شارع الحبيب بورقيبة: شاب يضرم النار في جسده
تاريخ النشر: 23rd, July 2023 GMT
شاهد المقال التالي من صحافة تونس عن شارع الحبيب بورقيبة شاب يضرم النار في جسده، 22 07 2023 23 36أقدم شاب يبلغ من العمر 35 سنة مساء اليوم السبت 22 جويلية 2023 على سكب مادة حارقة على جسده وإضرام النار في نفسه في شارع .،بحسب ما نشر موزاييك أف.أم، تستمر تغطيتنا حيث نتابع معكم تفاصيل ومعلومات شارع الحبيب بورقيبة: شاب يضرم النار في جسده ، حيث يهتم الكثير بهذا الموضوع والان إلى التفاصيل فتابعونا.
22/07/2023 23:36
أقدم شاب يبلغ من العمر 35 سنة مساء اليوم السبت 22 جويلية 2023 على سكب مادة حارقة على جسده وإضرام النار في نفسه في شارع الحبيب بورقيبة بالعاصمة.
وتم نقله من قبل أعوان الحماية المدنية إلى مستشفى الحروق البليغة ببن عروس.
وأكّد مصدر مطلع لموزاييك أن الشاب تعرّض لحروق من الدرجة الثانية في أطرافه العليا. وما تزال أسباب إقدامه على حرق نفسه مجهولة.
المصدر: صحافة العرب
كلمات دلالية: موعد عاجل الدولار الامريكي اليوم اسعار الذهب اسعار النفط مباريات اليوم جدول ترتيب حالة الطقس
إقرأ أيضاً:
حينما تحوّل غريغور سامسا إلى حشرة...!
«عندما استيقظ غريغور سامسا من نومه ذات صباح عقب أحلام مزعجة، وجد نفسه قد تحوّل في سريره إلى حشرة عملاقة». بهذه العبارة الافتتاحية الصادمة بدأ كافكا روايته «التحوّل أو المسخ»، وربما لولا هذه الافتتاحية التي بدأ بها كافكا( 1883- 1924م) روايته القصيرة أو قصتّه الطويلة كما يطيب لي تسميتها، لما تناولها القارئ بكل هذا الاهتمام واللهفة، ولما ظل مقيّدا بتتبع أحداثها في محاولة فهم أسباب هذا التحوّل حتى يجد نفسه منساقا إلى تفاصيل الأحداث ناسيا بحثه الأول عن السبب في تحوّل إنسان اسمه غريغور سامسا إلى حشرة.
صدرت هذه الرواية لأوّل مرة عام 1915م، ورغم عدد صفحاتها القليلة، ولغتها المكثفّة لكنّها دسمة إلى درجة أنّ القارئ يظلّ ممتلئا بها لوقت طويل، وصورة سامسا لا تفارق خياله لغرابة الحدث التي يسرد عليه كافكا بقية الأحداث، كما أنّها تفتح شهية القارئ لقراءة أعمال كافكا الأخرى والتي أغلبها نشرها صديقه ماكس برود بعد وفاته. إنّها رواية لو لم يكتب كافكا غيرها لكفى، لتبقى هذه الرواية أجمل ما كُتب حتى الآن بل تحفة أدبية بشهادة كل من قرأها ومنهم ماركيز الذي كتب: «لقد سقطتُ من الفراش بعد قراءة السطر الأول، لقد كنت مدهوشا، وعندما قرأت هذا السطر قلت لنفسي، بأنّي لا أعرف أي شخص باستطاعته كتابة أشياء كهذه».
لقد سبق كافكا زمانه بكثير، «وويل لمن سبق عقله زمانه» كما قال سقراط وهو يشرب السم تنفيذا لحكم إعدامه، وويل لمن عاش في غير مكانه، لقد عاش كافكا غربة الإنسان المبدع التي يعانيها الكثير من المبدعين، وكأنّ العقل الذي كتب به هذه الرواية كان عقلا منفصلا عن العالم المحيط به، فلا يمكن لهذا الإبداع المتفرّد أن يأتي من عقل منغمس في الحياة الواقعية ومنجذب إلى القاع، إنّه الخيال الأدبي في أبهى صوره، وأعظم تجليّاته وتحليقه.
ولقد قلبت هذه الرواية الموازين والشروط المتعارف عليها في أعراف الكتابة السردية في ذلك الوقت، ليس فقط في تلك المقدّمة الصادمة وتحوّل سامسا من إنسان إلى حشرة بشكل مفاجئ، بل الفكرة بأكملها كانت تحوّل جديد ومفاجئ في تاريخ الأدب من الواقعية إلى الخيال والفانتازيا، في فترة كانت الكتابات السردية تميل إلى الواقعية والاقتراب من المجتمع، فأي عبقرية تجلّت في ذهن وعقل كافكا وهو يكتب هذه النوفيلا الرائعة، وهو الغارق في أمراضه النفسية والجسدية، ولم يكن واثقا من أنها ستُقبل أو حتى ستجد من يقرأها كما هو الحال في معظم كتابته، ولست أظن أنّه كتبها قاصدا نشرها، فلم يكن كافكا يكتب من أجل النشر، ولا يعنيه أمر القارئ، ولا يكتب لأجل شهرة أو مال، لقد كان يكتب لنفسه، من وحي عبقريته الحرّة، وبحثا عن مخرج من تلك العقد النفسية التي ظلت معه منذ سنوات طفولته، وكرهه لوالده وشعوره بالخوف والقلق وفشله في علاقته العاطفية، ورغم كل ما كان يعانيه من روح قلقة ونفس خائفة على الدوام، مرتدة إلى تلك اللحظة التي حبسه فيها والده في شرفة المنزل في ليلة باردة مظلمة وهو طفل صغير، وانعكاس تلك المخاوف وذلك القلق على جسده العليل، مما أدى إلى موته المبكّر، لكنّه كان حُرّا وهو يكتب، غير مقيّد بعين ناقد، أو مقصّ رقيب أو ذائقة القارئ، وما من هدف يسعى إليه ولا غاية سوى الكتابة، لذلك نجحت كتابات كافكا كما لم ينجح غيره.
إن القارئ رغم صدمته بما أتى في المقّدمة التي كانت «فخّا» نصبه كافكا له، سيجد نفسه منغمسا في تفاصيل هذا التحوّل، سيضع نفسه مكان عائلة سامسا، سيعيش مشاعرهم وهم يعيشون صدمة هذا التحوّل الغريب، وسيتخيّل نفسه مكانهم وهم يقفون هذا الموقف الرهيب، كيف سيتصرف، وكيف سيشعر، هل سيتصرف كما تصرّفوا؟ أم هل سيكون له موقف آخر مختلف؟! وقد يجد نفسه حانقا عليهم وغاضبا من تعاملهم اللإنساني لابنهم الذي كان فردا يعتمدون عليه بشكل كامل في حياتهم، إنه اختبار بين الإنسان وإنسانيته. وقد تتلبسه شخصية سامسا، ويعيش المعاناة الصعبة التي عاشها وهو يرى نفسه وقد تحوّل إلى حشرة وليس إلى شيء آخر، ولعل كافكا هنا تعمّد أن يتحوّل بطل الرواية إلى حشرة وليس إلى طائر أو قط أو حتى كلب، ولذلك دلالته ورمزيته. الغريب في الأمر أن كافكا لم يركّز كثيرا على مشاعر سامسا، فلم يشرح ألمه أو صدمته وهو يجد جسده يتحوّل إلى جسد حشرة، قال غريغور، الذي كان يعمل مندوب مبيعات، وهو الشخص الوحيد الذي حافظ على هدوئه» سوف ألبس ثيابي فورا، وأحزم مجموعة العينات القماشية وأركب القطار... إني أحبّ الشعل، السفر شاق، لكني لا أستطيع العيش من دون السفر...». وهنا كما أرى نجح كافكا في كشف ما يعتري النفس الإنسانية حينما تواجه خطرا أو تعيش صدمة ما، أن تعيش مرحلة النكران وهذه هي المرحلة الأولى في مراحل تلقّي الإنسان للصدمة، لقد أنكر بطل الرواية بينه وبين نفسه ما يحدث معه ولم يصدّقه، إذ إنّه تقبّل حياته التي كان يعيشها وأن لم يحبها، اعتادها وأن لم يكن فيها يبعث على البهجة أو الفرح، لقد نسي نفسه لأنه لم يعش لها بل لأجل الآخرين، وحتى اللحظة التي أصبح فيها عاجزا عن القيام بمهامه اليومية ورؤيته للصدمة على وجوه أفراد عائلته وهم يشاهدون عجزه، كان كل ما يفكّر فيه عائلته التي يعيلها ومديره الذي يحرص على رضاه والتزامه بعمله. لقد عاش حياة روتينية باردة وثقيلة، وكان يفكّر أن يواصل حياته الباردة المعتادة الخالية من أي إثارة أو تغيير، ينهض صباحا ويرتدي ثيابه ويذهب إلى عمله، والإنسان بطبيعته مجبول على حبّ ما اعتاد عليه، وكأي إنسان عادي يخشى التغيير ويخافه.
إن المتأمّل لأحداث هذه الرواية تنكشف له جوانب خفيّة من الحياة الإنسانية المعقّدة، وتتكشف له حقيقة الإنسان الذي هو في الأصل ليس سوى مجموعة من المشاعر والأحلام والضغوط النفسية والطموحات والإحباطات والفرح بالإنجاز، الإنسان الذي يعيش حياته باحثا عن شيء خفي اسمه السعادة، في أشياء مادية تافهة، تسرق سعادته وسكينة روحه، وذلك من خلال ركضه في الحصول على المال، لتحقيق متطلبات عائلته والآخرين، وينسى نفسه، لأنه لا يفعل شيئا لإسعادها «إن غريغور قارب الثلاثين من العمر وحياته تشبه مستنقعا جافا، بلا حب ولا علاقات صداقة أو حتى مودّة، بسبب طبيعة عمله وتنقلاته المستمرّة، ونتيجة اعتياد عائلته على إعالته لها، دون أن يتجلّى ذلك في عاطفة خاصة تجاهه، إنه يكره عمله وينوي تركه، لكنه لا يستطيع بسبب عبء القروش، إنه يعيش حياة قحط واستلاب». فكم منا إذن قد يكون سامسا في محنته وهو لا يدري؟!
ولقد فسر بعض المحللين هذه الحالة الرمزية في الرواية، بأنها ترمز إلى الحالة التي يعيشها الإنسان بعد التقاعد، وكيف يتحوّل من كائن منتج له قيمته ومكانته واحترام عائلته له إلى كائن آخر، نكرة في عيونهم وكأنه حشرة، فهل وفّق كافكا في هذا الوصف أم تجاوز معنى وقيمة التعاطف الإنساني بين أفراد العائلة الواحدة والمجتمع أمام عجز أحد أفراده؟!
إن التحوّل إلى حشرة كما حدث لبطل الرواية هو أيضا رمز لحالة العجز التي من الممكن أن يصل إليها الإنسان، فاللحظة التي تسقط فيها، أو تصبح بلا نفع لمن كانوا مستفيدين منك، وتكون لا شيء بالنسبة لهم، تدرك قيمتك الحقيقية، وتعرف أنك أضعت عمرك في تضحيات سرقت منك سعادتك وحياتك، وأنك في نهاية المطاف لم تعد أكثر من حشرة، يتقزز كل من ينظر إليها، وأول من ينبذك أولئك الذين وهبتهم عمرك، وعملت وضحيّت لأجلهم، لقد تقززت عائلة سامسا منه، فلم يطعموه، وحاولوا التخلّص منه حين رماه أبوه بتفاحة على ظهره. ترى ماذا لو سقط الترس من عجلة الحياة التي لم تتوقف عن الدوران، ماذا لو سقط هذا الإنسان من شدة التعب وهو يكافح من أجل توفير لقمة عيش لبطون جائعة لا تشبع، ماذا لو وجد نفسه وقد تحول إلى حشرة أو حتى كائن آخر، هل ستتوقف الحياة؟ هل سيبكي أحد لأجله، هل سيتألم أحد لفقده؟ لن يحدث شيء من ذلك بل «ستُنسى كأنك لم تكن»، وأسوأ ما في الأمر أن يرى الإنسان في أعين من أحببهم يوما رغبتهم في الخلاص منه وتأففهم من عجزه، لأنه أصبح عالة عليهم. إنّه شعور مؤلم جدا ومخيف. والسوداوية التي يكتب بها كافكا لا يمكن للقارئ تجاوزها حتى وإن لم يتفق معه، سيعيشها بذات الشعور المؤلم، وسيتساءل أين ذهبت العاطفة الإنسانية، وكيف مات الحب في قلب العائلة الواحدة، كيف يمكن للإنسان أن يشعر بالأمان وقد فقده في مأمنه؟ أين الإنسان، ومن هو الإنسان إذن لم يكن لديه مشاعر إنسانية ورحمة وتعاطف؟!
إنّ الفكرة في رواية (التحوّل) رغم أنها فانتازية كما تبدو للقارئ ، لكن مجرّد إعادة النظر في الفكرة والأحداث، تكتشف أن كافكا بنظرته المتشائمة قد كشف لنا القناع أو أسقطه عن وجه الحياة التي يعيشها كثير من البشر الذين وجدوا أنفسهم وقد تحوّلوا إلى أي شيء آخر إلاّ أن يكونوا بشرا، فبيننا أشخاص وهبوا أنفسهم للعمل وجني المال، إلى درجة أنهم لا يجدون وقتا للحياة، ومثل هؤلاء لا يمكن أن يكونوا إلا حشرة أو طحلبا كما أتى في كتاب (الأمير الصغير).
ولعل ما دعا كافكا لعدم شرح الأسباب لهذا التحوّل، فلأنه كان نتيجة منطقية لأسباب غير منطقية، وقد يكون سامسا هو كافكا نفسه، وقد يكون القارئ الذي يقرأ واقعه المعاش في حدث متخيّل، فكثير مما يحدث في حياتنا لا يخضع لمنطق ولا يصدّقه عقل عاقل، وهذه الحياة التي نعيشها دون أن نفكّر في قيمتنا أو سعادتنا فيها، لا معنى لها، والكثير منا يعيش حياة لا يؤمن بها ولا يريدها، حياة يحاول أن يراها في عيون الآخرين ومدى إعجابهم به أو رضاهم عنه، والغريب والمؤلم أن لا أحد يهتّم، لا أحد يدرك ما تمر أنت به، لا أحد يعلم ما تشعر به وما تعانيه، فأن تذهب كل يوم إلى وظيفة لا تحبّها، وأن تبذل كل ما بوسعك من أجل سعادة غيرك، ثم تكتشف أن كل حُبّ قدمته لم يقابل بحُبّ، وكلّ تضحية لم تقابل سوى بالنكران والجحود، ذلك أمر في منتهى القسوة.
إن أصعب ما في هذه الرواية التي قرأتها أكثر من مرة، بالنسبة لي كقارئة ليس في العبارة الأولى فيها، بل في تفاصيلها المؤلمة، في المعاناة والخذلان الذي عاشهما سامسا الذي تحوّل إلى حشرة بوعي إنسان، يدرك ويعي ما يدور حوله حتى لحظة رحيله، ترى لو تغيّرت الأحداث قليلا ولو قال سامسا لمدير عمله لا، ولعائلته لا، ولو أخذ إجازة واستمتع بحياته هل سيتحوّل إلى حشرة؟! وكيف بمن يعيش بجسد إنسان ولا يدرك بأن الحياة في عجلتها السريعة حوّلته إلى حشرة وهو لا يدري؟! إنها ضريبة الخضوع والخنوع التي تفقد الإنسان إنسانيته، وتنتزع من القلوب عاطفتها ورحمتها.
ورغم كآبة الأحداث في رواية (التحوّل) لكافكا، يبقى لكل إنسان نقطة تحوّل، وصباح يستيقظ فيه لا يجد فيه نفسه؛ بل كائن آخر لا يشبه من كان بالأمس، ويعيش صدمة أنّه لا يدري سببا لما حدث، ماذا تغيّر؟ أو من تغيّر هو أو من حوله؟ ففي لحظة، كل شيء يتحوّل ولا يعود إلى طبيعته، وفي لحظة يجد الإنسان نفسه غريبا في بيته وبين أفراد كانوا بالأمس عائلته، وهذا التحوّل ليس شرطا أن يكون موتا بل ربما ميلاد جديد، وكل قارئ قرأ الرواية سيجد نفسه عالقا في فخ العبارة الأولى «عندما استيقظ غريغور سامسا من نومه ذات صباح عقب أحلام مزعجة، وجد نفسه قد تحوّل في سريره إلى حشرة عملاقة».
شريفة التوبي روائية عمانية