هكذا تحدى الاحتلال الإجراءات المؤقتة التي فرضتها محكمة العدل الدولية
تاريخ النشر: 5th, March 2024 GMT
نشر موقع "ميدل إيست آي" البريطاني، تقريرا بيّن فيه كيف تجاهلت دولة الاحتلال التدابير الوقائية الصادرة عن محكمة العدل الدولية، وواصلت سياساتها في الضفة الغربية وقطاع غزة.
وقال الموقع، في التقرير الذي "عربي21"، إنه مرّ الآن أكثر من شهر منذ أن أصدرت محكمة العدل الدولية حكمًا مؤقتًا يدعو إسرائيل إلى اتخاذ تدابير لمنع أعمال الإبادة الجماعية في غزة.
وأوضح الموقع أن المحكمة لم تأمر إسرائيل بوقف عملياتها العسكرية في غزة، مع أنه أحد المطالب الرئيسية لجنوب أفريقيا، ولم تقرر ما إذا كانت إسرائيل ترتكب جريمة إبادة جماعية، ومن المرجح ألا تفعل ذلك لبعض الوقت. لكنها حكمت بعدة تدابير مؤقتة صوت لصالحها الغالبية العظمى من قضاة المحكمة السبعة عشر.
وأشار إلى أن المحكمة أمرت إسرائيل باتخاذ التدابير اللازمة لمنع الأفعال التي تندرج تحت المادة الثانية من اتفاقية الإبادة الجماعية، وهي: قتل أعضاء جماعة معينة، والتسبب في أذى جسدي أو عقلي خطير، والتسبب عمدًا في التصفية الجسدية للجماعة، وفرض تدابير تهدف إلى منع الولادات. كما أمرت المحكمة إسرائيل بتمكين تقديم المساعدات الإنسانية العاجلة، ومنع تدمير الأدلة على الجرائم، ومنع ومعاقبة التحريض على ارتكاب الإبادة الجماعية ضد الفلسطينيين. كما أمرت إسرائيل بتقديم تقرير في غضون شهر يوضّح جميع التدابير التي اتخذتها لتنفيذ أوامر محكمة العدل الدولية. وقدّمت إسرائيل التقرير في وقت سابق من هذا الأسبوع، علمًا بأن الإجراءات التي اتخذتها في غزة تتحدى العديد من التدابير المؤقتة.
قتل المدنيين في غزة
أمرت المحكمة دولة الاحتلال الإسرائيلي، باتخاذ كافة الإجراءات لمنع قتل الفلسطينيين في غزة كجزء من التزاماتها بموجب اتفاقية الإبادة الجماعية. وفقًا لتحقيق أجرته منظمة "أير وير"، استشهد مدنيون فلسطينيون بشكل يومي خلال الأسبوعين الأولين بعد قرار محكمة العدل الدولية. ورصدت منظمة "أير وير" في الفترة ما بين 27 كانون الثاني/ يناير و9 شباط/ فبراير أكثر من 200 حادثة "ضرر" حيث استشهد أو جُرح مدنيون بأسلحة متفجرة في 190 حادثة، بينما استشهد أو جُرح مدنيون بالرصاص الحي في 36 حادثة.
وأفاد الموقع، بأنه كان من بين المدنيين الذين استشهدوا عاملون في مجال الرعاية الصحية وصحفيون وأشخاص ينتظرون المساعدات الإنسانية وأولئك الذين لجأوا إلى المراكز التعليمية. وفي 13 حادثة منفصلة، قُتل 10 مدنيين أو أكثر. وقد عُثر على هند رجب، وهي فتاة فلسطينية تبلغ من العمر خمس سنوات في 10 فبراير/شباط ميتة بعد حوالي أسبوعين من محاصرتها في سيارة مع عائلتها المقتولة على يد القوات الإسرائيلية.
وبعد ثلاثة أيام، استشهد 67 فلسطينيا خلال هجوم إسرائيلي على رفح. استهدف الهجوم 14 منزلًا وثلاثة مساجد، وقال الناجون إنهم تعرضوا لإطلاق النار من قبل المروحيات الرباعية الإسرائيلية بينما كانوا يحتمون داخل خيام النازحين. وتفيد التقارير بأن القوات أطلقت النار، في 14 شباط/ فبراير، على رجل فلسطيني فأردته قتيلًا بعد أن أرسلته إلى مستشفى ناصر في خان يونس لتحذير الآخرين بضرورة الإخلاء، وفقا للتقرير.
وأضاف الموقع، أن هناك 40 شخصًا استشهدوا، بعد أسبوع، وأصيب أكثر من 100 آخرين معظمهم من النساء والأطفال، بعد ما وصفه مسؤولون فلسطينيون بـ"المجزرة الشنيعة" في دير البلح وسط قطاع غزة. قصفت الطائرات الحربية الإسرائيلية أربعة منازل في المنطقة. وفي 29 شباط/ فبراير، قُتل ما لا يقل عن 115 فلسطينيًا وجُرح مئات آخرون بعد أن فتحت القوات الإسرائيلية النار على أشخاص كانوا ينتظرون الحصول على الطعام من مبعوث المساعدات في مدينة غزة.
أضرار جسدية وعقلية خطيرة
أمرت محكمة العدل الدولية دولة الاحتلال، باتخاذ كافة التدابير لمنع الأفعال التي تسبب ضررا جسديا أو عقليا للفلسطينيين في غزة. مع ذلك، وردت عدة تقارير عن وقوع أضرار نفسية وجسدية بحق الفلسطينيين إما حدثت أو ظهرت إلى العلن منذ 26 كانون الثاني/ يناير. وبعد ثلاثة أيام فقط من صدور حكم محكمة العدل الدولية، تعرّض الفلسطينيون الفارون من خان يونس عبر "ممر آمن" مفترض للاعتقال والإهانة ونقِلوا إلى أماكن مجهولة من قبل الجيش الإسرائيلي.
ونقل الموقع تصريحات شهود عيان قالوا إن محققين إسرائيليين قاموا بتفتيش المدنيين واستجوابهم وتم تسجيل بيانات قزحية العين عند نقطة تفتيش. ووُضع بعضهم في شاحنات ونُقلوا إلى معسكرات الاعتقال، حيث تم احتجازهم في ظروف مجهولة. وفي 30 كانون الثاني/ يناير، تمت مشاركة مقطع فيديو على قناة "تلغرام" الإسرائيلية اليمينية المتطرفة يُظهر جنودًا إسرائيليين وهم يُجبرون الفلسطينيين المحتجزين على وصف أنفسهم بأنهم عبيد.
وأفاد طبيب فلسطيني يدعى سعيد عبد الرحمن بأن القوات الإسرائيلية عرضته للإساءات خلال 45 يومًا من الأسر بما في ذلك الحرمان من النوم والتكبيل المستمر وتعصيب العينين. وكان هذا الطبيب يعمل في المستشفى الأهلي العربي في مدينة غزة عندما حاصرته القوات الإسرائيلية في كانون الأول/ ديسمبر، وفقا للتقرير.
وذكر الموقع أن خبراء الأمم المتحدة، أعربوا في 19 شباط/ فبراير عن قلقهم إزاء مزاعم الاغتصاب والاعتداء الجنسي والاعتقال التعسفي وغيرها من "الانتهاكات الصارخة لحقوق الإنسان" ضد النساء والفتيات في غزة والضفة الغربية منذ بدء الحرب الإسرائيلية. وقال خبراء مستقلون إنهم تلقوا تقارير عن تعرّض معتقلات فلسطينيات "لأشكال متعدّدة من الاعتداء الجنسي"، مع تعرض معتقلتين على الأقل للاغتصاب، في حين زُعم أن أخريات تعرضن للتهديد بالاغتصاب والعنف الجنسي. وكان هناك تقرير واحد على الأقل عن امرأة في غزة يُزعم أنها احتُجزت في قفص تحت المطر والبرد وظلت دون طعام.
ونقل الموقع عن رجل فلسطيني، كانت قد اعتقلته القوات الإسرائيلية من غزة، قوله إنه تعرض للتعذيب الجسدي والنفسي لأسابيع.
وقال علي حمدان إنه اعتُقل، في كانون الأول/ ديسمبر، من جباليا، شمال مدينة غزة، بعد أن تعرض منزله للقصف في غارات جوية سابقة، مما أدى إلى مقتل زوجته وبناته وصهره.
وأضاف حمدان "لأكثر من 42 يوما، كنت مقيد اليدين ومعصوب العينين. ومن الساعة 5 صباحًا حتى الساعة 11 مساء، كنا نجبر على الجلوس في وضع محدد، وإذا لم تلتزم بالأوامر يضربونك ويضعونك في وضع مجهد".
وتابع: "لقد جردونا من ملابسنا في البرد، ولم يهتموا بالمرضى وكبار السن"، وذلك وفقا لما أورده التقرير.
التدمير الجسدي ومنع الولادة
أمرت محكمة العدل الدولية دولة الاحتلال الإسرائيلي، باتخاذ إجراءات لمنع تعمد فرض ظروف على الفلسطينيين من شأنها أن تؤدي إلى التدمير المادي للمجتمع - كليًا أو جزئيًا. بالإضافة إلى ذلك، طُلب منها تجنب الإجراءات التي تهدف إلى منع الولادات في غزة. أشارت وكالات دولية ومنظمات حقوقية الشهر الماضي إلى أن العديد من الإجراءات الإسرائيلية أدت إلى مثل هذه الأوضاع المدمرة. وفي هذا الأسبوع فقط، قال كبير خبراء الأمم المتحدة في مجال الغذاء إن إسرائيل تقوم عمدًا بتجويع الفلسطينيين وبالتالي يجب محاسبتها على جرائم الحرب.
وفي تصريح لصحيفة الغارديان، قال مايكل فخري، مقرر الأمم المتحدة الخاص المعني بالحق في الغذاء: "لا يوجد سبب لعرقلة مرور المساعدات الإنسانية عمدًا أو تدمير سفن الصيد الصغيرة والبساتين في غزة عمدًا - سوى حرمان الناس من الوصول إلى الغذاء". وأضاف فخري: "من الواضح أن حرمان الناس من الغذاء عمدًا جريمة حرب. وقد أعلنت إسرائيل عن نيتها تدمير الشعب الفلسطيني، كليًا أو جزئيًا".
ونوه الموقع إلى أن طفلين توفي، في الأيام الأخيرة، بسبب سوء التغذية والجفاف في غزة، واتهمت عدة جماعات حقوقية إسرائيل باستخدام المجاعة "كسلاح حرب". واضطر بعض الآباء الفلسطينيين إلى استخدام العلف الحيواني لإشباع جوع أطفالهم. أثّر نقص الغذاء بشكل خاص على 50 ألف امرأة حامل في غزة. وفي إحدى العيادات المركزية في غزة، تتلقى واحدة من كل خمس نساء حوامل العلاج نتيجة سوء التغذية.
ونقل الموقع عن راندا غازي، من منظمة إنقاذ الطفولة غير الحكومية، قولها: "لا تحصل النساء الحوامل على التغذية والرعاية الصحية التي يحتجن إليها، مما يجعلهن أكثر عرضة للإصابة بالأمراض وزيادة مخاطر الوفاة أثناء الولادة". وحسب تحذير صندوق الأمم المتحدة للسكان في 16 شباط/ فبراير، فإن النساء يتعرضن للإجهاض بمعدل أعلى مما كان عليه قبل الحرب نتيجة سوء التغذية، فضلًا عن العمليات القيصرية وغيرها من العمليات الجراحية التي يتم إجراؤها دون تخدير بسبب نقص الإمدادات.
وفي وقت سابق من هذا الشهر، أبلغت منظمة الصحة العالمية عن آلاف حالات التهابات الجهاز التنفسي والإسهال المائي الحاد والجرب والقمل والطفح الجلدي وجدري الماء واليرقان الحاد - وكلها زادت عن السنوات السابقة بسبب الحرب. كما يشكل نقص مياه الشرب النظيفة مصدر قلق بالغ في غزة.
وأورد الموقع أنه بعد خمسة أيام من صدور حكم محكمة العدل الدولية في 31 كانون الثاني/ يناير، أكدت إسرائيل أنها بدأت إغراق الأنفاق في قطاع غزة بمياه البحر. وقد نبّه باحثون متخصصون في المياه والدبلوماسية والصراع إلى أن هذه الممارسة سيكون لها آثار بيئية مدمرة، بما في ذلك تلوث إمدادات المياه المدمرة بالفعل في غزة والإضرار بمحاصيلها.
فضلا عن ذلك، استهدف الاحتلال المستشفيات وحاصرتها على مدى الأسابيع الأربعة الماضية، ما أدى إلى خروج النظام الصحي برمته عن الخدمة. وبعد أن أدى القصف والحصار الإسرائيلي السنة الماضية إلى إغلاق مستشفى الشفاء في الشمال، الذي كان في السابق أكبر منشأة طبية في غزة، ركزت قوات الاحتلال الإسرائيلي اهتمامها على مستشفى ناصر في الجنوب، وهو آخر مجمع طبي عامل. وخرج الآن مستشفى ناصر من الخدمة بعد حصار دام أسابيع مع نقص الوقود وغارة إسرائيلية نفذت خلالها اعتقالات للموظفين، حسب التقرير.
وذكر الموقع أن 147 شاحنة كانت تدخل يوميا، في الفترة من 1 إلى 26 كانون الثاني/ يناير، لكن العدد انخفض إلى 57 في الفترة من 9 إلى 21 شباط/ فبراير. وقبل الحرب، كان يدخل إلى غزة ما معدله 500 شاحنة محملة بالأغذية والموارد يوميًا. وقد وجدت دراسة استقصائية شملت 24 منظمة إغاثة تعمل في غزة - بعد حكم محكمة العدل الدولية - أن التأخير والرفض عند المعابر ونقاط التفتيش الإسرائيلية كان عائقا رئيسيا أمام عمليات التسليم.
وأوضح الموقع أن برنامج الأغذية العالمي أوقف تسليم المساعدات الغذائية المنقذة للحياة إلى شمال غزة مؤقتا، في 20 شباط/ فبراير، وذلك بسبب مخاوف تتعلق بالسلامة والأمن. وقال عمال الإغاثة إنه ليس لهم أي وجود فعليًا في الشمال حيث منعت إسرائيل الوصول إلى المنطقة منذ انتهاء الهدنة المؤقتة للأعمال القتالية السنة الماضية.
وبعد يوم واحد فقط من حكم محكمة العدل الدولية، زعمت إسرائيل أن عددا من الموظفين من بين 30 ألف موظف في وكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا) شاركوا في هجوم حماس في 7 تشرين الأول/ أكتوبر. منذ ذلك الحين، أوقفت 18 دولة تمويلها للوكالة. وقالت الأونروا، وهي المورد الرئيسي للطعام والمياه والمأوى في القطاع، إن الدعوات الإسرائيلية لإلغاء نشاطها وتعليق التمويل تركت الوكالة عند "نقطة الانهيار".
وخلال الشهر الماضي، قام المتظاهرون الإسرائيليون أيضا بمنع شاحنات المساعدات حيث يتجمع الإسرائيليون من مختلف الأطياف السياسية عند معبر كرم أبو سالم لوقف تسليم المساعدات الإنسانية. وقد نصب العديد منهم الخيام في المنطقة، وأغلقوا مدخل المساعدات بالاستلقاء على الأرض أمام الشاحنات.
وفي يوم 6 شباط/ فبراير، منع المتظاهرون الإسرائيليون وصول 130 شاحنة مساعدات إلى غزة. كما تعرضت قوافل المساعدات للهجوم في غزة أيضًا. وكشف تحقيق أجرته شبكة سي إن إن أن القوات الإسرائيلية أطلقت النار على قافلة تابعة للأمم المتحدة في وسط غزة في 5 شباط/ فبراير، قبل أن تمنع تقدمها إلى الأجزاء الشمالية من القطاع.
واستشهد ما لا يقل 115 فلسطينيًا في 27 شباط/ فبراير، بعد أن أطلق جيش الاحتلال النار على أشخاص على قافلة مساعدات في شارع الرشيد بمدينة غزة. وفي أعقاب الحادث، قال وزير الأمن القومي في حكومة الاحتلال، المتطرف إيتمار بن غفير إن "القوات الإسرائيلية تصرفت بشكل ممتاز ضد حشد من الغوغاء في غزة حاولوا إيذاءهم". ودعا إسرائيل إلى التوقف بشكل كامل عن نقل المساعدات إلى القطاع.
التحريض على ارتكاب جرائم الإبادة الجماعية
أشار الموقع إلى أن التدابير المؤقتة تنص على أن تتخذ إسرائيل تدابير لمنع ومعاقبة التحريض على ارتكاب إبادة جماعية ضد الفلسطينيين في غزة. استشهد الفريق القانوني لجنوب أفريقيا، خلال إجراءات محكمة العدل الدولية، بعشرات الأمثلة لمسؤولين وشخصيات عسكرية إسرائيلية أدلوا بتصريحات متطرفة عن التحريض واللغة اللاإنسانية ضد الفلسطينيين.
في 28 كانون الثاني/ يناير، بعد يومين من صدور الحكم الأولي، حضر وزراء وسياسيون وحاخامات وشخصيات عامة إسرائيليون مؤتمرًا في القدس دعا إلى إعادة توطين الإسرائيليين في غزة وأدلوا بتصريحات اعتُبرت على نطاق واسع بمثابة إبادة جماعية. وقد دعا المؤتمر بعنوان "مؤتمر انتصار إسرائيل - الاستيطان يجلب الأمن: العودة إلى قطاع غزة وشمال السامرة"، إلى طرد الفلسطينيين، وحضره 11 وزيرا و15 عضوا في البرلمان. وعرض المشاركون تفاصيل المستوطنات المستقبلية المقترحة والخرائط ومراحل الإعداد. وأشاروا باستمرار إلى غوش قطيف، وهي كتلة من 17 مستوطنة إسرائيلية غير قانونية كانت موجودة سابقًا في جنوب غزة.
ونقل الموقع تصريحات بن غفير الذي قال: "أنت على حق، تشجيع طوعي، دعهم يذهبون من هنا. يجب أن نعود إلى غوش قطيف وشمال السامرة... إذا كنت لا تريد أن يحدث ذلك مرة أخرى للمرة السابعة أو الأولى، يجب أن نعود إلى ديارنا ونسيطر على المنطقة". بعد خطاب بن غفير، سُمع الناس وهم يهتفون "الموت للعرب". وقال وزير السياحة الإسرائيلي حاييم كاتس أمام المؤتمر: "اليوم، بعد 18 سنة، لدينا الفرصة للوقوف وبناء وتوسيع أرض إسرائيل".
زدعت دانييلا فايس، رئيسة بلدية مستوطنة كيدوميم اليمينية المتطرفة السابقة في الضفة الغربية المحتلة، إلى تجويع الفلسطينيين من أجل إجبارهم على مغادرة غزة. وقالت لأحد الصحفيين في المؤتمر: "العرب سوف يتحركون... [إذا] لم نمنحهم الطعام، ولم نعط العرب أي شيء، فسيتعين عليهم المغادرة، وسيقبلهم العالم".
ومنذ المؤتمر، صدرت تصريحات متطرفة أخرى من قبل المسؤولين الإسرائيليين. ففي 12 شباط/ فبراير، ظهرت تقارير تفيد بأن بن غفير حثّ الجيش على إطلاق النار على النساء والأطفال الغزاويّين الذين يقتربون من إسرائيل. كما نُقل عنه تصريحات أدلى بها خلال اجتماع لمجلس الوزراء قال فيه: "لا يمكن أن نسمح للنساء والأطفال بالاقتراب من الحدود... أي شخص يقترب يجب أن يُصاب برصاصة [في رأسه]"، حسب التقرير.
في 19 شباط/ فبراير، أعربت وزيرة شؤون المرأة في حكومة الاحتلال، مي غولان، في الكنيست عن اعتزازها بالأنقاض في غزة قائلة "أنا شخصيا فخورة بأنقاض غزة، وبأن كل طفل، حتى بعد 80 سنة من الآن، سيخبر أحفاده بما فعله اليهود".
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية الاحتلال العدل الدولية غزة الفلسطينيين فلسطين غزة الاحتلال العدل الدولية صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة حکم محکمة العدل الدولیة المساعدات الإنسانیة القوات الإسرائیلیة الإبادة الجماعیة ضد الفلسطینیین الأمم المتحدة دولة الاحتلال إبادة جماعیة کانون الثانی الموقع أن النار على بن غفیر أکثر من إلى أن فی غزة بعد أن
إقرأ أيضاً:
انعكاسات أزمة تقييد القضاء في إسرائيل على الفلسطينيين
في سياق ليس بعيدا عن التصدعات الداخلية بالتوازي مع الحرب على غزة التي طالت دون أن تحقق أهدافها، تأتي محاولات حكومة بنيامين نتنياهو لإعادة طرح خطة تقييد القضاء الإسرائيلي لتكشف عن أبعاد جديدة من أزماتها الداخلية المتراكمة.
ويرى معارضو هذه الخطة، التي تهدف إلى الحد من سلطة القضاء وتعزيز هيمنة السلطة التنفيذية، أنها تمثل حلقة جديدة في سلسلة محاولات فرض السيطرة الكاملة على مفاصل الحكم.
حتى الآن، يرى خبراء أن نتنياهو، لم يتمكن من تمرير خطة تقييد القضاء بشكل كامل، إذ لا تزال على طاولة النقاش السياسي في إسرائيل، والتأجيلات المتكررة جاءت نتيجة الاحتجاجات الشعبية والضغوط السياسية الكبيرة، بالإضافة إلى التوترات الداخلية، خاصة في أعقاب هجوم 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 المباغت وما تلاه من تبعات أمنية وسياسية.
ولا تنعكس أبعاد خطة التعديلات على الداخل الإسرائيلي وحسب، بل تمتد لتؤثر على السياسات القمعية تجاه الفلسطينيين. ووسط هذا المشهد المتأزم، تبرز تساؤلات حول مدى تأثير هذه الخطة على الاستقرار الداخلي ومستقبل نظام الحكم في كيان يواجه تشكيكا متزايدا في شرعيته الأخلاقية والسياسية داخليا وخارجيا.
يقول الائتلاف الحاكم في إسرائيل إن التعديلات القضائية تهدف إلى إعادة التوازن بين السلطات (الأوروبية) تحول النظام القضائيفي يناير/كانون الثاني 2023 أعلن وزير العدل ياريف ليفين عن خطة تقييد القضاء، وقدم ليفين -وهو عضو في حزب الليكود الذي يتزعمه نتنياهو- الخطة كجزء من "إصلاحات قضائية" تهدف، حسب زعمه، إلى إعادة التوازن بين السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية.
إعلانوبرر الوزير إعلانه عن الخطة بأنها ستضع حدا لما وصفه بالتجاوزات التي تقوم بها المحكمة العليا وتدخلها في الشؤون التشريعية والتنفيذية، ولتعزيز سيادة الكنيست (البرلمان) باعتباره الممثل المنتخب من الشعب، ومعالجة ما يعتبره هيمنة قضائية على القرارات السياسية في إسرائيل.
في المقابل، يرى المعارضون أن هذه الخطة تأتي لتحقيق مصالح سياسية وشخصية، خاصة مع التحديات القانونية التي يواجهها نتنياهو في قضايا فساد، ما يجعل الخطة وسيلة لتعزيز نفوذ الحكومة وتقليص أي رقابة قانونية قد تعيقها.
وفي 12 ديسمبر/كانون الأول الجاري، أصدرت المحكمة العليا الإسرائيلية قرارا يلزم وزير القضاء، ياريف ليفين، بعقد جلسة للجنة تعيين القضاة لاختيار رئيس جديد للمحكمة العليا قبل 16 يناير/كانون الثاني 2025، وذلك بعد امتناع ليفين عن دعوة اللجنة منذ تقاعد القاضية إستر حيوت في 16 أكتوبر/تشرين الأول 2023.
ردًا على هذا القرار، أعلن ليفين في 14 ديسمبر/كانون الأول الجاري عن نيته إعادة طرح قانون تغيير تركيبة لجنة تعيين القضاة في الكنيست، بهدف تعديل آلية تعيين القضاة وتوسيع تمثيل السياسيين في اللجنة. يهدف هذا التعديل إلى تقليص دور نقابة المحامين في التعيينات القضائية، مما يتيح للائتلاف الحكومي مزيدًا من السيطرة على تعيين القضاة.
الكاتب والمستشار القانوني، سائد كراجه، يرى أن النظام القضائي لم يعمل كجهة رقابة نزيهة، ولكن تقييده سيزيد من عدم الثقة في القضاء، وسيثير شكوكا حول الوجه "الديمقراطي" الإسرائيلي، على الصعيد الداخلي والدولي، بحسب وصفه.
وعن خطوات تطبيق التعديلات، يقول كراجه في حديثه للجزيرة نت، إنها ستبدأ بتعديل القوانين وتشريع نصوص جديدة، تحد من صلاحيات المحكمة العليا وتمنعها من إلغاء قرارات الحكومة أو الكنيست، وتسمح للحكومة بتعيين القضاة بشكل مباشر بدلًا من الاعتماد على لجنة مستقلة.
إعلانوهذا بدوره -بحسب كراجة- سيجعل التعيينات القضائية مسيّسة، وسيضع قيودا على قدرة القضاء على مراجعة قرارات الكنيست المتعلقة بالقوانين والسياسات الحكومية التي يصدرها نتنياهو، وهذا سيغير الهيكل الإداري للمستشارين في الحكومة.
واللافت أن الخطة لم يقتصر تأثيرها على المجال القضائي فحسب، بل ألقت بظلالها أيضًا على الأوساط العسكرية، إذ هددت مجموعات من ضباط وقادة قوات الاحتياط بالإعلان عن نيتهم الامتناع عن الخدمة إن تم تنفيذ الخطة.
العسكريون عبروا عن استيائهم من تقليص صلاحيات المحكمة العليا، مؤكدين أن هذا التغيير قد يؤثر سلبًا على دور القضاء في مراقبة تصرفات الجيش وضمان احترام حقوق الإنسان، لا سيما في العمليات العسكرية التي تتم في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
ويرى الخبراء الذين تحدثت إليهم الجزيرة نت، أن هذه الاحتجاجات تحمل دلالة سياسية أيضًا، حيث يظهر الانقسام الواضح بين السلطة السياسية في إسرائيل والجيش، الذي عادة ما يسعى للبقاء بعيدًا عن السياسة، إلا أن هذه الخطة ستعزز من التدخلات السياسية في الشؤون العسكرية، وتؤثر على استقلالية الجيش في اتخاذ قراراته الأمنية.
يخضع نتنياهو لمحاكمة بتهم تتعلق بتلقي رشاوى واحتيال وسوء استخدام السلطة (رويترز) دوافع شخصيةيواجه نتنياهو منذ سنوات عدة قضايا فساد، تشمل اتهامات بتلقي رشاوى، والاحتيال، وسوء استخدام السلطة. ويعتبر خبراء أن خطة تقييد القضاء قد تكون لها علاقة مباشرة بمحاولاته لتخفيف الضغط القانوني الذي يواجهه.
يتفق كراجة مع هذا الطرح، ويقول إن هذه الخطة ستقلل من قدرة النظام القضائي على محاسبته أو التأثير على مستقبله السياسي المعرض للخطر، مقابل تقوية تحالف اليمين وضمان دعم الأحزاب الدينية واليمينية المتشددة عبر تغيير القوانين بما يتماشى مع أجندتهم، حيث يعمل ذلك على إبراز الاستقرار في حكومته.
إعلانفي حين يرى الأستاذ في العلوم السياسية، بدر الماضي، أن مساعي نتنياهو لتحويل القضاء لأمر ثانوي هي محاولة لتجاوز ما يتهم به من قضايا فساد، وتحسين صورته في الداخل الإسرائيلي من خلال إطالة أمد المحاكمات التي يعلم أنه قد يخسرها، ويريد أن يوصل رسالة للإسرائيليين أن لديه مهمة أكبر من أن يتم تحييده من قبل المؤسسة القضائية.
ويضيف "من هذه النقطة، يلعب نتنياهو على وتر تحييد المحكمة العليا والمؤسسة القضائية لتجنب أي إدانات تبعده عن الحياة السياسية وتؤول به الأمور لشخص فاسد وسارق".
إقالة المستشارة القضائيةولا يمكن الحديث عن خطة تقييد القضاء بمعزل عن مشروع إقالة المستشارة القضائية للحكومة الإسرائيلية، غالي بهاراف ميارا، وهو جزء من الجدل الدائر حول علاقة القضاء مع السلطة التنفيذية في إسرائيل، إذ تتعلق القصة بالخلافات العميقة بين الحكومة الحالية، بقيادة بنيامين نتنياهو، وبين المستشارة القضائية التي تُعتبر من المدافعين عن استقلال القضاء وسيادة القانون.
ويعتبر منصب المستشارة القضائية، الذي تتولاه غالي بهاراف ميارا، أعلى سلطة قانونية تقدم المشورة للحكومة، وتُمثل الدولة قانونيًا في المحاكم. واتخذت بهاراف ميارا مواقف معارضة لبعض سياسات الحكومة، خاصة الإصلاحات القضائية.
انتقدت ميارا في مناسبات عدة محاولات الحكومة للتدخل في القضاء، وحذرت من أن الإصلاحات القضائية قد تُضعف الديمقراطية في إسرائيل، ولعبت دورًا مهمًا في قضايا الفساد التي يواجهها نتنياهو، حيث أصدرت قرارات تتعلق بإجراءات قانونية ضده.
وعلى خلاف موقف الحكومة الإسرائيلية ورئيسها، طالبت ميارا أكثر من مرة بتشكيل لجنة تحقيق رسمية في إخفاق 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، وهو ما أثار غضب نتنياهو وحزبه الذين يطالبون بتشكيل لجنة "سياسية" محدودة الصلاحيات.
يعزو الكاتب والخبير القانوني، سائد كراجة، هذا الهجوم على المستشارة بهاراف ميارا إلى سعي التحالف الحكومي لتحييد المعارضة القانونية، معتبرا أن الهجوم على المستشارة القانونية للحكومة يثبت أنها تشكل عقبة في طريقهم للتعديل المنشود في السلطة، حيث رفضت المستشارة عدة مرات في السابق تمثيل الحكومة أمام المحكمة العليا في التماسات قدمت حول قضايا عديدة، بل دعمت أحيانا مواقف مقدمي الالتماسات.
إعلانويقول كراجة إن الادعاء ضد المستشارة بأنها تسعى لإسقاط "حكومة اليمين" بشكل مدروس، يعمل في الواقع كوسيلة لتعبئة أنصار التحالف ضد المؤسسات القانونية، مرجحا أن تستمر محاولات التحالف الحكومي لإقالتها في المستقبل القريب، خصوصا على ضوء التقدم في جلسات محاكمة نتنياهو بتهم الفساد وشهادته القادمة، مع خشية رئيس الحكومة وطاقمه من أن تُقدِم المستشارة القانونية على محاولة الإعلان عن تعذر قيام نتنياهو بمهامه رئيسًا للوزراء في ضوء محاكمته.
القضية الفلسطينيةويتفق الخبراء أن الخطة التي تروج لها الحكومة الإسرائيلية تحمل في طياتها تداعيات خطيرة على مستقبل الفلسطينيين في الداخل، فمن خلال تقليص الرقابة القضائية، ستتمتع الحكومة الإسرائيلية بحرية أكبر لتمرير سياسات استيطانية توسعية في الضفة الغربية والقدس، مما يهدد بتكريس الاحتلال وتعميق المعاناة الفلسطينية.
ويرى المحلل السياسي المختص في الشأن الفلسطيني أحمد فهيم أن اسرائيل لم تعد معنية أن تبدو دولة ديمقراطية تحترم حقوق الإنسان وتَفصِل بين السلطات، وخاصة أنها مقبلة على مشروع استيطاني توسعي ضخم قد يقضم المزيد من التراب الوطني الفلسطيني وتحديدا في الضفة الغربية المحتلة.
ويضيف في حديثه للجزيرة نت أن التقييد قد يطلق يد الاحتلال الإسرائيلي دون حسيب أو رقيب في تعديل تشريعات بموجبها يطبق حكم الإعدام تجاه الفدائيين والمناضلين الفلسطينيين في سجون الاحتلال الإسرائيلي.
ويرى الأستاذ في العلوم السياسية، بدر الماضي، أن هذه التعديلات سيتم استخدامها ضد الفلسطينيين، لممارسة المزيد من الانتهاكات وخاصة أن المحكمة العليا كانت تمثل أحد المسارات القانونية التي يلجأ إليها الفلسطينيون للاعتراض على مصادرة أراضيهم أو هدم منازلهم، وكانت تحقق لهم الحد الأدنى من الإنصاف. ومع تقييد دور القضاء، ستصبح هذه المسارات أقل فعالية، مما يُعمق شعور الفلسطينيين بالظلم ويزيد من معاناتهم اليومية.
بالإضافة إلى ذلك، من المتوقع تصعيد السياسات القمعية من خلال تبني إجراءات أقسى ضد الفلسطينيين دون خوف من مراجعة، وهذا يشمل قوانين تقييد الحركة، وفرض عقوبات جماعية، وتوسيع استخدام القوة العسكرية في الأراضي المحتلة، على حد تعبير الماضي.
وفي ظل استمرار الاحتلال وممارساته القمعية بحق الشعب الفلسطيني، فإن الأزمات الداخلية الإسرائيلية قد تضيف من حيث النتيجة بعدا مأساويا جديدا إلى واقعهم المرّ.
إعلان