بايدن : ترامب لن يقرّ بالهزيمة في انتخابات 2024
تاريخ النشر: 4th, March 2024 GMT
حذّر الرئيس الأميركي جو بايدن من أن سلفه ومنافسه المرجح في انتخابات 2024 دونالد ترامب، لن يقرّ بهزيمته في عملية الاقتراع في حال انتهت لصالح الرئيس الديموقراطي.
ونقلت مجلة “ذا نيويوركر” عن بايدن قوله إن “المهزومين الذين يخسرون دوما ليسوا لبقين”، وذلك في سيرة مطوّلة أعدتها عنه ونشرت الإثنين.
أضاف أثناء الحوار الذي أجري في كانون الثاني/يناير “أعتقد أنه سيقدم على أي شي ليحاول الفوز.
ويحظى الرئيس السابق ترامب (77 عاما) بأفضلية صريحة لنيل ترشيح الحزب الجمهوري لخوض انتخابات تشرين الثاني/نوفمبر 2024. وهو يسعى للعودة الى البيت الأبيض الذي غادره بعد خسارته انتخابات 2020 أمام بايدن.
واحتج ترامب في حينه على النتيجة، معتبرا أن بايدن لم يحقق الفوز.
ويواجه الرئيس السابق تهما فدرالية جنائية بالتآمر لقلب نتيجة الانتخابات قبل أربعة أعوام، ودوره في هجوم أنصاره على مبنى الكابيتول في السادس من كانون الثاني/يناير 2021.
وفي الحوار مع “ذا نيويوركر”، دافع بايدن (81 عاما) عن قراره الترشح لولاية رئاسية ثانية، على رغم المخاوف بشأن سنّه وقدراته الذهنية.
وقال بايدن “اذا اعتقدت بأنك في الموقع الأفضل لإلحاق الهزيمة بشخص سيغيّر طبيعة الولايات المتحدة في حال فوزه، ماذا كنت لتفعل؟”.
ويركز بايدن في الآونة الأخيرة على مهاجمة ترامب والتحذير من خطره على الديموقراطية الأميركية، في وقت تظهر استطلاعات الرأي تقدّم الرئيس السابق، وعدم قدرة بايدن على استثمار النتائج الاقتصادية الإيجابية المحققة خلال ولايته، في استقطاب مزيد من التأييد.
على رغم ذلك، أعرب بايدن عن ثقته بأدائه الانتخابي، لافتا الى أن وسائل الإعلام منحت ترامب الأفضلية خصوصا في الانتخابات الرئاسية 2020 والانتخابات النصفية 2022، لكن النتائج صبّت لصالحه وصالح الديموقراطيين.
وأضاف بثقة “أنا الوحيد الذي ألحق به الهزيمة. وسألحق به الهزيمة مجددا”.
المصدر: صحيفة الجزيرة
كلمات دلالية: كورونا بريطانيا أمريكا حوادث السعودية
إقرأ أيضاً:
لماذا لا يُقرّ حزب الله بالهزيمة؟
استعاد كثيرون في الآونة الأخيرة ما فعله آية الله الخميني، عام 1988، حين "تجرّع السمّ"، وهو التعبير الذي استخدمه وصفاً لقبوله قرار مجلس الأمن الرقم 598 لإنهاء الحرب مع العراق. فإيران، رغم الجموح الإيديولوجيّ المعهود فيها، تصرّفت يومذاك تصرّف دولة استنفدت قدراتها وطاقاتها على مدى ما يقرب من عقد. ذاك أنّها أحسّت، اقتصاديّاً وعسكريّاً ومعنويّاً سواء بسواء، أنّ طريق حربها باتت موصدة تماماً. وبينما كانت علاقتها مع الولايات المتّحدة تزداد توتّراً، تبعاً لاحتجاز موظّفي السفارة الأميركيّة بطهران، دافعةً بعض المراقبين إلى عدم استبعاد حرب ما، بدا أنّ العالم لن يعاقب بغداد على استخدام القوّات العراقيّة أسلحة دمار شامل.
والخمينيّ ليس من كارهي الحروب. وكانت تلك الحرب، التي بدأها صدّام حسين، قد وفّرت له تصليب نظامه الإسلاميّ الناشئ الذي تعصف به تناقضات كثيرة. مع ذلك، وحين رجحت كفّة الخسائر على كفّة المكاسب، كما راحت قاعدة النظام الشعبيّة تكتوي بتأثيرات الحرب فيما يتقلّص استعدادها للتحمّل، قرّر الموافقة على وقف النار، ولو رأى الأمر كريهاً مثل تجرّع السمّ.
طرف راديكاليّ آخر، ولو اختلف مضمون الراديكاليّتين ووجهتهما، سبق أن أقدمَ، قبل سبعين عاماً بالتمام، على تجرّع سمّ من نوع آخر.
فبعد أشهر قليلة على ثورة أكتوبر البلشفيّة في 1917، وقّعت روسيا و"القوى المركزيّة" بقيادة ألمانيا معاهدة برِست ليتوفسك التي أوقفت الحرب بين الطرفين. لكنّ المعاهدة كانت مؤلمة جدّاً للحكّام الجدد من البلاشفة: فهي قضت بتخلّي بلادهم عن كامل أراضيها في مناطق البلطيق، وأوكرانيا، وبولندا، تاركةً لألمانيا أن تُلحق الكثير من تلك الأراضي "الروسيّة" بها.
وفوق هذا تنازلت موسكو، في الجنوب الشرقي، عن أراضٍ للدولة العثمانيّة، حليفة ألمانيا في الحرب. أي أنّ اتّفاقيّة السلام بدت عقابيّة جدّاً للروس، أذلّتهم وحرمتهم مدناً صناعيّة ومساحات زراعيّة جبّارة، فضلاً عن انتزاع مناطق ذات كثافة سكانيّة مرتفعة منهم. أما حلفاء روسيا في الحرب العالميّة، بريطانيا، وفرنسا، والولايات المتّحدة، وإيطاليا، واليابان، فاعتبروا سلامها مع ألمانيا خيانة ونكثاً بتعهّد التحالف الروسيّ معهم، كما قطعه العهد القيصريّ، لمواجهة الألمان. وكانت للموقف هذا تبعات حربيّة واقتصاديّة مؤلمة، فتشدّدَ الحلفاء أولئك في دعمهم الجيش الأبيض خلال الحرب الأهليّة الدائرة، وفي سحب استثماراتهم الضخمة من روسيا. ووُجّهت للقيادة البلشفيّة اتّهامات شتّى بالتفريط والتخلّي الوطنيّين، وكانت الاتّهامات تصدر عن اليمين القوميّ كما عن اليسار الأشدّ راديكاليّة. وحتّى قادة الحزب الحاكم أنفسهم لم يكونوا مُجمعين على الاتّفاقيّة المذكورة، بحيث هدّد زعيمهم فلاديمير لينين بالاستقالة في حال رفضها.
والحال أنّ روسيا البلشفيّة أقدمت على توقيع برِست ليتوفسك لأسباب كثيرة يتصدّرها اثنان:
الأوّل، الهزائم العسكريّة ورفض الجنود الروس البقاء في الخنادق. وكان الحزب البلشفيّ قد قدّم نفسه، منذ 1914، حزب الانسحاب الفوريّ والمباشر من تلك الحرب الدائرة بين إمبرياليّين، وبدعايته هذه خاطب الجنودَ الذين انحازوا إليه وقاتل بعضهم في صفوفه.
أمّا السبب الثاني، وهو ربّما كان الأهمّ، فأن لينين ورفاقه كانوا يحملون مشروعاً يستدعي كامل التفرّغ له، هو بناء نظامهم الاشتراكيّ في روسيا، والذي يخدمه السلام ويوفّر له البيئة المطلوبة بقدر ما يؤذيه استمرار التورّط في الحرب.
وقد يقال بحق إن الدقّة تخون مقارنة تلك التجارب بما يحصل راهناً في لبنان، ما يجعلها مقارنة فضفاضة وقليلة النفع. مع هذا، يبقى مفيداً التذكير بالمناخين الذهنيّ والسياسيّ اللذين يحيطان بتقديم تنازلات تترجم واقع الهزيمة والإقرار به، سيّما حين يصدر الإقرار عن طرف راديكاليّ ينطق بوعي صراعيّ ما.
فحزب الله لم يصفْ موافقته على وقف إطلاق النار بـ "تجرّع السمّ"، بل جاءت أوصافه أقرب إلى الادّعاء بأنّه هو مَن يجرّع إسرائيل السمّ. وتزويرٌ كهذا يقول إنّ ثمّة علاقة غريبة بين الحزب وجمهوره، أساسها افتراض الحزب وجود تسليم أعمى وتفويض مطلق من جمهوره لن تليهما محاسبة أو مساءلة، وهذا علماً بأنّ النتائج الكارثيّة المُرّة على الجمهور كانت وتبقى صعبة الإخفاء أو التمويه. وإلى هذا، فإنّ الحزب لا يريد أن يبني شيئاً يستدعي الحرص عليه وتقديم التنازلات الكبرى من أجله. فهو، بطبيعة الحال، لا يملك دولة كدولة الخمينيّ، بل يتحكّم بدولة من دون أي مسؤوليّة عنها. لكنّه، إلى ذلك، لا يملك مشروعاً كمشروع لينين. ذاك أنّ الدولة التي يقاتل لأجلها، وينضبط بمصالحها، ليست دولته هو، بينما المشروع الوحيد الذي يحرص عليه هو السلاح للسلاح، أي السلاح بذاته والسلاح فحسب.
هكذا نراه يستمرّ في سياسة ورواية ترفضان أن تقرّا بالهزيمة، وأن تبنيا على إقرار كهذا موقفاً كالذي وقفه الخمينيّ حين تجرّع السمّ، أو لينين حين كلّف ليون تروتسكي التوقيع على برست ليتوفسك.