أردوغان: تركيا تفعل ما بوسعها من أجل غزة
تاريخ النشر: 4th, March 2024 GMT
أكد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أن بلاده تفعل كل ما بوسعها من أجل غزة وستواصل ذلك، في خطاب ألقاه، الاثنين، عقب ترؤسه اجتماعا للحكومة في المجمع الرئاسي بأنقرة وقبل لقائه المتوقع مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس في أنقرة غدا الثلاثاء.
وأشار أردوغان أنه بات واضحا مَن فتح الطريق للمجزرة الإسرائيلية المستمرة في غزة، ومَن دعمها ومن بقي متفرجا وحتى من فرح بها، ولفت إلى أن تركيا سعت لدعم سكان غزة عبر المبادرات الدبلوماسية والمساعدات الإنسانية.
وأضاف أن "تركيا تفعل ما بوسعها من أجل غزة وفلسطين وستواصل ذلك، إلا أن حل المشكلة يعتمد على تأسيس وحدة تفاهم فعّالة وحازمة على المستوى الدولي".
وشدد الرئيس التركي على أن "هناك حاجة ملحة أكثر من أي وقت مضى ليكون العالم الإسلامي جسدا واحدا تماما مثل لبنات جدار".
وأردف "لا داعي لشرح كيف أصيبت المؤسسات الدولية التي كان من المفترض أن تمنع هذه الوحشية بالشلل، وكيف تم قمع حتى الذين أرادوا فقط الإعلان عن الوحشية، وكيف بات طغيان الصهيوفاشية (الصهيونية الفاشية) لا محدودا".
وأوضح أن "أول بناء استيطاني يهودي يتم تشييده في غزة سيكون وحده كافيا لإظهار أن سبب هذه الوحشية ليس سوى السرقة والانحطاط الأخلاقي وانعدام الشرف"، مؤكدا أن مستقبل أي دولة أو شعب يضفي الشرعية على السلب الممنهج للأراضي الفلسطينية المستمر منذ الحرب العالمية الثانية لن يكون في أمان.
واستطرد "عندما تطبق عليهم غدا أعمال القتل والسرقة التي هي مألوفة لدى الفلسطينيين اليوم، فلن يكون لهذه الدول والشعوب وجه لطلب المساعدة من أحد".
ومن المقرر أن يتوجه الرئيس الفلسطيني محمود عباس إلى تركيا غدا الثلاثاء تلبية لدعوة من أردوغان، وفق ما أعلن وزير الخارجية التركي هاكان فيدان أمس الأحد.
وقال الوزير التركي في ختام المنتدى الدبلوماسي في أنطاليا (جنوب) إن "الرئيس أردوغان دعا عباس إلى تركيا لمناقشة الوضع في فلسطين والحرب المستمرة، وللاطلاع على المحادثات" التي تجريها السلطة الفلسطينية مع حركة المقاومة الإسلامية (حماس) والفصائل الفلسطينية الأخرى.
كما قال مصدر دبلوماسي تركي، اليوم الاثنين، إن من المقرر أن يبحث الطرفان في أنقرة أحدث التطورات في غزة، وكذلك الوضع في الضفة الغربية.
وأضاف أن تركيا تقدم مساعدات إنسانية على نطاق واسع إلى غزة بالتنسيق مع مصر منذ بداية الهجمات الإسرائيلية، ولهذا سيتم بحث مناقشة عمليات المساعدات الإنسانية خلال اجتماع أردوغان مع عباس.
من جهته، قال وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي إن الرئيسين يعتزمان مناقشة المفاوضات الجارية بشأن الحرب في قطاع غزة المحاصر.
ويعتبر أردوغان من أشد منتقدي سياسة إسرائيل تجاه فلسطين ويرفض تصنيف حماس كمنظمة إرهابية، بعكس ما تفعله الدول الأوروبية والولايات المتحدة.
ودعت تركيا، التي دعمت إجراءات محاكمة إسرائيل بتهمة الإبادة الجماعية في محكمة العدل الدولية، مرارا إلى وقف إطلاق النار، لكن ليست لأنقرة مشاركة مباشرة في محادثات الهدنة.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات
إقرأ أيضاً:
من داخل سجن سيليفرى.. عمدة إسطنبول المسجون يكتب: تركيا تنزلق نحو الاستبداد
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
من زنزانته في سجن سيليفري، ضاحية إسطنبول، أصدر أكرم إمام أوغلو، عمدة أكبر مدينة تركية والمنافس الرئيسي للرئيس رجب طيب أردوغان، تحذيرًا قويًا بشأن حالة الديمقراطية في تركيا. في مقالٍ نشرته صحيفة نيويورك تايمز، يشرح إمام أوغلو تفاصيل اعتقاله في ١٩ مارس على يد شرطة مدججة بالسلاح، والحملة القمعية الأوسع التي تلته، واصفًا إياها بأنها خطوة مدروسة لإسكات المعارضة وتدمير المؤسسات الديمقراطية.
كتب: "ما حدث أشبه باعتقال إرهابي، وليس اعتقال رئيس بلدية منتخب". وأكد أن التوقيت لم يكن مصادفة: فقد جاء الاعتقال قبل أربعة أيام فقط من موعد إجراء حزب الشعب الجمهوري، حزب المعارضة الرئيسي في تركيا، لانتخاباته التمهيدية للانتخابات الرئاسية المقبلة، وهي انتخابات تشير استطلاعات الرأي إلى أن إمام أوغلو قد يهزم أردوغان فيها.
استراتيجية الإقصاء
وفقًا لإمام أوغلو، فإن اعتقاله وإيقافه عن العمل جزء من حملة أوسع نطاقًا دبرها أردوغان للقضاء على منافسيه السياسيين من خلال التلاعب القانوني والترهيب. ويؤكد أن التهم - التي تتراوح بين الفساد ومساعدة حزب العمال الكردستاني المحظور - تفتقر إلى أدلة موثوقة، وتصاحبها حملة تشويه لا هوادة فيها في وسائل الإعلام الموالية للحكومة.
هذه ليست المرة الأولى التي يواجه فيها إمام أوغلو ضغوطًا من الدولة. فمنذ فوزه التاريخي في انتخابات رئاسة بلدية إسطنبول عام ٢٠١٩، خضع لما يقرب من ١٠٠ تحقيق وأكثر من اثنتي عشرة قضية أمام المحاكم. من مزاعم تزوير الانتخابات إلى الإلغاء الغريب لشهادته الجامعية بعد ٣١ عامًا من تخرجه، يُصرّ إمام أوغلو على أن الهدف واضح: منعه من الترشح واستنزاف رصيده السياسي.
ويكتب: "لقد تحولت الجمهورية التركية إلى جمهورية خوف. يُمكن إلغاء الأصوات ومصادرة الحريات في لحظة". ويضيف: "اجتمع الناس من جميع الأعمار والخلفيات حولي، ونظموا وقفات احتجاجية رافضين الصمت".
أمة في حالة احتجاج
أدى اعتقال إمام أوغلو إلى حملة قمع شاملة تجاوزت نطاق منصبه بكثير. اعتُقل ما يقرب من ١٠٠ شخص، بمن فيهم كبار المسؤولين البلديين وقادة أعمال بارزون، بناءً على لائحة اتهام بُنيت إلى حد كبير على تصريحات من مصادر مجهولة. وسبقت الاعتقالات حملات تضليل، صوّرت العملية على أنها مكافحة للشبكات الإجرامية، بدلًا مما يراه الكثيرون تطهيرًا سياسيًا.
ومع ذلك، كان رد الفعل الشعبي سريعًا ومتحديًا. رغم الحظر الحكومي على الاحتجاجات وحواجز الشرطة، خرج مئات الآلاف إلى الشوارع، من إسطنبول إلى معاقل أردوغان التقليدية مثل ريزه. وانضم الكثيرون إلى حزب الشعب الجمهوري تضامنًا، معتبرين اعتقال إمام أوغلو اعتداءً واضحًا على الديمقراطية.
حتى تحت الضغط، عقد حزب الشعب الجمهوري انتخاباته التمهيدية كما هو مخطط لها. ووفقًا لأرقام الحزب، صوّت ١٥ مليون شخص، من بينهم ١.٧ مليون عضو مسجل، لإمام أوغلو لقيادة الحزب في السباق الرئاسي.
أزمة قيم عالمية
خارج حدود تركيا، خيّب صمت القوى العالمية آمال رئيس البلدية المسجون. فبينما أعرب قادة الديمقراطيين الاجتماعيين ومنظمات المجتمع المدني في جميع أنحاء أوروبا عن دعمهم، كانت ردود الفعل الرسمية من الحكومات الغربية خافتة. ولم تُبدِ الولايات المتحدة سوى "مخاوف"، وتجنب معظم القادة الأوروبيين اتخاذ موقف حازم.
يُحذّر إمام أوغلو، فى مقاله، من أن هذا الصمت يُخاطر بتطبيع الاستبداد تحت ستار البراجماتية الجيوسياسية. ويُضيف قائلاً: "لا يُمكن للديمقراطية وسيادة القانون والحريات الأساسية أن تدوم في صمت". ويُحذّر من التضحية بالقيم الديمقراطية من أجل مصالح استراتيجية قصيرة الأجل، مُشيرًا إلى دور تركيا في الأمن الأوروبي في خضمّ حالة عدم الاستقرار العالمي من أوكرانيا إلى غزة.
يُؤكّد إمام أوغلو أن ما يتكشف في تركيا ليس صراعًا محليًا معزولًا، بل جزء من معركة عالمية أوسع ضدّ صعود الحكام الأقوياء المُستبدين. ويُطالب الدول الديمقراطية والمواطنين في كل مكان بمُوازاة عزم أولئك الذين يُقوّضون الحريات بنفس القوة في الدفاع عنها.
ويكتب: "إن بقاء الديمقراطية في تركيا أمرٌ بالغ الأهمية ليس فقط لشعبها، بل أيضًا لمستقبل الديمقراطية في جميع أنحاء العالم". ويرى أن التحدي يكمن في الدفاع عن المؤسسات، وإعلاء العدالة، ومقاومة القمع، ليس فقط من خلال الدبلوماسية، بل من خلال التعبئة الشعبية والتضامن الدولي. رغم سجنه، لا يزال إمام أوغلو متفائلاً. ويضع ثقته في الشعب التركي والمجتمع المدني والعالم الديمقراطي الأوسع. ويؤكد: "مصير الديمقراطية يعتمد على شجاعة الطلاب والعمال والنقابات والمسؤولين المنتخبين - أولئك الذين يرفضون الصمت".