوب الصحراء.
إن مكافحة الممارسات الفاسدة كنهج عقابي لمحاربة الفساد، من خلال التحقيق والملاحقة القضائية وفرض العقوبات على الأفراد الفاسدين على الرغم من نجاحه في بعض الأحيان، لكنه يعتمد إلى حد كبير على سيادة القانون والنظم العدلية والمؤسسات الديمقراطية والتشريعية التي تعمل بصورة جيدة والأجهزة الإعلامية، والتي تشكل عادة جزءاً من نفس النظام. إن معادلة "الفساد النظامي" واضحة. وتُظهِر التجربة أنه في السعي إلى معالجة سوء إدارة الأموال العامة، ينبغي أن يُستكمل النهج العقابي بالتزام سياسي ومؤسسي بتغيير الأنظمة والمواقف الأساسية.
إن دور ديوان المراجع العام في التعامل مع الفساد ــ والذي يُفهَم إلى حد كبير باعتباره وظيفة المساءلة الحكومية والشفافية من خلال الرقابة على الأداء المالي لكافة الأجهزة الخاضعة للمراجعة، بما في ذلك تحصيل الإيرادات والإنفاق وفقاً للموازنات المعتمدة، قادر على تعزيز جهود مكافحة الفساد. وفي حين تعتمد المساءلة والشفافية الحكومية إلى حد كبير على العمليات والأطر النظامية التي تتبناها المؤسسات العامة من خلال تحسين العمليات والأنظمة المستخدمة لإدارة المال العام، والحد من السلطة التقديرية مع تعزيز المساءلة والشفافية والرقابة من قِبَل المواطنين ومن السلطات التشريعية والرقابة البرلمانية؛ يمكن لأطر إدارة المال العام أن تقلل من نقاط الضعف المؤسسية، وتحد من فرص السلوك الفاسد، وإساءة استخدام الأموال العامة.
إن تعزيز دور ديوان المراجع العام كجهة رقابية من شأنه أن ينبه القطاع العام بأكمله، ومن الممكن أن يشجع دوره تعميم تدابير مثل تعزيز الضوابط الداخلية والضمانات، وآليات المساءلة والرقابة الداخلية، والتدقيق الاجتماعي على تغيير سلوك الافراد الفاسدين بصورة واسعة. من الأهمية بمكان أن يركز نهج إدارة مالية الدولة العامة على جانبي العرض والطلب في الحوكمة: على جانب العرض، من خلال تعزيز دور ديوان المراجع العام وعملياته وأنظمته؛ وعلى جانب الطلب، من خلال تعزيز قدرة المجتمع المدني على المشاركة وممارسة الرقابة الفعالة.
لن يستطيع ديوان المراجع العام بدور كشف الفساد والوقاية منه، لكن من خلال شراكته مع وكالات أو هيئات للرقابة والشفافية يمكن تنفيذ برامج لمراقبة إدارة الأموال العامة. وذلك من طريق الوقاية، من خلال توحيد وتحسين وأتمتة العمليات المتعلقة بالتخطيط الوطني وصياغة الميزانية وتنفيذها والمشتريات العامة وجمع الضرائب وإدارة الجمارك، ومن خلال تعزيز هذه الأنظمة، يمكن للحكومات الحد من فرص الفساد وتخفيف المخاطر والحد من نقاط الضعف. ومن طريق الكشف، الوكالات أو الهيئات التي ذكرناها يمكن أن تلعب دوراً كبيراً في الكشف عن المخالفات في إدارة الأموال العامة من خلال آليات مثل التدقيق الداخلي والخارجي، وتتبع الإنفاق، وأنظمة الرايات الحمراء "تعبير يستخدم للدلالة على العديد من إشارات التنبيه والتحذير الصريحة والضمنية"، والرقابة الخارجية من قبل مؤسسات التدقيق العليا والمجتمع المدني. إن التقنيات الجديدة التي تساعد في أتمتة عمليات الرقابة ورقمنتها تعمل على إحداث ثورة في وظائف التدقيق، مما يؤدي إلى تدقيق المعاملات المستمر في الوقت الفعلي بموثوقية تتجاوز ممارسات التدقيق اليدوي التقليدية. يمكن للمواطنين أيضاً ممارسة الرقابة الفعالة، مثل مراقبة عقود البنية التحتية الحكومية الكبيرة من خلال التدقيق الاجتماعي والصحافة والإعلام، مما يساعد في الكشف عن الفساد والحد منه. ومن طريق الردع، إن تعزيز الضمانات والضوابط الداخلية في إدارة الأموال العامة مع تعزيز الشفافية المالية والرقابة من جانب المواطنين من شأنه أن يساعد في ردع السلوك غير الأخلاقي من خلال زيادة مخاطر الكشف. ومن طريق تغيير السلوك، إن آليات الوقاية والكشف والردع تشجع أنماطاً جديدة من السلوك بين المسؤولين الحكوميين والمواطنين من خلال زيادة إدراك حجم المخاطر، وتشجيع التعاون لكشف الفساد والمفسدين، وتحسين الضوابط الموجهة نحو السلوك غير الأخلاقي. كما تساهم برامج إدارة المالية العامة وجهود تعزيز الأنظمة في تغيير السلوك ويمكنها ضمان النزاهة بشكل أكبر من خلال تعزيز الاحترافية في وظائف إدارة المالية العامة وتعزيز المعايير الأخلاقية، بما في ذلك الشفافية والمساءلة. بالإضافة إلى مجموعة من الممارسات التي تستخدم أساليب استباقية بدلاً من أساليب عقابية، وتضع تعزيز الحوكمة وبرامج مكافحة الفساد كجهود متبادلة ومعززة لعملية مكافحة الفساد. من خلال استراتيجيات مكافحة الفساد ينبغي أن يكون مسار عمل الإدارات المالية العامة، بما في ذلك إدارة الميزانية، والمشتريات الحكومية، وعمليات الخزانة والمحاسبة، والتدقيق الداخلي والخارجي، وإدارة الضرائب، والبيانات المفتوحة، والابتكار التكنولوجي محورياً في أي استراتيجية لمكافحة الفساد.
omarmahjoub@gmail.com