الحرية الاقتصادية والرفاه الاقتصادي
تاريخ النشر: 4th, March 2024 GMT
مؤشر الحرية الاقتصادية هو أحد أجزاء الاقتصاد المؤسسي الجديد، ويدرس العلاقة بين المؤسسات السياسية والاقتصادية والتنمية الاقتصادية، بمعنى أوضح؛ يقيس حرية القوانين واللوائح والضرائب والسياسات الاقتصادية للبلدان المختلفة من عدمها. ويشير إلى أن البلدان الأكثر حرية اقتصاديًا تميل إلى تحقيق معدلات أعلى من النمو الاقتصادي ودخل الفرد مما يعزز الرفاه الاقتصادي والمجتمعي للأفراد عبر زيادة نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي.
ومع استمرار التعديلات والسياسات المالية والاقتصادية التي أقرتها الحكومة منذ سنوات وثبت نجاحها ونالت إشادة المؤسسات الدولية المالية، ستواصل سلطنة عُمان في تحقيق ارتفاعات في الإيرادات المالية لعام 2024م، وسيكون الاقتصاد العُماني ضمن أكبر الاقتصادات العالمية خلال السنوات القادمة.
إن التسهيلات والحوافز التي تحظى بها المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في سلطنة عُمان مدعومة بالتشريعات والقوانين الداعمة لبيئة الأعمال ساعدت في الحصول على المرتبة الـ56 عالميًا عبر تحسّن المؤشرات الفرعية أبرزها مؤشر العبء الضريبي الذي يتضمّن المستوى العام للضرائب مثل ضريبة الدخل وضريبة الشركات والضرائب الأخرى ليقترب كثيرا من الدرجة الكاملة؛ إذ حصلت سلطنة عُمان على درجة 97.6 من 100 في مؤشر العبء الضريبي، و80.3 من 100 في مؤشر الحرية النقدية، و76.2 من 100 في مؤشر حرية التجارة، وهناك فرصة كبيرة لوصول سلطنة عُمان للمرتبة الـ40 عالميًا في مؤشر الحرية الاقتصادية ضمن مستهدفات رؤية عُمان 2040، فلم يتبقّ سوى 16 مركزًا للوصول للمركز المستهدف، وفي ظني أن سلطنة عُمان ستتجاوز المرتبة الـ40 عالميًا في المؤشر بفضل فاعلية السياسات الاقتصادية والمالية واستمرار تحسّن مؤشرات الاقتصاد الكلي التي أبرزها مؤشرات التضخم والباحثين عن عمل. حقيقة ننظر بتفاؤل وارتياح للمرحلة القادمة التي تحمّل في طيّاتها العديد من الأخبار الإيجابية للاقتصاد العُماني الذي أصبح نموذجًا للاقتصادات الناجحة التي تجاوزت التحديات الاقتصادية، وفي ظل استمرار تحسّن مؤشرات الاقتصاد العُماني وتحسّن التصنيف الائتماني لسلطنة عُمان؛ فإنه من المتوقّع أن يرتفع التصنيف الائتماني قريبًا، ويصل إلى الجدارة الائتمانية الاستثمارية، وأرى أن تقدّم سلطنة عُمان 39 مركزًا في مؤشر الحرية الاقتصادية هو إحدى ثمار الجهود المبذولة لتنمية الاقتصاد العُماني وتطوّره.
راشد بن عبدالله الشيذاني باحث ومحلل اقتصادي
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: الاقتصاد الع مانی من 100 فی مرکز ا ن مؤشر
إقرأ أيضاً:
إيكونوميست: خطة ترامب الاقتصادية تهدّد أسس الازدهار الأميركي
في الوقت الذي تنفس فيه الاقتصاد الأميركي الصعداء بعد موجة ذعر أعقبت فرض الرئيس دونالد ترامب رسومًا جمركية تحت عنوان "يوم التحرير" في أبريل/نيسان الماضي، أطلقت مجلة إيكونوميست تحذيرًا واضحا في تقرير حديث لها، من أن مشروع "القانون الكبير الجميل" الذي أُقرّ في مجلسي الشيوخ والنواب مطلع هذا الشهر، لا يُبشّر بازدهار، بل يهدّد بنسف القواعد التي بُني عليها الاقتصاد الأميركي الحديث.
عجز مالي يُذكّر بالحرب العالمية الثانيةأبرز ما في "القانون الكبير الجميل" هو تمديد التخفيضات الضريبية التي أقرها ترامب في ولايته الأولى، والتي كانت من المفترض أن تنتهي قريبًا.
ورغم أن الجمهوريين يروّجون لهذه الخطوة باعتبارها "إبقاءً على الوضع القائم"، إلا أن إيكونوميست تؤكد أن "الوضع القائم غير قابل للاستمرار أصلًا".
وتُشير الأرقام الرسمية إلى أن العجز في الميزانية الأميركية بلغ 6.7% من الناتج المحلي الإجمالي خلال الأشهر الـ12 الماضية، ومع تطبيق القانون الجديد، من المتوقع أن تستمر هذه النسبة المرتفعة، ليتجاوز الدين الأميركي نسبة 106% من الناتج خلال عامين فقط، وهو ما يعادل أعلى مستوى سُجّل بعد الحرب العالمية الثانية.
ورغم الإيرادات الناتجة عن الرسوم الجمركية، فإنها لا تكفي لوقف تصاعد الدين، ما يعني أن "الانزلاق نحو أزمة مالية سيستمر بلا كوابح"، على حدّ تعبير المجلة.
وفي الوقت الذي تتجه فيه معظم الدول المتقدمة إلى رفع سن التقاعد لمواجهة شيخوخة السكان، يختار القانون الأميركي الجديد الاتجاه المعاكس: تخفيضات ضريبية لفئة المتقاعدين، مقابل خفض تمويل "ميديكيد" وهو برنامج التأمين الصحي للفقراء.
وتوقعت التقديرات الرسمية أن يؤدي ذلك إلى حرمان نحو 12 مليون أميركي من التأمين الصحي، في بلد يُفترض أنه الأغنى عالميًا.
إعلانكما أُدخلت شروط عمل معقدة للحصول على بعض المساعدات، وهي شروط وصفتها المجلة بأنها "متاهة بيروقراطية لا تحقّق نتائج فعلية في رفع نسبة التشغيل".
حنين للوقود الأحفوريومن أبرز ما تضمّنه "القانون الكبير الجميل" أيضًا، إلغاء الحوافز الضريبية التي أقرها الرئيس السابق جو بايدن لصالح مشاريع الطاقة النظيفة، تحت ذريعة أن هذه الحوافز كانت مشروطة بسياسات حمائية مثل "صُنِع في أميركا".
لكن إيكونوميست تحذّر من أن هذه الخطوة "تعني عمليًا غياب أي سياسة اتحادية واضحة لتقليل انبعاثات الكربون"، مما سيزيد من إجمالي انبعاثات الغازات الدفيئة ويضر بقدرة أميركا على خوض سباق الذكاء الاصطناعي، الذي يعتمد جزئيًا على وفرة الكهرباء.
وكتبت المجلة "العودة إلى الوقود الأحفوري ليست فقط قصيرة النظر، بل تُضعف مكانة أميركا المستقبلية في مجالات التقنية والطاقة".
أزمة ديمقراطية تشريعيةالمجلة لم تغفل عن انتقاد الطريقة التي أُقرّ بها القانون، مشيرة إلى أن تمريره عبر ما يُعرف بآلية "التصويت الجماعي" داخل مجلس الشيوخ، كشف عن "اختلال جوهري في قدرة النظام التشريعي الأميركي على التدقيق والإصلاح".
وذكرت أن "أحزاب الحكم لا تحظى بسوى فرصة واحدة في السنة لتمرير قانون ضريبي أو إنفاقي بأغلبية 51 صوتًا فقط، ما يدفعها لتكديس كل شيء في مشروع واحد، بغض النظر عن الجودة والمضمون".
ورغم أن إدارة ترامب تتوقع نموًا بنسبة 5% خلال السنوات الأربع المقبلة، ترى إيكونوميست أن هذه التوقعات "متفائلة بشكل مضلل". فمع ارتفاع أسعار الفائدة إلى 3 أضعاف ما كانت عليه عند التخفيضات السابقة، فإن الحوافز الضريبية المحدودة الحالية لن تُحدث نموًا يُذكر، خصوصًا أن كثيرًا من الإعفاءات الجديدة مجرّد "حِيَل انتخابية"، مثل إعفاءات على الإكراميات والعمل الإضافي.
وتُشير تقديرات بنك "غولدمان ساكس" إلى أنه في حال تأخرت أميركا في الإصلاح المالي 10 سنوات أخرى، فإنها ستضطر حينها إلى تقليص الإنفاق أو زيادة الضرائب بمعدل 5.5% من الناتج المحلي سنويًا وهو مستوى تقشف يفوق ما شهده الاتحاد الأوروبي في أزمته السيادية خلال عقد 2010.
ورغم انتعاش المؤشرات في الأسواق الأميركية، تُنذر مؤشرات أخرى بانزلاق طويل الأمد: فقد تراجع الدولار بنسبة 11% منذ بداية العام، في إشارة إلى "مخاطر حقيقية تتزايد على المدى الطويل".
وتحذّر المجلة من أن هجمات ترامب المتكررة على الاحتياطي الفدرالي، وتقليصه لتمويل البحث العلمي، وتهديده لسيادة القانون، كلها عوامل "تجعل مناخ الاستثمار في أميركا أكثر تقلبًا وخطورة".
واختتمت إيكونوميست تقريرها بتشخيص قاتم، مؤكدة أن "الاقتصاد الأميركي في طريقه إلى أزمة انفجار صامتة، حيث تُخفي الإيجابيات الظاهرة هشاشة عميقة في السياسات والبُنى المالية".
وكتبت المجلة "ترامب لا يهاجم خصومه فقط، بل يهاجم الأعمدة التي جعلت من أميركا دولة عظيمة اقتصاديًا. وإذا استمر هذا النهج، فإن السؤال لن يكون متى تنمو أميركا، بل متى تنهار".