أكبر جزيرة في البحر المتوسط تعلن حال الطوارئ جراء الجفاف
تاريخ النشر: 4th, March 2024 GMT
أعلنت صقلية حال الطوارئ بسبب الجفاف، نظراً إلى أن الأمطار التي طال انتظارها بعد صيف حارق لم تهطل في الشتاء على أكبر جزيرة في البحر الأبيض المتوسط.
«الوضع مأساوي»... بهذا الكلام، تصف ماريلينا باريكا المشهد وهي تتأمل تلال مادوني في شرق مدينة باليرمو، والتي تحولت مراعيها الخصبة إلى ما يشبه سجادة صفراء.
حتى أن التبن في المكان بات بنوعية رديئة لدرجة أن الأبقار لم تعد تأكله.
خارج صقلية، يؤثر هذا الوضع على غرب البحر الأبيض المتوسط برمّته، من شمال أفريقيا إلى إسبانيا، بما في ذلك المناطق الإيطالية الأخرى مثل جزيرة سردينيا.
بسبب تغير المناخ، من المتوقع أن تصبح موجات الجفاف أكثر تواتراً في صقلية، وكذلك الأمطار الغزيرة وموجات الحرّ.
أدت العواصف، التي اجتاحت الجزيرة خلال موسم حصاد التبن في ربيع 2023، إلى إتلاف الأعلاف، ما أدى إلى ظهور سموم خطيرة على الماشية. ومذاك، لم تهطل أي أمطار تقريباً. وبالتالي، لا يوجد تبن ليحل محله.
أبقار مسمومة
ماريلينا، البالغة 47 عاماً، تدير مزرعتها مع شقيقتها، وتنفق ما يقرب من ثلاثة آلاف يورو شهرياً لشراء العلف الذي لم تكن قادرة على إنتاجه بنفسها.
وفي غياب التبن عالي الجودة لاستخدامه في تغذية المواشي، فإن الأمر يرتبط بالنسبة لها بالحفاظ على أبقارها البالغ عددها 150 على قيد الحياة: إذ تنتج الحيوانات حالياً ما بين 17 إلى 18 لتراً فقط من الحليب، مقارنة بـ27 إلى 30 لتراً عادةً.
تقول ماريلينا، وهي طبيبة بيطرية أيضاً، إن أبقار زملائها قد تسممت بسبب الأعلاف الفاسدة، و«لا يمكن أن تنجب عجولاً، وتتعرض لحالات إجهاض تلقائي وينتهي بها الأمر في المسلخ أو حتى تفارق الحياة قبل ذلك».
وتأسف قائلة «علينا أن نستورد علفاً عالي الجودة، لكن تكاليفه باهظة للغاية».
سجلت صقلية ثمانية أشهر من «الجفاف شبه الكامل»، بحسب مرصد الموارد المائية. ولن يكون للأمطار القليلة التي هطلت في الأيام الأخيرة سوى تأثير محدود أو معدوم.
وبحسب وكالة الأرصاد الجوية الإقليمية، كان النصف الثاني من عام 2023 الأكثر جفافاً منذ أكثر من قرن، في حين كانت الجزيرة قد شهدت بالفعل درجة حرارة قياسية على المستوى الأوروبي في عام 2021، عند 48.8 درجة مئوية.
وبسبب عدم قدرتها على ملء خزاناتها، اضطرت صقلية إلى تقنين المياه في عشرات المدن في الجزيرة، ما أثر على حقول القمح وبساتين البرتقال والزيتون.
ثمار ذابلة
يسحق فيتو أمانتيا (67 عاماً)، كتلاً من الأرض المتربة بيديه، باحثاً من دون جدوى عن آثار البذور التي زُرعت في نوفمبر، «والتي كان من المفترض أن تكون قد أنتجت نباتات بطول 50 سنتيمتراً».
ولا تزال القناة القريبة من أرضه متوقفة عن العمل، رغم سنوات من أعمال الصيانة.
في بستانه للبرتقال الذي يستفيد من التربة البركانية الخصبة بالقرب من جبل «إتنا»، لم يعد يُرى سوى ثمار أصغر بكثير من المعتاد أو أخرى ذابلة على الأغصان.
يقول هذا الممثل المحلي لمنظمة «كولديريتي»، وهي الجهة التمثيلية الرئيسية لمشغّلي الأراضي الزراعية في إيطاليا «لا أذكر، وأنا في عمر السبعين عاماً تقريباً، أنني رأيت شيئاً مشابهاً في ما مضى، أو سمعت أن والدي أو جدي اضطرا لمواجهة ما يشبه هذا الوضع».
ووفقا له، فإن 30% من منتجي الليمون في منطقة كاتانيا، ثاني أكبر مدن صقلية، معرضون لخطر الإفلاس.
يقول أندريا توريتي منسق مرصد كوبرنيكوس الأوروبي «ما يقلقنا حقاً هو أن توقعاتنا للأشهر الثلاثة المقبلة بالنسبة للبحر الأبيض المتوسط تشير إلى درجات حرارة أعلى بكثير من المعتاد».
ويواجه حوالى 70% من أراضي صقلية خطر التصحر، ليس فقط بسبب انحباس الأمطار لفترات طويلة، ولكن أيضاً بسبب التوسع الحضري غير المنضبط وهدر المياه، بحسب مرصد الموارد المائية.
وقد أتلفت صقلية 95% من أراضيها الرطبة على مدى السنوات المئة والخمسين الماضية لتحويلها إلى أراضٍ زراعية أو بناء، على الرغم من دورها الرئيسي في منع الجفاف.
إلى ذلك، تُفقد 52% من المياه المتداولة في شبكة إمدادات المياه في صقلية بسبب عمليات التسرب، بحسب المعهد الوطني للإحصاء.
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: صقلية حال الطوارئ الجفاف
إقرأ أيضاً:
العاهل المغربي يدعو لوقف ذبح الأضاحي هذا العام بسبب الجفاف
دعا العاهل المغربي الملك محمد السادس مساء الأربعاء مواطنيه إلى التخلّي عن إقامة شعيرة أضحية العيد هذا العام بسبب التراجع الكبير في أعداد المواشي جراء جفاف حادّ تشهده المملكة للعام السابع تواليا.
وقال الملك في رسالة تلاها وزير الشؤون الدينية أحمد التوفيق عبر التلفزيون العمومي «نهيب بشعبنا العزيز عدم القيام بشعيرة أضحية العيد لهذه السنة»، المرتقب في مطلع يونيو (حزيران). وأوضح أنّ السبب وراء هذا الطلب هو «ما يواجه بلادنا من تحديات مناخية واقتصادية أدت إلى تسجيل تراجع كبير في أعداد الماشية». وفي المغرب الملك هو صاحب القرار في الشؤون الدينية بصفته «أمير المؤمنين».
وتسبّبت موجة جفاف تضرب المغرب للعام السابع على التوالي في تراجع أعداد المواشي «بنسبة 38 في المئة»، مع تسجيل عجز في الأمطار بـ53 بالمئة مقارنة مع متوسط الثلاثين عاما الأخيرة، وفق ما أفاد وزير الزراعة أحمد البواري منتصف فبراير (شباط). وأوضح الملك في الرسالة التي نشرتها وكالة الأنباء المغربية أنّه «أخذا بعين الاعتبار أنّ عيد الأضحى هو سُنّة مؤكدة مع الاستطاعة، فإنّ القيام بها في هذه الظروف الصعبة سيُلحق ضررا محقّقا بفئات كبيرة من أبناء شعبنا، لا سيّما ذوي الدخل المحدود».
ويحظى الاحتفال بعيد الأضحى من خلال ذبح الأضاحي بإقبال كبير في المغرب، خصوصا لدى الأوساط الشعبية. وتسبّب تراجع أعداد المواشي في ارتفاع أسعار اللحوم الحمراء منذ عام، وقد أقرّت الحكومة دعما ماليا لمستورديها لكن من دون أن تتراجع الأسعار، الأمر الذي أثار انتقادات.
وسبق للملك الراحل الحسن الثاني، والد الملك محمد السادس، أن اتّخذ قرارا مماثلا لنفس الأسباب في عام 1996.
وهذه أسوأ دورة جفاف تعيشها المملكة منذ مطلع الثمانينيات.