اليمين المتطرف يدعم نتنياهو ويراهن على عودة ترامب
تاريخ النشر: 4th, March 2024 GMT
القدس المحتلة- أجمعت تقديرات محللين أن رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، يعمد إلى إطالة أمد الحرب على غزة من خلال إدارة الصراع وليس التوجه نحو أية تسوية مع الفلسطينيين، حيث تنصب جهوده على البقاء في كرسي رئاسة الوزراء.
كما اتفقت هذه القراءات على أن خطة نتنياهو في إدارة الصراع -رغم الضغوطات الداخلية والخارجية- تتمحور حول الحفاظ على مبدأ لقاء المصالح مع الشركاء في الائتلاف الحكومي المؤلف من 64 من أعضاء الكنيست، وترحيل خطة اليوم التالي للحرب إلى ما بعد انتخابات الرئاسة الأميركية.
وبحسب التحليلات، فإن نتنياهو، الذي يحظى بدعم "اليمين المتطرف" لا يبحث عن أي حلول للقضية الفلسطينية ولا للحرب على غزة ولا لملف المحتجزين الإسرائيليين.
فشل تامكما رجحت هذه التحليلات أن نتنياهو، الذي يواجه المحاكمة بتهم فساد وخيانة الأمانة، يدير كافة هذه الملفات بحثا عن حلول للبقاء في منصب رئيس الوزراء والاستمرار في مسيرته السياسية، والبحث عن أي "صورة انتصار" لترميم مكانته بالمشهد الإسرائيلي.
ولتأطير مثل هذه الصورة، يمضي نتنياهو في سياساته بشأن العدوان على غزة رغم الضغوط الداخلية والخارجية الكبيرة، عبر الاعتماد على الشركاء في الائتلاف الحكومي الذين يتقاطعون معه في كافة الأجندة والسياسات، الأمر الذي مكنه من المناورة والمراوغة حتى في ملف المحتجزين، حيث يضع العراقيل لأفشال صفقة التبادل.
وقال المحلل السياسي المختص في العلاقات الإسرائيلية الأميركية محمد دراوشة إن "نتنياهو الذي يُعتبر فنانا في إدارة الصراعات والأزمات وليس حلها، يعتمد إستراتيجية صراع البقاء على كرسي رئاسة الوزراء، وهو ينجح في ذلك حتى الآن".
وأوضح دراوشة -للجزيرة نت- أن نتنياهو يسعى بسياساته إلى أن يكتب عنه التاريخ أنه سجّل صورة انتصار على حركة المقاومة الإسلامية (حماس) وهو من حرر المحتجزين الإسرائيليين في غزة.
لكن، يقول دراوشة "إن هاتين الصورتين لن تأتيا ولن تتأطرا ولا بأي شكل من الأشكال، وقد أثبتت أشهر الحرب الفشل تلو الآخر عسكريا ودبلوماسيا، وعدم تحقيق أي إنجازات".
ويرى أن نتنياهو يدير الصراع لمنع الوصول إلى مرحلة اليوم التالي لانتهاء الحرب، وهو ما يعني من وجهة نظر إدارة الرئيس الأميركي، جو بادين، والحلفاء الأوروبيين ودول عربية، حل القضية الفلسطينية، وهي الفكرة التي يعارضها نتنياهو أيديولوجيا.
ويعني اليوم التالي بالمشهد السياسي الإسرائيلي، كما يقول دراوشة "الذهاب إلى انتخابات برلمانية مبكرة في مرحلة لا يحظى فيها نتنياهو بالأغلبية في الشارع الإسرائيلي، كما أن لديه إشكالية في ائتلافه المكون من 64 عضوا، إذ يخشى تمرد وزير الدفاع يوآف غالانت الذي تمنحه استطلاعات الرأي 9 مقاعد في حال انشق عن حزب الليكود".
حجب الثقةوأشار المحلل السياسي للعلاقات الإسرائيلية الأميركية إلى أن إسقاط حكومة نتنياهو ليس بالضرورة من خلال التوجه لانتخابات مبكرة، وإنما أيضا حجب الثقة -الذي يحظى بدعم 61 من أعضاء الكنيست- يمكّن من تبديل رئيس الوزراء، وهذا سيناريو غير مستبعد في حال تمرد غالانت ومجموعة صغيرة من 4 أعضاء من الليكود.
وفي ظل هذه التحولات بالساحة السياسية والحزبية، يقول دراوشة "نرى نتنياهو يحاول العودة إلى ائتلاف حكومته الأصلي، وتفكيك حكومة الطوارئ والاستغناء عن الوزيرين في مجلس الحرب بيني غانتس، وغادي إيزنكوت من المعسكر (الوطني) والإعلان أحادي الجانب عن إنهاء الحرب".
ويعتقد المختص بالعلاقات الإسرائيلية الأميركية أن نتنياهو يفضل إنهاء الحرب من جانب واحد دون التوصل إلى أي اتفاق مع حماس، والسعي إلى تثبيت السيطرة الاحتلالية على قطاع غزة، وتقزيم دور غالانت وتحجيمه، والإبقاء على حكومة "اليمين المتطرف" حتى لو كان على حساب صدام قوي مع إدارة بايدن.
أما على الصعيد الخارجي والضغوطات التي تمارس على الحكومة الإسرائيلية، فيقول دراوشة إن "نتنياهو بحالة صدام مع إدارة بايدن والغرب منذ شهرين، حين أعلن أنه يعارض إقامة دولة فلسطينية، وتشاركه كافة أحزاب معسكر اليمين هذا الموقف".
ويشير إلى أن نتنياهو يراهن أيضا على الرأي العام في المجتمع الإسرائيلي، الذي يعارض بشدة الطرح الأميركي بإقامة دولة فلسطينية، ويرى في ذلك تقديم هدية للفلسطينيين مقابل الهجوم المفاجئ الذي تجلى في معركة "طوفان الأقصى".
وأكد دراوشة أن نتنياهو يوجد في حالة تحد مع بايدن، ويلعب في الساحة الأميركية الانتخابية، حيث يعتمد في سياساته على إطالة الحرب على غزة بأسلوب المماطلة والمراوغة ويراهن على فوز دونالد ترامب بالانتخابات الرئاسية التي ستجري في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل.
أزمات متعددة
من جانبه، يعتقد الباحث في الشأن الإسرائيلي أنطوان شلحت أن نتنياهو أمام أزمات متعددة الأبعاد وفي مقدمتها قانون تجنيد الحريديم، إلى جانب النتائج الميدانية للحرب على غزة والتي تتلخص في "صفر إنجازات إستراتيجية".
ويستعرض شلحت -للجزيرة نت- الأزمات الداخلية والخارجية التي تواجه نتنياهو وتتعلق بالفشل العسكري في غزة، قائلا إن "نتنياهو يوهم الرأي العام الإسرائيلي أن الجيش قاب قوسين وأدنى من نصر مطلق، وهو مصطلح أجوف والإصرار عليه والادعاء بإمكانية إطلاق المحتجزين تحت الضغط العسكري هو أيضا بلا رصيد".
ويلفت إلى أن المستوى العسكري الإسرائيلي يخرج خلافا لتصريحات نتنياهو ويؤكد أن الطريق إلى تحقيق أي إنجازات وحسم المعركة ما يزال طويلا، وهو ما يشير إلى تراجع الدعم الدولي لإسرائيل، وعدم شرعية الحرب واستمرارها حتى ببعض الأوساط الإسرائيلية.
ويوضح شلحت أنه رغم عدم حدوث تحول بموقف الولايات المتحدة من الحرب الإسرائيلية على غزة، فإن إدارة بايدن -"الذي يُعتبر رئيسا صهيونيا"- تمادت في توجيه الانتقادات في ظل تصاعد لهجة خطاب واشنطن ضد حكومة نتنياهو، وهي أكثر إدارة انتقادية في تاريخ العلاقات الأميركية الإسرائيلية.
ويعتقد أن نتنياهو يعتمد، في سياساته بالحرب على غزة ومواجهة الأزمات الداخلية والضغوطات الخارجية، على الائتلاف الحكومي الذي يحظى بدعم أحزاب "اليمين المتطرف" وهو الذي يمكّن نتنياهو من تحدي كافة الأطراف وحتى أميركا، والاستمرار في حرب بلا نهاية.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات الیمین المتطرف أن نتنیاهو على غزة إلى أن
إقرأ أيضاً:
ماذا يعني قرار الجنائية الدولية باعتقال نتنياهو وغالانت؟
يمانيون/ تقارير
محكمة الجنايات الدولية تصدر أوامر اعتقال بحق رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، ووزير دفاعه السابق يوآف جالانت.
بيان المحكمة الجنائية الدولية ذكر أن “هناك أسبابا منطقية للاعتقاد بأن نتنياهو وغالانت ارتكبا جرائم وأشرفا على هجمات على السكان المدنيين”.وأوضح: “جرائم الحرب المزعومة تشمل القتل والاضطهاد وغيرها من الأفعال غير الإنسانية”.
وأضاف: “قبول “إسرائيل” باختصاص المحكمة غير ضروري. الكشف عن أوامر الاعتقال هذه يصب في مصلحة الضحايا”. كما أصدرت المحكمة الجنائية الدولية أمر اعتقال بحق القيادي في حركة حماس محمد الضيف.
ماذا يعني قرار الجنائية الدولية بحق نتنياهو وغالانت؟
قرارٌ غير مسبوق، يضعُ إسرائيل لأول مرَّة في دائرة اتهام دولية، يُحرجُ من يدعمها، ويشكلُ سابقة يمكن البناء عليها في ملاحقة مرتكبي جرائم الحرب ومنع الإفلات من العقاب .. لكنْ ما هي أبعاد هذا القرار:
١. إقرارٌ دولي بنزعِ أيِّ شرعية حاولت تل أبيب وواشنطن الاحتماء بها في الحرب على غزة.
٢. الاتهام وُجِّه للمستويين، السياسي ممثلاً في نتنياهو، والعسكري ممثلاً في غالانت، وهذا يفسر غضب مسؤولي الحكومة والمعارضة معاً، لأنه يمكن أنْ يطالَهم مستقبلاً!.
٣. وضعَ نهاية جديِّة للحياة السياسية لنتنياهو، لأنَّ أيَّ محاولة للإصرار على بقائه في السلطة يعني تحدياً للمجتمع الدولي، وعُزلة إضافية لإسرائيل.
٤. فتحَ المجال أمام القضاء في دول عديدة لملاحقة نتنياهو وغالانت وآخرين من المسؤولين في الحكومة الإسرائيلية، وهو ما سيُربك تل أبيب ويضعُ عبئاً على نشاطها الدبلوماسي.
٥. إحراجٌ للإدارة الأمريكية المقبلة (إدارة ترمب)، إذا قررت أنْ تتحدى القرار وتعاقب المحكمة (وفقاً لتهديدات شخصيات أمريكية)، فإنَّ ذلك سيضعها في مأزق قانوني وأخلاقي (هناك من يرى أن تمرير القرار من قبل إدارة بايدن هدفه إرباك إدارة ترمب).
٦. فتح المجال لملاحقة شخصيات أخرى في الحكومة والجيش الإسرائيلي، وفقاً لتوفر أدلة اتهامات لهم بارتكاب جرائم حرب أو جرائم ضد الإنسانية، وكثير من هؤلاء قاموا بنشر صورٍ وأفلامٍ وتصريحات يتفاخرون فيها بما قاموا به من أعمال تناقض القانون الدولي.
٧. التمهيد لملاحقة شخصيات غربية تولت تقديم الدعم لإسرائيل في حربها على غزة، وقد يؤدي ذلك إلى إرباك المشهد السياسي في كثير من الدول الغربية، ويدفع بعضها لوقف تصدير السلاح، أو الدعم اللوجستي الذي يستخدم في العمليات الحربية.
٨. إجبار كثير من الجامعات والمؤسسات الأمريكية والغربية على مراجعة تعاونها مع الجيش الإسرائيلي وحكومة نتنياهو، خشية التعرض لأحكام قضائية تتسبب في تدمير سمعتها وإرغامها على دفع غرامات مالية لضحايا الحرب والجرائم التي ارتكبها نتنياهو وجيشه.
٩. وقف أي تقدم في العملية السياسية بين إسرائيل ودول الإقليم، بالنظر إلى أنَّ بقاء نتنياهو سيمنع حدوث أي لقاء أو تواصل نظراً للتبعات القانونية والسياسية.
١٠. ازدياد عُزلة إسرائيل الدولية في حال بقاء حكم اليمين، وفي حال اللجوء لردود فعل متشنِّجة، مثل مصادرة أراضٍ وبناء مستوطنات، أو تصعيد جرائم الحرب، فإن العُزلة سوف تزداد وتعود سلباً على إسرائيل.
ثمَّة سؤال يُطرح: لماذا سمحتْ واشنطن الآن بصدور قرار الجنائية الدولية، بعد أن عطَّلته لأشهر؟ .. هل قصدتْ منه الانتقام من نتنياهو وزرعَ لغم سينفجر في وجه إدارة ترمب ويضعها في خانة الصدام مع ١٢٠ دولة موقعة على قانون المحكمة الدولية؟