موقع النيلين:
2024-11-26@18:05:40 GMT

حربان.. وقانون دولي بمكيالين

تاريخ النشر: 5th, March 2024 GMT


من خلال مقارنة السلوك الذي اتخذته أمريكا وحلفاؤها الغربيون مع كلٍّ من الحرب الروسية الأوكرانية، وحرب العدوان الإسرائيلي الإجرامي على قطاع غزة، ظهر جليًا لبلدان العالم تلاعب تلك الدول بالقوانين الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان وبالقيم الإنسانية، وأن هذا التلاعب ينبع وفقًا لمصالح وأيديولوچيات تلك الدول، ووفقًا لتاريخها الاستعماري، وبسبب هيمنتها وتحكمها في المؤسسات الدولية، بما فيها مجلس الأمن والأمم المتحدة والمحاكم الدولية.

وقد جاءت حرب غزة التي تدور رحاها منذ السابع من أكتوبر الماضي 2023 لتكشف بمآسيها وفظائعها زيفَ أمريكا والغرب اللذين يتشدقان ليل نهار بالقيم الإنسانية وحقوق الإنسان، وتعاملهم مع القانون الدولي ومع أزمات ومشكلات الدول بمعايير مزدوجة، واتباع سياسة الكيل بمكيالين في تعاملهم مع حربَي أوكرانيا وغزة. فمنذ بدء الحرب الروسية الأوكرانية سارعت أمريكا ودول الغرب في التنكيل بروسيا وإصدار القوانين الجائرة ضدها بما فيها فرض العقوبات غير المسبوقة عليها، ومعاداة الدول التي لم تُدِن الغزو الروسي، ناهيك عن إصدار محكمة الجنايات الدولية (بقوة أمريكا والغرب) مذكرةَ توقيف ضد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وعدد من القيادات الروسية البارزة. إضافة إلى قيام أمريكا والغرب بمدِّ أوكرانيا بترسانة من الأسلحة المتطورة، وتدريبهم للقوات الأوكرانية على استخدام الأسلحة الجديدة، وتطوُّع عدد كبير من شباب أمريكا ودول الغرب للعمل مع الجيش الأوكراني، وتجييشهم الإعلامي للتنكيل بروسيا..

هذا من جهة. ومن جهة أخرى: تقديم أمريكا والغرب المساعدات المادية والدعم اللوجستي المتواصل للرئيس الأوكراني فلاديمير زيلينسكي، واستقبال اللاجئين الأوكرانيين استقبالاً حافلاً في أمريكا والدول الغربية، ومنحهم الإقامة وكافة المساعدات المادية اللازمة لهم، وقيام بعض الدول الغربية (وعلى رأسها فرنسا) بتوقيع اتفاقات أمنية مشتركة مع أوكرانيا، وكل تلك الأفعال المنافية للقانون الدولي من أجل مصالح أمريكا والغرب، وسعيهم لهزيمة روسيا والعمل على إضعافها وتطويقها برؤوس الصواريخ النووية لحلف الناتو، ومن ثمّ توريطهم لأوكرانيا في تلك الحرب. وبالمقابل فإن حرب الإبادة الجماعية المتواصلة التي ترتكبها إسرائيل ضد قطاع غزة ظهر جليًا فيها تورط أمريكا والغرب، بسبب إعطائهم الضوء الأخضر لإسرائيل ولما ارتكبته من جرائم بحجة دفاع إسرائيل عن النفس، وموافقتهم على كل الجرائم والمخططات الصهيونية التي ينفذها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ومتطرفوه ومستوطنوه، بعد تدمير الجيش الإسرائيلي لقطاع غزة بشكل كلي، وقتله أكثر من ٣٠ ألف مدني من النساء والأطفال والشيوخ، وإصابة أكثر من ثمانين ألف فلسطيني، وبترصد قوات الاحتلال الإسرائيلي العمل على تجويع وتهجير أبناء غزة، ومنع تقديم المساعدات الإنسانية الضرورية لهم. ما يؤكد على تورط أمريكا والغرب في تلك الحرب، فلم تعُد معها للقيم الإنسانية واحترام حقوق الإنسان أيُّ قيمة، وذلك بعد أن أصبحتِ الحياة الإنسانية للفلسطينيين، والحفاظ على أرواحهم وحقوقهم في الحياة بلا قيمة عند تلك الدول.

ففي الحرب الأوكرانية كان الكل يدين روسيا، أما الآن فلقد لزم كل من أمريكا ودول الغرب الصمت عن جرائم إسرائيل، وأيَّدوا عدوانها الجائر على غزة، وساندوا إسرائيل بالمساعدات العسكرية والمادية، ما يثبت تورط أيديهما الغادرة وولوغهما في دماء الفلسطينيين. ولم يتوقفِ الأمر عند هذا الحد، وذلك بعد أن عملت أمريكا وحلفاؤها الغربيون على التصدي لكل القرارات الدولية والأممية التي تدعو لوقف الحرب عن طريق الڤيتو الأمريكي اللعين، هذا الڤيتو الذي ظل عبر تاريخ القضية الفلسطينية صدًّا منيعًا لمنع أي قرار يتعلق بإدانة إسرائيل، أو بتنفيذ القرارات المتعلقة بحقوق الفلسطينيين وإقامة دولتهم. أما الآن وخلال حرب غزة فإن أمريكا تقف بالمرصاد لمنع أي قرار دولي يتعلق بوقف المجزرة الإسرائيلية، وبعرقلة قرارات مجلس الأمن، وبالتالي خذلان شعوب العالم الحر التي تقف عاجزة عن فعل شيء لوقف تلك الحرب، ما يثبت تحكم أمريكا وحلفائها الغربيين في القانون الدولي، واتباع ازدواجية المعايير من أجل نصرة إسرائيل التي زرعوها في المنطقة منذ أكثر من قرن. فهل يتمكن العالم مجتمِعًا من تغيير منظومة مجلس الأمن، وإلغاء الڤيتو اللعين لعزل أمريكا وحلفائها المتلاعبين بالقانون الدولي والظالمين للدول؟ أم بعقاب إسرائيل ومقاطعتها كليًّا وعزلها عن العالم؟ هذا العالم الساعي للأمان والسلام.

صالح أبومسلم – صحيفة الأسبوع

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: أمریکا والغرب

إقرأ أيضاً:

5 مبعوثين في أسبوع.. حراك دولي مكثف لاحتواء أزمة السودان

الخرطوم – بعد إجهاض روسيا مشروع قرار بريطاني في مجلس الأمن لوقف القتال وحماية المدنيين في السودان عبر استخدام حق النقض (الفيتو)، استقبلت بورتسودان العاصمة الإدارية المؤقتة للبلاد 5 مبعوثين دوليين، في خطوة عدّها مراقبون تصاعدا في قلق المجتمع الدولي إزاء الأوضاع الإنسانية ومحاولة لإنعاش عملية السلام المتوقفة منذ نحو عام.

وزار السودان خلال أسبوع خمسة مبعوثين دوليين هم: المبعوث الأميركي توم بيرييلو، والألماني هايكو نيتشكي، والنرويجي أندريا أستايسن، والسويسري سيلفان إستييه، والياباني شيميزو شنسوكي.

وركزت مشاورات المبعوثين مع رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان وكبار المسؤولين في الدولة على الأوضاع الإنسانية، وتسهيل توصيل المساعدات الإنسانية، وفرص تحقيق السلام ووقف الحرب، لكنها لم تحمل مقترحات محددة في هذا الشأن، حسب ما ذكرت مصادر قريبة من مجلس السيادة للجزيرة نت.

كما زارت المبعوثة البريطانية إلى القرن الأفريقي والبحر الأحمر أليسون بلاكبيرن العاصمة الإثيوبية أديس أبابا خلال اليومين الماضيين، في حين تعتزم مبعوثة الاتحاد الأوروبي إلى القرن الأفريقي السفيرة أنيتا ويبر زيارة بورتسودان مطلع ديسمبر/كانون الأول المقبل.

تفعيل الدور الأفريقي

وعلى الصعيد الإقليمي، رفض الاتحاد الأفريقي إعادة عضوية السودان التي تم تعليقها عقب إجراءات البرهان في أكتوبر/تشرين الأول 2021 بحل مجلسي السيادة والوزراء وفرض حال الطوارئ، التي اعتبرها الاتحاد انقلابا.

وقال مفوض الاتحاد الأفريقي بانكول أديوي خلال الاجتماع التشاوري السنوي بين مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الأفريقي ونظيره التابع للاتحاد الأوروبي، في أديس أبابا، إن الاتحاد الأفريقي يعمل بالتنسيق مع منظمة "إيغاد" والأمم المتحدة لإيجاد حل عملي للأزمة السودانية يركز على تحقيق وقف إطلاق النار وتسهيل وصول المساعدات الإنسانية.

وأفاد أديوي بأن نشر بعثة الاتحاد الأفريقي في السودان لا يزال مشروطا بالتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار بشكل مستدام.

وذكر ناشطون على منصات إعلامية ومواقع تواصل اجتماعي أن معارضين سودانيين شرعوا في تحركات لدعوة الاتحاد الأفريقي لتفعيل المادة الرابعة من دستوره، التي تتيح التدخل في أي دولة عضو حال وقوع جرائم حرب إنسانية أو إبادة جماعية دون الحاجة للرجوع إلى مجلس الأمن.

غير أن متحدثا سياديا -طلب عدم الكشف عن هويته- يوضح أن وفد مجلس السلم والأمن الأفريقي الذي زار بورتسودان في أوائل أكتوبر/تشرين الأول الماضي، اتفق مع المسؤولين في السودان على خريطة طريق لإنهاء تجميد عضوية السودان في الاتحاد الأفريقي ولعب دور في السلام والعملية السياسية.

تسوية في الطريق

من جانبه، قال كاميرون هدسون، المحلل السابق في وكالة المخابرات المركزية والباحث في مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية بواشنطن، إنه زار مدينة بورتسودان وأمضى فيها أسبوعا، وألمح إلى تسوية متوقعة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع.

وقال هدسون في منشور على منصة "إكس" إنه خرج بانطباع مختلف تماما، على الأقل من جانب الجيش.

كما بعث السيناتور بن كاردين رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الأميركي، الجمعة الماضي، رسالة إلى وزير الخارجية أنتوني بلينكن والسفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة ليندا توماس غرينفيلد يحثهما فيها على استمرار الدور القيادي لحل أزمة السودان خاصة وأن الولايات المتحدة ستتولى رئاسة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة الشهر المقبل.

ورأى المشرع الأميركي أن الولايات المتحدة تستطيع أن تستخدم رئاستها لمجلس الأمن لتسليط الضوء على الأزمة في السودان وتحفيز اتخاذ إجراءات جريئة، بعد فشل مشروع قرار مجلس الأمن الذي تقدمت به المملكة المتحدة للاستجابة للأزمة في السودان.

تنشيط المسار السياسي

وعن التحركات الدولية الجديدة، يرى المحلل ورئيس تحرير صحيفة "التيار" عثمان ميرغني أن هناك اهتماما دوليا بالأوضاع الإنسانية التي توصف بأنها أعظم كارثة إنسانية يشهدها العالم.

وفي حديثه مع الجزيرة نت، قال ميرغني إن المجتمع الدولي وصل إلى قناعة بأن ضعف الاستجابة من الدول المانحة مرتبط بصعوبة تمرير الإغاثة وبالمعلومات عن إساءة استخدامها، مع بقاء الحالة الإنسانية للمتضررين دون تغيير.

وأضاف أن المجتمع الدولي وصل إلى قناعة أيضا بأن استمرار الحرب يعني عمليا استمرار وربما تفاقم الأزمة الانسانية، مما يتطلب تركيز الجهود على إنهاء الحرب كأولوية لحل الأزمة الإنسانية.

وحسب المتحدث، فإن هناك محاولة جادة من سويسرا -التي استضافت في أغسطس/آب الماضي مشاورات دولية بشأن السودان- لتنشيط المسار السياسي بوصفه مدخلا لإنهاء الحرب، وهو المسار الذي بدأ بمؤتمر القاهرة في يوليو/تموز الماضي، ثم مؤتمرين في أديس أبابا للفرقاء السودانيين، ولا يزال يراوح مكانه دون تحقيق تقدم مؤثر.

وستنطلق اليوم الاثنين بمدينة جنيف السويسرية اجتماعات المائدة المستديرة الثالثة وتستمر يومين، بمشاركة قوى سياسية ومدنية متباينة في مواقفها بشأن حل الأزمة السودانية، بتنظيم ورعاية منظمة "بروميديشن" السويسرية.

خطوات متوقعة

بدوره، رأى الباحث السياسي سر الختم خيري أن تزايد الاهتمام بالأزمة السودانية على مساري الأوضاع الإنسانية والعملية السياسية يرجع لقناعة قوى دولية وإقليمية بأن استمرار الأزمة ينعكس على الأوضاع الأمنية في المنطقة، ويثير هواجس الأوروبيين من الهجرة غير النظامية، ووصفها بالصحوة المتأخرة بعد أكثر من 18 شهرا منذ اندلاع الحرب.

ولا يستبعد الباحث -في حديث للجزيرة نت- عقد جلسة جديدة لمجلس الأمن خلال رئاسة الولايات المتحدة للمجلس في ديسمبر/كانون الأول المقبل، خصوصا أن إدارة الرئيس جو بايدن تسعى لتحقيق إنجاز سياسي في ملف السودان قبل مغادرتها في يناير/كانون الثاني المقبل إثر فشلها في حرب غزة ولبنان وأوكرانيا.

كما يتوقع خيري أن تسعى واشنطن ولندن لترتيب زيارة مشتركة من مجلس الأمن الدولي ومجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الأفريقي إلى بورتسودان لممارسة ضغط على الحكومة وإظهار إرادة ورغبة المجتمع الدولي والأفريقي في إنهاء الحرب.

مقالات مشابهة

  • ضربة جديدة.. حلفاء إسرائيل يعلنون تنفيذ قرار «الجنائية الدولية» باعتقال نتنياهو
  • كاتب إسرائيلي: قرار الجنائية الدولية يثبت تحول إسرائيل إلى دولة منبوذة
  • كاتب صحفي: أمريكا تقف بالمرصاد لأي محاولة لمنع إسرائيل من الاستمرار في الحرب
  • كاتب صحفي: أمريكا تقف بالمرصاد لمحاولات منع إسرائيل عن الاستمرار في الحرب
  • العالم إلى أين؟.. أمريكا تكشف لأول مرة نوع الصواريخ التي سمحت لأوكرانيا استخدامها لضرب العمق الروسي
  • 5 مبعوثين في أسبوع.. حراك دولي مكثف لاحتواء أزمة السودان
  • استعداد دولي كبير لتنفيذ قرار الجنائية الدولية ضد “نتنياهو وغالانت”
  • الجنائية الدولية تفضح أمريكا وتضع العرب في اختبار عملي
  • أستاذ قانون دولي: الغالبية العظمى من الدول تلتزم بتطبيق قرار الجنائية الدولية
  • أستاذ علوم سياسية: يمكن الاستناد لقرار "الجنائية الدولية" لوقف الحرب بغزة ولبنان