ورد إلى دار الإفتاء المصرية، سؤال يقول (ما حكم الصيام لمرضى السكر على اختلاف درجاتهم؟ حيث تم تقسيمهم طبيًّا إلى ثلاث فئات؟

قالت دار الإفتاء، في إجابتها على السؤال، إن الصوم فريضةٌ من فرائض الإسلام أناطها الله تعالى بالاستطاعة؛ فإذا لم يستطع المسلمُ الصومَ بالامتناع عن المفطرات من الطعام والشراب ونحوهما من الفجر إلى المغرب، فإن له رخصة الإفطار، بل إذا كان الصوم يضُرّ بصحته -بقول الأطباء المتخصصين- فيجب عليه أن يفطر؛ حفاظًا على صحته.

استشهدت دار الإفتاء، بقول الله تعالى: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} [الحج: 78]، وقال تعالى: {وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} [البقرة: 195]، وقال سبحانه في خصوص الصوم: {يُرِيدُ اللهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} [البقرة: 185]، وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «وَإِذَا أَمَرْتُكُمْ بِأَمْرٍ فَأْتُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ» متفقٌ عليه.

ويقول الله تعالى: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ} [البقرة: 184]، والمعنى: أنه يُرَخَّص للمسلم المكلَّفِ المريضِ مرضًا يُرجَى بُرؤُه ولا يستطيع معه الصومَ -وللمسافرِ كذلك- الإفطارُ في رمضان، ثم عليهما القضاءُ بعد زوال العذر والتمكن من الصيام.

تابعت: فإن كان المرض طارئًا فعلى المسلم أن يقضي ما أفطره عندما يزول العارض، أما إذا كان مريضًا مرضًا لا يُرجَى شفاؤه -وهو ما يُعرَف بالأمراض المزمنة- ولا يَقْوَى معه على الصيام، أو كان كبيرًا في السن؛ بحيث يعجز عن الصيام وتلحقه مشقة شديدة لا تُحتَمَل عادةً فلا يجب عليه الصيام، وعليه فدية؛ إطعامُ مسكين عن كل يوم من الأيام التي يفطرها من رمضان، وقدر هذه الفدية مُدٌّ من الطعام من غالب قوت البلد.

ذكرت دار الإفتاء، أن المد مكيال يساوي بالوزن 510 جرامات من القمح، والمفتى به: جواز دفع القيمة، بل ذلك أولَى؛ لأنه أنفع للمسكين وأكثر تحقيقًا لمصلحته، فإن قَوِي بعد ذلك على الصيام فلا قضاء عليه، بل تجب عليه الفدية؛ لأنه مُخاطَب بها ابتداءً مع حالته المذكورة.

أشارت إلى أن مرض السكر على اختلاف درجاته هو من الأمراض المزمنة، ومعرفة أحكام مرضاه من جهة الصوم الواجب مبنية على معرفة طرق العلاج المتاحة لهم طبيًّا في كل فئة من الفئات المذكورة.

من المعلوم طبيًّا -كما يذكر المتخصصون- أن التعامل مع مرضى السكر على اختلاف فئاتهم يكون من خلال عدة طرق:

الطريقة الأولى: وهي ما يتم علاج المريض فيها عن طريق تنظيم الوجبات الغذائية مع ممارسة التدريبات البدنية. فهؤلاء عليهم أن يصوموا، ولا خوف عليهم من ذلك؛ لأن مرضهم من النوع الخفيف الذي لا يؤثر عليه الصيام، ولكن إذا تبين وجود ضرر عند الصيام عن طريق رأي الطبيب فعليهم بالأخذ بالرخصة وهي الإفطار وإخراج الفدية عن كل يوم إطعام مسكين.

الطريقة الثانية: وهم المرضى الموصوف لهم بعض العقاقير، مع برنامج الغذاء المحدد، وهم نوعان:

1- نوع يأخذ عقاقير السكر مرة واحدة في اليوم، فهذا لا إشكال في صومه، لأنه من الممكن أن يأخذها قبل الفجر مباشرة.

2- ونوع يتناول الحبوب مرتين أو ثلاث مرات يوميًّا، وفي هذه الحالة إذا أمكنه أن يأخذ الحبوب قبل الفجر، وبعد الإفطار، دون ضرر يلحقه فعليه أن يصوم، وإن كان يضر به تأخير الحبوب فعليه أن يأخذها ويترك الصوم.

الطريقة الثالثة: وهم المرضى الذين يتعاطون حقن الأنسولين مرة أو مرتين أو أكثر في اليوم فإن صام مريض السُّكَّر الذي يعالج بالأنسولين فهذا جائز شرعًا ولا يفسد الصيام؛ لأن المُضِرَّ بالصيام إنما هو ما وصل عمدًا إلى الجوف المنفتح أصالةً انفتاحًا ظاهرًا محسوسًا؛ وانفتاح المسام والشعيرات الدموية والأوردة والشرايين بالحَقْن الوريدي أو الجلدي أو العضلي أو نحو ذلك ليس ظاهرًا ولا محسوسًا، فلا يَصْدُقُ على المادة المحقونة بها أنها وصلت إلى الجوف عن طريق مَنْفَذٍ طَبَعِي مفتوح؛ سواء أكانت في الوريد أم في العضل أم تحت الجلد، وسواء أكانت دواءً أم غذاءً.

فإن غلب على ظن المريض أنه إن صام حصلت له مشقة، أو صام ثم حصلت له المشقة؛ سواء باشتداد وطأة المرض عليه، أم احتاج إلى تناول الدواء، أم غلبه الجوع أو العطش -وهذا هو حال غالب مرضى السُّكَّر- جاز له أن يفطر، بل ويجب عليه أن يفطر إذا خشي على نفسه من الهلاك؛ لقول الله تعالى: ﴿وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا﴾ [النساء: 29]، وقوله تعالى: ﴿وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ﴾ [البقرة: 195].

وخلاصة ما سبق: أن أحكام الصيام لفئات مرضى السكر مترتبة على الطرق العلاجية التي يمكن التعامل بها مع كل فئة بما يناسبها على التفصيل المذكور.

فإذا تأكدت احتمالات الضرر من الصيام لمريض السكر -كما هو مذكور في الفئة الأولى- وجب على المريض طاعة الطبيب في الإفطار، ويأثم إن صام.

وإذا غلب احتمال الضرر على ظن الأطباء المتخصصين -كما هو مذكور في الفئة الثانية- وجب الإفطار وطاعة الطبيب كذلك؛ لأن المَظِنَّة تُنَزَّل منزلة المَئِنَّة.

أما إذا كان احتمال الضرر من الصوم متوسطًا أو ضعيفًا -كما في الفئة الثالثة-: فإن الأخذ برخصة الإفطار حينئذٍ يكون أمرًا تقديريًّا؛ أي أن مرجعه في معرفة ضرر الصوم وما قد يجره عليه من أذًى هو إلى الطبيب المتخصص من جهة معرفة حالته ومضاعفاتها، وإلى المريض من جهة طاقته وقدرته على الصيام واحتماله له؛ فيُقدِّر الطبيب مدى تأثير الصوم على حالة المريض من حيث إمكانية الصوم من عدمه، ويقدر المريض مدى قدرته واحتماله للصوم.

ونبهت دار الإفتاء، على أنه يجب على المريض في كل فئة من هذه الفئات الثلاث أن يستجيب للطبيب إن رأى ضرورة إفطاره وخطورة الصوم عليه.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: دار الإفتاء الصيام السكر دار الإفتاء الله تعالى علیه أن

إقرأ أيضاً:

دعاء اليوم السابع من شهر رمضان 2025.. تعرف عليه

تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

يحرص المسلمون في شهر رمضان المبارك على الدعاء كل يوم ، ويبحثون عن  أفضل الأدعية، ولذلك نقدم لكم بعض الأدعية التى يمكن ترديدها اليوم .

يا رب كما بلغتني اليوم السابع من رمضان، فبلغني تمام الشهر وأنا في أحسن حال، واغفر لي ولوالدي ولجميع المسلمين.

اللهم إني أسألك في هذا الشهر الفضيل أن تغفر لي ذنوبي، وتقبل توبتي، وتبدل سيئاتي حسنات، وتغسل قلبي من الحزن.

اللهم اجعل لي في هذا اليوم نصيبًا من الرحمة والمغفرة، ووفقني لكل عمل صالح يرضيك عني.

اللهم اجعلني في هذا اليوم من المقبولين، واغفر لي ذنوبي كلها، وأدخلني برحمتك في عبادك الصالحين.

اللهم إني أسألك حسن الصيام وحسن الختام، اللهم لا تجعلنا من الخاسرين في رمضان، واجعلنا ممن تدركهم الرحمة والمغفرة والعتق من النار.

اللهم قوِّني فيه على إقامة أمرك، وأذِقني فيه حلاوة ذكرك، وأوزعني فيه لأداء شكرك بكرمك، واحفظني فيه بحفظك وسترك، يا أبصر الناظرين.

اللهم اجعل صيامي فيه صيام الصائمين، وقيامي فيه قيام القائمين، ونبهني فيه عن نومة الغافلين، واجعله شهرًا تغفر لي فيه الذنوب وتكفر عنّي السيئات.

اللهم يا حي يا قيوم، اكتب لنا في أول أيام رمضان رحمة ومغفرة، وأعنا على الطاعات، وألهمنا حسن الدعاء والتقرب إليك.

اللهم اغسلني فيه من الذنوب، وطهِّرني فيه من العيوب، وامتحن قلبي فيه بتقوى القلوب، يا مُقيلَ عثرات المذنبين.

اللهم إني أسألك فيه ما يُرضيك، وأعوذ بك مما يؤذيك، وأسألك التوفيق فيه لأنْ أطيعك ولا أعصيك، يا جواد السائلين.

اللهم اجعلني فيه محبًّا لأوليائك، ومعاديًا لأعدائك، مستنًّا بسُنة خاتم أنبيائك.

اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك، وبمعافاتك من عقوبتك، وأعوذ بك منك لا أحصي ثناءً عليك، أنت كما أثنيت على نفسك.

مقالات مشابهة

  • حافظ على نفسك من الغيبوبة .. مريض السكر يعمل إيه في الصيام؟
  • ما حكم نقل الدم أثناء الصيام؟.. الإفتاء: يجوز ولكن بشرط
  • دعاء اليوم التاسع من شهر رمضان 2025.. تعرف عليه
  • أحكام النساء في رمضان.. 10 وقفات للمرأة لأداء الصيام
  • رمضان عند الأدباء.. كيف يرى أحمد شوقي الصيام؟
  • تعرف على موعد الإفطار وساعات الصيام فى ثامن أيام شهر رمضان 2025
  • تعرف على رسالة دائرة الحوار بين الأديان خلال رمضان 2025
  • الصحة توضح التوقيت المناسب لقياس السكر في رمضان
  • المفتي يوضح أحكام الصيام والقراءة من المصحف في الصلاة
  • دعاء اليوم السابع من شهر رمضان 2025.. تعرف عليه