عن المسلمين واليهود وغيرهم.. ما هو الاستبدال العظيم؟ وكيف يمثل خطرا؟
تاريخ النشر: 4th, March 2024 GMT
حذر مفوض الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، فولكر تورك، الاثنين، "من نظريات مؤامرة الاستبدال العظيم/ الكبير" المنتشرة في العديد من البلدان، معتبرا أنها "وهمية" وعنصرية وتحفز مباشرة على العنف.
وفي حديثه أمام مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في جنيف، قال المسؤول الدولي، وفق ما نقلته فرانس برس: "في بلدان عدة، بينها في أوروبا وأميركا الشمالية، أشعر بالقلق إزاء التأثير المتزايد على ما يبدو، لما يُسمى 'الاستبدال العظيم' ويتعلق بنظريات مؤامرة استنادا إلى فكرة خاطئة مفادها أن اليهود والمسلمين وغير البيض والمهاجرين يسعون إلى استبدال أو قمع ثقافات الدول والشعوب".
ورأى تورك أن "هذه الأفكار الوهمية والعنصرية العميقة أثرت بشكل مباشر على العديد من مرتكبي أعمال العنف". ماذا يعني "الاستبدال العظيم"؟
و"الاستبدال العظيم" نظرية مؤامرة تعتبر أن هناك مخططا لمهاجرين من غير البيض ليكونوا بديلا للشعوب الغربية الأصلية.
ويقول مركز قانون الحاجة الجنوبي، وهو منظمة حقوقية أميركية بارزة، إنها مؤامرة تدعي أن هناك مساعي سرية لاستبدال السكان البيض في البلدان ذات الأغلبية البيضاء الحالية.
"منتدى إصلاح الهجرة"، وهي منظمة غير ربحية أميركية، تشرح أن معتنقي النظرية يرون أن سياسات الترحيب بالمهاجرين في البلدان الغربية مؤامرة تهدف إلى "استبدال" القوة السياسية والثقافة للبيض الذين يعيشون في هذه الدول.
وكثيرا ما يشير مروجو هذه النظرية إلى ضرورة "وقف غزو" المهاجرين، ويعبرون أنها مسألة حياة أو موت فيما يتعلق بمصير "أميركا البيضاء" بسبب هذا المد الثقافي الأجنبي.
ويتهم بعضهم اليهود بأنهم جزء من هذه المؤامرة، ويوضح مركز قانون الحاجة الجنوبي أن بعض أنصار "الاستبدال العظيم" يتهمون الأشخاص اليهود الأقوياء بالتآمر على الدول التي يعيشون فيها.
ما أصل الفكرة؟يوضح "منتدى إصلاح الهجرة" إنه في عام 1973، ألف الروائي الفرنسي، جان راسبيل، رواية مشهورة بعنوان "معسكر القديسين"، تخيل فيها أسطولا من السفن المحملة بمئات الآلاف من المهاجرين الأفارقة يغزون شاطئ "كوت دا زور" جنوبث فرنسا، ويعيثون فيه فسادا.
وانتشرت رواية راسبيل بين الجماعات المناهضة للمهاجرين حول العالم خلال الثمانينيات والتسعينيات.
وفي عام 2012، ألف رينو كامو، وهو كاتب فرنسي آخر تأثر بشدة براسبيل، كتاب "الاستبدال العظيم" وفيه زعم أن الملونين يغزون قارة أوروبا، بما يرقى إلى مستوى يهدد البيض بالانقراض، معتبرا أنها محاولة من قبل نخبة شريرة "استبدالية" لتدمير التركيبة السكانية والثقافة الأصلية.
وأثرت أفكاره بشكل مباشر على نمو حركة الهوية الأوروبية اليمينية المناهضة للمهاجرين في العقد التالي، وامتدت هذه الحركة إلى أنحاء العالم.
وبحلول عام 2017، أصبح شعار "لن تستبدلونا" و"اليهود لن يحلوا محلنا" شعارا بارزا بين العنصريين البيض الذين تجمعوا في مسيرة شارلوتسفيل في ولاية فيرجينيا، تلك المسيرة التي كان لها تأثير كبير على الرأي العام الأميركي.
ومع سعي طالبي اللجوء إلى الوصول إلى أوروبا، وتجاوز الحدود بين المكسيك والولايات المتحدة، زاد انتشار النظرية.
ويشير مركز قانون الحاجة الجنوبي إلى حوادث أخرى مدفوعة بهذه الفكرة مثل حادثة إطلاق النار على 10 أشخاص في سوبر ماركت في نيويورك في مايو 2022، إذ تبين أن المتهم وهو رجل أبيض قد كتب في مدوناته عما وصفه بـ"الدونية الفكرية والإجرام المتأصل لدى السود، والمؤامرات اليهودية ضد البيض".
ويشير المركز إلى الهجوم على مسجدين بمدينة كرايستشيرش النيوزلندية، في مارس 2019، حين أطلق يميني متشدد النار عشوائيا على المصلين.
وفي يناير الماضي، شارك آلاف الأشخاص في مسيرة في ضواحي برلين احتجاجا على مخطط لدى حزب "البديل من أجل ألمانيا" اليميني لطرد أجانب بشكل جماعي. ونظّمت المسيرة بعد نشر تقرير عن اجتماع مسؤولين في الحزب بقيادي في "حركة الهوية" النمساوية اليمينية المتطرفة التي تتبع نظرية "الاستبدال العظيم"،
وفي 15 نوفمبر، أثار الملياردير الأميركي، إيلون ماسك، الجدل بعدما أيد منشورا على منصة "أكس" زعم أن اليهود يؤججون الكراهية ضد البيض، قائلا إن المستخدم الذي أشار إلى نظرية مؤامرة "الاستبدال العظيم" كان يقول "الحقيقة الفعلية".
وندد البيت الأبيض بـ"الترويج البغيض للكراهية العنصرية والمعاداة للسامية" التي "تتعارض مع قيمنا الأساسية كأميركيين"، وأوقفت شركات أميركية كبرى إعلاناتها مؤقتا على المنصة التي يملكها.
وشدد تورك، مسؤول الأمم المتحدة، في تصريحاته، الاثنين، أمام مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في جنيف، على أن المجتمعات المختلطة عرقيا، المتعددة الثقافات، لا تدعو إلى الخوف بل يجب أن يُنظر إليها على أنها مفيدة للناس في كل مكان.
وأضاف: "التعددية الثقافية لا تشكل تهديدا. إنها تاريخ الإنسانية ومفيدة جدا لنا جميعا".
وحذر تورك من أنه "جنبا إلى جنب مع ما يسمى بالحرب على الوعي، وهي في الواقع حرب على الإدماج، تهدف هذه الأفكار إلى استبعاد الأقليات العرقية، خصوصا النساء من الأقليات العرقية، والمثليين" عن المساواة الكاملة.
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: الأمم المتحدة
إقرأ أيضاً:
لماذا تزايدت مقاطعة الفرنسيين للمنتجات الأميركية؟ وكيف علق مغردون؟
وفي مؤشر واضح على تغير المزاج الشعبي، طالب أحد النواب الفرنسيين مؤخرا بإعادة تمثال الحرية، الذي أهدته فرنسا للولايات المتحدة عام 1886، معتبرا أن رمزيته لم تعد تتماشى مع قيم أميركا اليوم في ظل عودة ترامب للرئاسة.
وبحسب استطلاع للرأي أجراه معهد "إيفوب" الفرنسي، فإن 26% فقط من الفرنسيين يرون أن هناك تقاربا في القيم بين فرنسا وأميركا ترامب، مقارنة بنسبة 49% كانت تعتقد ذلك عام 2004، في تراجع واضح لمستوى التقارب القيمي بين البلدين.
اقرأ أيضا list of 4 itemslist 1 of 4باريس: تدخل أميركا غير مقبول في سياسات الإدماج بالشركات الفرنسيةlist 2 of 4ترامب يكرر تصريحاته بشأن غرينلاند وكوبنهاغن ترفض زيارة مسؤولين أميركيينlist 3 of 4وول ستريت جورنال: ما سر كراهية تيار ماغا لأوروبا؟list 4 of 4وول ستريت: منع مارين لوبان من الترشح قد يحدث تحولا زلزاليا بفرنساend of listوأظهر الاستطلاع أن 25% فقط من الفرنسيين يؤيدون ترامب، مقارنة بتأييد 65% للرئيس الأميركي السابق باراك أوباما عام 2010، مما يعني تراجعا في شعبية الرئيس الأميركي في فرنسا بنحو 40 نقطة.
ولم يقتصر الأمر على عدم الرضا فقط، بل إن 62% من الفرنسيين يؤيدون مقاطعة المنتجات الأميركية، في حين يقاطع بالفعل واحد من أصل كل 3 فرنسيين منتجا أميركيا واحدا على الأقل، بحسب نتائج الاستطلاع.
واللافت للانتباه أن تأييد المقاطعة يتجاوز الانقسامات الحزبية التقليدية في فرنسا، فهي تحظى بشعبية أكبر بين ناخبي اليسار بنسبة 72%، وتدعمها نسبة 65% من ناخبي يمين الوسط، بينما تصل إلى 49% حتى بين أنصار أقصى اليمين.
إعلانوتتصدر 3 علامات تجارية أميركية بارزة قائمة المنتجات المستهدفة بالمقاطعة وهي تسلا وكوكا كولا ومكدونالدز، باعتبارها رموزا للاستهلاك الجماعي الأميركي، وقد خصصت صحيفة ليبراسيون الفرنسية صفحتها الأولى لهذا الموضوع بعنوان: "تسلا ومكدو وكوكا.. المقاطعة رائجة".
وتشهد مقاطعة شركة تسلا استمرارا منذ أسابيع في عدة دول أوروبية، حيث اتهم متظاهرون أمام مقر الشركة في باريس مالكها إيلون ماسك ودونالد ترامب بتدمير الديمقراطية الأميركية، ودعوا لعدم شراء سيارات تسلا والضغط على ماسك اقتصاديا.
ووفقا لمدير استطلاعات الرأي في مركز إيفوب، فإن من يقود حملة المقاطعة هم المستهلكون الأكبر سنا والأغنى والأكثر تعليما، وهي مجموعات تنفق عادة أكثر وتؤثر في سلوك السوق بشكل عام.
جدل رغم تراجع الشعبيةورصد برنامج شبكات (2025/3/31) تغريدات عديدة على مواقع التواصل الاجتماعي تفاعلت مع نتائج استطلاعات الرأي، ومنها ما كتبه لوكاس: "من غير المفاجئ أن ينخفض التأييد لترامب في فرنسا. الرجل لم يكن فقط بعيدا عن قيمنا الديمقراطية، بل أيضا أضعف الصورة العالمية لأميركا. أرقام استطلاع إيفوب تعكس عدم الثقة في سياسة العزلة والأنانية التي تبناها".
وغرد ساشا: "رغم كل الجدل الذي يحيط بترامب، يظل يمثل قوة سياسية لا يمكن تجاهلها. المقاطعة لا تعد حلا بل قد تؤدي إلى تعطيل سلاسل الإمداد العالمية وزيادة التكاليف على المستهلكين".
وكتب نول: "إذا كانت السياسات الاقتصادية لترامب تؤثر سلبا على مصالحنا وحقوقنا، فلا بد أن يكون لدينا الخيار في التعبير عن استيائنا. المقاطعة رسالة واضحة بأننا نرفض السياسات التي تضر بالعدالة والاقتصاد العالمي".
في المقابل، يرى جوستين أن "ما نشهده من دعوات للمقاطعة على منصات التواصل هو موجة عاطفية للجيل الجديد لا يعي عمق الأزمة الاقتصادية والسياسية. علينا أن نتعامل بحذر وحزم، فالوضع في أوروبا معقد ويحتاج إلى حلول إستراتيجية بعيدة عن تعقيد الأمور".
إعلانومن أبرز الأسباب وراء تزايد تأييد حملة مقاطعة المنتجات الأميركية في فرنسا، المواقف السياسية لترامب التي أغضبت الأوروبيين، وعلى رأسها موقفه من أوكرانيا وتخفيض الدعم لكييف، إضافة إلى تهديداته بالاستحواذ على غرينلاند.
كما أثارت تهديدات ترامب بفرض رسوم جمركية إضافية على أوروبا وكندا مخاوف الفرنسيين والأوروبيين بشكل عام من تبعات سياساته على الاقتصاد العالمي، مما عزز من الميل نحو المقاطعة كوسيلة للتعبير عن الرفض لهذه السياسات.
31/3/2025