محللون: نتنياهو مزّق إسرائيل وطوفان الأقصى كشف ضعفها
تاريخ النشر: 4th, March 2024 GMT
يرى خبراء ومحللون سياسيون أن المجتمع الإسرائيلي أصبح يعيش حالة انقسام لا يهدد فقط حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو وإنما يهدد الدولة التي تعيش مكوناتها خلافات عميقة وضعفا بنيويا كشفته عملية طوفان الأقصى.
ووفقا للأمين العام للمبادرة الوطنية الفلسطينية مصطفى البرغوثي، فإن إسرائيل تعيش تمزقا داخليا كبيرا ليس فقط بسبب الخلافات الحزبية وإنما أيضا بسبب إدراك المجتمع بأن نتنياهو لا يخدم إلا نفسه وأنه مستعد لقتل كافة الأسرى من أجل مصلحته.
وخلال مشاركته في برنامج "غزة.. ماذا بعد؟" قال البرغوثي إن فشل إسرائيل في تحقيق أي من أهداف الحرب وتوجهها لتجنيد اليهود المتدنيين يدفعان المجتمع للتساؤل عن الثمن المطلوب منه دفعه من أجل تحقيق أهداف نتنياهو.
واتفق الخبير بالشأن الإسرائيلي مهند مصطفى مع حديث البرغوثي بقوله إن إسرائيل تعيش انقساما كبيرا بعدما كانت موحدة بقوة بعد السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، مؤكدا أن الخلاف يتعلق بأولويات وأهداف الحرب وليس بالحرب نفسها.
ويمثل توقيع اتفاق تبادل أسرى جديد مع حركة المقاومة الإسلامية (حماس) أحد أوجه هذا الانقسام، كونه مرهونا بخلفيات سياسية وإيديولوجية حيث يؤيده العلمانيون ويرفضه المتطرفون، كما يقول الخبير بالشأن الإسرائيلي.
ويرى أن نتنياهو "يمثل حجر الأساس في تفتيت إسرائيل لأنه يتعامل مع هذا الأمر كركيزة لبقائه في السلطة" مشيرا إلى أن قانون تجنيد الحريديم (الكاثوليك) قد يهدد (مستقبل) الحكومة لأنه يحمل أبعادا سياسية واقتصادية ودينية.
بالتالي -يضيف الخبير بالشأن الإسرائيلي- فإن كل أمر في إسرائيل يشهد انقساما بما في ذلك أولويات الحرب وزيارة عضو مجلس الحرب بيني غانتس لأميركا دون علم نتنياهو، فضلا عن صفقة التبادل المحتملة.
أما الكاتب الصحفي الأميركي بيتر أوبورن فيرى أن إسرائيل كانت واضحة في أهداف حربها، وأنها تعاقب الفلسطينيين وليس حماس.
وقال أوبورن إن نتنياهو يواصل العمل على تحقيق هذا الهدف ليس فقط عسكريا وإنما بالعقاب الجماعي لسكان غزة، مستندا إلى دعم أميركي غير مشروط.
وأضاف أن واشنطن "مارست سياسة فظيعة أدت لنتائج إنسانية كارثية" مؤكدا أن نتنياهو "ما كان له أن يفعل كل هذا دون دعم أميركي".
محاولة أميركية متأخرة
ويرى الكاتب الأميركي أن هناك مؤشرات على أن أسبابا شخصية وانتخابية تتحكم حاليا في موقف الرئيس جو بايدن الذي يحاول الانفصال عن نتنياهو، وفق تعبيره.
لكن أوبورن يقول إن الوقت قد تأخر أكثر من اللازم "لأن يدي بايدن أصبحتا ملطختين بالدماء".
وفي الوقت الراهن، يحاول بايدن تعزيز علاقته بغانتس، كما يقول الكاتب الأميركي الذي أشار إلى عدم جدوى هذا الأمر للفلسطينيين لأن غانتس كان طرفا في حرب نتنياهو وإبادته لشعب غزة، حسب تعبيره.
وأضاف "كانت هناك محاولات أميركية لإزاحة نتنياهو لكنها واجهت تناقضا حول هذا الأمر، لأن الإسرائيليين لا يدعمون نتنياهو لكنهم يدعمون ما يقوم به في غزة.
الرأي نفسه ذهب إليه البرغوثي بقوله إن غانتس لا يختلف مع نتنياهو في عدائه للفلسطينيين ولا في رغبته بتصعيد الحرب ورفض قيام الدولة الفلسطينية، لكنه ينازع نتنياهو على الحكم.
وبناء على ذلك، فإن غانتس -برأي البرغوثي- "يمثل تيارا أكثر تفاهما مع واشنطن ويقدم لها ورقة توت لإخفاء عورة جرائم إسرائيل بينما نتنياهو لا يأبه بهذه الأمور".
وأكد البرغوثي أن المستوطنين بالضفة الغربية أصبحوا قوة كبيرة وباتوا يحكمون الضفة فعلا من خلال وزير الأمن إيتمار بن غفير، مؤكدا أن الانتقادات الموجهة لنتنياهو سواء من الداخل أو من الخارج سببها أنه فشل في القضاء على المقاومة وإنهاء الوجود الفلسطيني.
وفيما يتعلق بموجة الاستقالات الأخيرة من الجيش، قال الخبير السياسي إن إسرائيل كانت دائما منقسمة سياسيا لكنها تعودت وجود قائد يدير هذا الانقسام، مشيرا إلى أن هذا الأمر لم يعد موجودا حاليا.
وخلص إلى أن إسرائيل تعاني حاليا ضعفا في بنيتها السياسية والمجتمعية تهدد وجودها، مشيرا إلى أن السابع من أكتوبر/تشرين الأول (2023) كشف هذا الضعف البنيوي الذي كان لنتنياهو دور رئيسي فيه لأنه يخدم بقاءه في الحكم.
وقال أيضا إن ما تعيشه إسرائيل حاليا من تفكك لم يكن موجودا في سبعينيات القرن الماضي، وإن غالبية المجتمع ترى أن من حق إسرائيل الرد على ما حدث في السابع من أكتوبر/تشرين الأول بمذبحة ضد الفلسطينيين.
وختم بالقول إن هناك أقلية تتحدث عن الجانب الأخلاقي في هذا الأمر، وتخشى أن تتحول إسرائيل إلى دولة فاشية متطرفة عنصرية لا مكان فيها لمن يتحدثون عن الأخلاق.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات هذا الأمر إلى أن
إقرأ أيضاً:
محللون: ليس من السهل على الاحتلال فصل الجبهات
رجح محللون سياسيون أن يفشل المخطط الإسرائيلي بفصل الجبهة اللبنانية عن قطاع غزة، وتحييد حزب الله اللبناني ومنع دعمه للمقاومة الفلسطينية في غزة، وقال بعضهم إن الدعم ربما سيستمر بطرق وآليات أخرى.
وأعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أمس الثلاثاء أن المجلس الوزاري الأمني المصغر صدّق على اتفاق وقف إطلاق النار مع لبنان، وأوضح -في كلمة له عقب انتهاء اجتماع للمجلس- أن أسباب وقف إطلاق النار هي "التركيز على تهديد إيران وإنعاش الجيش وعزل حركة المقاومة الإسلامية (حماس) وفصل الساحات العسكرية".
وحسب الكاتب والباحث السياسي، هادي قبيسي، فإن الطموح الإسرائيلي في مسألة الفصل بين جبهات المقاومة لن يتحقق، واستدل على كلامه بإعلان المستوطنين الإسرائيليين رفضهم العودة إلى منازلهم في الشمال، ومطالبتهم بوجود لقوات إسرائيلية داخل جنوب لبنان ومنطقة عازلة.
ومن جهته، أكد الكاتب والمحلل السياسي، أحمد الحيلة أن فصل الجبهات سيتحقق عمليا بعد التوصل لاتفاق وقف إطلاق النار بين لبنان والاحتلال الإسرائيلي، لكن لا يعني ذلك أن حزب الله سيتخلى عن المقاومة الفلسطينية في غزة، وربما سيدعمها بطرق وآليات أخرى.
وأوضح أنه ليس من السهل أن تستفرد إسرائيل بقطاع غزة،"لأن فترة الـ60 يوما قد تحمل من الألغام مع لبنان وحزب الله ما لا يمكن احتسابه الآن"، وأشار إلى أن الاحتلال الإسرائيلي تعوّد في الاتفاقيات السياسية أن يأخذ ما يريد ولا يلتزم بما يريد الطرف الآخر.
ويذكر أن محمود قماطي نائب رئيس المجلس السياسي للحزب قال -في لقاء مع الجزيرة- "نشكك بالتزام نتنياهو ولن نسمح له بتمرير فخ بالاتفاق".
وفي تقدير الحيلة، فإن الاتفاق مع لبنان هو اتفاق أميركي بالأساس، وهناك اتفاق بين إدارة الرئيس الحالي جو بايدن وإدارة الرئيس المنتخب دونالد ترامب بضرورة وقف الحرب على لبنان، وبالتالي إغلاق ملف لبنان بمواصفات القرار 1701 بوجود ضمانات حقيقية لتنفيذه.
وبعد تحييد حزب الله في فترة الـ60 يوما لحين وصول ترامب إلى البيت الأبيض، حيث يتم الانتقال وممارسة الضغط الحقيقي على قطاع غزة، وحسم المعركة داخل القطاع، وقال إن الملف الثالث سيكون إعادة ترتيب الشرق الأوسط بوجود إسرائيل فيه، وملف إيران.
تحديات تواجه الجيش اللبناني
وبحسب المسودة التي عززتها تصريحات صادرة عن الجانبين اللبناني والإسرائيلي، سيتم الذهاب صوب فترة انتقالية تمتد 60 يوما تنسحب خلالها القوات الإسرائيلية من الجنوب اللبناني على أن تحل قوات تابعة للجيش اللبناني محلها.
كما يقضي الاتفاق بأن يقوم حزب الله بنقل أسلحته الثقيلة إلى شمال نهر الليطاني لضمان تطبيق هذه التفاهمات، وسيعهَد إلى لجنة رقابة دولية بقيادة الولايات المتحدة الأميركية متابعة تنفيذ الاتفاق ومعالجة الانتهاكات التي قد تقع من هذا الطرف أو ذاك.
ويقول الكاتب والمحلل السياسي الحيلة إن دخول الولايات المتحدة كطرف سيسبب حرجا وضغطا على الدولة اللبنانية وعلى حزب الله، ما يعني أن ضمانات التنفيذ صارت أكثر لصالح إسرائيل.
ومن جهته، أكد الخبير العسكري والإستراتيجي، العميد إلياس حنا -في حديثه ضمن وقفة مسار الأحداث- أن هناك تحديات تواجه الجيش اللبناني في المرحلة القادمة، تتعلق خصوصا بكيفية التعامل مع حزب الله إذا رفض بنودا معينة.
وقال أيضا إن التحدي الأكبر سيكون في مرحلة ما بعد انتشار الجيش، وأن يفرض على الاحتلال الإسرائيلي الانسحاب من المناطق التي احتلها في جنوب لبنان، وقواعد الاشتباك في المرحلة القادمة، وتساءل الخبير العسكري والإستراتيجي "هل هناك ورقة سرية أميركية تقول إنه في حال رصدت إسرائيل أي تحرك معين يمكنها التدخل؟"، وأعرب عن اعتقاده أن الولايات المتحدة سيكون لها دور أساسي.
ومن جهته، تساءل الكاتب المتخصص بالشؤون الإسرائيلية، إيهاب جبارين قائلا، هل مهمة اللجنة التي أوكلت لها متابعة الاتفاق: مراقبة الحدود أم ترسيم الحدود الداخلية والسياسية في لبنان؟
ومن جهة أخرى، رأى الكاتب والباحث السياسي، هادي قبيسي في مداخلته ضمن وقفة "مسار الأحداث" أن المقاومة في لبنان تعرضت لضربات، لكنها خاضت حربا غير مسبوقة في تاريخها، ولديها الآن خبرة جديدة وقيادات عسكرية جديدة لا تعرف إسرائيل كيف تفكر.