أجاب الدكتور علي جمعة عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر، عن سؤال ورد إليه مضمونه:"ما الذي يجعل الناس تنصرف عن الشكر ويكفرون النعمة ؟ وكيف نعالج هذا الداء ؟.

 ليرد جمعة موضحا: ان السبب الأساسي هو الجهل بالمنعم سبحانه وتعالى. هذا هو الذي يجعل الشخص في حالة نسيان، في حالة توهان، لم ينتبه من نسبة هذه النعم إلى الله سبحانه وتعالى، فإذا انصرف الخلق عن شكر النعمة، فإنما سبب ذلك الجهل بالمنعم ، والغفلة عن إنعامه سبحانه وتعالى، فالنعم كثيرة جدًّا {وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللهِ لَا تُحْصُوهَا} ولذلك كان ينبغي علينا أن نتذكر ذلك وأن نتأمله، تأمل في بصرك، في سمعك، في قوتك، في صحتك، في فكرك، في مالك، في .

.. ستجد نعم لا تعد ولا تحصى، ولكن "الألفة ترفع الكلفة " لأنه تعود على النعم، فالنعمة لا ندركها إلا عندما تسلب منا، تعرف إنك أنت في نعمة، فإذن العلاج نستطيع أن نقول أنه "الذكرى " التذكر {وَذَكِّرْ فَإِنَّ الذِّكْرَى تَنْفَعُ الْمُؤْمِنِينَ}.

فبما إن السبب لعدم الشكر هو الغفلة، فالعلاج يكون بإزالة الغفلة ؛ وإزالة الغفلة تتم بالنصح، وتتم بالتذكير والموعظة، وتتم بالذكر، وإكثارنا من الذكر، وتتم بالتعلم؛ ولكن العلم الذي يزيل الجهالة، الذي يجعل عين القلب ترى.

والأساس في هذا العلاج، إذا نظرت إلى من هو أدون منك. «انظروا إلى من هو دونكم، ولا تنظروا إلى من فوقكم، فإن ذلك أحرى بألا تحقروا نعمة الله عليكم».

المصدر: صدى البلد

إقرأ أيضاً:

لا تكن ظالمًا وممن يكيلون بمكيالين

 

 

خليفة بن عبيد المشايخي

khalifaalmashayiki@gmail.com

 

من المُسلَّم به أنَّ هذه الحياة الدنيا قامت على العداوة والبغضاء والكره والحقد والحسد والظلم والضلالة والابتلاءات والنقص، ووجد فيها الخير والشر وحب النفس وتمجيد الذات، وكل ما هو جيِّد وحسن وسيئ، وربما الكيل بمكيالين هنا وهناك، لتكون أنت متضررا من ذلك بشكل أو بآخر، والله تعالى قال: "وَلَنَبْلُوَنَّكُم بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ ۗ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ" (البقرة: 155).

إذن ليس بمستغرب أن نكون في ضيق صدر ومس ضر وشتات من أمورنا لأننا في دار ابتلاءات ولسنا في الجنة التي وعد المتقون، أو في دار مثالية وعدم حدوث العسر بها وتقلب الأيام وتغير أحداثها.

فقد تغشانا غفلة فتزل بنا القدم، ونقع في تقصير وخطأ ونؤوب إلى ربنا، ولهذا علينا ألا نشذ عنّ القاعدة السوية في أحكامنا وقرارتنا وتعاطينا مع الواقع الذي نعيشه، إذا ما اصطدمنا بغدر أو خيانة من المحيطين بنا، وخاصة إن كانوا من الأصدقاء أو من الذين نرى بهم النزاهة والصلاح وحب الخير، أو من ذوي قرابة من الدرجة الأولى.

فسيدنا يوسف عليه السلام، كاد له إخوته من أبيه وأرادوا إنهاء حياته، إلا أنهم أرادوا شيئاً والله العلي القدير أراد شيئا آخر، لذلك اطمئن لمراد الله واختياره ومشيئته.

فقد لا يتفق معك كثيرون، وقد يكرهك مثلهم وآخرون، وقد يكرهك رهط من الناس، ويحبك ويرتاح لك شخص أو شخصان منهم، فلا تحزن ولا تبتئس.

قد تكون على حق وتتفاجأ بحسب لعبة المصالح وحب السلطة والبقاء عليها بأنك محارب وتصنف عكس ذلك، فلا يعترف لك بذاك الحق مسؤول ما أو أخ أو صديق، وإذا اصطدمت بهكذا تعامل فلا تحزن، بل فوض أمرك إلى الله تعالى، ألم يقل الحق تبارك وتعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَّكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ ۚ وَإِن تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ" (التغابن: 14).

فالله تعالى حذَّر أن من أولادنا وأزواجنا من هو عدو لنا، فكيف إذن بالمسؤول علينا وذي الجاه والمنصب المتسلط والكاره لنجاح الغير، أو الصديق وزميل العمل والجار وغيرهم، ألا نتوقع منهم خيانة وغدرا وبيعا لذواتنا وآدميتنا وإنسانيتنا وأنفسنا والتضحية بنا.

ففي لعبة المصالح وحب الشهرة والمال والكرسي والمنصب كل شيء متوقع وجائز، فطبيعي أن تذهب الذمم وتموت الضمائر وتتحلل الأخلاق، وتذهب القيم وتختفي الفضائل.

فالحاصل أن هذه الحياة لن تكون كما تريد أنت، فقد تجبرك الظروف لترى عدوك أخاك أو ابنك أو ابنتك أو زوجك أو جارك أو المسؤول أو زميلا أو صديقا، وقد تحدك الأيام أن يراك البعض تقيا أو عاصيا، ولكل الفريقين أهل وجماعة وناس ومناصرون ومائلون ومحبون.

فما يجب أن نعلمه أن الإنسان على نفسه بصيره، فلا يغرك القادح والمحبط والفاشل، فقط كن مع الله كما يحب ويجب أن يراك، فافعل الطاعة إخلاصا لا تخلصا، وحافظ على النوافل تقربا لا تكرما منك، لأن الله هو الغني.

لا تجعل كره وإحباط بعض الناس لك فشلك أو كسرك أو ضعفك، ولا تكن ممن يحب إرضاء جميع الناس دون الله تعالى، كأن تلتهي بهم عن العمل الصالح، فتستجيب لهم بدافع المحبة لهم؛ إذ إنهم من الممكن أن يجروك أو يحملوك على الابتعاد عن طاعة الله، فكما إن ذنوب الخلوات مهلكات، كذلك حسنات الخلوات مُنجيات.

فما ستكون فيه من عسر وضيق وخير وشدة، هو اختبار ليقينك وصبرك وحسن ظنك بالله، فكن إنساناً نقيا تقيا سخيا نظيفا من الداخل طيب القلب تحب كل النَّاس.

فلا تكسر ولا تجرح قلبًا ولا تؤلم نفسًا، فهناك من يحيا بكلمة ويموت بأخرى، وقد يبنيه موقف، ويثنيه ويهدمه آخر، فاجعل جبر الخواطر سنة في حياتك، فكم من قلوب متصدعة رممتها كلمة طيبة، وكم من نفوس محطمة جبرتها نظرة أو مواساة أو عمل إنساني نبيل منك يحمل بين طياته الخير والرفق والرحمة.

مقالات مشابهة

  • عاجل.. أول رد من «السنوار» على اغتيال نصر الله.. تفاصيل عملية جديدة لـ«حماس» في قلب إسرائيل
  • لا تكن ظالمًا وممن يكيلون بمكيالين
  • ما الفرق بين الحرص والبخل؟.. أمين الفتوى يوضح
  • علي جمعه يوضح فضل الصلاة على النبي: يُكْفي همك ويغفر لك ذنبك
  • تراجع حزب الله يجعل تركيا في مواجهة إيران
  • في اليوم العالمي للمُسنِّين.. كيف نظر الإسلام لبِرِّ الأبوين في كِبرهما؟
  • استمرار الاحتفالات بالمولد النبوي بأوقاف الفيوم
  • ذنوب لا يغفرها الله سبحانه وتعالى لعباده إلا بشروط.. أحدها شائع بين الناس
  • أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللهِ هُمُ الْـمُفْلِحُونَ
  • أدلة تفضيل سيدنا محمد على الأنبياء من القرآن الكريم