الإعلام العماني.. وسياسة التوازنات
تاريخ النشر: 4th, March 2024 GMT
سجلت سلطنة عمان تقدمًا في مؤشر الإعلام ضمن عدة مؤشرات تشكّل مجتمعة مؤشر القوة الناعمة الذي تصدره مؤسسة براند فاينانس البريطانية.. وتقدمت سلطنة عمان في هذا المؤشر من المرتبة 46 إلى المرتبة 40، وهي السنة الثانية التي تتقدم فيها سلطنة عمان في مؤشر الإعلام، حيث كانت قد تقدمت العام الماضي من المرتبة 51 إلى المرتبة 46، ما يعني تقدمها 11 مرتبة خلال عامين فقط.
وفي الحقيقة لا يمكن فهم الدور الكبير الذي قام به الإعلام العماني خلال العقود الخمسة الماضية في معزل عن فهم السياق التاريخي والمتغيرات التي شهدتها المنطقة التي نعيش فيها بكل تحدياتها السياسية والاقتصادية والأمنية والأيديولوجية والأخلاقية القيمية، وكلها تحديات استطاع الإعلام العماني أن يتجاوزها ويتعامل معها بوعي كبير.
وبهذا المعنى لا يمكن الحديث عن استقرار المجتمع العماني، وتمسّكه بأصالته وبقيمه دون الحديث عن دور الإعلام، كما لا يمكن الحديث عن السلم الاجتماعي والوحدة الوطنية دون الحديث عن دور الإعلام، وهذه الثيمات هي الأكثر دوامًا عندما نتحدث عن رسوخ البناء، أما التحديات الآنية وربما الأخطاء فهي موجودة ولا يخلو منها أي عمل فكيف بالعمل الإعلامي اليومي، بل اللحظي الذي يستمر على مدار الساعة دون انقطاع وكل تفاصيله أمام الجمهور العام الذي له توجهاته ومتطلباته وتفضيلاته وقراءته ومرجعياته لكل كلمة تُكتب أو تُقال فيه.. لكن العبرة في القدرة على تجاوز التحديات وتصويب الأخطاء متى ما وُجِدت والتأسيس لممارسات إعلامية تسعى لبناء الوعي الجمعي في المجتمع.
إن التضحيات الكبيرة التي قدمها الإعلاميون منذ مرحلة التأسيس حتى اليوم كلها أسهمت في هذه اللحظة التي يتقدم فيها الإعلام العماني نحو المراتب العليا، فكل مرحلة أسست للمرحلة التي جاءت بعدها.
وإذا كان المجتمع العماني قد استطاع أن يبقى بعيدًا عن التأثر بالصراعات الأيديولوجية والمذهبية والطائفية وبالتشدد والإرهاب الذي بُليت به المنطقة فإن الفضل في الكثير من ذلك يعود لاتزان الخطاب السياسي والخطاب الديني وكلها خطابات تمثلها وعكسها بوعي تام الخطاب الإعلامي، الذي أسهم في بناء الوعي الداخلي، وبناء الصورة الذهنية عن عمان وعن شعبها في الخارج فصار يُضرب المثل بالسياسة العمانية وبالمجتمع العماني وبالفرد العماني الذي خلقت منه الظروف مجتمعة بما في ذلك الإعلام شخصًا متّزنًا واثقًا من نفسه ومتطلعًا لمستقبله دون تشدد أو شطط أو نظرة عدائية للآخر.
وهذا البناء معقد، وصناعة التوازن فيه خاصة في هذا الإقليم الذي ننتمي له وفي ظل كل هذه الظروف والتحديات أمر صعب جدًا.. ويحتار البعض ممن يفهم لعبة التوازنات السياسية كيف ينجح الإعلام العماني فيه بامتياز وبعلامة كاملة. وفي الحقيقة تستحق الدبلوماسية الإعلامية العمانية أن تُدرس وتُدرّس ففيها من العبقرية العمانية المتراكمة عبر الزمن الشيء الكثير، وفيها من الحنكة السياسية ما يكفي لبقاء السلم الاجتماعي واللحمة الوطنية ثابتة وراسخة عبر الزمن.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: الإعلام العمانی سلطنة عمان الحدیث عن
إقرأ أيضاً:
مذاهب الفقهاء في تعدد المساجد التي تصحّ فيها الجمعة بالبلدة الواحدة
قالت دار الإفتاء المصرية إنَّ المقصود من صلاة الجمعة هو اجتماع المسلمين في مكان واحد خاشعين متذلّلين لرب العاملين، شاعرين بالعبودية له وحده، متأثرة نفوسهم بعظمة الخالق الذي اجتمعوا لعبادته، متجهين جميعًا في خضوع إلى وجهه الكريم، فلا سلطان ولا عظمة لا كبرياء ولا جاه إلا لله وحده.
وأوضحت الإفتاء أنه اختلفت آراء المذاهب الأربعة في صحَّة الجمعة وعدم صحتها عند تعدد الأماكن أو المساجد التي تصحّ فيها الجمعة في البلدة الواحدة، وفيما هو واجب على المسلمين إذا لم تصحّ الجمعة.
مذهب الحنفية في تعدد المساجد التي تصحّ فيها الجمعة في البلدة الواحدةقال الحنفية إن الرأي الصحيح والراجح عندهم أن تعدّد المساجد والأماكن التي تصحّ فيها الجمعة لا يؤثر في صحة الجمعة ولو سبق بعضها الآخر، وذلك بشرط أن لا يحصل عند المُصَلّي اليقين بأنّ غيره من المصلين في المساجد أو الأماكن الأخرى قد سبقه في صلاة الجمعة؛ فإذا حصل له هذا اليقين وجب عليه أن يصلي أربع ركعات بنية أخرى ظهرًا بتسليمة واحدة، والأولى أن يُصَلّي هذه الركعات بعد أن يصلي أربع ركعات سنة الجمعة، والأفضل كذلك أن يصلّيها في بيته حتى لا يعتقد العامة أنَّها فرض.
مذهب الشافعية في تعدد المساجد التي تصحّ فيها الجمعة في البلدة الواحدة
وقال الشافعية: إذا تعدَّدت الأمكنة التي تصلح فيها الجمعة لا يخلو إما أن يكون تعدّد هذه الأماكن لحاجة أو ضرورة كأن يضيق المسجد الواحد عن أهل البلدة، وإما أن يكون تعدّد هذه الأماكن لغير حاجة أو ضرورة؛ ففي الحالة الأولى: وهي ما إذا كان التعدّد للحاجة أو الضرورة؛ فإنَّ الجمعة تصلّى في جميعها ويُندَب أن يصلي الناس الظهر بعد الجمعة.
أما في الحالة الثانية: وهي ما إذا كان التعدّد لغير حاجة أو ضرورة فإنَّ الجمعة لمَن سبق بالصلاة بشرط أن يثبت يقينًا أنَّ الجماعة التي صلت في هذا المكان سبقت غيرها بتكبيرة الإحرام، أمَّا إذا لم يثبت ذلك بأن ثبت بأنهم صلّوا في جميع المساجد في وقت واحد بأن كبروا تكبيرة الإحرام معًا في لحظة واحدة أو وقع الشك في أنهم كبروا معًا أو في سبق أحدهم بالتكبير؛ فإنّ الصلاة تبطل في جميع المساجد ويجب عليهم جميعًا أن يجتمعوا في مكان واحد ويعيدوها جمعة إن أمكن ذلك وإن لم يمكن صلوها ظهرًا. تراجع "حاشية العلامة البيجرمي على شرح المنهاج" (2/ 194، ط. دار الفكر).
مذهب المالكية في تعدد المساجد التي تصحّ فيها الجمعة في البلدة الواحدة
ذهب المالكية إلى أنَّ الجمعة إنما تصحّ في المسجد العتيق، وهو ما أقيمت فيه الجمعة أولًا ولو تأخر أداؤها فيه عن أدائها في غيره ولو كان بناؤه متأخرًا، وتصحّ في الجديد الأحوال الآتية:
- أن يُهجر العتيق وينقلها الناس إلى الجديد.
- أن يحكم حاكم بصحتها في الجديد.
- أن يكون القديم ضيقًا ولا يمكن توسعته؛ فيحتاج الناس إلى الجديد.
- أن تكون هناك عداوة بين طائفتين بالبلد الواحد ويخشى من اجتماعهما في مسجد واحد حدوث ضرر لإحداهما من الأخرى؛ فإنه يجوز لأيّهما اتخاذ مسجد في ناحية يصلون فيه الجمعة ما دامت العداوة قائمة، وذهب بعض المالكية إلى جواز تعدّد الجمعة إذا كان البلد كبيرًا؛ قال العلامة الدسوقي في "حاشيته على الشرح الكبير" (1/ 374، ط. دار الفكر) بعد أن ذكر ما سبق: [وقد جرى العمل به] اهـ.
مذهب الحنابلة في تعدد المساجد التي تصحّ فيها الجمعة في البلدة الواحدة
ذهبوا الحنابلة إلى أنّ تعدّد الأماكن التي تُقَام فيها الجمعة في البلدة الواحدة إما أن يكون لحاجة أو لغير حاجة: فإن كان لحاجة كضيق مساجد البلدة عمَّن تصح منهم الجمعة، وإن لم تجب عليهم وإن لم يصلوا فعلًا؛ فإنه يجوز وتصحّ الجمعة في جميع المساجد سواء كانت صلاة الجمعة في هذه المساجد بإذن ولي الأمر أم بدون إذنه، وفي هذه الحالة الأَوْلَى أن يصلى الظهر بعدها.
أمَّا إذا كان تعدّد المساجد لغير حاجة؛ فإنَّ الجمعة لا تصحّ إلا في المكان الذي أذن ولي الأمر بإقامة الجمعة فيه، ولا تصحّ الجمعة في غيره حتى ولو سبقت، وإذا أذن ولي الأمر بإقامتها في مساجد متعددة لغير حاجة أو لم يأذن أصلًا؛ فالصحيحة فيها ما سبقت غيرها بتكبيرة الإحرام، فإن وقعت الصلاة في وقت واحد بأن كبروا تكبيرة الإحرام معًا بطلت صلاة الجميع إن تيقنوا ذلك، فإن أمكن إعادتها جمعة أعادوها وإن لم يمكن صلوها ظهرًا.
وإذا لم تعلم الجمعة السابقة؛ فإنّ الجمعة تصحّ في مسجد غير معين فلا تعاد جمعة، ولكن على الجميع أن يصلوها ظهرًا. يراجع "تصحيح الفروع" للعلامة المقدسي الحنبلي (3/ 158، ط. مؤسسة الرسالة)، وقال في "الإقناع" (2/ 39، ط. دار الكتب العلمية): [إنَّ الجمعةَ تصح في مواضع من غير نكير فكان إجماعًا، قال الطحاوي: وهو الصحيح من مذهبنا، وأما كونه صلى الله عليه وآله وسلم لم يقمها ولا أحد من الصحابة في أكثر من موضع؛ فلعدم الحاجة إليه] اهـ.