"المصدرين المصريين": ندعو لتوحيد بوصلة الاستثمار للانطلاق بحجم صادرتنا الصناعية والزراعية
تاريخ النشر: 4th, March 2024 GMT
افتتح محمد قاسم، رئيس مجلس إدارة جمعية المصدرين المصريين، النسخة الأولي من مبادرة الاحتفال بيوم المصدر المصري والتي أطلقتها الجمعية إيمانا بأهمية وضع قضية التصدير على الأجندة الوطنية.
وشارك في الاحتفالية، أعضاء مجلس إدارة الجمعية وعدداً كبير من رواد التصدير ورجال الأعمال، وممثلي الجهات الحكومية والمؤسسات الدولية والبنوك.
وقال قاسم في كلمته، إن الاحتفال بيوم المصدر المصري يأتي تدشينا لتكريم جمعية المصدرين المصريين كبرى الشركات المصدرة سنوياً بالاستعانة بشركائها في هيئة الرقابة على الصادرات والواردات، ومعتمدة على أرقام الهيئة الرسمية لتحديد كبار المصدرين في القطاعات المختلفة خلال 2023.
وأوضح "قاسم"، أن هذا الحدث يعقد للتأكيد على الملامح الرئيسية لخارطة الطريق التي يطالب بها مجتمع الأعمال من أجل تمكينه من زيادة معدل الصادرات وتعزيز تنافسية المنتجات المصرية في الأسواق العالمية.
ولفت رئيس الجمعية، إلي أن الاقتصادات التي تستطيع الصمود أمام الأزمات الخارجية هي تلك التي ترتكن إلى قاعدة إنتاجية صناعية وزراعية ذات كفاءة وقدرة على التصدير والمنافسة في الأسواق العالمية، مشيرًا إلى أن الدولة أعلنت هدفاً طموحاً لزيادة الصادرات المصرية إلى 100 مليار دولار خلال 3 سنوات وهو أمر ليس بعيد المنال، بل لدينا القدرة على تخطي هذا المستهدف اذا توفرت البيئة الملائمة لدعم التصنيع والتكنولوجيا والتنوع الرأسي والأفقي، وتطوير سلاسل القيمة وذلك بهدف واحد أصيل وهو زيادة حجم الصادرات وتنوع هيكلها بعيداً عن المواد الأولية عن طريق جذب الاستثمار الأجنبي المباشر، لإنشاء التجمعات الصناعية الضخمة وتمويل البحث والتطوير.
ولفت إلى تجربة الصين وكوريا الجنوبية وماليزيا وغيرها الحسنة، لتطبيقها لسياسات استثمارية أكثر تحفيزا للاستثمار والتصنيع بهدف تعزيز الصادرات وليس لإحلال الواردات، وهو الأمر الذي مكنها بالفعل من بناء قدراتها التنافسية في السوق العالمي كما نراها الآن.
وأكد أهمية جذب الاستثمار الأجنبي لمصر اللازم لبناء القاعدة الصناعية والإنتاجية المعززة لقدرتنا على التصدير وهو أمرا بات محوريا وعاجلاً، بدعم العديد من المبادرات والبرامج التي اتخذتها الحكومة في هذا الصدد وفي إطار استراتيجية قومية متكاملة متسقة ومحددة البوصلة والأهداف، لافتا إلى أن بالرغم من نجاح مصر في تنويع هيكل الصادرات وزيادة مساهمة صادرات السلع النصف مصنعة والمنتجات الزراعية بأكثر من 90% في المتوسط، إلا أن نسبة السلع تامة الصنع لم تتجاوز 40% في المتوسط.
وقال: أمامنا الآن العديد من الفرص المتاحة للانطلاق وبقوة للحصول على مكانتنا في الأسواق العالمية، منها انخفاض قيمة العملة المصرية والذى أدى إلى زيادة التنافسية في السوق العالمي الاتجاهات العالمية، ومنها الحرب في أوكرانيا والخلافات التجارية مع الصين وأمريكا، والتوجه إلى إعادة هيكلة سلاسل الإنتاج العالمية، وخفض الاعتماد على الصين في التجارة والصناعة، واتجاه المصنعين في الدول الأوروبية إلى الأسواق القريبة الصديقة ، موضحا أن الدول الإفريقية تأتي على رأس المناطق الأكثر استهدافاً من كبرى الدول الصناعية لتوطين صناعتها بها.
وأشار رئيس الجمعية، إلى الفرصة الواعدة في مجال الطاقة الخضراء، موضحا أن الدولة أخذت بالفعل العديد من الخطوات الجادة لاجتذاب هذه الفرص ونثني عليها في ذلك.
وأوضح "قاسم"، أن إمكانيات الطاقة المتجددة في مصر تضع الصناعات المحلية في وضع أقوى لتخضير صادرتها، مؤكدا أنها تعد فرصة أخرى لتعزيز تنافسية صادراتنا في السوق العالمي، حيث يمكن للشركات في مصر أن تكون الأولى من حيث الامتثال بقواعد الكربون الجديدة في أوروبا وتصنيع منتجات نظيفة بكفاءة أكبر وتكلفة أقل من البلدان الأخرى.
وأكد أهمية العمل بخطى حثيثة للبناء على ما تحقق من مكتسبات واقتناص الفرص المتاحة، موضحا أن انفراج ازمة السيولة الأجنبية الذي تحقق مؤخرا سيخفف بلا شك من الضغوط التي تواجه الاقتصاد، ولكنه لا يقدم حلاً مستداماً لمعوقات الصناعة، والتي تتطلب معالجة هيكلية جذرية سريعة حتى يستطيع مجتمع الأعمال أن يستفيد من الفرص التصديرية غير المستغلة والتي قدرتها منظمة التجارة العالمية بنمو 28 مليار دولار.
ولفت "قاسم"، إلى حرص الجمعية في تنظيم هذا اليوم على أن تكرر النداء من مجتمع الأعمال إلى ضرورة توحيد البوصلة الاستراتيجية للسياسة الاستثمارية والتي تهدف إلى التصدير، والانطلاق الفوري نحو اتخاذ كل السبل وتذليل كافة العقبات لتشجيع الاستثمار الأجنبي المعزز لبناء القاعدة الصناعية اللازمة للانطلاق بحجم صادرتنا الصناعية والزراعية إلى المستوى المأمول والقادر على المنافسة والاستمرار في الأسواق العالمية.
وأوضح أنه انطلاقا من هذا المبدأ، تبنت الجمعية هذا العام مبادرة " الاستثمار من أجل التصدير " وهو العنوان الذي يأتي في اطاره هذا المؤتمر، موضح أنها عملت من أجل ذلك على تحقيق هدفين رئيسين: الأول هو بناء القدرة التصديرية للشركات المصرية لتمكينها من الولوج الى الأسواق العالمية باحترافية وكفاءة.
وأوضح رئيس الجمعية، أنه تم مؤخرا تدشين أكاديمية للتصدير بالتعاون مع وزارة التجارة والصناعة ممثلة في مركز تدريب التجارة الخارجية كأول أكاديمية للتصدير بمصر والشرق الأوسط، بدعم من مؤسسة الدولية الإسلامية لتمويل التجارة.
وأضاف "قاسم"، أن الهدف الثاني هو تعزيز فرص الاستثمار من أجل التصدير لتحقيق المستهدف القومي لزيادة الصادرات ورفع كفاءة وتنافسية المنتجات المصرية.
ولفت إلى أنه تم تدشين وحدة دعم السياسات لتكون الذراع الفكري للجمعية، موضحا أنها تعمل على ثلاث محاور رئيسية وهي: استقطاب وتعزيز الفرص الاستثمارية المعززة للقدرات الانتاجية من أجل التصدير، رفع الوعي فيما يتعلق بالقضايا ذات الصلة بالسياسات الداعمة والمحفزة للاستثمار والتصدير، وتعزيز معرفة المصدرين بالفرص التصديرية المتاحة ودراسة الأسواق بما يعمل على تعزيز فرص التصدير في الأسواق.
وأكد أن جمعية المصدرين المصريين تتطلع من خلال مناقشات وجلسات يوم المصدر المصري أن تسهم نتائجها في تعضيد الجهود وبلورة السياسات الفاعلة من أجل الدفع بقوة نحو الاستثمار من أجل التصدير والانطلاق بمصرنا الحبيبة إلى المستويات التي تليق بمكانتها التاريخية.
وتتضمن احتفالية يوم المصدر المصري جلسات حوارية شارك فيها نخبة الخبراء المعنيين بملف التصدير والاستثمار، حيث عقدت الجلسة الأولى بعنوان " التصدير طوق النجاة".
واقيمت الجلسة الحوارية الثانية تحت عنوان: " الاستثمار من أجل التصدير" والتي تهدف إلى إلقاء الضوء على المحاور الأساسية للاقتصاد المصري وآليات تذليل العقبات والتحديات التي تقف في طريق جذب المستثمرين وتحقيق النمو الاقتصادي والاجتماعي.
كما أعلنت جمعية المصدرين المصريين على هامش الحفل عن إطلاق اكاديمية التصدير بالتعاون مع وزارة التجارة والصناعة ممثلةً في مركز تدريب التجارة الخارجية بدعم مادي أولي من برنامج الأفتياس 2.0 – التابع للمؤسسة الدولية الإسلامية لتمويل التجارة بهدف بناء القدرة التصديرية لرواد الاعمال، وسيدات الأعمال، والخرجين الجدد، والشركات القائمة على المستوى المحلي والعربي والإفريقي للتمكين من التصدير باحترافية الي الأسواق العالمية.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: محمد قاسم جمعية المصدرين المصريين الاحتفال بيوم المصدر التصدير هيئة الرقابة على الصادرات جمعیة المصدرین المصریین فی الأسواق العالمیة المصدر المصری موضحا أن
إقرأ أيضاً:
انعكاسات السياسات التجارية العالمية على الاقتصاد العُماني
عباس آل حميد
في ظل التحولات الجذرية التي يشهدها الاقتصاد العالمي، تبرز السياسات الحمائية التي تتبعها الولايات المتحدة الأمريكية، والتي تهدف إلى إعادة هيكلة نظام التجارة الحُرة بما يخدم مصالحها القومية. وعلى الرغم من أن هذه السياسات تبدو للوهلة الأولى مقلقة، إلا أنها قد تحمل في طياتها فرصًا غير مباشرة لاقتصادات مثل الاقتصاد العُماني، خاصة فيما يتعلق بأسعار النفط والتغيرات في سلاسل الإمداد العالمية.
أثر السياسات الحمائية على أسعار النفط
تشير التوقعات إلى أن زيادة القيود الجمركية في الولايات المتحدة، إلى جانب الإجراءات المضادة التي تتخذها الدول العظمى كرد فعل على هذه السياسات، ستؤدي إلى ارتفاع أسعار السلع المستوردة، مما يدفع الصناعات المحلية إلى التوسع لسد الفجوة الناتجة عن تقلص الواردات. هذه التوجهات ستؤدي بدورها إلى ارتفاع الطلب على الطاقة، حيث ستحتاج المصانع إلى المزيد من النفط والغاز لتلبية احتياجات الإنتاج، مما يعزز فرص ارتفاع أسعار النفط عالميًا.
بالنسبة لعُمان، التي تعتمد على إيرادات النفط كمصدر رئيسي للدخل، فإن أي ارتفاع في أسعار الخام سينعكس إيجابيًا على الميزانية العامة للدولة، مما يوفر مجالًا أوسع لتعزيز الاستثمارات الحكومية في قطاعات البنية التحتية والتعليم والصحة، ويدعم جهود السلطنة في تنفيذ رؤية عُمان 2040 التي تهدف إلى تنويع مصادر الدخل.
تغيرات التجارة العالمية وتأثيرها على الاقتصاد العُماني
تؤدي السياسات الحمائية إلى اختلال ميزان التجارة العالمي، حيث تصبح السلع المنتجة في الدول ذات الحماية الجمركية المرتفعة أكثر تكلفة، بينما تتجه المنتجات إلى الأسواق التي لا تفرض قيودًا جمركية صارمة. بالنسبة لعُمان، التي تعتمد على نظام تجاري مرن ومنفتح، فإن هذه التغيرات قد تؤدي إلى تدفق مزيد من المنتجات إلى الأسواق المحلية بأسعار أقل، مما يمنح المستهلك العُماني خيارات أوسع، لكنه في المقابل قد يشكل تحديًا أمام أي محاولات للنهوض بالصناعة المحلية.
إعادة توزيع الميزة التنافسية العالمية
يستند نظام التجارة الحرة العالمي إلى مفهوم الميزة التنافسية النسبية، حيث تتخصص الدول في إنتاج السلع التي تمتلك فيها تفوقًا نسبيًا. إلا أن القيود الحمائية المفروضة حاليًا تعطل هذا النظام، مما يدفع بعض الدول إلى تعزيز صناعاتها المحلية، سواء لتلبية الطلب الداخلي أو لزيادة صادراتها إلى الأسواق ذات الرسوم الجمركية المنخفضة.
وهذه التغيرات قد تؤثر بشكل مباشر على الدول التي تعتمد على الاستيراد، ومنها عُمان، حيث ستشهد الأسواق تغيرات في الأسعار، وتوافر بعض السلع، وقد تواجه بعض القطاعات التجارية تحديات جديدة نتيجة اضطراب سلاسل التوريد. ومع ذلك، فإن عُمان، بحكم موقعها الاستراتيجي كمركز تجاري إقليمي، يمكنها استغلال هذه التحولات لتعزيز دورها كمحور لوجستي للتجارة العالمية.
الفوضى الاقتصادية العالمية: هل تشكل فرصة لعُمان؟
من المتوقع أن تؤدي هذه التحولات إلى حالة من عدم الاستقرار في الأسواق العالمية، حيث تعيد الدول الكبرى ترتيب أولوياتها الاقتصادية وفقًا لمصالحها القومية. هذه الفوضى الاقتصادية قد توفر فرصًا للدول التي تمتلك مرونة في سياساتها الاقتصادية، حيث يمكن لعُمان استغلالها بعدة طرق:
1- تعزيز قطاع الخدمات واللوجستيات:
- تطوير الموانئ العُمانية مثل ميناء الدقم وصلالة كمحاور رئيسية لإعادة التصدير والتجارة الإقليمية.
- تحسين كفاءة النقل والتخزين لتعزيز قدرة السلطنة على استقطاب مزيد من الاستثمارات في مجال التجارة.
2- جذب الاستثمارات الأجنبية:
- في ظل تصاعد التوترات التجارية بين الصين والولايات المتحدة، تبحث العديد من الشركات عن وجهات بديلة للاستثمار. عُمان يمكنها أن تقدم نفسها كبيئة استثمارية مستقرة وملائمة، خاصة في القطاعات التكنولوجية والخدمات المالية والطاقة المتجددة.
3- تعزيز الأمن الغذائي والتكنولوجيا الزراعية:
- مع اضطراب سلاسل الإمداد العالمية، أصبح الاستثمار في التقنيات الزراعية الحديثة ضرورة استراتيجية لتقليل الاعتماد على الواردات وتأمين احتياجات السوق المحلية.
الاقتصاد العُماني بين التحديات والفرص:
ورغم أن عُمان قد لا تكون طرفًا مباشرًا في النزاعات التجارية العالمية، إلا أن تأثيرات هذه التغيرات ستكون ملموسة على اقتصادها، سواء من خلال تقلبات أسعار النفط، أو تغيرات تدفقات التجارة العالمية، أو فرص الاستثمار الجديدة.
والمرحلة الحالية تتطلب نهجًا اقتصاديًا ديناميكيًا قادرًا على استيعاب هذه التغيرات، وتعزيز القدرة التنافسية للقطاعات غير النفطية، واستغلال الموقع الاستراتيجي للسلطنة كمحور اقتصادي وتجاري في المنطقة.
وكما قال الإمام علي: "اغتنموا الفرص، فإنها تمر مر السحاب"، فإن على عُمان أن تستثمر هذه التحولات العالمية لتعزيز موقعها الاقتصادي، والاستفادة من الفرص التي قد تنشأ في ظل إعادة تشكيل النظام التجاري العالمي.