إيران... إنشاء فرع "دراسات السعودية" في جامعة طهران لأول مرة
تاريخ النشر: 4th, March 2024 GMT
أعلن رئيس قسم دراسات غرب آسيا وإفريقيا في جامعة طهران جواد شعرباف، إنشاء تخصص دراسات السعودية في كلية الدراسات العالمية بالجامعة.
إقرأ المزيدوأشار شعرباف أن الجامعة ستبدأ في قبول المتقدمين لهذا التخصص الجديد اعتبارا من العام الدراسي القادم،
وقال: "فتحت كلية الدراسات العالمية بعد الثورة الإسلامية، طريقا جديدا لدراسة الدول وذلك من خلال الاستفادة من تجارب الجامعات المرموقة في العالم، حيث ركزت الدراسات في السابق على أمريكا الشمالية وأوروبا، وفي وقت لاحق وبسبب توسيع رقعة النشاطات والاهتمام باحتياجات الدولة تمّت إضافة دراسات تختص بدول أخرى في آسيا وأوروبا والشرق الأوسط.
وبين شعرباف أهمية دراسة الدول في مجال إقامة العلاقات الخارجية التي لا يمكن استقاء المعلومات فيها من الأذواق والهوايات الشخصية وبعض المعلومات المتفرقة وغير الدقيقة المنتشرة عبر الإنترنت.
وأوضح أنه تم تأسيس كلية الدراسات العالمية لتلبية احتياجات الأجهزة العاملة في المجال السياسي وتحديدا السياسة الخارجية، وتظهر التجربة والإحصائيات أنّه تم تحقيق نجاحات كبيرة في هذا المجال.
وفي ما يتعلق بضرورة إنشاء تخصص الدراسات السعودية، قال: "كان هناك شعور قوي بوجود فجوة في مجال الدراسات السعودية إلى جانب دول غرب آسيا الأخرى مثل مصر والعراق والدول الأخرى، وبسبب الإهمال وقلة الاهتمام، حدثت فجوة بين تصميم هذا التخصص وتأسيسه، لكن لحسن الحظ، تمّ إحياؤه العام الماضي وتحقيقه هذا العام."
وأشار إلى أن معرفة إيران بالسعودية محدودة وتنبع فقط من خلال مناسك الحج أو خبراء النفط الذين يحضرون اجتماعات النفط أو من خلال عدد قليل من الأشخاص في المؤتمر الإسلامي"، مؤكدا على ضرورة جمع المعلومات الكافية حول السعودية بالنظر إلى الارتباط الإيراني بالسعودية في مجالات مهمة واستراتيجية مثل الحج ونقاش الطاقة والنفط والقضايا الإقليمية مثل فلسطين والإسلام السياسي وغيرها من المجالات الاستراتيجية.
وخلص إلى أنه يمكن للسعودية أن تكون بمثابة سوق استهلاكي سياسي واقتصادي جيد لإيران والمنطقة. كما يمكنها أن تعمل جنبا إلى جنب مع إيران كمرساة للأمن والاستقرار في المنطقة.
المصدر: مهر للأنباء
المصدر: RT Arabic
كلمات دلالية: أخبار إيران الخليج العربي الرياض دول مجلس التعاون الخليجي طهران دراسات السعودیة
إقرأ أيضاً:
التفاوض بين إيران وأميركا.. دوافعه وتحدياته ومآلاته المتوقعة
في ظل التحولات المتسارعة التي تعصف بمنطقة الشرق الأوسط، يعود ملف التفاوض بين إيران وأميركا إلى واجهة الأحداث، وسط تساؤلات ملحة بشأن أسبابه وإمكانياته ومآلاته المحتملة، خاصة في ضوء المتغيرات التي فرضتها مرحلة ما بعد السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 وطوفان الأقصى.
وفي قراءة معمقة نشرها عبر حسابه بموقع "إكس"، تتبع عبد القادر فايز، مدير مكتب الجزيرة في طهران والصحفي المتخصص في الدراسات الإيرانية، مسار التفاوض بين الجانبين عبر تحليل دقيق يستعرض العوامل التي تدفع الطرفين للجلوس إلى الطاولة مرة أخرى، والتحديات التي تعترض طريقهما نحو اتفاق جديد.
فمنذ انتصار الثورة الإيرانية عام 1979، ظلت العلاقة بين طهران وواشنطن محكومة بمعادلة "لا حرب ولا سلام"، لكن مع مجيء الرئيس الأميركي دونالد ترامب، برزت محاولة لفرض معادلة جديدة تقوم على إما الحرب أو السلام الكامل، وهو ما وضع التفاوض أمام منعطف مصيري.
بالمقابل، سعت إيران إلى صياغة معادلة خاصة بها عبر تثبيت مفهوم "لا حرب ونصف سلام"، في محاولة لشراء الوقت وترسيخ مكتسباتها الإقليمية دون الانخراط في مواجهة مباشرة مع القوة العظمى.
دوافع التفاوض
ويُجمع المراقبون، وفق قراءة فايز، على أن الضرورة الأمنية شكلت المحرك الأساسي لكل جولات التفاوض بين الجانبين، حيث دفعت الضرورات الأمنية والمصالح العليا كل طرف إلى تبني الحوار كأداة لتفادي الصدام المباشر باهظ التكلفة.
إعلانوتاريخيا، خاضت طهران وواشنطن 6 جولات تفاوضية مهمة، بدءا بمحاولة إبقاء العلاقات قائمة بعد الثورة، مرورا بأزمة الرهائن وصفقة "إيران-كونترا"، وصولا إلى المحادثات النووية التي أثمرت اتفاق 2015، وكلها كانت مدفوعة بالضرورات الأمنية.
ومع التحولات الأخيرة، بدا واضحا أن نمط المفاوضات تغير بشكل جذري، إذ لم تعد المسألة مجرد تفاوض دبلوماسي بين إدارات، بل أصبحت عملية تفاوض بين رأس النظام الإيراني والرئيس الأميركي بشكل مباشر، مما أكسبها طابعا أكثر حساسية وتعقيدا.
منطلقات مختلفةوتشير قراءة عبد القادر فايز إلى أن المفاوضات الحالية انطلقت دون شروط مسبقة، حيث لم تعد واشنطن تشترط العودة إلى الاتفاق النووي، ولم توقف طهران تخصيب اليورانيوم بنسبة 60%، مما خلق أرضية تفاوضية انطلقت من الواقع القائم بدلا من محاولة الرجوع إلى الوراء.
كذلك، تتسم الجولة الراهنة بطابع تفاوضي ثنائي مباشر بصيغة 1+1 بين إيران وأميركا، مع استمرار دول مثل روسيا والصين والترويكا الأوروبية بلعب أدوار خلف الستار عبر قنوات اتصال غير مباشرة.
ومن اللافت أن المفاوضات الراهنة تجاوزت مرحلة التمهيد الطويل، إذ لم تسبقها جلسات تمهيدية مطولة، بل انطلقت مباشرة بقرارات سياسية عليا، في دلالة على حجم الضغوط الداخلية والخارجية التي تحيط بالجانبين.
ضمانات ممكنة
ورغم ذلك، تبقى مسألة الضمانات العقبة الكبرى أمام أي اتفاق، إذ تطالب أميركا بضمانات مادية تمنع إيران من تطوير سلاح نووي، في حين تصر طهران على ضمانات ملموسة بعدم انسحاب واشنطن مجددا من أي اتفاق يتم التوصل إليه.
ويرصد فايز في قراءته أفكارا مطروحة لحل معضلة الضمانات الإيرانية، تتمثل في دور موسع للوكالة الدولية للطاقة الذرية، إلى جانب إشراك روسيا والصين كضامنين، أو حتى تأسيس صيغة إقليمية لتخصيب اليورانيوم بمشاركة دول حليفة لواشنطن.
إعلانأما الضمانات الأميركية الممكنة، فتشمل عرض الاتفاق على الكونغرس لتحويله إلى اتفاقية ملزمة قانونيا، والدخول في استثمارات اقتصادية داخل إيران، ومنع فرض عقوبات جديدة ترتبط بملفات أخرى، رغم صعوبة ضمان النقطة الأخيرة.
عوامل مؤثرةوفي سياق آخر، رصدت القراءة مستجدات نوعية مؤثرة في سير المفاوضات، أبرزها تبدل الموقف الإقليمي، حيث باتت إسرائيل تقف وحيدة نسبيا في معارضة الاتفاق، لكنها أصبحت أكثر جرأة في التلويح بالخيار العسكري المباشر ضد إيران.
وفي المقابل، راكمت إيران قدرات نووية مهمة منذ 2015، شملت تخصيب اليورانيوم بنسب تصل إلى 60%، وزيادة أعداد وأصناف أجهزة الطرد المركزي، مما منحها أوراق ضغط إضافية على طاولة المفاوضات.
ومع ذلك، أضعفت التطورات العسكرية الأخيرة في غزة وسوريا ولبنان واليمن نفوذ إيران الإقليمي خارج نطاق قدراتها النووية، مما انعكس سلبا على موقفها التفاوضي، وفرض معادلات جديدة لا يمكن تجاهلها.
كما تغير موقف روسيا والصين مقارنة بمفاوضات 2015، حيث يبدو أن موسكو وبكين تدفعان اليوم بجدية نحو إنجاح التفاوض، انسجاما مع أهدافهما الإستراتيجية في تحجيم النفوذ الأميركي بالمنطقة.
وتتداخل معطيات الداخل الإيراني بدورها في رسم ملامح التفاوض، فالضغوط الاقتصادية والاجتماعية أصبحت اليوم محددا مركزيا وليس هامشيا، مما يزيد من إلحاح القيادة الإيرانية على رفع العقوبات وتحقيق انفراجة اقتصادية سريعة.
ويضاف إلى ذلك عامل الوقت الضاغط على كلا الطرفين، إذ يسعى ترامب إلى إنجاز اتفاق شامل خلال فترة قياسية، في حين تحتاج طهران بشدة إلى تخفيف الضغط الاقتصادي قبل حلول مواعيد مفصلية قريبة مثل تقرير الوكالة الدولية للطاقة الذرية وانتهاء بعض بنود اتفاق 2015.
مآلات متوقعة
تشير المعطيات، وفق تحليل عبد القادر فايز، إلى أن كلا الطرفين مضطران للوصول إلى صيغة اتفاق جديدة، تتيح الخروج من معادلة "لا حرب ولا سلام"، وتفتح الباب أمام ترتيب مشهد إقليمي مغاير لما قبل السابع من أكتوبر/تشرين الأول.
إعلانففي الوقت الذي يأمل فيه ترامب تسويق الاتفاق كإنجاز تاريخي يغير خريطة الشرق الأوسط دون طلقة واحدة، تسعى إيران لإعادة تموضع داخلي وخارجي ينسجم مع المعطيات الجديدة، ويحصنها أمام الضغوط الإقليمية والدولية المتزايدة.
ويبدو أن نجاح هذا المسار، أو إخفاقه، سيتحدد في غضون أشهر قليلة، مع دخول مفاوضات الوقت الحرج، وسط مراقبة دقيقة لكل إشارة تصدر عن طهران وواشنطن، ولأي تحرك على رقعة الشطرنج النووي التي باتت أكثر تعقيدا من أي وقت مضى.