إفطار المريض في رمضان، يقترب شهر رمضان ويتساءل الكثيرون عن إفطار المريض في رمضان ومتى يتحقق له العذر الذي يبيح الإفطار وكم تقدر الكفارة عما أفطره؟

إفطار المريض في رمضان

تقول دار الإفتاء المصرية في بيانها أحكام رخصة الإفطار للمريض في رمضان، إن صيام رمضان ركنٌ من أركان الإسلام، وفريضةٌ من فرائضه المحكمة التي لا يجوز للمكلَّف التفريط فيها إلا لعذرٍ، ولقد فَرَضَ الله الصيام على المكلَّف بشروٍط عدة لا بد أن تتوفر فيه؛ حتى يصيرَ من جملة المكلَّفين بالصيام الذين يخاطبهم ربُّ العزة تبارك وتعالى بقوله: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾ [البقرة: 183]، وقال تعالى: ﴿فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ﴾ [البقرة: 185].

وتابعت: فإذا لم يستطع المكلَّفُ -لعذرِ معتبر شرعًا- الصومَ بالامتناع عن المفطرات من الطعام والشراب ونحوها من الفجر إلى المغرب، فإنَّ الشرع الشريف رخَّص له في الفطر، ولا سيَّما إذا كان الاستمرار في الصوم يضرُّ بصحته أو يؤخِّر من شفائه بقول الأطباء المختصين.

حكم الإشارة على المريض بالإفطار في نهار رمضان

وأكدت أن الأصل في رخصة الإفطار للمريض العاجز عن الصوم قول الله تعالى: ﴿فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ﴾ [البقرة: 184].

وقد نقل ابن قدامة الإجماع على ذلك في "المغني" (3/ 155، ط. مكتبة القاهرة) فقال: [أجمع أهل العلم على إباحة الفطر للمريض في الجملة] اهـ.

وقد تواردت نصوص فقهاء المذاهب الأربعة من الحنفية، والمالكية، والشافعية، والحنابلة على تقرير هذا المعنى.

قال الإمام المرغيناني الحنفي في "الهداية" (1/ 123-124، ط. دار إحياء التراث العربي): [ومن كان مريضًا في رمضان فخاف إن صام ازداد مرضه أفطر وقضى... ونحن نقول: إن زيادة المرض وامتداده قد يفضي إلى الهلاك فيجب الاحتراز عنه] اهـ.

هل الموت في شهر رمضان من علامات حسن الخاتمة؟.. الإفتاء توضح الأوقاف: إيفاد إمام وقارئ إلى أمريكا وألمانيا لإحياء ليالي رمضان

وقال الإمام بدر الدين العيني في "البناية" (4/ 76، ط. دار الكتب العلمية) عن المرض المبيح للفطر: [نوعان: ما يوجب المشقة، وما لا يوجبها فوجب الفصل، فقلنا كل مرض يضره الصوم يوجب الإباحة، وما لا فلا، وكان خوف ازدياد المرض مرخصًا للفطر كخوف الهلاك. وذكر الإمام المحبوبي طريق معرفة ذلك إما باجتهاده أو بقول طبيب حاذق] اهـ.

وقال الإمام أحمد الدردير المالكي في "الشرح الكبير" (1/ 535، ط. دار الفكر): [(و) جاز الفطر (بمرضٍ خاف) أي: ظنَّ لقول طبيبٍ عارف أو تجربة أو لموافق في المزاج (زيادته أو تماديه)، بأن يتأخر البُرء، وكذا إن حصل للمريض بالصوم شدة وتعب، بخلاف الصحيح، (ووجب) الفطر لمريضٍ وصحيحٍ (إن خاف) على نفسه بصومه (هلاكًا أو شديدَ أذًى)؛ كتعطيل منفعةٍ من سمعٍ أو بصرٍ أو غيرهما؛ لوجوب حفظ النفس] اهـ.

وقال الإمام الخطيب الشربيني الشافعي في "مغني المحتاج" (2/ 169، ط. دار الكتب العلمية): [(ويباح تركه) بنية الترخص (للمريض) بالنص والإجماع (إذا وجد به ضررًا شديدًا) وهو ما يبيح التيمم... وعبارة "المحرر" للمريض الذي يصعب عليه أو ينال به ضررًا شديدًا فاقتضى الاكتفاء بأحدهما، وهو كما قال الإسنوي الصواب... ويجب الفطر إذا خشي الهلاك كما صرح به الغزالي وغيره وجزم به الأذرعي] اهـ.

وقال العلامة الحجاوي في "الإقناع" (1/ 306، ط. دار المعرفة): [والمريض إذا خاف ضررًا بزيادة مرضه أو طوله -ولو بقول مسلم ثقة- أو كان صحيحًا فمرض في يومه أو خاف مرضًا لأجل عطش أو غيره: سن فطره وكره صومه وإتمامه، فإن صام أجزأه، ولا يفطر مريض لا يتضرر بالصوم] اهـ.

فعُلِم من ذلك أن الإشارة على المريض بالإفطار لا إثم فيها على الشخص الْـمُشير إذا كان المرض مما يرخص لمثله بالفطر؛ لا سيَّما وأنها من باب التعاون على البر والتقوى المأمور بهما شرعًا، والنصيحة لله ورسوله؛ قال الله تعالى: ﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ﴾ [المائدة: 2].

وشددت الإفتاء بناءً على ذلك؛ فلا مانع شرعًا من إرشاد المريض الذي يجهده الصيام إلى الإفطار في رمضان، ولا إثم في ذلك.

المصدر: صدى البلد

كلمات دلالية: شهر رمضان صيام رمضان ع ل ى ال

إقرأ أيضاً:

اتفاقيات مليارية بين مصر والاتحاد الأوروبي.. هل تتحقق؟

وقّعت مصر خلال مؤتمر الاستثمار المصري الأوروبي، 35 اتفاقًا ومذكرة تفاهم مع شركاء أوروبيين وغير أوروبيين، بقيمة إجمالية تقدر بنحو 70 مليار يورو (75.63 مليار دولار) متجاوزة بكثير التوقعات الأولية التي أعلنها المسؤولون من الجانبين بقيمة تزيد على 40 مليار يورو (43.22 مليار دولار).

يأتي هذا المؤتمر، الذي يعكس اهتمامًا متزايدًا بالاستثمار في مصر، بعد 9 سنوات من مؤتمر شرم الشيخ لتنمية الاقتصاد المصري "مصر المستقبل" عام 2015، والذي شهد تعهدات بضخ أكثر من 175 مليار دولار في مشروعات تنموية.

مع ذلك، واجهت تلك التعهدات صعوبات في التنفيذ، ولم تتحقق بشكل كامل على أرض الواقع، وظلت في معظمها حبرا على ورق وعناوين دون تفاصيل، ما أثار مخاوف بشأن إمكانية تكرار نفس السيناريو مع الاتفاقيات الجديدة، وفق مراقبين.

وفي اليوم الأول للمؤتمر، الذي حضره الرئيس عبد الفتاح السيسي، أعلنت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، توقيع أكثر من 20 اتفاقية جديدة بقيمة إجمالية تزيد على 40 مليار يورو (43.22 مليار دولار) من قِبَل الشركات الأوروبية في مؤتمر الاستثمار المصري الأوروبي.

لكن في اليوم التالي، أعلن رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي خلال الجلسة الختامية، رقمًا آخر، قائلًا إن المؤتمر شهد توقيع 29 اتفاقية ومذكرة تفاهم بقيمة 49 مليار يورو (52.9 مليار دولار) مع الشركات التابعة للاتحاد الأوروبي، كما جرى توقيع 6 اتفاقات ومذكرات تفاهم مع تحالفات أخرى غير تابعة للاتحاد الأوروبي بقيمة 18.7 مليار يورو (20.2 مليار دولار).

وهيمنت مشروعات الطاقة المتجددة والهيدروجين الأخضر والأمونيا الخضراء على غالبية الاتفاقيات والمذكرات الموقعة بين الجانبين تلاها الاستثمار في قطاعات الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات ودعم زيادة الصادرات.

وخلال المؤتمر، وقّع الطرفان على تقديم أول مليار يورو من المساعدات المالية، ضمن حزمة تمويل واستثمار كبيرة لمصر بقيمة 7.4 مليارات يورو (8 مليارات دولار) تم الإعلان عنها في مارس/آذار الماضي حتى عام 2027 من أجل تعزيز أجندة الإصلاح الاقتصادي تضمنت:

5 مليارات يورو (5.4 مليارات دولار) على هيئة قروض ميسرة. 1.8 مليار يورو (1.94 مليار دولار) استثمارات مباشرة. 600 مليون يورو (648.3 مليون دولار) منح منها 200 مليون (216 مليون دولار) لملف المهاجرين. من شرم الشيخ إلى القاهرة

يرى مراقبون وخبراء أن العامل المشترك بين مؤتمر شرم الشيخ عام 2015 ومؤتمر القاهرة عام 2024 هو الظروف الاقتصادية الصعبة التي تمر بها وتهدد استقرارها وبالتالي استقرار المنطقة، لكنها هذه المرة أكثر حدة بسبب زيادة حدة التوترات الجيوسياسية ورسالة بأهمية استقرار مصر.

وعبّر عن ذلك السيسي، في كلمته خلال المؤتمر، إذ أشار إلى أن انعقاد المؤتمر يأتي في وقت شديد الدقة، في ظل أزمات دولية وإقليمية متعاقبة ألقت بظلال شديدة السلبية، وتحديات متعددة، وأعباء اقتصادية على جميع دول العالم بمختلف مستوياتها.

وأشار إلى أهمية استقرار الأوضاع في بلاده وأن لها دورًا محوريًّا في المنطقة التي تموج بالأزمات: "مصر أثبتت أنها شريك يمكن الاعتماد عليه في مواجهة التحديات المشتركة، وبما يحقق الأمان والاستقرار في الجوار الإقليمي".

مؤتمر الاستثمار المصري-الأوروبي المشترك بالقاهرة (رئاسة مجلس الوزراء المصري) شريك تجاري

وأوروبا أكبر شريك تجاري لمصر وأكبر مستثمر فيها، وفق هذه المعطيات:

32.6 مليار يورو (35.22 مليار دولار) حجم التبادل التجاري بين مصر والاتحاد الأوروبي خلال 2023. %40 من الاستثمارات الأجنبية المباشرة في مصر هي أوروبية. %27 من حجم تجارة مصر الخارجية مع الاتحاد الأوروبي. آمال حكومية

وصف رئيس الوزراء المصري توقيع الاتفاقيات ومذكرات التفاهم بأنها تعكس اهتمام الاتحاد الأوروبي وشركات القطاع الخاص بمختلف المجالات والمشروعات، مشيرا إلى أنها سوف تحقق مستهدفات كبيرة لدعم الاقتصاد.

وأكد رئيس الهيئة العامة للمنطقة الاقتصادية لقناة السويس وليد جمال الدين أن توقيع اتفاقيات اليوم يعكس الاهتمام المتزايد من قِبَل الشركات العالمية للاستثمار في مصر، بما يؤكد الثقة في الاقتصاد المصري، وتعظيم الاستفادة من المزايا والحوافز الاستثمارية بالمنطقة الاقتصادية.

استثمارات مشروطة

في تقديرها لنتائج مؤتمر الاستثمار المصري الأوروبي تقول عميدة كلية الاقتصاد والعلوم السياسية سابقا بجامعة القاهرة علياء المهدي، إن "قيمة ما تم توقيعه كبير وتنوعت بين اتفاقيات ومذكرات تفاهم، وفي الحقيقة لا نعرف قيمة كل الاتفاقيات والمذكرات على حدة؛ لأنه يجب أن نفرق بين الاتفاقيات والعقود الملزمة وبين مذكرات التفاهم غير الملزمة".

وأشارت، في تصريحات للجزيرة نت، إلى مؤتمر شرم الشيخ الذي عقد عام 2015 لدعم الاقتصاد بحضور عشرات الدول والمؤسسات الدولية والمالية والذي أسفر عن اتفاقيات ومذكرات تفاهم ضخمة زادت على 160 مليار دولار لكنها للأسف كانت مجرد أرقام ولم تترجم إلى مشروعات.

ورأت أستاذة الاقتصاد أن ضخ استثمارات مباشرة هو أفضل أنواع الشراكة ويسهم في مستهدفات التنمية المستدامة، وهو أفضل من الدعم المالي المباشر الذي يستهدف دعم الموازنة وسداد التزامات الحكومة الخارجية، لافتة إلى أن المشروعات الصناعية والإنتاجية تحتاج إلى بعض الوقت حتى تحقق إيرادات ولكنها أكثر استدامة.

وحول أسباب إلقاء الاتحاد الأوروبي بثقله خلف مصر لدعم اقتصادها الآن وهو يعاني من صعوبات جمة منذ أكثر من عامين، ترى علياء المهدي أنه لا يمكن استبعاد التوترات السياسية التي تحدث في المنطقة ومخاوف الأوروبيين من طوفان هجرة غير شرعية بسبب تلك التوترات والذي يمكن منعه من خلال الحفاظ على استقرار مصر.

صفقة أم استثمار؟

وعلّق أستاذ اقتصاديات التمويل بجامعة القاهرة، حسن الصادي، بالقول إن "الاستثمار أفضل من الدعم والاقتراض، ولكن ما تم الإعلان عنه خلال المؤتمر هو خليط بين الاتفاقيات ومذكرات التفاهم والتي تعبر عن مجرد نوايا حسنة ولكنها لا تعني ضخ استثمارات حقيقية، وجاءت في معظمها مع مؤسسات دولية ومالية وليس مع شركات كبرى بعينها".

ولم يستبعد، في حديثه للجزيرة نت، أن يكون المؤتمر جزءا من جهود الغرب لتهدئة مخاوف المواطن الأوروبي مع تصاعد التيار اليميني المتطرف المناوئ بقوة للهجرة الشرعية وغير الشرعية ومحاولة كسب أرضية جديدة لدى الشارع الأوروبي، وتهدئة مخاوف المصريين من تدهور الاقتصاد ورسالة معنوية أكثر منها رسالة مادية.

وأعرب الصادي عن قلقه من أن يكون مؤتمر الاستثمار الأوروبي نسخة محدثة من مؤتمر شرم الشيخ قبل عدة سنوات والذي تحول إلى مزاد في عرض حصيلة المؤتمر وسمع فيه الحضور أرقامًا ضخمة وظلت بلا أثر إلى الآن.

وقال "أكثر ما أخشاه هو أن يكون المؤتمر ظاهره الاستثمار وباطنه مكافحة الهجرة غير الشرعية".

مقالات مشابهة

  • اتفاقيات مليارية بين مصر والاتحاد الأوروبي.. هل تتحقق؟
  • دعاء استفتاح الصلاة.. «الإفتاء» توضح الحكم والصيغة
  • حكم قراءة سورة بعد الفاتحة في الركعتين الثالثة والرابعة.. «الإفتاء» توضح
  • حقيقة رؤية ملك الموت عند خروج الروح.. الإفتاء توضح
  • دراسة علمية.. وجبة إفطار بسيطة ورخيصة قد تقلل من خطر الإصابة بالسرطان والسكري بشكل كبير
  • حكم قراءة القرآن بصورة جماعية.. الإفتاء توضح
  • هل يجوز مشاركة محتوى الكورسات التعليمية مع الغير؟.. «الإفتاء» توضح 
  • «الإفتاء» توضح حكم تغيير اتجاه القبلة عند الانتقال إلى سكن جديد
  • عضو الزمالك: لم تتحقق أي طلب من شروطنا ولكن المكاسب قادمة
  • حكم الصلاة فترة في غير اتجاه القبلة.. «الإفتاء» توضح