قالت "هيومن رايتس ووتش" اليوم الإثنين، إن جميع أطراف النزاع في اليمن، ينتهكون بشكل ممنهج حق المرأة في حرية التنقل.

 

وذكرت المنظمة في بيان لها بأن السلطات تمنع النساء من السفر بين المحافظات، وإلى خارج البلاد في بعض الحالات، بدون إذن ولي الأمر أو مرافقة محرم (أحد الأقارب الذكور المباشرين)، مشيرة إلى أن سلطات الحوثيين وسّعت بشدة نطاق القيود في أراضيها على تنقل المرأة منذ سيطرتها على العاصمة صنعاء وجزء كبير من شمال اليمن في السنوات التسع الماضية، بينما قيّدت قوات الحكومة اليمنية والمجلس الانتقالي الجنوبي تنقّل المرأة في الجنوب.

 

وقالت نيكو جعفرنيا، باحثة اليمن والبحرين في هيومن رايتس ووتش: "بدل التركيز على ضمان تلقي الناس في اليمن المياه النظيفة والغذاء وما يكفي من المساعدات، تبذل الأطراف المتحاربة طاقتها في وضع العراقيل أمام حرية تنقل المرأة. هذه القيود لها تأثير هائل على حياة النساء وتعيق قدرتهن على تلقي الرعاية الصحية والتعليم والعمل، وحتى زيارة أسرهنّ".

 

وأشارت هيومن رايتس ووتش إلى أنها تحدثت مع 21 امرأة، معظمهن ناشطات أو نساء يعملن مع منظمات غير حكومية، بين أغسطس/آب ونوفمبر/تشرين الثاني 2023، حول القيود المفروضة على التنقل التي واجهنها، وتأثير ذلك على حياتهن، فضلا عن رجلين يعملان سائقين مستقلين ينقلان الركاب بين المحافظات. كانت النساء من محافظات من مختلف أنحاء اليمن، بما فيها عدن وتعز والحديدة وصنعاء. كما راجعت هيومن رايتس ووتش القوانين واللوائح اليمنية، وكذلك التوجيهات التي تقيّد تنقل المرأة التي وجهها الحوثيون مؤخرا إلى شركات السيارات ووكالات السفر.

 

وخلصت المنظمة إلى أن القيود على التنقل أثّرت على النساء في جميع قطاعات المجتمع اليمني. حيث قالت العديد ممن تمت مقابلتهن إن بعض العناصر في نقاط التفتيش استهدفوا تحديدا النساء العاملات مع المنظمات غير الحكومية وفي المجال الإنساني. مشيرة إلى أن فريق الخبراء المعني باليمن" التابع لـ "الأمم المتحدة" ذكر في تقريره العام 2023 بأنه تلقى تقارير عن منع الحوثيين سفر النساء في المناطق الخاضعة لسيطرتهم.

 

وأشارت إلى أن الأمم المتحدة أفادت بأن هذه القيود على التنقل أجبرت العديد من النساء اليمنيات على ترك وظائفهن في المنظمات غير الحكومية المحلية والدولية ووكالات الأمم المتحدة لعدم وجود قريب لهن قادر على مرافقتهن في السفريات المتصلة بعملهن، ما أفقدهن الدخل الذي تشتد حاجة أسرهنّ إليه، وقطع المساعدات الإنسانية عن النساء والفتيات اليمنيات.

 

وأكدت أن القيود أثّرت على حصول المرأة على التعليم العالي. مشيرة إلى أنه وفي بعض الحالات، رفض السائقون اصطحاب النساء إلى الحرم الجامعي لأنهم يعرفون ما سيواجهونه عند نقاط التفتيش في مناطق تشمل الجنوب. قالت امرأة من تعز: "كنت أحلم بالدراسة للحصول على الماجستير في العلوم السياسية، ولكن يبدو هذا الحلم البسيط الآن مستحيلا بسبب شرط المحرم".

 

قالت ناشطة في حقوق المرأة لـ هيومن رايتس ووتش: "تحطمنا نفسيا. الحديث عن تمكين المرأة يبدو سخيفا عندما لا يكون بإمكاننا حتى التنقّل".

 

وذكرت هيومن رايتس ووتش، بأن قيود الحكومة اليمنية والمجلس الانتقالي الجنوبي والحوثيين على التنقل، تنتهك التزامات اليمن بموجب "اتفاقية الأمم المتحدة للقضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة" (سيداو)، و"العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية"، و"الميثاق العربي لحقوق الإنسان"، وتتعارض مع الدستور اليمني الذي يضمن هذه الحقوق أيضا.

 

وأشارت المنظمة إلى مراسلتها لوزارات حقوق الإنسان التابعة للحوثيين، والمجلس الانتقالي الجنوبي، والحكومة اليمنية في 8 يناير/كانون الثاني 2024، حيث رد المجلس الانتقالي الجنوبي في 17 يناير/كانون الثاني، نافيا أن تكون نقاط التفتيش التابعة له قد أوقفت نساءً سافرن بدون تصريح من أولياء أمورهن، في تناقض مع الأدلة التي لدى هيومن رايتس ووتش.

 

وقالت جعفرنيا: "هذه القيود على التنقل لها آثار كارثية ليس على النساء فحسب، بل على المجتمع اليمني بأكمله أيضا. ينبغي لجميع السلطات الحاكمة أن توقف فورا أي سياسات قائمة تقيّد حركة المرأة، وتضمن أن العناصر في نقاط التفتيش مدربون على حماية الحقوق الأساسية لجميع المقيمين اليمنيين".

 

وعن انتهاكات الحوثيين لحرية تنقل المرأة، قالت المنظمة بأنه ومنذ سيطرة الحوثيين على العاصمة صنعاء العام 2014، بدأت الجماعة تفرض قيود متزايدة على النساء في مختلف مناطقها، التي تشمل الآن معظم شمال غرب اليمن حيث تعيش غالبية السكان.

 

وأشارت المنظمة إلى توثيق "مواطَنة لحقوق الإنسان"، وهي منظمة مدنية يمنية، كيف أدخل الحوثيون شروطا تقضي بسفر النساء مع محرم أو بإذن ولي أمرهن، وفرض لباس محدد، والفصل الجندري في بعض الأماكن العامة، وعرقلة حصول النساء على وسائل منع الحمل. كما سجنوا نساءً بتهم تتعلق بالإخلال بالآداب، منهنّ عارضة الأزياء والممثلة اليمنية انتصار الحمادي، التي ما تزال محتجزة بشكل غير قانوني.

 

وتطرق التقرير إلى ما أفادت به الأمم المتحدة بأنه في يوليو/تموز 2022، وجّهت هيئة النقل البري التابعة للحوثيين مكاتب السفر وتأجير السيارات باشتراط حصول على النساء على موافقة كتابية من ولي أمر ذكر، مع مصادقة رئيس الحي، للسفر أو استئجار سيارة. في أغسطس/آب 2022، حيث أصدرت الهيئة أوامر لمكاتب النقل وشركات تأجير السيارات بمنع النساء من السفر بدون مرافقة محرم.

 

ولفت التقرير، إلى أنه و "في فبراير/شباط 2023، ردت سلطات الحوثيين على الأمم المتحدة، قائلة إنه لا يوجد توجيه جديد من هيئة النقل البري، وإن "جميع القواعد المعمول بها اليوم موجودة منذ سنوات عدة". وادعت كذلك أن "شرط وجود المحرم ليس إجراء تمييزيا". إلا أن هيومن رايتس ووتش اطّلعت على نماذج الإذن من شركات النقل المحلية التي تعكس هذه التوجيهات من الحوثيين".

 

وأردف: "منذ صدور التوجيهات الجديدة، واجهت العديد من النساء اليمنيات مشاكل كبيرة في السفر من صنعاء وإليها. قالت امرأتان تمت مقابلتهما إنهما اتخذتا في العام الماضي القرار الصعب بمغادرة ديارهما في صنعاء والانتقال إلى عدن، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى صعوبات دخول صنعاء ومغادرتها، وهو الأمر الذي يتعين عليهما القيام به بانتظام بهدف العمل وزيارة عائلتيهما في مناطق أخرى من البلاد".

 

وبينت المنظمة، أن سلطات الحوثيين فرضت بشكل متزايد شرطا يقضي بوجوب قيام وكالات الإغاثة، بما فيها المنظمات غير الحكومية المحلية والدولية والوكالات الأممية، بإدراج اسم محرم عند تقديم طلبات السفر لأي موظفة يمنية تسافر للعمل. بحسب الأمم المتحدة، العديد من الموظفات ليس لديهن أقرباء ذكور، ما دفع العديد منهن إلى ترك وظائفهن، ما أدى إلى فقدان عائلاتهن الدخل الذي تحتاج إليه بشدة.

 

ولفت التقرير إلى تعرض النساء للمضايقات عند نقاط التفتيش من قبل العناصر، بما في ذلك التحرش اللفظي والجسدي، مستدلة بحديث امرأة وصفت تعرضها للتحرش من قبل العناصر عند نقاط تفتيش عدة في مختلف أنحاء الجنوب: "عندما وصلتُ إلى نقطة التفتيش الأولى في الضالع، أظهرتُ لهم خمس بطاقات للجامعة والمستشفى الذي أعمل معه في صنعاء، لكنهم ظلوا يسألونني لماذا أسافر وحدي وعما أفعله في صنعاء، ملمّحين إلى أشياء غير أخلاقية ومشينة. واصلوا التحرش بي بشدة".

 

 

 

وقالت النساء إن عناصر نقاط التفتيش، في الشمال والجنوب، يستهدفون تحديدا النساء اللواتي يُعتقد أنهن يعملن مع منظمات غير حكومية. قالت إحدى النساء: "عند نقاط التفتيش، يسألوننا إذا كنا ننتمي إلى منظمات أم لا، وإذا أجبنا بـ "نعم"، يستجوبوننا بشكل أكثر قسوة، ما قد يؤدي إلى مخاطر إضافية".

 

وأكد تقرير المنظمة، أن للقيود آثار خطيرة على وكالات الإغاثة، بما في ذلك النساء اللواتي لديهن وظائف في هذه المنظمات ويتعين عليهن السفر إلى مناطق مختلفة في اليمن؛ وعلى الأسر التي تعتمد على المساعدات الإنسانية؛ وعلى تقييم الاحتياجات الإغاثية التي تشمل النساء والفتيات. قال العديد من المقررين الأمميّين الخاصين في رسالتهم إلى الحوثيين بشأن شرط مرافقة محرم إن "عدم القدرة على السفر تعني أنه لا يمكن أداء مهام العمل البالغة الأهمية، ما يؤدي إلى فقدان خبرة العمل، وهناك تقارير عديدة عن ترك موظفات إغاثة عملهن، وبالتالي خسارة الدخل الذي تحتاج إليه أسرهن بشدة".

 

كما أدت زيادة القيود على تنقل المرأة إلى الحد من حصول المرأة على التعليم، خاصة مع اضطرار العديد من النساء في اليمن إلى السفر إلى مدن أكبر مثل عدن وتعز وصنعاء للالتحاق بالجامعة.

 

وتحدث التقرير عن الآثار المترتبة على صحة المرأة جراء القيود المفروضة على تنقل النساء، إذ يتوجّب على النساء السفر إلى محافظات أخرى، أو حتى إلى الخارج، لتلقي الرعاية الصحية. قالت امرأة إن عمتها، وهي امرأة مسنّة، بحاجة إلى محرم لمرافقتها ذهابا وإيابا بين تعز الخاضعة لسيطرة الحوثيين وتعز الخاضعة لسيطرة الحكومة لتلقي العلاج.

 

وينص الدستور اليمني على أن "المواطنين جميعهم متساوين في الحقوق والواجبات العامة"، وأن "حرية التنقل من مكان إلى آخر في الأراضي اليمنيـة مكفولة لكل مواطن، ولا يجوز تقييدها إلا في الحالات التي يبيّنها القانون لمقتضيات أمن وسلامة المواطنين وحرية الدخـول إلى الجمهورية والخروج منها ينظمها القانون".

 

وقال التقرير بأنه يقع على الحوثيين والمجلس الانتقالي الجنوبي، باعتبارهما مجموعتين مسلحتين غير تابعتين للدولة تمارسان سيطرة فعلية على الأراضي والسكان، الالتزام باحترام وحماية حقوق الإنسان للأفراد والجماعات التي تعيش في أراضيهم.


المصدر: الموقع بوست

كلمات دلالية: صنعاء هيومن رايتس ووتش مليشيا الحوثي الانتقالي انتهاكات والمجلس الانتقالی الجنوبی هیومن رایتس ووتش الأمم المتحدة نقاط التفتیش على التنقل القیود على على النساء النساء فی العدید من عند نقاط فی الیمن بما فی إلى أن

إقرأ أيضاً:

تحقيق أمريكي: اتفاق ستوكهولم الفاشل.. الصفقة الأممية التي أنقذت الحوثيين من الانهيار

كشف تحقيق نشرته صحيفة "ناشيونال انترست" الأمريكية عن العلاقة الخفية بين المنظمات الأممية والتدخلات الأممية في تقوية نفوذ مليشيا الحوثي في اليمن، بالإضافة إلى الدور البارز الذي لعبته واشنطن في تمكين الجماعة من السيطرة الميدانية الواسعة نتيجة القرارات والضغوط الخاطئة على حلفاء الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً، مشيراً إلى أن الفرصة التاريخية سانحة حالياً لتصحيح هذا الخطأ..

وطالب التحقيق، الذي ترجمته وكالة خبر، المجتمع الدولي بضرورة تحمل "مسؤولياته التاريخية في تمكين صعود المليشيا الحوثية خلال الصراع اليمني المستمر منذ عقد. فبينما شكل الدعم الإيراني المستمر -عبر شحنات الأسلحة والتدريب- العمود الفقري للقدرات العسكرية الحوثية، إلا أن السياسات الدولية المتناقضة ساهمت بشكل لا يقل خطورة في تعزيز نفوذ هذه الجماعة".

وأكد التحقيق أن المساعدات الإنسانية تحولت "إلى شريان حياة للنظام الحوثي، بينما حولته الدبلوماسية الغربية المتذبذبة من جماعة متمردة إلى قوة إقليمية تهدد الملاحة الدولية اليوم".

ولفت التحقيق إلى أنه في عام 2016، لم يتجه التركيز الدولي نحو انتهاكات الحوثيين، بل انصب على ما وصفته منظمات دولية غير حكومية بأنه "أسوأ أزمة إنسانية من صنع الإنسان".

وتطرق إلى أن مليشيا الحوثي "استخدمت صوراً لأطفال يمنيين يعانون من سوء التغذية في حملات جمع التبرعات التي نظمتها منظمات مثل "ميرسي كور" و"أوكسفام"، مشيراً إلى أن الأخيرة صرحت بأنها أنفقت ثلث إيراداتها عام 2019 على نفقات غير برامجية تشمل التكاليف الإدارية والتسويقية.

وفي خضم هذا الاهتمام الدولي، يقول التحقيق، إن الحركة الحوثية "استغلت الوضع لتعزيز نفوذها، مما منح قيادتها شرعية سياسية لم تكن تتمتع بها من قبل."، مستشهدا على ذلك بجلوسها مع الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً على طاولة مفاوضات واحدة مما عزز "مكانتها السياسية أكثر من الانتصارات العسكرية وحدها". بل إن الحركة ذهبت إلى أبعد من ذلك حين أعلنت في يوليو 2016 عن تشكيل مجلس سياسي رسمي لإدارة شمال اليمن، في خطوة عززت من ادعائها بالشرعية، وفقا للصحيفة.

مصادر مالية غير مباشرة

وبحسب التحقيق الأمريكي، مثل نموذج المساعدات الإنسانية الدولية أحد المصادر المالية غير المباشرة للحركة الحوثية، حيث أصبح يشكل أحد أكبر المكونات الفردية في الناتج المحلي الإجمالي لليمن.

ويجدد التحقيق تأكيده أن قيادة المليشيا الحوثية المدعومة من إيران "لم تكتف بتحصيل الرسوم العابرة التي تفرضها مليشياتها على المساعدات، بل عززت نفوذها المحلي عبر السيطرة على شبكات توزيع المساعدات الإنسانية، مما أكسبها ولاءً مجتمعيًا في المناطق الخاضعة لسيطرتها".

في المقابل، وجد المزارعون والتجار المحليون أنفسهم عاجزين عن منافسة تدفق المساعدات الغذائية المجانية التي توزعها المنظمات الدولية والأممية، مما دفع بهم إلى هاوية الفقر المتزايد. وأدى هذا الوضع إلى تآكل القاعدة الإنتاجية المحلية، فتحوّل اليمن من بلد يعتمد جزئيًا على إنتاجه الزراعي إلى سوقٍ تعتمد بشكل شبه كامل على الاستيراد والمساعدات الخارجية.

الاتفاق المثير للجدل

وبعد عامين من المفاوضات التي وصفها التحقيق بـ"العقيمة" تحت مظلة الأمم المتحدة، "شن التحالف في سبتمبر 2018 هجوما بريا واسعا لاستعادة ميناء الحديدة الاستراتيجي من قبضة الحوثيين - المنفذ الذي كان يمر عبره 80% من المساعدات الإنسانية، والمصدر الرئيسي لتمويل المليشيا"، الا انه "عندما أوشكت القوات اليمنية-السعودية-الإماراتية على حسم المعركة، تدخل المبعوث الأممي مارتن غريفيث بعملية وساطة عاجلة، نجحت في دفع الأطراف إلى توقيع اتفاق ستوكهولم المثير للجدل في ديسمبر 2018".

لكن الاتفاق -الذي نص على وقف إطلاق النار المحدود وانسحاب القوات من حول الحديدة- بقي حبرا على ورق. وفق تأكيد التحقيق الأمريكي، مشيراً إلى أنه "خلال السنوات الثلاث اللاحقة، استمرت الاشتباكات على جبهات متعددة دون هوادة". وفوق هذا خرج الحوثيون وحدهم كالمستفيد الأكبر من الاتفاق، حيث منحهم شرعية دبلوماسية غير مسبوقة، ورسخ وجودهم كفاعل رئيسي".

وأضاف أنه "في فبراير 2021، شنت الحركة الحوثية- هجوما واسع النطاق استهدف محافظة مأرب، المعقل الأخير للحكومة اليمنية"، لافتا إلى أن "هذا التصعيد في وقت حاسم، حيث أعلنت إدارة بايدن الجديدة عن مراجعة سياستها تجاه الصراع، منتقدةً الضربات الجوية السعودية-الإماراتية ضد المواقع الحوثية، ومعلنةً وقف الدعم الأمريكي الرسمي للتحالف".

وتصاعدت وتيرة التطورات السياسية حين ألغى الرئيس بايدن في مارس 2021 تصنيف الحوثيين كمنظمة إرهابية أجنبية، في خطوةٍ فسرها الكثيرون كمقدمة لدفع الأطراف نحو مفاوضات جديدة، بحسب التحقيق.

وعلى الأرض، استغلت المليشيا الحوثية هذا التحول السياسي، فشنت هجمات مكثفة أجبرت القوات المدعومة سعوديا وإماراتيا على الانسحاب من ثلاث جبهات استراتيجية: الحديدة ومأرب وتعز، حيث سيطر الحوثيون بسرعة على مواقع عسكرية حيوية.

تعقيدات المشهد اليمني

التطورات المتسارعة والتي كانت نتاج قرارات الإدارة الأمريكية في فترات متقاربة وحساسة، يبدو أن المليشيا الحوثية اعتبرتها مؤشراً ليس فقط لتحركها الميداني وانما لرفع سقف مطالبها على طاولة المفاوضات مما زاد المشهد تعقيداً، وهي الحسابات الخاطئة لإدارة بايدن، وأصبح المجتمع الدولي يدفع ثمنها قبل الشعب اليمني الذي غُرق في براثنها جراء ذلك.

يقول التحقيق إن جولات المفاوضات الأممية المتعاقبة للانتصارات الحوثية الأخيرة حققت تقدمًا محدودًا، مما كشف عن تعقيدات المشهد اليمني المتشابك، خصوصا وأن هذا الجمود صاعد من وتيرة "الضغط الدولي على السعودية لإنهاء تدخلها العسكري، ما أدى إلى توقيع اتفاق تاريخي مع إيران في مارس 2023 برعاية صينية".

وقد مثل هذا الاتفاق السعودي-الإيراني تحولًا جيوسياسيًا بارزًا، حيث سعت الرياض -منافستها التقليدية في المنطقة- إلى إيجاد مخرج سياسي لأزمة استنزفت مواردها لأكثر من ثماني سنوات. إلا أن هذا التقارب الإقليمي لم يفضِ إلى تسوية سريعة للأزمة اليمنية، إذ ظلت المليشيا الحوثية تتمسك بمكاسبها العسكرية وتصر على شروطها الخاصة في أي مفاوضات سلام.

وأشار إلى أنه منذ أكتوبر 2023، "تصاعدت التهديدات الحوثية للملاحة الدولية بشكل غير مسبوق، حيث استهدفت المليشيا ممرات الشحن الحيوية في البحر الأحمر بعمليات قرصنة منهجية، وأطلقت صواريخ باليستية تجاه إسرائيل - كل ذلك دون أي محاسبة دولية جدية".

ودق التحقيق ناقوس الخطر من هذه المليشيا الإرهابية، والتي يرى أنها أصبحت قوة "إقليمية خطيرة" في تحول بأقل من عقد من الزمان بعد أن كانت "كيانا محليا"، مشيراً إلى أن السبب في ذلك يعود إلى ما "تمتعت" به من "تمويل غير مباشر عبر شبكات المساعدات الإنسانية". هذا من جانب ومن آخر اتخذت من "اتفاقات وقف إطلاق النار الأممية غطاء للتوسع العسكري"، علاوة على ذلك "منحتها الدبلوماسية الدولية شرعية سياسية مكنتها من الجلوس كندٍّ للحكومة الشرعية".

واختتمت الصحيفة التحقيق بتحميل المجتمع الدولي "مسؤولية تاريخية عن هذا الواقع المأساوي، بعد أن ساهم -عن قصد أو غير قصد- في تعزيز نفوذ جماعة استبدادية احتجزت الشعب اليمني رهينة منذ انقلابها عام 2014".

وتؤكد الصحيفة أن هذه المسؤولية تكمن في الاستفادة الواسعة من "الضربات الجوية الحالية" التي تتلقاها مليشيا الحوثي من القوات الأمريكية، وتعزيزها بـ"العمليات البرية التي تنفذها القوات المعادية للحوثيين"، باعتبارها "الفرصة الأخيرة لتصحيح هذا المسار المشؤوم".

وأشارت إلى أن هذه الجهود سيُكتب لها النجاح، ولكنه مرهون بشرط واحد: "ألا تكرر الأمم المتحدة خطأها الفادح بإعلان وقف إطلاق نار جديد يمنح المليشيا المهلة التي تحتاجها لإعادة تجميع صفوفها".

مقالات مشابهة

  • وزير العمل: جاهزون لتوفير جميع فرص العمل التي يحتاجها الجانب اليوناني
  • شاهد .. القيادات التي يستهدفها ترامب في اليمن
  • المنتدى العالمي للإنتاج المحلي يستعرض سبل تمكين المرأة في الصناعة الدوائية
  • استهداف أمريكي جديد على مواقع الحوثيين وسط اليمن
  • تحقيق أمريكي: اتفاق ستوكهولم الفاشل.. الصفقة الأممية التي أنقذت الحوثيين من الانهيار
  • النسوية.. إرهاصات البداية
  • "القومي للمرأة" يصدر تقريرًا حول صورة النساء في الدراما الرمضانية.. زيادة ملحوظة بمشاهد العنف وصلت لـ 633 مشهدًا.. وأستاذ علم اجتماع: الأعمال تؤثر سلبًا على المجتمع
  • أمريكا تتوعد الدول التي تدعم الحوثيين أو تتحدى قرار حظر استيراد الوقود الى موانئ اليمن الخاضعة لسيطرتهم
  • “هيومن رايتس ووتش” تدعو المجتمع الدولي للمساعدة في إزالة مخلفات الحرب في سوريا
  • النويري من “طشقند”: الدولة الليبية حرصت على تمثيل النساء في السلك الدبلوماسي