بوابة الوفد:
2024-11-23@17:07:09 GMT

بعد مذبحة الطحين.. العار يلطخ وجه العالم

تاريخ النشر: 5th, March 2024 GMT


"رايح أجيب كيس طحين أطعم أهلي، إحنا ميتين من الجوع، فيش حاجة موفر إلنا، ولا عنا أكل ولا نأكل إشي.. خشوا علينا طخوا علينا وقذائف وهجموا علينا وفعصونا».

"أخوي الصغير والله بعيطلي بدي أكل بدي أكل من وين أجيبله؟».

سمها ما شئت.. مجزرة الطحين، الدقيق، دير النابلسي، الدقيق المغمس بالدم، فمهما اختلفت الأسماء يبقى الفعل أقذر من أن يُنعت، وأكبر من أن يتم تجاهله.

.
سبعون عاما والظلام يلفهم، ما عادوا يبغون سوى النهار،  أحلامهم الصغيرة دوما مؤجلة، ولا شأن لهم بأحلام أبعد، مهجرون معذبون مكلومون، لم يبق لهم سوى أنفاس روح تجاهد للبقاء، فقط للمقاومة، للوقوف بوجه شيطان غاشم، فقط للدفاع عن أرض سليبة وحق مغتصب، لا شأن لهم بأطماع تسكن نفوسا أخرى، هو حقهم ولا شيء غيره يشغل قلوبهم الدامية.


كسرات خبز وبعض دقيق، هي كل ما بقي لهم من حق في الحياة، يتحلقون حول شاحنات لا تصل إلا بعد أيام ولا يكفي ما تحمل من طعام كل هذه الحشود والبطون الخاوية، والآن.. حتى ذلك الحق تحول لمعركة، وكأن ذنبا عظيما يلف محاولاتهم البقاء على وجه العذاب، أو أن الحياة ذاتها تأبى عليهم صمودهم، لتتحول نظرات اللهفة والفرحة الصغيرة بدنو الطعام إلى لحظات أخيرة يختلط فيها الخبز بالدماء، فتصعد أرواح ذكية ما عاد لها من دون الله ولي ولا نصير.
هكذا ارتقى ١١٥ شهيد قطعة خبز، ومازال ٧٦٠ جريحا يصارعون البقاء، بعدما انهالت عليهم نيران شياطين البشر، بينما كان الآلاف يهرعون نحو شاحنات المساعدات عند دير النابلسي الواقع على شارع الرشيد في غرب المدينة.

مذبحة هزت جنبات عالم أصم، يتعمد مناصرو الشر فيه على تجاهل إبادة واضحة لشعب بأكمله، هكذا لم يستطيعوا تحت وقع قتل الجائعين إلا أن يعبروا عن استيائهم، ألكي يتحرك كل آسن، لابد أن يلقى حجر على رؤوس الأبرياء؟


المثقفون كانوا أكثر النفوس تضررا، فهم أقربها شعورا بالعجز والوعي معا، وفي لحظات كتلك يصبح للكلمة فعل وليس معنى فحسب، تصبح الكلمات نورا، سلاحا أمضى من أسلحة جائرة.. 
ومنهم، من كلماتهم، من انطباعات مختلفة وآراء ذات وقع آخر، نستمد بعض قوة، وربما بعض وعي وصبر أيضا..

 

إبراهيم عبدالمجيد: صارت أفعال النازية شعار الصهاينة


يقول لنا الروائي الكبير إبراهيم عبدالمجيد تعليقا على ما حدث بدير النابلسي:
"العالم كله يعرف ماذا فعلت أوربا باليهود من اضطهاد ومذابح عبر العصور.  صار هروب اليهود إلى العالم العربي والإسلامي هو طريق النجاة لليهود، لأسباب سياسية ولزرع عدو بين العالم العربي ابتكرت أوربا البحث عن وطن قومي لليهود، والقصة معروفة انتهت باحتلال فلسطين، أما اليهود أنفسهم وقد صاروا صهاينة، فكل ما يفعلونه في فلسطين بالعرب والمسلمين مباح. يفعلون بالفلسطينيين ما فعلته أوربا بهم من مذابح كنوع من الإزاحة النفسية البشعة، وتوافق أوربا كنوع من التكفير البشع عن الذنب.

  وأضاف عبدالمجيد: المذابح التي أقامها اليهود للفلسطينيين قبل عام 1948 حيث أعلنت دولة إسرائيل وبعده لا تٌحصى، يقومون بأبشع مما فعلت أروبا بهم وأصبح قتل الفلسطيين هواية تسرّ نفوسهم، وصارت أفعال النازية شعارهم، ولا يدخل هذا في كذبة أوربا عن تجريم معاداة السامية، فللصهاينة حقهم المطلق في قتل الفلسطينيين. هذا هو حال عالمنا اليوم وهي مرحلة من أسوأ مراحل التاريخ. 

سمير الفيل: نحن أمام حالة من "البلطجة"
 

 

أما الكاتب والقاص سمير الفيل، فيرى أن:
"المجزرة التي ارتكبها الكيان الصهيوني بحق أهل غزة ، وهم في طريقهم لتلقي المساعدات الغذائية تؤكد بما لا يدع مجالا للشك أننا أمام حالة من "البلطجة" حيث تستعين بالقوة المفرطة في بث الرعب في نفوس أصحاب الأرض بغية طردهم وتهجيرهم منها.
ويتابع الفيل: الأكثر مدعاة للخزي والعار هو وقوف دول العالم التي تنادي دائما بالقيم الإنسانية في حالة صمت وتردد، وكأن الأرواح التي أزهقت أمر طبيعي يمكن تمريره بسهولة. 
ويختتم قائلا: أحسب أن أحرار العالم لابد أن تتصاعد أصواتهم المعترضة أمام فعل القتل المجاني خاصة أن من وقع القتل بحقهم أبرياء، مدنيون، عزل بلا سلاح وغير منخرطين في أعمال قتالية.
الصمت في هذه الحالة هو دعم للصهاينة وموافقة على ما قاموا به من أفعال يجرمها القانون الدولي.
 

شريف صالح: قتل طفل واحد يساوي عندي قتل البشرية جمعاء

 

فيما يقول الكاتب والناقد د.شريف صالح:
"في ظني أن لحرب الإبادة الحالية ثلاثة أبعاد تفاقم مأساويتها؛ أولها أن إسرائيل كيان استعماري عنصري توسعي ضعيف وكل ضعيف مخيف؛ لذلك لا تقوى على إقامة سلام أو إقرار بحق الفلسطينيين في دولة بل تفضل أن تبقى مرعبة ومرعوبة، ثانيها أن الاستعمار الأوروبي القديم يرى شبابه في إسرائيل ويفضل أن تبقى شوكة في حلق المنطقة بغض النظر عن أي مواثيق دولية وقيم إنسانية، وثالثها أن العرب مازالوا هشين متشرذمين منهكين ومنهوكين وعاجزين عن فرض أي خطوط حمر.
ويضيف صالح: وطالما استمرت تلك الأبعاد على ما هي عليه لن تحل القضية وستظل المأساة تتكرر تلو المأساة. والمسألة لا علاقة لها بعدد الضحايا لأن تجويع أو قتل طفل واحد يساوي عندي قتل البشرية جمعاء.



 مجدي أبوالخير: انهزم الجميع ولم ينتصر غير الشهداء


بينما يرى الشاعر مجدي أبوالخير أنه لم يعد أصحاب الحق  أولى به فى أوطاننا، ولم ينتصر غير الشهداء، فقد انهزم الجميع ولا أستثنى منا أحدا، قذف أصحاب الأرض العزل المنتظرون لشيء يسقط من السماء ليعطيهم فرصة فى حياة ليوم آخر، هذا المشهد الوحشى الذى لا يعبر عن إنسانية هو دليل دامغ على أنه لا داعى لتضامننا مرة أخرى لأننا لا نملك سوى تحريك الألسنة لعدة ساعات أو أيام على الأكثر ثم ننشغل بمباراة كرة أو كليب جديد، هذا المشهد المعد له كما تجهز المصيدة لجذب أكبر عدد من الفراشات لتفنيهم بأقل جهد..
ويتابع أبوالخير: هنا اختلطت المشاعر لدي ما بين الذهول وتمنى فقدان الذاكرة بكل ما مضى لأبدأ من جديد وأتعرف على العالم وأصبح غير ما أنا عليه، لا أنتمى لهذا الوطن الذى لا يعرفنى ولا يوفر لى على الأقل الحد الأدنى من الإنسانية والكرامة، دمع يسيل على خدى وقلب من شدة ما أحس بالألم كاد يتوقف، ليعلن بصوت متكرر كلنا مهزومون ولا أستثنى منكم أحدا.

 

وحيد الطويلة: أمريكا تريد القضاء على المقاومة في الشرق الأوسط كي تتحكم فيه

 

"هل هناك من يريد أن يسمع كلمتين عاطفتين عما حدث للبشر في غزة أثناء توزيع المساعدات؟! هكذا ابتدرني الكاتب والروائي وحيد الطويلة، مستدركًا:
فلنعد إلى الصحف الإسرائيلية نفسها التي قالت إن التفسيرات الإسرائيلية قد تأخرت عشر ساعات ولا يمكن الوثوق بها..
هل ما حدث مستغرب؟ هل هو خارج سياق وحشية إسرائيل منذ أول يوم في الحرب على غزة.. هل نحتاج لإصبع في أعيننا لنقول بوضوح إنه منذ أول قصف لأول مستشفى وتعمية الإعلام الأمريكي على الحادث ومحاولة التنصل أو تمرير روايات أقل ما يمكن أن يقال عنها إنها استخفاف بالانسانية؟
إن مشهد قتل الجوعى لن يقض مضاجع أمريكا..ِ المذنبة الأولى في اللعبة.. في هذه الحرب القذرة المجنونة، أمريكا هي الجاني الأول، هي التي تستطيع أن تلجم إسرائيل لكنها للأسف تلجمنا نحن وتلجم الأطفال في غزة حتى عن الصراخ.
ويختتم وحيد الطويلة قائلا: جملة أخيرة في قلب السياق.. أمريكا تريد حذف كلمة مقاومة من الشرق الأوسط كله كي تستطيع أن تتحكم فيه، ثم تعطي المدفع لإسرائيل لتفعل ما تريد.
العار يلطخنا جميعا لكنه يلطخ أمريكا قبلنا، وستظل مجزرة الطحين كما يسميها البعض عارا على الإنسانية وعلى الدول الكبرى وعلى أمريكا، وتلطخ وجه إسرائيل، لعلها تساهم بدماء الناس في فتح باب حل للمجزرة القائمة منذ شهور.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: مذبحة الطحين مذبحة غزة

إقرأ أيضاً:

أمريكا: إسرائيل تحقق أهدافها واقتراب نهاية حربها مع حزب الله

اعتبرت الولايات المتحدة، أمس، أن إسرائيل حققت بعض الأهداف المهمة في حربها ضد حزب الله اللبناني وأن نهاية الحرب قد تكون قريبة.

وقال المتحدث باسم الخارجية الأمريكية ماثيو ميلر في مؤتمر صحفي في واشنطن الأربعاء: "ما رأيناه هو أن إسرائيل حققت عددا من الأهداف المهمة".

وأضاف ميلر: "لقد رأينا (إسرائيل)، على مدار الشهرين الماضيين، فعالة جدا في تطهير البنية التحتية لحزب الله بالقرب من الحدود، ولهذا السبب نعتقد أننا في المكان الذي يمكننا فيه التوصل إلى حل دبلوماسي الآن".

في غضون ذلك، وصل المبعوث الأمريكي آموس هوكستين إلى إسرائيل، حيث من المقرر أن يلتقي رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، وفقا لتقارير إعلامية.

ومن المتوقع أن يقدم هوكستين، الذي جاء من بيروت، مسودة اتفاق أمريكية لوقف إطلاق النار وإنهاء الحرب المستمرة بين إسرائيل وحزب الله في لبنان.

وأفادت تقارير بأن حزب الله ينظر للمقترح الأميركي على أنه أساس للمفاوضات المستقبلية.

مقالات مشابهة

  • عبدالمنعم سعيد: أمريكا تعد إسرائيل حليف استراتيجي كبير لها
  • الرئيس الكولومبي: هدف حرب الإبادة التي تمارسها “إسرائيل” في غزة منع قيام وطن للفلسطينيين
  • معضلات «إعادة أمريكا عظيمة» عالمياً
  • زيلينسكي يعلق على الضربة التي شنتها روسيا بصواريخ "أوريشنيك"
  • قوات الاحتلال ترتكب مذبحة جديدة شمال غزة
  • إيلون ماسك المغربي يعلن تسويق سيارات الهيدروجين التي عرضها أمام الملك في الولايات المتحدة
  • مذبحة جديدة تستهدف الاطفال والنساء في غزة.. ومقتل ضابط إسرائيلي وإصابة آخر
  • أمريكا: إسرائيل تحقق أهدافها واقتراب نهاية حربها مع حزب الله
  • هل تذكرون الداعية الإماراتي”وسيم يوسف”؟.. شاهدوا النصيحة الذهبية التي قدمها له أشهر أطباء أمريكا لعلاجه من السرطان
  • خبير عسكري: الدولة العميقة في أمريكا لا تريد حجب المساعدات عن إسرائيل