غزة في براثن الجوع.. الأرقام تكشف حقائق مأساوية
تاريخ النشر: 4th, March 2024 GMT
مع اتساع نطاق الأزمة الإنسانية في غزة، يحذر مسؤولون من حدوث مجاعة وشيكة في القطاع، بينما لا تصل المساعدات بشكل كاف لمئات الآلاف السكان.
وتقول الأمم المتحدة إن أكثر من نصف مليون شخص في غزة يواجهون خطر المجاعة في ظل الحصار الذي فرضته إسرائيل على القطاع، في حين اتهمت منظمات حقوقية إسرائيل باستخدام السلاح أداة للتجويع، وهي اتهامات نفتها الأخيرة.
وقابلت منظمة هيومن رايتس ووتش 11 فلسطينيا نازحا في غزة بين 24 نوفمبر و4 ديسمبر الماضيين، وقد وصفوا الصعوبات الشديدة التي يواجهونها في تأمين الضروريات الأساسية.
وقال رجل غادر شمال غزة: "لم يكن لدينا طعام، ولا كهرباء، ولا إنترنت، لا شيء على الإطلاق. لا نعرف كيف نجونا".
وفي جنوب غزة، وصف الأشخاص الذين أجريت معهم مقابلات ندرة المياه الصالحة للشرب، ونقص الغذاء الذي أدى إلى خلو المتاجر والطوابير الطويلة، والأسعار الباهظة.
وقال أب لطفلين: "تبحث باستمرار عن الأشياء اللازمة لتعيش".
وأفاد برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة في 6 ديسمبر بأن 9 من كل 10 أسر في شمال غزة وأسرتين من كل ثلاثة في جنوب غزة أمضوا يوما كاملا وليلة كاملة على الأقل دون طعام.
ويقول البرنامج إن اللحوم والبيض والوجبات المطبوخة باتت شيئا من الماضي لسكان القطاع.
وقالت منى، وهي أم اضطرت أيضا إلى الفرار مع أسرتها تحت النيران، لبرنامج الأغذية العالمي: "سعر علبة البيض الآن 30 شيكلا (حوالي 10 دولارات). سأظل أشتريها رغم ارتفاع سعرها.. لكني لا أستطيع حتى العثور عليها الآن".
وتقول منى، التي لم تتمكن أسرتها من الحصول على الغذاء المناسب منذ ثلاثة أشهر. "أنا أرضع ابنتي ليلا ونهارا. أنا متعبة. أنا لا آكل ما يكفي، ولا أتناول الأطعمة الصحية التي تغذيها باللبن".
وحذرت الأمم المتحدة، الثلاثاء الماضي، من "مجاعة واسعة النطاق لا مفر منها تقريبا" في غزة، خصوصا في شمال القطاع المحاصر، حيث لا تصل المساعدات الإنسانية.
وقال راميش راجاسينغهام، متحدثا باسم منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية مارتن غريفيث: "نحن في نهاية شهر فبراير، يوجد ما لا يقل عن 576 ألف شخص في غزة، أي ربع السكان، على بعد خطوة واحدة من المجاعة.
ويوضح أيضا أن واحدا من كل ستة أطفال تحت سن الثانية في شمال غزة يعانون من سوء التغذية الحاد والهزال، وعمليا، بقي سكان غزة بأكملهم يعتمدون على المساعدات الغذائية الإنسانية غير الكافية للبقاء على قيد الحياة".
وتحدث راجاسينغام عن العقبات التي تمنع توسيع نطاق توصيل الأغذية والخدمات الصحية داعيا إلى "ضمانات أمنية أكثر وضوحا، وتطبيق نظام إخطار إنساني أفضل لتقليل المخاطر، وفرض قيود أقل على معدات الاتصالات، وإزالة الذخائر غير المنفجرة، واستخدام جميع نقاط الدخول الممكنة".
وتتعرض الشرائح الضعيفة من السكان، بما في ذلك الأطفال وكبار السن والأشخاص الذين يعانون من ظروف صحية أساسية، بشكل خاص لخطر سوء التغذية والمجاعة.
وأفادت وزارة الصحة في غزة، نهاية الشهر الماضي، بوفاة طفلين رضيعين في مستشفى كمال عدوان شمال غزة، نتيجة الجفاف وسوء التغذية.
وقال كارل سكاو، نائب المدير التنفيذي لبرنامج الأغذية العالمي، لأعضاء مجلس الأمن، نهاية الشهر الماضي، إن البرنامج مستعد لتوسيع نطاق عملياته بسرعة، إذا كان هناك اتفاق لوقف إطلاق النار.
ولكن في هذه الأثناء، يشير المسؤول، إلى تفاقم خطر المجاعة بسبب عدم القدرة على جلب الإمدادات الغذائية الحيوية إلى غزة بكميات كافية، وظروف العمل شبه المستحيلة التي يواجهها الموظفون على الأرض.
وحذر نائب المدير العام لمنظمة الأغذية والزراعة (الفاو)، ماوريتسيو مارتينا، من أنه "في السيناريو الأكثر ترجيحا، سوف ينهار الإنتاج الزراعي في الشمال بحلول مايو 2024".
وأشار إلى أنه حتى 15 فبراير، تضرر 46.2 في المئة من الأراضي الزراعية في قطاع غزة، ولم تعد 97 في المئة من المياه الجوفية صالحة للاستهلاك البشري، وعلى الرغم من كل ذلك، لاتزال المساعدات الإنسانية تدخل الأراضي الفلسطينية بكميات ضئيلة.
وقال مدير وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، فيليب لازاريني، إنّ شهر فبراير شهد انخفاضا بنسبة 50 في المئة في المساعدات التي تدخل غزة مقارنة بشهر يناير.
وقال جان إيغلاند، الأمين العام للمجلس النرويجي للاجئين، عقب زيارته لغزة: "أطفال غزة يعانون من سوء التغذية بشكل واضح، ويضطرون إلى البحث في الشوارع عن الطعام والمساعدة. من غير المتصور أن يُترك شعب بأكمله ليتضور جوعا بينما تنتظر كميات هائلة من الإمدادات على بعد أميال قليلة عبر الحدود".
وتشير اليونيسيف إلى أن المواد الغذائية والمياه الصالحة للشرب باتت شحيحة للغاية وانتشرت الأمراض "مما يؤثر على تغذية النساء والأطفال ومناعتهم ويؤدي إلى زيادة في حالات سوء التغذية الحاد".
وتحذر اليونيسيف من أنه: "إذا لم ينته الصراع الآن، فسوف تستمر تغذية الأطفال في الانخفاض، مما يؤدي إلى وفيات يمكن الوقاية منها أو مشكلات صحية ستؤثر على أطفال غزة لبقية حياتهم وستكون لها عواقب تتوارثها الأجيال".
ووجدت فحوص التغذية التي أجرتها المنظمة في الملاجئ والمراكز الصحية أن 15.6 في المئة من الأطفال دون سن الثانية يعانون من سوء التغذية الحاد.
ومن بين هؤلاء، يعاني ما يقرب من 3 في المئة من أشد أشكال سوء التغذية خطورة، ما يعرضهم لخطر الوفاة، دون علاج عاجل.
وفي شهر يناير بأكمله، تمكن برنامج الأغذية العالمي من إدخال أربع قوافل فقط إلى غزة، أي حوالي 35 حمولة شاحنة من المواد الغذائية، وهو ما يكفي لحوالي 130000 شخص.
وقال البرنامج: "هذا ليس كافيا حقا لمنع حدوث مجاعة، ونحن نعلم أن مستويات الجوع في مدينة غزة وصلت بالفعل إلى هذا المستوى أو تصل إلى هذا المستوى".
ويقدم برنامج الأغذية العالمي أغذية غنية بالعناصر الغذائية والسعرات الحرارية للأمهات الحوامل والمرضعات، وكذلك الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 5 سنوات.
وقد تلقى حتى الآن 40 ألف طفل وأم هذه الصناديق الوطنية الطوعية. ويهدف برنامج الأغذية العالمي إلى الوصول إلى 450 ألف شخص آخرين في الأيام المقبلة.
ومع ذلك، فإن مواصلة هذه المهمة يعتمد على الوصول الآمن والمنتظم إلى غزة.
المصدر: الحرة
كلمات دلالية: برنامج الأغذیة العالمی الأمم المتحدة سوء التغذیة فی المئة من یعانون من شمال غزة فی غزة
إقرأ أيضاً:
غزة بلا خبز ولا مياه مع تجدد الحصار الإسرائيلي
في ظهيرة أحد الأيام، وخارج فرن زادنا في وسط مدينة غزة، كانت طوابير طويلة من الغزيين تنتظر الحصول على الخبز، مهددة بالتحول إلى فوضى في أي لحظة.
لا يدخل الوقود لتشغيل المولدات أو سيارات الإسعاف أو السيارات العادية
وصرخ أحد عناصر الأمن في الحشود التي كانت تتدافع نحو باب الفرن لتنتظر دورها، لكن أحداً لم يمتثل. وعلى مسافة خطوات، كان الباعة المتجولون يبيعون أرغفة الخبز التي اشتروها في وقت سابق يومها بثلاثة أضعاف سعرها الأصلي. ومع اقتراب موعد الإفطار في شهر رمضان، كان الخبز والماء وغاز الطهي وغيرها من المواد الأساسية في أنحاء غزة شحيحاً مرة أخرى.وتقول صحيفة "نيويورك تايمز" في تحقيق ميداني إن الطوابير لم تكن على هذه الدرجة من اليأس، ولا الأسواق خالية إلى هذا الحد، قبل سريان وقف النار بين إسرائيل وحماس في 19 يناير(كانون الثاني). فقد سمحت الهدنة بتدفق المساعدات إلى غزة للمرة الأولى بعد 15 شهراً من الصراع، الذي لم يتلق فيه السكان سوى القليل من الإمدادات. الضغط على حماس
ولكن لم تصل أي مساعدات منذ 2 مارس (آذار)، يوم منعت إسرائيل دخول كل البضائع في محاولة للضغط على حماس لقبول تمديد مرحلة وقف النار الحالية وإطلاق المزيد من الرهائن في وقت أقرب، بدل الانتقال إلى المرحلة التالية، والتي تنطوي على مفاوضات أكثر تحدياً لإنهاء الحرب بشكل دائم.
The Israeli army is denying the entry of water and food for the 34th consecutive day in northern Gaza. Only functioning hospital, Kamal Adwan, out of water (water tanks targeted by the Israeli army) and medical supplies. No rescuing services. Annihilation. https://t.co/zb61Mm5n0s
— Nicola Perugini (@PeruginiNic) November 7, 2024حالياً، أدى قطع المساعدات، الذي تفاقم بسبب الشراء بدافع الهلع، والتجار عديمي الضمير الذين يرفعون الأسعار على نحوٍ صارخ، إلى ارتفاع الأسعار إلى مستويات لا يستطيع تحملها إلا القليل. ويُجبر نقص الخضراوات والفواكه الطازجة الناس على اللجوء مجدداً إلى الأغذية المعلبة مثل الفاصوليا.
ورغم أن الأطعمة المعلبة توفر السعرات الحرارية، إلا أن الخبراء يقولون إن الناس، والأطفال خاصة يحتاجون إلى نظام غذائي متنوع يتضمن أطعمة طازجة لتفادي سوء التغذية.
وفي الأسابيع الستة الأولى من وقف النار، قدّم عمال الإغاثة والتجار الغذاء لسكان غزة، الذين لا يزال الكثيرون منهم يعانون من سوء التغذية منذ أشهر. كما بدأت الإمدادات الطبية للمستشفيات التي تعرّضت للقصف، والأنابيب البلاستيكية لاستعادة إمدادات المياه، والوقود اللازم لتشغيل كل شيء، بالتدفق.
أظهرت بيانات من منظمات الإغاثة والأمم المتحدة، تحسناً في تغذية الأطفال والنساء الحوامل والأمهات المرضعات. وقالت الأمم المتحدة إن المزيد من المراكز بدأ تقديم علاج سوء التغذية. ولم تكن هذه سوى خطوات صغيرة نحو تخفيف الدمار الذي خلفته الحرب، والتي دمرت أكثر من نصف مباني غزة ودفعت الكثير من سكانها وعددهم مليوني نسمة إلى شفير المجاعة.
MAGA DIPLOMACY — Bread Lines and Salty Drinking Water: Israeli Aid Block Sets Gaza Back Again https://t.co/BomFw3Aao5
— Sam Enderby (@joyfulmoocher) March 15, 2025وحتى مع الزيادة الكبيرة في المساعدات عقب بداية الهدنة، أفاد مسؤولو الصحة في غزة بوفاة ستة رضع على الأقل بسبب انخفاض حرارة الجسم في فبراير(شباط)، بفعل نقص الملابس الدافئة، والبطانيات، والمأوى، والرعاية الطبية، وهو رقمٌ أوردته الأمم المتحدة. ولم يتسن التحقق من صحة هذه التقارير بشكل مستقل.
ولا تزال معظم المستشفيات تعمل جزئياً فقط، هذا إن كانت تعمل على الإطلاق، وحضت منظمات الإغاثة والأمم المتحدة وعدد من الحكومات الغربية، إسرائيل على السماح باستئناف الشحنات، منتقدة استخدامها للمساعدات الإنسانية كأداة للمساومة في المفاوضات، وفي بعض الحالات، قالت إن قطع المساعدات ينتهك القانون الدولي
ويوم الأحد الماضي، قطعت إسرائيل إمدادات الكهرباء عن القطاع، وهي الخطوة التي أدت إلى توقف معظم العمليات في محطة تحلية المياه وحرمت نحو 600 ألفاً في وسط غزة من مياه الشرب النظيفة، وفقاً للأمم المتحدة.
وأشار وزير الطاقة الإسرائيلي إلى أن قطع المياه، قد يكون الخطوة التالية. ويقول مسؤولو الإغاثة إن بعض الآبار لا تزال تعمل في وسط غزة، لكنها لا توفر سوى مياه مالحة، ما يشكل مخاطر صحية طويلة الأمد لشاربيها.
وفي الوقت الحاضر، لا يدخل الوقود لتشغيل المولدات أو سيارات الإسعاف أو السيارات العادية، وتقول إسرائيل، إن نحو 25 ألف شاحنة محملة بالمساعدات دخلت إلى غزة في الأسابيع الأخيرة، ما وفر للناس ما يكفي من الغذاء.
وفقد الكثير من سكان غزة وظائفهم، وأنفقوا مدخراتهم للنجاة من الحرب. وعندما ارتفعت الأسعار بشكل جنوني، صاروا يعتمدون بشكل شبه كامل على المساعدات.
وعلاوة على التحدي المباشر المتمثل في توفير الغذاء، والمياه، والإمدادات الطبية، والخيام لسكان غزة الذين لا يزال الآلاف منهم نازحين، أفاد مسؤولو الإغاثة إن العجز عن جلب الإمدادات، أعاق جهود التعافي على المدى الأطول.