هآرتس: إسرائيل توظف المعونة الإنسانية سلاحا إستراتيجيا
تاريخ النشر: 4th, March 2024 GMT
أشار الكاتب الإسرائيلي تسافي بارئيل، في تقرير نشرته صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، إلى أن استخدام إسرائيل للمعونة كأداة إستراتيجية في قطاع غزة ليس بالأمر الجديد، حيث استخدمت في السابق المساعدات الإنسانية كجزء من إستراتيجيتها الحربية، وحتى كجزء من سياسة تأخير الحلول.
وأوضح بارئيل أن إسرائيل حوّلت إستراتيجية منع المعونات عن القطاع إلى شرط أساسي لمواصلة حروبها، حيث تتحكم في تقديم المساعدات وفقا لمصالحها الإستراتيجية.
وأدى ذلك إلى مفارقة غريبة، حيث أصبحت المساعدات التي تُخصص لإنقاذ الأرواح بالنسبة لإسرائيل ذات أهمية حيوية لاستمرارية قتل البشر، سواء كانوا من حركة المقاومة الإسلامية (حماس) أو من السكان المدنيين في القطاع.
وأفاد بارئيل أن إسرائيل لم تخترع العجلة في غزة، وإنما الولايات المتحدة هي من يفرض معادلة توزيع المساعدات الإنسانية في القطاع بدوافع، بينها تخفيف الضغط الدولي عنها عندما تؤيد إسرائيل (في مجلس الأمن أو محكمة العدل مثلا)، والضغط الداخلي من الجمهوريين والديمقراطيين الذين يرون سياسة الرئيس جو بايدن المؤيدة لاستمرار الحرب كارثة سياسية.
وتطرق بارئيل إلى ادعاء إسرائيلي ثانوي آخر يتعلق بالمعونة، حيث يُزعم أنها تصل إلى أيدي حركة حماس وفصائل أخرى في غزة، وتستخدم لتعزيز مواقفها وتخفيف الضغط الفلسطيني الداخلي عليها.
ورغم وجود جدل حول توسيع المعونة أو معارضتها، فإن سكان غزة يستمرون في مواجهة الموت جوعا ومرضا، بالإضافة إلى تعرضهم للقتل جراء العمليات الإسرائيلية.
يوغوسلافيا وسوريا
وسلط بارئيل الضوء على أن المعونة الإنسانية لا تقتصر فقط على الشحنات والعربات والأموال، بل تتطلب أيضا إقامة مواقع محمية وممرات عبور ومناطق آمنة، وذلك بناء على تفاهمات واتفاقات مع الأطراف المتحاربة.
ويرى بارئيل أن هذه الأطراف تحصل على مكاسب سياسية وعسكرية وتكتيكية وإستراتيجية من هذا التفويض، مما يسمح لها بمواصلة الحروب وتحقيق أهدافها.
كما أشار إلى أن ما يحدث في غزة يشبه ما حدث في يوغوسلافيا، حيث قامت القوات الصربية بنهب قوافل المساعدات الغذائية الموجهة للسكان البوسنيين، وكانت تفرض شروطا على توزيعها، مثل تقسيمها بين السكان الصرب والسكان المحاصرين.
وأضاف أن مئات من قوات حفظ السلام الأممية قد تم اختطافهم عام 1995، واستخدموا كدروع بشرية في بعض المواقع لمنع قصفها، وهو ما تم ذكره في تقرير لمفوضية شؤون اللاجئين عام 1999.
وفي سوريا، أوضح الكاتب أن النظام السوري هو من يحدد شروط دخول المعونة، وعادة ما يتم استلامها عبر أجهزة إغاثة مرتبطة به، ثم يتم نقل جزء منها إلى الجيش السوري والمليشيات المتعاونة معه.
ونتيجة لذلك، ينتهي الأمر بحوالي نصف المساعدات في مستودعات النظام أو مستودعات هذه المليشيات.
وللتصدي لهذه الممارسات، طالب الكونغرس في عامي 2019 و2020، بعد إنفاق الولايات المتحدة ما يقدر بنحو 16 مليار دولار على المساعدات الإنسانية في سوريا، بضرورة وضع إستراتيجية جديدة لمنع وصول المساعدات إلى أيدي النظام.
ورغم ذلك، لم تتبلور هذه الإستراتيجية بعد.
حالة فريدة
وأفاد بارئيل بأنه رغم أن حجم القتل والكارثة الإنسانية أقل في غزة من سوريا، فكان يوجد في سوريا -وحتى البوسنة– جهة يمكن التفاوض معها على توزيع المساعدات، بحيث يصل جزء كبير منها إلى الجهة المستهدفة، حتى بعد استيلاء النظام السوري والقوات الصربية على حصتهما.
أما في غزة، يقول الكاتب إنه لا توجد حكومة محلية تتكفل بالمهمة، ولا قوة دولية أو عربية أو فلسطينية تتحمل عبء ذلك، مما يجعل الوضع أكثر تعقيدا وصعوبة في تقديم المساعدة الإنسانية للمحتاجين.
وأضاف أن إسرائيل تمتنع بالفعل عن السماح للسلطة الفلسطينية بدخول قطاع غزة، وليس فقط لتوزيع المعونة. لكن السلطة ترهن انتشارها في غزة بشروط، بينها عملية سياسية تستند إلى حل الدولتين، وتلبية شروط أميركية مثل مكافحة الفساد وإجراء إصلاحات إدارية وسياسية.
وتشمل الإصلاحات الإدارية والسياسية المشروطة تقليص صلاحيات الرئيس محمود عباس، وتشكيل حكومة من خارج حركتي حماس وفتح، وهو ما اعتبره الكاتب شرطا غير واقعي.
لاحظ الكاتب أنه لم يتم فرض شروط مماثلة لتوزيع المساعدات الإنسانية في أماكن الأخرى مثل سوريا أو اليمن أو السودان. والغريب في الأمر، بحسب تقديره، هو أن إسرائيل تفرض شروطا على دخول المساعدات، بينما تظل حماس هي التي تسيطر في النهاية على توزيعها في غزة.
وتوقع الكاتب الإسرائيلي أن تضطر الحكومة الأميركية، نظرا للوضع الإنساني الكارثي في غزة والفوضى العارمة في توزيع المساعدات، إلى اتخاذ قرار وشيك بشأن انتشار السلطة في القطاع، مع تجاهل الشروط المتعلقة بذلك.
محض استعراض
وبالنسبة لإسقاط المعونة جوا، فيعتبره بارئيل مجرد استعراض وليس حلا فعالا للوضع في غزة، فالمساعدات -حتى وإن وصلت سليمة ولم ينته بها الحال في البحر أو في الأراضي الإسرائيلية- لا تسد حاجة سكان القطاع.
وذكر أنه من أجل الاستجابة للحد الأدنى من المساعدات المطلوبة، والتي تقدر حاليا بـ200 شاحنة يوميا، يجب إطلاق جسر جوي غير مسبوق لتلبية الاحتياجات الأساسية، رغم التحديات المالية والتقنية المرتبطة بهذا الخيار.
أما الخيار الآخر، وهو فتح معبريْ إيريز وكارني (إضافة إلى معبري كرم أبو سالم ورفح)، يشير بارئيل إلى أن تنفيذ هذا الخيار يتطلب توفير طرق آمنة وحماية قافلات المساعدات من قبل قوات شرطية وعسكرية.
ولكنه عبر عن قلقه من أن أفراد الشرطة الذين يعملون تحت إمرة حماس قد يرفضون تقديم الحماية خوفا على حياتهم، وبالتالي يعرضون عمال الإغاثة والقوافل للخطر.
وفي نهاية التقرير، تساءل بارئيل عن مدى تحقيق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لصورة النصر المؤزر التي يأملها في غزة؟!
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات المساعدات الإنسانیة أن إسرائیل فی غزة
إقرأ أيضاً:
منظمات دولية : نظام المساعدات الإنسانية في غزة مهدد بالانهيار التام
قالت منظمات إغاثية دولية ، اليوم الخميس 17 أبريل 2025 ، إن نظام المساعدات الإنسانية في قطاع غزة مهدد بالانهيار التام بسبب القيود الإسرائيلية المفروضة على إدخال المساعدات منذ 2 مارس الماضي.
وأعلن ممثلو منظمة أطباء العالم و"أوكسفام" والمجلس النرويجي للاجئين، ومنظمات غير حكومية أخرى، "دعونا نقوم بعملنا"، مؤكدة أنها تواجه "واحدة من أسوأ الإخفاقات في المجال الإنساني في عصرنا".
واضطرت كل المنظمات غير الحكومية تقريبا، لتعليق مساعداتها، أو خفضها بشكل كبير في القطاع، منذ انهيار وقف إطلاق النار في 18 آذار/ مارس، حسبما ذكرت هذه المنظمات التي تستند إلى استطلاع شمل 43 منظمة غير حكومية، تقدم المساعدات لغزة.
وأكدت المنظمات أنّ "كل واحد من سكان غزة يعتمد على المساعدات الإنسانية من أجل البقاء"، مشددة على أنه "تم قطع شريان الحياة هذا تماما، منذ فرضت السلطات الإسرائيلية حصارا على دخول المساعدات في 2 آذار/ مارس".
وأضافت "لدينا إمدادات جاهزة. ولدينا طاقم طبي مدرب، ولدينا الخبرة اللازمة، وما ينقصنا هو الوصول، أو ضمانات من السلطات الإسرائيلية، بأن طواقمنا يمكنها القيام بعملها بأمان".
واستشهد نحو 400 عامل في المجال الإنساني، و1300 عنصر في الطواقم الصحية منذ تشرين الأول/ أكتوبر 2023 في غزة، بحسب هذه المنظمات غير الحكومية، نقلا عن حصيلة للأمم المتحدة.
وتابعت "ندعو جميع الأطراف إلى ضمان سلامة موظفينا، والسماح بالوصول الآمن ودون عوائق للمساعدات إلى غزة، عبر كل المنافذ، ونطلب من قادة العالم رفض أي قيود جديدة".
المصدر : وكالة سوا اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد المزيد من آخر أخبار فلسطين جبارين: نتنياهو يرفض خروج الأسرى الإسرائيليين دفعة واحدة "الأوقاف" تُصدر تنويها لمواطني الضفة الراغبين بأداء فريضة الحج 2025 قنابل لم تنفجر في غزة: خطر دائم يُهدّد حياة المدنيين الأكثر قراءة غزة - 3 شهداء ومصابون إثر قصف الاحتلال مدينة خانيونس حماس تقدم طعنا قانونيا لدى وزارة الداخلية البريطانية لإلغاء تصنيفها كمنظمة محظورة نتنياهو يبلغ وزراءه بمقترح مرتقب من الوسطاء لوقف إطلاق النار في غزة بعد القصف بالطائرات.. الاستهداف للقطاع الخاص الفلسطيني يتوسع عاجلجميع الحقوق محفوظة لوكالة سوا الإخبارية @ 2025